الرئيس السوداني يتعهد بإعادة الاستقرار لجنوب السودان

اختتام المؤتمر الرابع للحزب الحاكم بحضور وفود إقليمية أبرزهم الغنوشي

الرئيس السوداني يتعهد بإعادة الاستقرار لجنوب السودان
TT

الرئيس السوداني يتعهد بإعادة الاستقرار لجنوب السودان

الرئيس السوداني يتعهد بإعادة الاستقرار لجنوب السودان

تعهد الرئيس السوداني ببذل الجهود الممكنة لإعادة الاستقرار في جنوب السودان، وإنهاء الاحتراب الأهلي فيه، وتحمل المسؤولية الأخلاقية تجاهه، باعتباره شعبا واحدا في دولتين.
وأشاد البشير بتجربة الحوار الوطني، واعتبرها تأريخاً لمرحلة سياسية جديدة في تاريخ السودان، وبمواصلة مشروعه في محاربة الإرهاب والتطرف والاتجار بالبشر. وقال الرئيس البشير في ختام المؤتمر الرابع لحزب المؤتمر الوطني، الذي ترأسه أمس، إن المؤتمر يعد من أنجح الدورات التي عقدها حزبه، وتعهد بتنفيذ قراراتها واعتبرها «واجبة التنفيذ على مستوى الحزب والدولة». ووصف مبادرته للحوار الوطني المعروفة بـ«مبادرة الوثبة» بأنها «عبقرية وإبداع سوداني، صادرة عن المؤتمر الوطني، نقلت السودان لمرحلة جديدة». واختتم المؤتمر الوطني أعماله أمس والذي شاركته فيه وفود من دول في أفريقيا وآسيا ومن البلاد العربية، أبرزهم زعيم حزب النهضة التونسية راشد الغنوشي.
وامتدح البشير الحوار الوطني الذي شارك فيه حزبه، وقوى سياسية مدنية وحركات مسلحة، بقوله: «كل الذين عادونا في السابق، اتفقوا على أن الحوار الوطني، كان جاداً وشفافاً، ونموذجاً يحتذى، ويمكن أن يقدم لكل الدول التي تعاني الصراعات». وقطع بالاستمرار في نهج مكافحة الإرهاب على الطريقة السودانية، بقوله: «الآن وبعد أن اتهمونا بالإرهاب، بدأوا يقولون إن السودان أحسن دولة في محاربة ومكافحة الإرهاب»، وتابع بأن التجربة السودانية نهجت إلى محاربة الإرهاب عن طريق الفكر والحوار؛ ما جعلها تستعيد الكثيرين من الذين انتموا إلى تنظيمات إرهابية، وأضاف: «هؤلاء شباب صادقون غرر بهم، ونحن قلنا إنهم لا يحاربون بالقوة، بل بالفكر والحوار، ما جعلنا نستعيد الكثيرين من شبابنا».
وتعهد البشير بالعمل على حل مشكلة جنوب السودان، مشيراً إلى دعوات غير معلنة تطالبه بالتدخل لحل مشكلة جنوب السودان، وقال: «يأتونا تحت لتحت، ويطلبون منّا حل مشكلة الجنوب، بعد أن خربوه، قائلين تعالوا أصلحوه وأرجعوه لحاله». وأوضح البشير أن حكومته تتحمل مسؤولية أخلاقية تجاه شعب جنوب السودان، وأن حكومته ستتدخل لوقف الحرب ومحاربة المجاعة بقوله: «بعد أن أعطيناهم دولة كاملة، جاءونا بعدما ضربتها الصراعات والحروب والمجاعة، فاستقبلناهم حين لجأوا إلينا بمئات الآلاف؛ لأنهم أبناء شعبنا، نحن شعب واحد في دولتين؛ لذلك نحن حريصون على أمن وسلام جنوب السودان».
ودعا البشير جهات أطلق عليها «الأيدي الخبيثة» والتي حمّلها مسؤولية تخريب جنوب السودان، إلى تقديم المساعدة للسودان في حل مشكلاته، مشيراً إلى استقبال حكومته كل الفارين من الحروب في بلادهم، ولجوئهم إلى السودان، بقوله: «شعوب الدول التي خربت جاءونا في السودان، بحثاً عن الأمن والاستقرار».
ووعد البشير بتوفير الحماية والأمن والغذاء للاجئين والنازحين القادمين للبلاد، فارين من الحروب أو المجاعات، بقوله: «سنقتسم معهم اللقمة، ونوفر لهم الاستقرار، والأمن والتعليم؛ لأن هذا دورنا على مر التاريخ». من جهته، تعهد المؤتمر العام للحزب الحاكم بدعم حكومة الوفاق الوطني، المزمع تكوينها في غضون الأيام القليلة المقبلة، ودعا القوى السياسية الممانعة والرافضة للحوار الوطني، إلى الالتحاق به في مرحلته الثانية، الممثلة في مرحلة صياغة الدستور الدائم للبلاد.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.