الجزائر: بوتفليقة يوظف «لغة حربية» لإقناع الناخبين بالتصويت

تعهد الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بتوفير كل الشروط الأمنية لإجراء انتخابات البرلمان يوم الخميس المقبل في سكينة وطمأنينة، وحث أكثر من 23 مليون ناخب على الإقبال بكثرة على صناديق الاقتراع. وظلت الحكومة طيلة ثلاثة أسابيع من الحملة الانتخابية تناشد المواطنين التصويت بقوة، ولما بدا أن ذلك لم يجدِ نفعاً، انخرط بوتفليقة بنفسه في المسعى لتفادي عزوف كبير.
وقال الرئيس في رسالة، قرأتها أمس نيابة عنه وزيرة البريد وتكنولوجيا الإعلام هدى فرعون بالعاصمة أمس، بمناسبة لقاء كبير لجمعيات وتنظيمات مجندة للانتخابات، إن «الظروف التي سيجري فيها الاقتراع التشريعي ستتميز بتحسن ملموس، فأمن الموعد الانتخابي سيكون مضموناً بفضل النجاحات المشهودة في استئصال الإرهاب، التي حققها الجيش الوطني الشعبي وقوات الأمن»، في إشارة إلى تقارير يومية لوزارة الدفاع، تتحدث عن قتل العشرات من المتطرفين، ومصادرة كميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة الحربية. وأوضح بوتفليقة بأنه يوجه «تحية إكبار إلى الجيش وقوات الأمن بمناسبة هذه الانتخابات، بفضل ما تميزا به من استبسال وما بذلاه من تضحيات»، مشيراً إلى أن الجنود وأفراد الدرك والشرطة «مجندون للموعد عملاً بما أصدرته من تعليمات، وذلك لضمان سلامة الساكنة والهدوء للموعد الانتخابي».
واللافت أن السلطات تتعامل مع الاستحقاق وكأن البلاد تستعد لخوض حرب، إذ لا تخلو تصريحات المسؤولين من التحذير من ويلات الإرهاب والمخاطر الأمنية المحدقة، حسبهم، بالجزائريين، الذين إن لم يصوتوا بكثرة، فإنهم سيتعرضون لويلات أشد مما عاشوه أيام الصراع المرير مع الإرهاب، بحسب المنطق الذي يتحدث به كبار المسؤولين وحتى صغارهم، بما في ذلك المترشحين في الأحزاب الموالية للسلطة، وكأن الجميع اتفق للحديث بلغة واحدة. وذكر الرئيس في رسالته بأن الحكومة «اتخذت الإجراءات اللازمة من أجل إحكام تنظيم الانتخاب، فضلا عن تعبئة قرابة نصف مليون موظف يتولون تأطير أكثر من 65 ألف مركز ومكتب اقتراع». وطالب بوتفليقة المسؤولين والأعوان العموميين المشرفين على العملية الانتخابية بـ«التحلي بالحياد التام وأن يسهروا على الاحترام الدقيق لأحكام قانون الانتخابات».
ويقول قطاع من المعارضة أن الإدارة التي تتكفل بتأطير الانتخابات، تنحاز في الغالب إلى «أحزاب الموالاة»، وهو ما يفسر سيطرتها على البرلمان في الـ20 سنة الماضية. وما حدث في الجزائر، حسب رأيها، هو أن التعددية الحزبية، التي بدأت عام 1989، ظلت شكلية لأن التداول على السلطة غائب.
وأفاد الرئيس في رسالته أنه «بمناسبة انتخاب المجلس الشعبي الوطني (الغرفة البرلمانية الأولى)، الذي أنتم مقبلون عليه، ستتاح لكم فرصة الاختيار من بين ما يقارب ألف لائحة مرشحين، تقدمت بها الأحزاب السياسية والمترشحون الأحرار في ولايات الوطن، وعلى مستوى المقاطعات الانتخابية للجالية الوطنية في الخارج»، وأضاف: «أدعوكم أبناء وطني الأعزاء إلى القيام باختياركم. إن صوتكم الذي سيحظى بالاحترام سيكون الاختيار الذي ترتضونه لأنفسكم وبحرية، وفق قناعتكم السياسية، ومشاركتكم في هذا الاقتراع ستكون في الوقت ذاته إسهاما شخصيا منكم في استقرار البلاد وفي تقدم الديمقراطية، التي أنتم مصدرها، وفي تنمية وطننا الجزائر التي لا وطن لنا بديلا عنها.. أناشدكم، وأنا معتد بتمسككم بالجزائر، أن تلبوا نداء الواجب وتشاركوا كلكم في انتخاب المجلس الشعبي الوطني».
ولاستمالة الناخبين إلى التصويت، تناول الرئيس في رسالته الأزمة المالية الحادة التي تواجهها الحكومة، بسبب انكماش المداخيل من بيع النفط والغاز، وقال بهذا الخصوص: «للانتصار على الأزمة المالية المترتبة عن تراجع أسعار النفط، يجب القيام بنهضة قوية متعددة الجوانب لإعادة مسار بناء اقتصاد وطني متحرر من هيمنة المحروقات، ومتنوع مثل تنوع قدرات الجزائر الصناعية والفلاحية والسياحية والمنجمية»، وأضاف موضحاً أن الانتخاب التشريعي لهذا العام «يكتسي أهمية بالغة من حيث إنه يأتي في سياق التعديل الدستوري العميق الذي تم العام الماضي، ومن حيث إنه يتزامن مع وضع مالي ينطوي على تحديات ستواجه بلادنا».
ووعد بوتفليقة بتنفيذ خطة جديدة لفك البلاد من أزمتها، تتمثل في «نموذج اقتصادي جديد» سبق أن تحدث عنه رئيس الوزراء، لكن لا يعرف عنه الشيء الكثير. ويدوم تنفيذ الخطة، حسب الرئيس إلى 2030، وعلى ثلاث مراحل «تهدف إلى تحقيق معدل نمو 6.5 في المائة سنوياً خارج المحروقات، خلال الفترة الممتدة بين 2020 و2030.