عندما صعد الممثل الكوميدي حسن منهاج إلى المنصة ليلقي كلمته في حفل عشاء اتحاد مراسلي البيت الأبيض، مساء السبت، كان يعلم منذ أكثر من شهرين أن الرئيس دونالد ترمب لن يحضر الاحتفالية. أما سامانثا بي، التي عمدت إلى بث احتفالية أخرى خاصة بها بعنوان «ليس حفل اتحاد مراسلي البيت الأبيض» في الليلة ذاتها، ربما لم تكن ترغب من الأساس في مشاركة ترمب في الحفل.
ومع ذلك، فإنه في ظل غياب ترمب، الذي قرر بدلاً من المشاركة في الحفل إلقاء كلمة أمام حشد جماهيري في هاريسبرغ ببنسلفانيا، انصب اهتمام كل من منهاج، مراسل «ديلي شو» التابع لـ«كوميدي سنترال»، وبي، مذيعة برنامج «فول فرونتال» بقناة «تي بي إس»، على الرئيس الذي اتسمت علاقته بوسائل الإعلام الإخبارية بقدر استثنائي من التوتر.
ورغم أن البرنامجين الكوميديين تنافسا على تحقيق أكبر قدر من المشاهدات، فإنهما اتفقا على النقطة نفسها. كلاهما احتفى بـ«التعديل الأول» من الدستور والحريات التي يكفلها، لكنهما في الوقت ذاته شنا هجومًا قاسيًا على وسائل الإعلام الإخبارية، وحثا المراسلين على إبداء مزيد من النزاهة والسعي بجد لاستعادة احترام الرأي العام الأميركي تجاههم.
وخلال أدائه في فندق هيلتون بواشنطن، قال منهاج: «نعيش في زمن عجيب باتت فيه الثقة أهم من الحقيقة. وأنصار الرئيس ترمب يثقون به، وأنا أعرف صحافيين يبذلون قصارى جهدهم لتقديم عمل جيد. إلا أنني أعتقد أن الكثيرين فقدوا ثقتهم بكم في الوقت الراهن. والسؤال: هل يمكن لأحد لومهم على ذلك؟ أعني أنكم كنتم بعيدين كل البعد عن العمل النموذجي».
من جانبها، ألقت بي، التي جرى تسجيل برنامجها مساء السبت داخل قاعة «كونستيتيوشن هول»، بتعليقات مشابهة. وقالت: «لو أن عمل المراسلين ممتاز حقًا، فلماذا يشعر 96 في المائة من الأميركيين بالغضب تجاه وسائل الإعلام؟ لا أدري - ربما لأنهم في كل مرة يفتحون أجهزة التلفزيون بحثًا عن الأخبار، لا يجدون سوى مجموعة من الصحافيين يديرون مجموعة من الروبوتات التي تحمل رسالة محددة».
وعلى ما يبدو، حمل منهاج، الذي يصف نفسه بأنه «نجل جيل أول من الأميركيين - الهنود من المسلمين»، على عاتقه العبء الأثقل تلك الليلة، فقد وافق على المشاركة في حفل اتحاد عشاء مراسلي البيت الأبيض في وقت تعرض فيه الاتحاد لموجة جديدة من الانتقادات، بسبب سماحه بالاختلاط الودي بين المراسلين ومسؤولين حكوميين يتولى المراسلون مهمة تغطية أخبارهم.
في الوقت ذاته، افتقر منهاج إلى النجومية الكبيرة التي يحظى بها كوميديون سبقوه إلى المشاركة؛ مثل ستيفين كولبرت وسيث ميرز وجيمي كيميل. ومثلما قال منهاج في بداية فقرته: «لم يرغب أحد في الاضطلاع بهذه المهمة، لذا بطبيعة الحال انتهى بها الأمر على عاتق مهاجر». وأضاف: «لقد توفي دون ريكلز، وبالتالي لن يكون بوسعكم أن تطلبوا منه تقديم هذه الفقرة».
على الجانب الآخر في «فول فرونتال»، عمدت بي (47 عامًا) إلى استغلال مكانتها كشخص من الخارج غير مرحب به في البرامج التي تذاع في وقت متأخر ويهيمن عليها الرجال. ولم يخلُ العشاء الموازي الذي أقامته، وخصصت أرباحه إلى «لجنة حماية الصحافيين»، من دعم المشاهير، حيث تضمن مشاركة من دانب أليسون جيني وستيف بوشيمي وباتون أزولت وويل فاريل الذي مثل شخصية الرئيس جورج دبليو. بوش التي أتقنها خلال برنامج «ساتردي نايت لايف».
ومثلما كان الحال مع بوش، حمل فاريل أيضًا الصحافة المسؤولية، وقال: «أنتم يا رفاق دائمًا ما تباغتونني بأسئلة صعبة، مثل (لماذا تخوض الحرب؟) و(لماذا لم تستجب لأزمة إعصار كاترينا؟) و(ما هو اسمك الأوسط؟)». وأضاف: «كنت أتمنى لو أن أحدًا أخبرني أن كل ما علي فعله هو ترديد عبارة (أخبار زائفة) مرارًا وتكرارًا فحسب».
من الجهة الأخرى، تضمن حفل عشاء اتحاد مراسلي البيت الأبيض كلمات حارة ألقاها كارل برنستاين وبوب وودورد، بجانب رسالة مسجلة موجزة من أليك بولدوين الذي كثيرًا ما يجسد شخصية ترمب لدى برنامج «إس إن إل» الساخر. وخلال رسالته، نصح بولدوين الصحافيين بقوله: «أتقنوا عملكم».
من جانبه، جاءت بداية فقرة منهاج متوترة بعض الشيء، وألقى دعابة حول أن «يو إس إيه توداي» تجسد ما يحدث عندما يسيطر قسم الكوبونات على صحيفة، متسائلاً عن السبب وراء تركيز وسائل الإعلام الشديد على رحلات الغولف التي يقوم بها ترمب خلال عطلات نهاية الأسبوع. أما بي، فشنت هجومًا حادًا ضد «سي إن إن» وجيف زوكر، رئيس قسم الأخبار العالمية لديها، الذي وصفته بأنه «يملأ الأوقات بين حوادث تصادم السيارات ببرامج واقع لا يربطها بالأخبار سوى القليل». ووجهت بي اتهاماً إلى زوكر بأنه حول التغطية الإخبارية لـ«سي إن إن» لما يشبه تغطية الأخبار الرياضية، مستطردة بأنه «في الرياضة، ليس هناك صدق وكذب، وإنما هناك فائز وخاسر فحسب».
كما وجه منهاج وبي انتقادات عدة إلى «فوكس نيوز» التي عصفت بها استقالات روجر إي. آيلز، رئيسها، وبيل أوريلي، أبرز مذيعيها في خضم مزاعم بوقوع أعمال تحرش جنسي داخل القناة. إلا أن العبارة الختامية الأقوى كانت من نصيب منهاج الذي قال إنه رغم صدور توجيهات له بعدم السخرية من ترمب، فإنه يشعر بأن من واجبه «الصعود إلى هذه المنصة والسخرية من الرئيس». وأضاف: «لكن الرئيس لم يحضر، وذلك لأن دونالد ترمب لا يعبأ بحرية التعبير. إن الرجل الذي يكتب تغريدة عن كل شاردة وواردة تمر في ذهنه يرفض الإقرار بالتعديل الذي مكنه من فعل ذلك».
وقال منهاج إنه في غضون ساعات قلائل من الآن، «سيخرج دونالد ترمب عبر (تويتر) ليكتب تغريدة حول الهجوم القاسي الذي شنه ضده (نيكي مناج) خلال هذا الحفل. وستأتي نبرته وقورة وجادة للغاية. وهذا حقه. وأنا فخور أننا جميعًا هنا اليوم لندافع عن حقه هذا، حتى إن كان الرجل الجالس في البيت الأبيض لن يقدم على فعل المثل قط». وبعدما وجه الشكر إلى اتحاد مراسلي البيت الأبيض، وودورد وبرنستاين، اللذين «شكلا مصدر إلهام لجيل كامل من الصحافيين»، اختتم منهاج بقوله: «وأود توجيه الشكر إلى دونالد ترمب لأنه يشكل مصدر إلهام الجيل التالي».
* خدمة «نيويورك تايمز»