ليبيا: حكومة الثني تطلب فتوى بشأن انتخاب معيتيق

صورة نشرها رئيس الوزراء الليبي المنتخب أحمد معيتيق في حسابه الشخصي بموقع «تويتر» للقائه بعض السفراء الغربيين في طرابلس أمس
صورة نشرها رئيس الوزراء الليبي المنتخب أحمد معيتيق في حسابه الشخصي بموقع «تويتر» للقائه بعض السفراء الغربيين في طرابلس أمس
TT

ليبيا: حكومة الثني تطلب فتوى بشأن انتخاب معيتيق

صورة نشرها رئيس الوزراء الليبي المنتخب أحمد معيتيق في حسابه الشخصي بموقع «تويتر» للقائه بعض السفراء الغربيين في طرابلس أمس
صورة نشرها رئيس الوزراء الليبي المنتخب أحمد معيتيق في حسابه الشخصي بموقع «تويتر» للقائه بعض السفراء الغربيين في طرابلس أمس

أكدت مصادر ليبية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أمس أن الحكومة المكلفة برئاسة عبد الله الثني، أحالت الجدل المصاحب لإقرار انتخاب رئيس الوزراء الجديد أحمد معيتيق إلى «إدارة الفتوى والقانون» التابعة لوزارة العدل الليبية، وذلك من أجل الحصول على مشورة قانونية لحسم الجدل حول دستورية العملية التي صاحبها صخب واسع على مدار الأيام السابقة.

وأوضحت المصادر القريبة من دوائر الحكومة والبرلمان أن فتاوى وقرارات هذه الإدارة ملزمة لمختلف الجهات الحكومية الليبية.

وسبق للبرلمان أن استعان بهذه الإدارة للبت في صحة أحكام تتعلق بعضوية عدد من النواب، وذلك إثر جدل صاحب انتخاب أعضاء البرلمان للمرة الأولى عقب انتهاء حقبة حكم الزعيم الراحل معمر القذافي.

ولفتت المصادر الليبية إلى أن الحكومة ذاتها تتأنى في التصريح بأي إجراءات مستقبلية، في انتظار مشورة «إدارة الفتوى والقانون»، وذلك «حرصا على عدم بلبلة الرأي العام»، لكنها في المقابل ربما تتجه لاحقا إلى تصعيد الأمر إلى المحكمة الدستورية الليبية العليا.

من جهة أخرى، أشارت مصادر برلمانية إلى الاجتماع الطارئ الذي عقده رئيس المؤتمر الوطني الليبي العام (البرلمان) نوري أبو سهمين أول من أمس، مع الثني، بصفته رئيسا للحكومة ووزير للدفاع، وذلك بحضور نائبي أبو سهمين، النائب الأول عز الدين العوامي، والنائب الثاني صالح المخزوم، ورؤساء اللجان الأربعة: الأمن القومي والدفاع والداخلية والخارجية، ورئيس الأركان العامة للجيش الليبي. وأكدت المصادر أن الاجتماع لم يتطرق إلى قضية انتخاب معيتيق، وركز فقط على القضايا الأمنية.

ونقل أحد المسؤولين الذين حضروا الاجتماع إلى «الشرق الأوسط» عن أبو سهمين قوله: «أنا عدت إلى ليبيا لممارسة مهام عملي المعتادة، ولم أعد فقط لاعتماد تنصيب معيتيق».

من جهته، دافع رئيس الوزراء المنتخب أحمد معيتيق عن وضعه قائلا مساء أول من أمس إن الجدل الدائر حول عملية انتخابه «لا يخصه هو شخصيا، بل يخص المؤتمر»، مشددا على أن ليبيا ليست في حاجة إلى «رجل سياسي، بقدر ما تحتاج إلى رجل تنفيذي» في هذه المرحلة.

كما لفت معيتيق إلى أنه «ليس محسوبا على أحد»، مؤكدا في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية أنه لا ينتمي لأي تيار سياسي بالبلاد «لا إسلامي ولا غيره»، وأنه «مستقل»، و«غير مسجل بأي حزب»، ورشح لهذا المنصب بتزكية من الأعضاء المستقلين داخل البرلمان.

وأبدى رئيس الحكومة المكلفة تعجبه من وصف الكثير من التقارير الإخبارية له بكونه المرشح المدعوم من قبل الإسلاميين في المؤتمر الوطني، وقال: «إذا عدنا لمحاضر جلسة التصويت بالمؤتمر فسيجد الجميع أني حظيت بثقة وتزكية 124 صوتا.. ومن يحسبون على التيار الإسلامي بالمؤتمر لا يتجاوز عددهم 27 عضوا، وبالتالي لا يمكن القول إن هؤلاء فقط هم من زكوا أحمد معيتيق. الحقيقة أن الكثير من التيارات السياسية زكت ترشحي للمنصب».

وأكد معيتيق كذلك خلال مقابلة على التلفزيون الرسمي أنه سيجري مشاورات مع «أهل الرأي والشورى لتشكيل حكومة أزمة مصغرة تراعي الوفاق الوطني، وأن الحكومة التي سيشكلها سيكون من أولوياتها العمل على بسط هيمنة الدولة وسيادتها وإعادة بناء المؤسسات الأمنية والعسكرية، وفق معايير متطورة مبنية على تقنية المعلومات وسرعة التحرك».

ونقلت الوكالة الليبية الرسمية عن معيتق أنه أكد أن «الحكومة الجديدة سيتركز عملها على تفعيل القضاء والمصالحة الوطنية، وخاصة في ظل الظروف الاستثنائية التي يواجهها القضاء الليبي وإيجاد معالجات عاجلة لملف العدالة الانتقالية ورد المظالم وجبر الضرر ودعم الجهاز القضائي لبناء منظومة تساهم في استقرار البلاد».

وقال معيتق إنه سيعمل على بناء النظام اللامركزي من خلال نظام الإدارة المحلية المرتكزة على المفاهيم الاقتصادية في بناء المدن وإحياء المشاريع التنموية وتوفير فرص العمل وتحريك عجلة الاقتصاد، ومراعاة القدرات والكفاءات المحلية لتحمل هذه المسؤوليات. وأضاف أن الحكومة ستركز على بناء عجلة الاقتصاد واستبدال الاقتصاد الليبي الحالي باقتصاد متنوع، مبني على الإنتاج والخدمات وإقحام القطاع الخاص في تقديم الخدمات من خلال توفير برنامج شركات بين القطاع العام والقطاع الخاص وتوفير البنية التحتية المناسبة لذلك. كما أكد أن الحكومة الجديدة ستباشر في برنامج نقل المؤسسات الاستثمارية والصناعية إلى شركات ومؤسسات مملوكة من قبل القطاع الخاص الوطني بالاستعانة بالخبرات والتجارب الدولية في هذا المجال، وكذلك دعم برنامج تطوير المشروعات الصغرى والمتوسطة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.