مدينة معان.. صداع الحكومات الأردنية

أصل أزماتها الفقر والبطالة.. والتفاعل مع أحداث المنطقة

مدينة معان.. صداع الحكومات الأردنية
TT

مدينة معان.. صداع الحكومات الأردنية

مدينة معان.. صداع الحكومات الأردنية

باتت مدينة معان الأردنية (جنوب) في السنوات الأخيرة، مصدر صداع دائم للحكومات الأردنية المتعاقبة، بعد أن كانت مركز انطلاق للقيادة في تحقيق حلم الثورة العربية الكبرى في مطلع القرن الماضي.
وشهدت المدينة ذات التاريخ الضارب في الجذور، أحداثا متتالية خلال الأعوام الماضية، تباينت أسبابها من سياسية إلى اقتصادية إلى اجتماعية، تدفع بأهلها إلى الثورة والاهتياج دائما. لكن العنصر الاقتصادي يظل دائما هو الأبرز في كل الاضطرابات التي شهدتها المدينة، خاصة في العامين الأخيرين.
وتعاني معان أزمات كثيرة، وتشتكي الفقر والبطالة وتدني الخدمات، وتتكون من تركيبة عشائرية متنوعة، وفوق ذلك فالمدينة تتفاعل مع أحداث المنطقة والإقليم بدءا من الحرب العراقية الإيرانية وحرب الخليج والانتفاضة الفلسطينية وآخرها الأزمة السورية.
وشهدت المدينة أعمال عنف وشغبا الأيام الماضية على خلفية مقتل شاب على أيدي عناصر الدرك الأردني، وجرى احتواء هذه الأحداث بعد وساطة عدد من وجهاء المدينة وشخصيات أردنية. وتصاحب أعمال العنف دائما عمليات حرائق وتكسير ودمار للمؤسسات الحكومية والمحال التجارية.
تقول السلطات دائما إن حملاتها الأمنية على المدينة لا تستهدف أهالي المدينة الشرفاء، وإنما تستهدف مطلوبين للعدالة. ويقول وزير الداخلية حسين المجالي إن «الأجهزة الأمنية لم تستهدف أي شخص بفكره السياسي أو العقائدي أو أي تجمع أهلي، والمطلوب هم الخارجون عن القانون». وقال إن «الدولة الأردنية ليست عاجزة عن جلب المطلوبين على قضايا جرمية، إذ ألقت الأجهزة الأمنية القبض على 158 مطلوبا وتبقى 19 شخصا فقط».
ويحذر نواب في البرلمان من سيناريو خطير في المدينة، مشيرين إلى أن ملفها ظل مفتوحا منذ عام 1989، وأن المدينة تعرضت لصورة مشوهة ومقصودة، والبعض صورها مدينة خارجة عن القانون. وعبر سياسيون ومراقبون عن أسفهم لما آلت إليه الأمور في مدينة معان، داعين إلى أهمية تعزيز الأمن وسيادة القانون. وقالوا إن الحل الأمني لم يفلح يوما في معالجة المشكلات، فمشكلة معان ليست وليدة الساعة، ولكنها محصلة أوضاع سياسية واقتصادية واجتماعية قابعة منذ عقود.
يقول الدكتور سعد أبو دية، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية (أحد أبناء المدينة)، لـ«الشرق الأوسط»، إن القاسم المشترك في المشاكل تاريخيا يعود إلى سوء الإدارة التي ارتبطت بالاقتصاد أو بالأمن على الأغلب. وأضاف أن «الإدارة الناجحة يمكن أن تنقذ ما يمكن إنقاذه بالمبادرات والمتابعات، وهذا شيء شبه مفقود في إدارة أزمة معان عبر السنين».
ويشير أبو دية إلى أن مشكلة معان بدأت عام 1983، أثناء الحرب العراقية الإيرانية، بعد اندلاع أزمة الشاحنات العاملة على خط ميناء العقبة - العراق، حيث إن معظم أبناء المدينة كانوا يعملون في هذا الحقل. ويشير إلى أن الإدارة ساهمت وقتها في تفاقم هذه الأزمة عندما سمحت باستيراد شاحنات أفضل من الموجودة مما عطل عمل الشاحنات التي يعمل بها أبناء البلدة. وسهلت تعليمات الحكومة الفرصة للشاحنات الجديدة على حساب القديمة، وعلى أثرها تضرر أبناء معان أكثر بسبب اعتمادهم الكبير على هذا القطاع. وشاركهم أبناء مدينة الرمثا في الشمال في هذه المشكلة، ولكن بصورة أقل ضررا.
وزاد الموقف سوءا في الوقت ذاته وقوع مشكلة أخرى في معان، وهي مشكلة الأراضي؛ إذ إن سكان معان انحصروا في داخل المدينة، وليس لهم أرض في الخارج، وهنا تشددت الحكومة في هذا الموضوع. وهكذا صارت هنالك قضيتان: الشاحنات والأراضي.
ويؤكد أبو دية أن الإدارة المحلية لم تحسن التصرف، ولو فعلت لامتصت الغضب الشعبي. ورغم أن الصحافة العربية في أوروبا أشارت للمشكلة آنذاك، فإن أصوات الإدارة كانت أقوى من صوت معان ولم تحدث أي مبادرة لحل المشكلة، بل جرى تهميشها والتعامل معها على أساس أنها مجرد «شغب».
غياب التنمية:
لم تلتفت السلطات المحلية لقضية أهالي معان وتخلف المنطقة اقتصاديا، ولم يحصل أي تطور في قضية أراضيها، ونتج عن ذلك عيوب أصبحت مزمنة، نتيجة لسوء الإدارة، وتجاهل السلطات المركزية.
وتسببت معالجات الإدارة المحلية في أحداث عنيفة وقعت في 17 أبريل (نيسان) عام 1989 فيما عرف بـ«هبة نيسان»، التي حصلت بعد ارتفاع أسعار المواد الغذائية والبنزين. وكانت الشرارة التي هزت أركان البلاد وتدخل فيها الملك الراحل الحسين بن طلال وقال قولته المشهورة: «إن هذا من سمات الشعوب الحية».
وفي أحداث ارتفاع أسعار الخبز 1996 كان لمدينة معان نصيب في الاحتجاجات ثم تكررت عام 1998، وهي المرة الوحيدة التي كانت أسبابها غير اقتصادية وغير إدارية؛ ذلك أنها ارتبطت بزيارة النائب ليث شبيلات (المعارض) التي أظهرت تضامنا ضد الضربة الأميركية للعراق.
ويقول أبودية: «في عام 2002 وقعت أزمات أشد، وكان تصرف الإدارة فيها قاسيا، إبان حكومة علي أبو الراغب؛ فقد جرى استخدام القوة دون مبرر، إذ جرى اقتحام معان عسكريا، مما كان له ردود فعل غاضبة ظلت في ذاكرة أبناء المدينة، علما بأن الأسباب هذه المرة ارتبطت بإلقاء القبض على مطلوبين متهمين في تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة والأراضي الفلسطينية»، حسبما تناقلته بعض الوسائل الإعلامية حينها.
ويواصل أبودية حديثه قائلا: «في العام الماضي والحالي تكررت نفس الأخطاء الإدارية المحلية، التي لم تراع أمرا مهما وهو أن حسن الإدارة وتطبيق قاعدة (أرسل حكيما ولا توصه) وأن (الحاضر يرى ما لا يراه الغائب)، إذ إن شكوى أهل معان من قطاع الشرطة تحديدا مستمر منذ يونيو (حزيران) 2013 بسقوط ضحايا في تصفيات ميدانية، علما بأنهم مطلوبون لسرقات أو تهريب بضائع من العقبة فقط».
ويتساءل أهل معان: «لماذا تطبق الحكومة إجراءات وقائية في جنوب عمان وتعتمد على العمل الاستخباري في حين أنها في معان تقوم بتصفية ميدانية مثلا، ولا تعتمد العمل الاستخباري حتى لا تريق دما؟».
يضيف الأكاديمي الأردني: «في يونيو (حزيران) 2013 سقط ضحايا.. هم شباب صغار في السن.. ليس لهم وظائف.. وفي مطلع عام 2014 سقط آخر في تصفية ميدانية وكانت الرواية الأمنية غير عادلة؛ إذ إنها تحدثت عن تبادل إطلاق نار.. وقد قابلت الشخص المرافق للقتيل وحدثني أنهما كانا أمام محل شاورما في تلك اللحظة».
وفي مارس (آذار) الماضي سقط شاب (19 سنة) في عملية تصفية ميدانية أيضا، وذكرت الروايات الرسمية أن هذا الشاب من أهل «السوابق» وذكرت أن عليه 79 سابقة.. والسؤال: كيف جمع هذا العدد من الأسبقيات وهو في هذا السن؟ «يمكن أن يكون في موسوعة غينيس للأرقام القياسية».
وسبب الشكوى المستمرة عند أهل معان أن هذه التصفيات لا مبرر لها ولا تطبق في مكان آخر في الأردن، بسبب السرقة، إذ إن كل السرقات في معان لا تصل إلى ثمن سيارة مسروقة في جنوب عمان. والخلاصة أن هناك أسبابا مباشرة، وهي عدم كفاءة الإدارة في التعامل مع هذه القضايا.
ويختم أبو دية قوله إن القاسم المشترك في أحداث معان كلها ارتبط بالاقتصاد، وزاد الطين بلة سوء الإدارة وعدم المتابعة من قبل الحكومات المتعاقبة. «هناك أمور أخرى يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار عند الدخول في بعض التفاصيل، وهي عدم مشاركة أبناء المدينة في الوظائف القيادية والمهمة في عمان، مثل الديوان الملكي والرئاسة والخارجية. وباختصار العلاج ليس صعبا لو توفرت إدارة وإرادة سياسية ترغب في الحل».
لكن السلطات دائما ترد بأن حملاتها الأمنية على المدينة لا تستهدف أهالي المدينة الشرفاء، وإنما تستهدف المطلوبين للعدالة. وقال وزير الداخلية حسين المجالي أمام مجلس النواب أخيرا إن «الأجهزة الأمنية لم تستهدف أي شخص بفكره السياسي أو العقائدي أو أي تجمع أهلي، والمطلوبون هم الخارجون عن القانون». وقال إن «الدولة الأردنية ليست عاجزة عن جلب المطلوبين على قضايا جرمية، إذ ألقت الأجهزة الأمنية القبض على 158 مطلوبا وتبقى 19 شخصا فقط».
وفي الأحداث الأخيرة في أبريل الماضي قتل شاب وهو خارج إلى المسجد بالخطأ خلال مداهمة قوات الأمن أحد الأحياء لإلقاء القبض على أحد المطلوبين، الأمر الذي أثار حفيظة الأهالي، مما حدا برئيس البلدية، ماجد الشراري، إلى إعلان الحداد في المدينة لمدة ثلاثة أيام، متهما الأجهزة الأمنية باتخاذ إجراءات عشوائية بحق سكان المدينة، كما اتهم وزير الداخلية وقادة الأجهزة الأمنية بحياكة ما وصفه بـ«المؤامرة» ضد أهالي معان.
وقرر الشراري تعليق الدوام طيلة فترة الحداد؛ حيث أغلقت بنوك ودوائر حكومية ومحال تجارية أبوابها استجابة لرئيس البلدية. فعد الشراري أن الحكومة فشلت بإدارة الأزمة مع سكان المدينة، مبينا أنه لا بد من المكاشفة وتوضيح الحقائق. وأكد أن المدينة تعيش تهميشا وإقصاء من قبل الحكومات المتعاقبة، حيث انعدام التنمية وفشل المشاريع فيها.
وأشار الشراري إلى حالة الفراغ الأمني وسط المدينة منذ سنوات، التي تجلت في مظاهر أبرزها «عدم وجود الأمن وعدم قيام الأمن بالدور المنوط به، خاصة مع ترحيل مركز أمن المدينة من وسط البلدة وعدم قيامها بتنفيذ الأحكام القضائية وإلقاء القبض على المطلوبين بأسلوب الأمن الاستخباري».
وانتقد قيام الحكومة بانتهاج سياسة مرفوضة قانونيا وشعبيا من خلال إجراءات «غير مسؤولة» في الملاحقة والانتهاء بالقتل، مما ولد الاحتقان لبعض المطلوبين أمنيا وسرعة مشاركتهم في أعمال التخريب والشغب عند تنظيم أي موقف احتجاجي.
وطالب الشراري «بمحاسبة بعض المسؤولين ممن ساهموا في الوضع المحتقن داخل المدينة، إلى جانب مناقشة قضايا المدينة العالقة منذ سنوات للخروج من الأزمة المتفاقمة والمتراكمة، حتى يجري تجاوز السلبيات والبدء بمشروع وطني مشترك مع الحكومة لإيجاد حلول تساهم في إنهاء الأزمة من جذورها».
وطالت أعمال الشغب والحرق ثلاثة أفرع لبنوك ومؤسسة حكومية في المدينة واستخدمت قوات الدرك الغاز المسيل للدموع بكثافة لتفريق محتجين عمدوا إلى إغلاق بعض الشوارع الرئيسة والفرعية بالحجارة والإطارات المشتعلة، فيما تعرضت آلية مدرعة إلى «العطب».
ورد ملثمون مجهولون بإطلاق النيران على المراكز الأمنية والمقار الحكومية من المنازل دون التبليغ عن وقوع إصابات، فيما أرسلت تعزيزات أمنية للمدينة للسيطرة على الوضع إلا أن هذه القوات سرعان ما انسحبت إلى خارج المدينة نتيجة مهاجمتها من قبل الأهالي.
من جهته، رأى رئيس لجنة متابعة قضايا معان الدكتور محمد أبو صالح أن معالجة الأزمة في معان تجري من خلال اعتراف جميع الأطراف بالأخطاء التي يرتكبونها وتحمل مسؤولية هذه الأحداث، مطالبا بإقالة الحكم المحلي في المحافظة لإيجاد أرضية مناسبة للشروع بالدخول وبدء حوارات مسؤولة معها وبحث حلول مناسبة للخروج من الأزمة بعيدا عن الاحتقان والتشنج كون هذه القيادات جزءا من المشكلة القائمة الآن.
وطالب أبو صالح في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» بتفعيل آليات التنمية المحلية داخل المدينة من خلال إجراءات حكومية حقيقية تهدف إلى معالجة جميع المشاكل الاجتماعية والأمنية الموجودة في المحافظة، فضلا عن تعزيز وتفعيل دور المؤسسات الأمنية داخل المحافظة من خلال العمل على تطبيق القانون والحفاظ على كرامة المواطن، إضافة إلى تعزيز أطر التعاون بين أجهزة الأمن ومؤسسات المجتمع المدني والأفراد وسد الفراغ الأمني داخل وسط المدينة، بحيث يؤدي الدور في خدمة المجتمع والحفاظ على حقهم وإشاعة الأمن واستقرار المدينة.
وقال أبو صالح: «إن لغة التهديد التي يتحدث بها وزير الداخلية لن تجدي نفعا مع أبناء معان، كونها اتهاما لأبناء المدينة بالدفاع عن الخارجين عن القانون، وهذا يتناقض تماما مع مطالبنا بتطبيق القانون على الجميع دون تمييز»، مؤكدا أن هذه التهديدات هي تبرير لفشل السياسات الأمنية التي اتبعتها الحكومة المحلية بالتعامل مع قضايا المواطنين، وخاصة الخارجين عن القانون، حسبما تسميهم الأجهزة الأمنية.
وأضاف أن «معان لم ولن تأبه لتلك التهديدات، بل بالعكس ستزيدها عزما وتصميما على المطالبة بحقوقها ومحاسبة من يرتكب الأخطاء بحقها، فنحن مع القانون إذا كان من يطبق القانون يحترم القانون، ولكن المعطيات والتناقضات التي تتعامل بها الحكومة المحلية وبدعم من وزارة الداخلية هي التي خلقت الأزمات وأدت إلى حدوث هذه الأحداث، فنحن نطالب بتحقيق من جهات يتمتع بالمصداقية والحيادية لإطلاع الشارع الأردني على الانتهاكات التي يتعرض لها المواطن في معان وعدم المصداقية في التعامل مع قضايا المدينة من قبل الأجهزة المعنية، وجعل نحو 80 في المائة من أبناء المدينة في خندق واحد ضد الإساءة والتصرف غير المسؤول من قبل الأجهزة الرسمية».
* واقع المدينة:
صدر تقرير رسمي أخيرا حول واقع التنمية ونسب الفقر والبطالة في معان أثار تساؤلات وانتقادات فاعليات شعبية ومهتمين بالشأن التنموي في المحافظة، بعد أن أظهرت نتائجه أن المحافظة تتصدر أعلى نسب للفقر بواقع 26.6 في المائة مقارنة بـ14.4 على مستوى المملكة.
كما أظهر التقرير أيضا أن معان تحتل ثاني أعلى نسبة للبطالة وهي 19 في المائة مقارنة بـ12.2 في المائة على مستوى المملكة. وأرجعت هذه الفاعليات ارتفاع نسبة الفقر والبطالة في المحافظة إلى ضعف النشاط الاقتصادي وتدني حجم الاستثمارات الأجنبية والمحلية في معان رغم أنها تربض فوق مخزون من الموارد الطبيعية غير المستغلة.
من ناحيته، حذر القيادي البارز في التيار السلفي الجهادي محمد الشلبي الملقب بـ«أبو سياف» من النهج السياسي الأمني في المدينة من قبل بعض المسؤولين مما قد يؤدي إلى حدوث مواجهات مع قوات الأمن، مشددا على أن التيار السلفي ليست له أي علاقة بأحداث معان، مبينا أن أي مشاركة للتيار، لا قدر الله، ستقلب الأمور رأسا على عقب ويكون الجميع خاسرا فيها بما فيه الوطن.
وبين أن الرايات السوداء التي ظهرت بشكل لافت في المدينة ترتفع قبل عشرات السنين في البلدة، أي قبل وجود جبهة النصرة أو الدولة الإسلامية، وهي راية العقاب، حيث كانت ترفع سابقا في المناسبات أو للتعبير عن حالات وردود فعل غاضبة، فليس المقصود منها جبهة النصرة أو الدولة الإسلامية، والمواطنون يعدونها راية إسلامية.
ولفت أبو سياف إلى جهود متواصلة من قبل التيار للتهدئة وضبط النفس، خوفا من تفاقم الأمور ووقوع ما لا تحمد عقباه، محملا أجهزة الحكومة مسؤولية ما يحدث في المدينة «لعدم تقديرها ودراستها الوضع القائم هناك وامتصاص غضب المواطنين بدل استفزازهم».
إلا أن الدكتور أبو صالح قال إن ما يشاع من تشكل قاعدة لجبهة النصرة وتنظيم داعش في معان هو من أجل إعطاء تبرير لدى الأجهزة الأمنية لاقتحام البلدة والبحث عن أسلحة مزعومة يجري تهريبها إلى سوريا.
وكان وزير الداخلية الأردني، حسين المجالي، قد قال أمام مجلس النواب إن أعمال الشغب التي شهدتها معان، كانت من قبل «فئة خارجة عن القانون وأرباب السوابق». وأضاف المجالي أن هذه الأعمال تخللها اعتداء على الممتلكات العامة والخاصة تمثلت بحرق ثلاثة بنوك ومبنى ضريبة الدخل واعتداء على مدرستين داخل المدينة.
وأشار إلى استمرار الاعتداء المتمثل في إلقاء الزجاجات الحارقة وإطلاق النار على القوة الأمنية الموجودة في المدينة لبسط السيطرة الأمنية والنظام العام.
وتسعى القوة الأمنية لإلقاء القبض على تلك الفئة وضمان أمن وطمأنينة المواطنين داخل مدينة معان وإنهاء حالة العبث بأمنهم من قبل هذه الفئة، حسب المجالي. وقال المجالي إن الذين قاموا بالاعتداء تعمدوا إعاقة عملية إسعاف خمسة من المصابين من قوات الدرك (جهاز أمني تابع لوزير الداخلية) ونقلهم إلى مستشفى معان الحكومي.
وحول بداية الأحداث وما أعقبها من تطورات، قال المجالي إن قوات الدرك تعرضت لإطلاق نار من أسلحة أوتوماتيكية من إحدى البنايات داخل المدينة ومركبة يستقلها عدد من ذوي السوابق والخارجين عن القانون أثناء قيام أفرادها بواجبهم بحثا عن مطلوبين أمنيا.
وتابع أن «هذا دعا قوات الدرك إلى استخدام القوة المناسبة، ما نجم عنه وفاة أحد الأشخاص وإصابة آخر إصابة بليغة، بالإضافة إلى أضرار مادية جسيمة بآليات قوات الدرك».
وأكد أن «العملية الأمنية في مدينة معان مستمرة وتستهدف عددا محدودا من الخارجين عن القانون والمطلوبين قضائيا وأمنيا وكل من يثبت تورطه بحادثة الاعتداء على قوات الدرك وأعمال الشغب وما رافقها من اعتداء على الممتلكات الخاصة والعامة وترويع المواطنين».
ونفى وجود حملة أمنية في معان، واصفا ما يحدث بـ«إجراءات من أجل القبض على 19 مطلوبا من الخارجين عن القانون وبسط الأمن هناك».
وحذر بالقول إن الدولة «لن تسمح لأي فئة في شتى مناطق المملكة بالتطاول على القانون وسيادته تحت أي ظرف كان».



«الضبعة»... «الحلم النووي» المصري يدخل مرحلة حاسمة

جانب من أعمال إنشاء محطة «الضبعة» النووية في يونيو الماضي (هيئة المحطات النووية المصرية)
جانب من أعمال إنشاء محطة «الضبعة» النووية في يونيو الماضي (هيئة المحطات النووية المصرية)
TT

«الضبعة»... «الحلم النووي» المصري يدخل مرحلة حاسمة

جانب من أعمال إنشاء محطة «الضبعة» النووية في يونيو الماضي (هيئة المحطات النووية المصرية)
جانب من أعمال إنشاء محطة «الضبعة» النووية في يونيو الماضي (هيئة المحطات النووية المصرية)

تقف مصر على مقربة من تحقيق «الحلم النووي»، الذي راودها منذ خمسينات القرن الماضي، عقب خطوات جادة وثابتة لتنفيذ «مشروعها الاستراتيجي»، وإنشاء أول محطة لتوليد الكهرباء بالطاقة النووية في مدينة الضبعة بمحافظة مطروح على ساحل البحر الأبيض المتوسط على بعد نحو 289 كيلومتراً شمال غربي القاهرة، بتمويل وتكنولوجية روسيين. وبينما يأتي المشروع في سياق خطة مصر لتنويع مصادر الطاقة ورؤيتها الاستراتيجية لامتلاك الطاقة النووية السلمية، فإن مشروع «محطة الضبعة النووية» تتجاوز أبعاده حدود الاقتصاد، لتمتد إلى السياسة والبيئة والمجتمع.

بالتزامن مع الاحتفال بالعيد السنوي الخامس للطاقة النووية، الذي يوافق التاسع عشر من نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام، شارك الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، عبر تقنية «الفيديو كونفرانس»، في مراسم تركيب وعاء ضغط المفاعل للوحدة النووية الأولى بمحطة الضبعة النووية، وتوقيع أمر شراء الوقود النووي، ليدخل «الحلم النووي» المصري مرحلة حاسمة.

وعد الرئيس الروسي، في كلمته حينها عبر تقنية «الفيديو كونفرانس»، التعاون القائم بين مصر وروسيا في بناء المفاعل النووي «نجاحاً بارزاً»، مشيراً إلى أن «المشروع سيوفر الكهرباء اللازمة لدعم الاقتصاد المصري المتنامي».

وقال السيسي في كلمته إنه «في ظل ما يشهده العالم من أزمات متلاحقة في قطاع الطاقة، وارتفاع أسعار الوقود الأحفوري، تتجلى بوضوح أهمية وحكمة القرار الاستراتيجي، الذي اتخذته البلاد، بإحياء البرنامج النووي السلمي، باعتباره خياراً وطنياً، يضمن تأمين مصادر طاقة مستدامة وآمنة ونظيفة، دعماً لأهداف رؤية مصر 2030».

وتقدر الطاقة الكهربائية المتوقع توليدها من محطة الضبعة النووية بنحو 4800 ميغاواط، عبر أربعة مفاعلات من الجيل الثالث من طراز VVER-1200، وهو ما يمثل 10 في المائة من إنتاج الكهرباء في مصر.

وخطت مصر أولى خطواتها الجادة نحو تنفيذ المشروع في نوفمبر 2015 بتوقيع اتفاقية مبدئية بين الرئيسين المصري والروسي لإقامة أول محطة نووية لتوليد الكهرباء، تنفذها شركة «روساتوم» الحكومية الروسية، لتتخذ مصر من يوم التوقيع عيداً وطنياً للطاقة النووية.

وبعد عامين، وتحديداً في نوفمبر 2017، تم التوقيع على العقود الرئيسية لبناء الوحدات الأربع للمحطة، بطاقة 1200 ميغاواط لكل وحدة، لتنطلق بعدها الأعمال التحضيرية والإنشائية للمشروع بتكلفة إجمالية تقدر بنحو 28.75 مليون دولار، 85 في المائة منها قرض حكومي روسي ميسّر بفائدة 3 في المائة سنوياً يبدأ سداده عام 2029، والباقي تمويل ذاتي مصري.

«تشيرنوبل» جمد الحلم

الرغبة في امتلاك الطاقة النووية السلمية «حلم راود المصريين منذ منتصف القرن الماضي»، بحسب السيسي. حيث بدأت طموحات مصر النووية بعد فترة قصيرة من اكتشاف القدرة على توليد الطاقة السلمية من الانشطار النووي. ففي أعقاب مؤتمر جنيف الأول للاستخدامات السلمية للطاقة الذرية، أنشأت مصر هيئة الطاقة الذرية (AEA) عام 1955. وبعد ست سنوات افتتحت مركز البحوث النووية في أنشاص وشغّلت أول مفاعل بحثي (من طراز WWR-S ) بقدرة 2 ميغاواط، بالتعاون مع «الاتحاد السوفياتي» آنذاك، لإجراء الأبحاث والتدريب وإنتاج النظائر المشعة.

وفي عام 1964 أعلنت مصر عن خطط لبناء أول محطة لتوليد الكهرباء النووية، واختارت مبدئياً موقع «سيدي كرير» في الساحل الشمالي أيضاً، لكن الظروف الاقتصادية والسياسية في المنطقة أرجأت المشروع.

وبعد حرب 1973، عاد الحلم النووي يراود المصريين وتم وضع خطة لبناء محطات نووية بقدرة 10 آلاف ميغاواط بحلول عام 2000، وخصصت منطقة «الضبعة» بعد مفاضلة بين أماكن عدة على سواحل البحر الأحمر والبحر المتوسط.

وشهدت الفترة بين 1983 و1968 المناقصة الدولية الثانية للمشروع وتلقت فيها مصر عروضاً من شركات أميركية وألمانية وسويدية. وكانت القاهرة على وشك توقيع العقد لكن «كارثة مفاعل تشيرنوبل» (أوكرانيا التي كانت آنذاك جزءاً من الاتحاد السوفياتي) في أبريل (نيسان) 1986 جمّدت الحلم.

وبعد هدوء المخاوف من المفاعلات النووية السلمية، قررت مصر إحياء برنامجها النووي عام 1999، وفي عام 2007 تم تشكيل هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء (NPPA) كهيئة مستقلة تكون مسؤولة عن تنفيذ وإدارة المشروع النووي. وأعلن الرئيس الأسبق حسني مبارك عام 2008 عن إعادة تفعيل دراسات موقع الضبعة. لكن مرة أخرى تعطّل المشروع بفعل أحداث 2011، قبل أن يعيد السيسي إحياءه بالتوقيع على اتفاق مبدئي مع روسيا عام 2015.

عوائد اقتصادية

تدخل مصر النادي النووي بطموحات اقتصادية كبيرة، مستهدفة تعزيز أمن الطاقة وتحقيق التنمية، ويقول السيسي إن المشروع «سيعزز مكانة بلاده كمركز إقليمي للطاقة، ويحدث نقلة نوعية في مسار توطين المعرفة والاستثمار في الكوادر البشرية».

رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي يشهد مراسم توقيع أمر شراء الوقود النووي في نوفمبر الماضي (مجلس الوزراء المصري)

ويعد دخول مصر إلى ميدان التطوير الصناعي والتكنولوجي للطاقة النووية من العوائد المهمة للمشروع، بحسب دراسة نشرها نائب رئيس وحدة دراسات الاقتصاد والطاقة بـ«المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية»، أحمد بيومي، العام الماضي، حيث من المتوقع أن تكون نسبة تنفيذ نحو 20 في المائة من المشروع بالتعاون مع الشركات المحلية، ومن المستهدف أن تصل نسبة المكون المحلي من 20 إلى 25 في المائة عند تشغيل المفاعل الأول في 2028، تزيد إلى 35 في المائة عند تشغيل المفاعل الرابع في 2031، كما ستتولى شركة «روساتوم» الحكومية الروسية تدريب ما يقرب من ألفي شخص من موظفي التشغيل والصيانة للعمل في المحطة.

وفقاً لهيئة الاستعلامات المصرية الرسمية، فإنه «من المتوقع أن تبلغ القيمة المضافة للمشروع في الناتج المحلي الإجمالي خلال فترة الإنشاء نحو 4 مليارات دولار سنوياً». وتوفر المحطة مصدراً ثابتاً للكهرباء يعمل على مدار الساعة، ما يقلل الاعتماد على الوقود الأحفوري ويضمن استقرار الشبكة.

ويأتي إنشاء محطة الضبعة النووية في إطار خطة مصرية لتنويع «سلة الطاقة»، بحسب أستاذ هندسة البترول والطاقة، الدكتور جمال القليوبي، الذي يوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «مصر تسعى لأن تكون لديها مصادر متعددة من الطاقة، لا تعتمد فقط على الشق الحراري واستخدام الوقود الأحفوري». وقال: «طوال 50 عاماً كان الوقود الأحفوري مصدراً لنحو 98 في المائة من الطاقة في مصر، لكن الأمر تغيّر منذ عام 2018 مع زيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة من الرياح والشمس والهيدروجين الأخضر»، مشيراً إلى أن «محطة الضبعة مع اكتمال تشغيل مفاعلاتها قد تسهم في نحو 16 إلى 18 في المائة من الكهرباء في مصر».

وتستهدف مصر، وفقاً للتصريحات الرسمية، الوصول بمساهمة الطاقة المتجددة ضمن مزيج الطاقة إلى نحو 42 في المائة من إجمالي الطاقة بحلول عام 2030.

لا تقتصر العوائد الاقتصادية على توفير الكهرباء وتوفير جزء من فاتورة استيراد مصر للوقود الأحفوري التي تجاوزت 12 مليار دولار العام الماضي، بحسب تصريحات لوزير البترول المصري السابق، طارق الملا.

ويشير القليوبي إلى أن فاتورة استيراد الوقود لتشغيل محطات الكهرباء تبلغ نحو 50 في المائة من القيمة الإجمالية لفاتورة استيراد الوقود. وقال: «محطة الضبعة ستوفر جزءاً كبيراً من فاتورة الاستيراد، كما أن عوائدها الاقتصادية تمتد إلى مناح أخرى تتعلق بتحلية مياه البحر وإنتاج النظائر المشعة المستخدمة في عدد من الصناعات الطبية والزراعية». وأضاف: «لدى مصر خطة واضحة. خطة تؤازر الدولة اقتصادياً وتتماشى مع أهداف الدول الصناعية، عبر تحسين ملف الصناعة واستخدام الطاقة النووية في كثير من المناحي الاقتصادية».

خيار استراتيجي

يسهم مشروع الضبعة في توفير العملة الصعبة، كما يوفر نحو 6 آلاف فرصة عمل في أثناء الإنشاء، وآلاف فرص العمل في أثناء فترة التشغيل التي تمتد لـ60 عاماً. كما تعد محطة الضبعة النووية مصدراً نظيفاً وخالياً تماماً من انبعاثات الكربون، ويدعم استراتيجية مصر للطاقة 2035، بحسب هيئة الاستعلامات المصرية.

دخول مجال الطاقة النووية هو «خيار استراتيجي»، بحسب دراسة نشرها رئيس وحدة العلاقات الدولية ورئيس برنامج دراسات الطاقة بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور أحمد قنديل، مشيراً إلى أن «الضبعة ليست مجرد محطة كهرباء»، إذ إنها تحقق أهدافاً عدة، من بينها؛ «بناء أمن طاقة مصري مستقل نسبياً عن تقلبات الأسواق العالمية للبترول والغاز الطبيعي، وتحرير جزء من الغاز المصري للتصدير أو الاستخدام الصناعي، خاصة في البتروكيماويات والأسمدة، ودعم الصناعات الثقيلة والتوجه نحو الهيدروجين الأخضر، وتوفير مصدر مستقر للكهرباء على مدى عقود».

يسهم المشروع أيضاً في تعزيز مكانة مصر الإقليمية، بحسب قنديل الذي قال: «مصر اليوم لاعب رئيسي في الغاز الطبيعي في منطقة شرق المتوسط، وقوة صاعدة في الطاقة المتجددة، وتعمل على مشروعات للربط الكهربائي مع ثلاث قارات، وحين تكتمل وحدات الضبعة، ستمتلك مصر برنامجاً نووياً سلمياً واسع النطاق، يمنحها وزناً إضافياً في معادلات الطاقة الإقليمية».

أما القليوبي فيشير إلى أن مشروع الضبعة يُدخل مصر إلى «نادي الدول الصناعية الكبرى التي تستخدم الطاقة النووية لأغراض سلمية».

أبعاد سياسية

وبينما ستسهم محطة الضبعة في تلبية احتياجات مصر من الطاقة على المدى الطويل، فإن هناك دوافع أخرى لإقدام البلاد على هذه الخطوة، من بينها «تعزيز المكانة السياسية للحكومة في الداخل وتوسيع علاقاتها الأجنبية إلى ما يتجاوز واشنطن»، بحسب مقال نشره إيريك تراجر في «معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى» عام 2016.

أشار تراجر وقت ذاك إلى أن «المشروع يستهدف إعطاء أمل للمصريين وتعزيز الدعم الداخلي للحكومة، بعدّه مشروعاً قومياً»، كما أنه يأتي في إطار مساعي القاهرة لـ«توسيع نطاق التواصل الخارجي ليتجاوز علاقتها الثنائية بواشنطن، ما يُظهر مصر بصورة المنفتحة على العالم أجمع». وقال تراجر إن المشروع «يوطد علاقات مصر وروسيا».

وهو أمر أكده بالفعل الرئيسان المصري والروسي أخيراً، حيث قال السيسي إن المشروع «يعدّ برهاناً عملياً على أن شراكتنا لا تقتصر على التصريحات السياسية البراقة، بل تتجسد في مشروعات واقعية، تترجم إلى تنمية حقيقية، تعود بالنفع المباشر على شعبينا»، بينما أكد بوتين دعم بلاده «طموحات مصر التنموية في إطار الشراكة والتعاون الاستراتيجي الممتد بين البلدين». وقال: «هذه الشراكة مستمرة وتتجلى في ارتفاع حجم ومعدل التجارة بين البلدين، وتكثيف التعاون الصناعي، فضلاً عن مضي روسيا قدماً في إنشاء منطقة صناعية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس».

ويشير تراجر، في هذا الإطار، إلى أن المشروع يعزز نفوذ موسكو في القاهرة، ما قد يثير قلق الولايات المتحدة نظراً لاهتمام واشنطن بالاستقرار الاقتصادي في مصر وبآفاق سياستها الخارجية.

وفي هذا الإطار، يرى مستشار «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور عمرو الشوبكي، أن «مصر حريصة ومنفتحة على قوى وأقطاب أخرى دون المساس بالعلاقة الاستراتيجية مع واشنطن»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «القاهرة لديها علاقات تجارية واقتصادية وسياسية مع روسيا والصين».

وبالفعل أكد عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، أن «هذا المشروع يربط مصر وروسيا بعلاقات في قطاع مهم للغاية ولسنوات طويلة مقبلة». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «المشروع يحقق أهدافاً اقتصادية وسياسية عدة تتراوح ما بين توفير الكهرباء وتنمية الكوادر الوطنية إلى تعزيز المكانة الإقليمية والدولية».

وهنا يلفت الشوبكي إلى أن «حرص مصر على امتلاك الطاقة النووية السلمية - إضافة إلى أهميتها الاقتصادية - نابع من رغبتها في تأكيد حضورها في الملفات الكبرى». وقال: «الدول التي تمتلك وتستخدم الطاقة النووية السلمية لديها مكانة وتأثير وحضور دولي».

وتؤكد مصر حقها في امتلاك الطاقة النووية بموجب «معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية» التي وقّعت عليها عام 1968 وصدّقت عليها عام 1981. وتعوّل القاهرة على القيمة الاستراتيجية لمشروع الضبعة، ووفق السيسي فإن «المشروع سيضع مصر في موقع ريادي، على خريطة الاستخدام السلمي للطاقة النووية».

«المحطة النووية»... عشر سنوات على طريق التنفيذ

طوال أكثر من نصف قرن سعت مصر إلى امتلاك محطة لاستخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية، لكن الأحداث السياسية والظروف الاقتصادية وكارثة مفاعل تشرنوبل عام 1986 وقفت في طريق «الحلم النووي» المصري لعقود، حتى أعيد إحياء المشروع بخطوات عملية لإنشاء محطة الضبعة النووية. وفيما يلي أبرز المحطات:

- 1955 أنشأت مصر هيئة الطاقة الذرية (AEA).

-1961 افتتاح مركز البحوث النووية في أنشاص وتشغيل أول مفاعل بحثي.

- 1964 اختيار موقع سيدي كرير على ساحل البحر المتوسط لبناء أول محطة لتوليد الكهرباء النووية، (لم ينفذ).

- 1983 مناقصة دولية لإنشاء المحطة.

- 1986 كارثة تشيرنوبل... توقف المشروع.

- 2007 تشكيل هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء (NPPA).

- 2008 استئناف البرنامج النووي السلمي، وإعادة تفعيل دراسات موقع الضبعة.

- 2015 توقيع الاتفاق المبدئي مع روسيا (روساتوم).

- 2017 توقيع العقود النهائية للمشروع.

- 2018 بدء إعداد البنية التحتية للموقع وإنشاء الرصيف البحري التخصصي لاستقبال المعدات الثقيلة.

- 2022 أصدرت هيئة الرقابة النووية والإشعاعية (ENRRA) إذن إنشاء الوحدة النووية الأولى.

- 2024 تركيب مصيدة قلب المفاعل.

- 2025 تركيب وعاء ضغط المفاعل للوحدة النووية الأولى.


روب يتن... هزم اليمين المتطرف ويستعد ليصبح أصغر رئيس حكومة لهولندا

روب يتن... هزم اليمين المتطرف ويستعد ليصبح أصغر رئيس حكومة لهولندا
TT

روب يتن... هزم اليمين المتطرف ويستعد ليصبح أصغر رئيس حكومة لهولندا

روب يتن... هزم اليمين المتطرف ويستعد ليصبح أصغر رئيس حكومة لهولندا

تطلب الأمر شاباً مفعماً بالحياة ومليئاً بالأمل لهزيمة اليمين المتطرف في هولندا. فقد نجح روب يتن، السياسي الشاب الذي لم يدخل بعد عقده الأربعين، بإعادة حزب «الديمقراطيين 66» الليبرالي الوسطي الذي تأسس عام 1966، إلى واجهة الحياة السياسية في هولندا وقاده إلى تحقيق أفضل نتائج له منذ تأسيسه. ورغم أن الحزب لم يفز فعلياً بالانتخابات التي جرت نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بل تعادل مع حزب الحرية اليميني المتطرف بزعامة خيرت فيلدرز، فإن النتائج تعدّ فوزاً للديمقراطيين وخسارة لأقصى اليمين؛ وبتحقيق كلا الحزبين 26 مقعداً من أصل 150 داخل البرلمان، يكون الديمقراطيون قد ضاعفوا مقاعدهم بـ3 مرات تقريباً من 9 مقاعد في الانتخابات التي سبقت إلى 26 مقعداً، فيما خسر حزب الحرية 11 مقعداً وانخفض تمثيله من 37 نائباً إلى 26 نائباً. ورغم أنه ما زال غير واضح ما هي الأحزاب التي قد تشارك في الائتلاف الحاكم، فمن المؤكد أن حزب الحرية سيكون خارج الحكم. إذ تعهدت الأحزاب الأخرى بعدم العمل مع خيرت فيلدرز من جديد بعد تجربة الحكم الأخيرة التي لم تدم أكثر من 11 شهراً.

أثبت روب يتن (38 عاماً) أن هزيمة أحزاب أقصى اليمين ممكنة، ليعطي فوز حزبه في الانتخابات العامة في هولندا، أملاً للكثير من الأحزاب الأوروبية الوسطية التي تكافح هي نفسها للبقاء أمام مد اليمين المتطرف الذي يلف القارة العجوز. يتن نفسه هلل فور صدور النتائج بأن هولندا «أغلقت فصل خيرت فيلدرز»، متعهداً بالعمل على تشكيل «ائتلاف متين يقود هولندا إلى الأمام». وأضاف أن فوز حزبه أثبت أن «الأحزاب الوسطية أظهرت أنه من الممكن هزيمة الأحزاب الشعبوية وأقصى اليمين». وقاد يتن حملة انتخابية شعارها «التغيير والإيجابية» مستعيناً بشعار باراك أوباما «يمكننا التغيير»، في إشارة إلى استبدال حزب معتدل باليمين المتطرف. ولاقت إيجابيته صدى لدى الناخبين الهولنديين الذين يبدو أنهم تعبوا من السلبية التي طبعت الحياة السياسية منذ الانتخابات التي سبقت أن أوصلت حزب الحرية إلى الطليعة ولكن من دون فوز كاسح، ما يعني أن فيلدرز لم يكن قادراً على الحكم بمفرده، وعجز عن إقناع الأحزاب الأخرى التي شكلت معه الحكومة مشترطة ألا يترأسها هو شخصياً، باعتماد سياسته المتطرفة حول الهجرة، وهو ما تسبب في النهاية بانهيار الحكومة. ونقلت وسائل إعلام هولندية إحصاءات تشير إلى التأييد الواسع لتولي يتن رئاسة الحكومة بين مؤيدي الأحزاب اليمينية. ونقلت شبكة أخبار «آر تي إل» الهولندية عن أحد الناخبين قوله إنه «لا يوافق دائماً على سياسات الديمقراطيين ولكن روب يتن رجل (عادي) يمكنه أن يؤدي وظيفة تمثيل البلاد بشكل جيد». وقال عن فيلدرز إنه لو تولى رئاسة الحكومة فإن الأمور «لن تنجح معه وإنه سيريد على الأرجح أن يمرر سياسته، وفي حال لم ينجح بذلك فسينسحب مرة جديدة».

اغتيال مخرج... وإحراق مدرسة إسلامية

ويأتي فوز يتن على اليمين المتطرف وصعوده السريع وهو ما زال في عقده الثلاثين، متناغمين مع دخوله عالم السياسة في سن فتيّة أيضاً وهو في الـ17 من العمر. بداية قصته في السياسة كانت مرتبطة أيضاً باليمين المتطرف؛ ففي عام 2004 شكل اغتيال المخرج السينمائي تيو فان غوخ على يد متطرف هولندي من أصل مغربي، لحظة مفصلية تسببت بتداعيات دفعت بيتن إلى دخول عالم السياسة. وكان إحراق مجموعة من الشبان المنتمين إلى اليمين المتطرف لمدرسة ابتدائية تعلّم الدين الإسلامي في بلدته في أودن، سبب توجهه إلى النضال ضد اليمين المتطرف. وقال مؤخراً عن بداياته إن الشبان الذين أحرقوا المدرسة كانوا من رفاقه في فريق كرة القدم وكان يعرفهم جيداً، ولكنه أراد أن يُظهر صورة مختلفة للعالم وأن بلدته ليست مجرد مكان مليء بشبان «لا يعرفون ماذا يفعلون».وبقي كفاح يتن ضد اليمين المتطرف أساسياً خلال مسيرته السياسية. وحتى في الحملة الانتخابية التي قادها، اعتمد يتن استراتيجيات تستهدف اليمين المتطرف، مثل جعله العلم الهولندي محورياً خلال الحملة، وقوله إنه يريد «استعادته» من اليمين المتطرف الذي غالباً ما يستخدم العلم. ولم يتردد كذلك بجعل مسألة الهجرة التي أوصلت فيلدرز للفوز في الانتخابات التي سبقت، محورية خلال حملته. ورغم ليبراليته، وارتباطه بلاعب هوكي محترف أرجنتيني سيعقد قرانه عليه العام المقبل، فقد أكد للناخبين أنه سيعتمد سياسة هجرة متشددة تجاه المرفوضة طلباتهم وسيعتمد حداً أقصى لأعداد المهاجرين. ويبدو أن تعهداته هذه لاقت تجاوباً من الناخبين، إذ أكد لاحقاً متحدث باسم حزبه أن 7 في المائة من ناخبي حزب الحرية صوتوا هذه المرة للديمقراطيين.

وحتى قبل الانتخابات وبدء الحملات الانتخابية، كان يتن يدعو لاعتماد سياسة هجرة جديدة في هولندا والخروج من عباءة الاتحاد الأوروبي. وروّج لاعتماد نظام مبني على النظام الكندي ينقل البحث والبت بطلبات اللجوء إلى خارج دول الاتحاد الأوروبي ورفض استقبال من يصلون خارج هذا النظام إلى هولندا.

تشديد قوانين الهجرة

ودعا كذلك إلى مراجعة المعاهدات الدولية الخاصة باللاجئين «لكي تعكس الواقع الجديد» في خلاف للسياسة التي كان يعتمدها الديمقراطيون. ونقلت عنه وسائل إعلام هولندية قوله إن «قانون الهجرة المعتمد حالياً لم يعد صالحاً، علينا أن ننتقل من هجرة تتحكم بنا، إلى هجرة نحن نتحكم بها، ليس فقط بسبب مواطنين هولنديين قلقين من الأعداد الوافدة ولكن أيضاً للأشخاص الذين يهربون من العنف والملاحقة». وبحسب خطة يتن، فإن هولندا لن تقبل إدخال لاجئين إلا أولئك الذين يتقدمون للحصول على لجوء من خارج الاتحاد الأوروبي ويتم قبولهم. ويعدّ أن نظاماً كهذا سيساعد على وقف طرق التهريب الخطيرة وينقذ أرواحاً.وحالياً، يتم إدخال بعض اللاجئين إلى أوروبا عبر نظام شبيه تعتمده الأمم المتحدة لتوزيع اللاجئين ولكن أعداد هؤلاء قليلة جداً مقارنة بالذين يدخلون بشكل غير قانوني ويتقدمون بطلبات لجوء. ويريد يتن توسيع هذا النظام بشكل كبير لكي يصبح الطريقة الأساسية لاستقبال اللاجئين في هولندا. ولكنه يعي أن هذه الخطط تستغرق وقتاً طويلاً. وحتى ذلك الحين، وفي المرحلة القصيرة المدى يطالب بقوانين أشد لطالبي اللجوء الذين يعدّون عبئاً، خاصة أولئك القادمين من دول مصنفة «آمنة» أي لا خوف من ملاحقات بحق القادمين منها الذين لا يتمتعون أصلاً بحظوظ كبيرة في الحصول على لجوء. ومن أقواله عن هؤلاء إن «الذين يأتون ويتسببون بمشاكل ولا يتوجب عليهم أن يكونوا هنا، يجب أن يتم إرسالهم إلى ملاجئ مغلقة، ويفهموا أنهم يدخلون بلداً بقيم ليبرالية، وإذا كانوا لا يحترمونها فسيخسرون بعض الحقوق».

في المقابل يروّج يتن لاندماج أفضل لطالبي اللجوء الناجحين ويدعو إلى إدخالهم في صفوف تعلّم اللغة «منذ اليوم الأول» ومساعدتهم في العثور على وظيفة «بأسرع وقت ممكن». وقبل الانتخابات ومنذ ترأسه حزبه عام 2023، حذّر بأن إبقاء الأشخاص على نظام الإعانات من دون دمجهم في المجتمع وسوق العمل «مؤذ لهم وللمجتمع بشكل عام، ويغذي الإحباط لدى الهولنديين». ويعدّ يتن أن على الأحزاب الوسطية أن «تقود الخطاب السياسي عوضاً عن أن تترك ذلك للأحزاب اليمينية المتطرفة».

حل أزمة السكن... بناء جزيرة جديدة

سياسة الهجرة هذه التي يروج لها يتن منذ ترأسه حزبه، قد تكون أكسبته أصواتاً من اليمين واليمين المتطرف، ولكن الأصوات الأخرى التي نجح بإضافتها لحزبه جذبها من خلال خطاب أوسع يتناول مخاوف الناخبين بشكل مباشر من قضايا تتعلق بالسكن التي كانت أيضاً من القضايا الأساسية في الانتخابات الهولندية. فهولندا، مثل الكثير من الدول الأوروبية، تعاني من نقص 400 ألف وحدة سكنية ما يؤدي إلى رفع دائم في أسعار العقارات والسكن ما يزيد من العبء على السكان. ورغم أن كل الأحزاب التي خاضت الانتخابات جعلت من مسألة البناء أساسية في معركتها، فإن طروحات الديمقراطيين كانت الأكثر ثورية. وفيما كانت الأحزاب الأخرى تقترح إغلاق مطارات للبناء على أراضيها، أو توسيع مجمعات موجودة أصلاً، اقترح يتن بناء جزيرة جديدة على أرض مغطاة حالياً بالمياه، في بلد ربعه يقبع تحت مستوى البحر. وتعهد ببناء مدن جديدة تضم 60 ألف وحدة سكنية مع مساحات خضراء ومياه وأماكن ترفيه.

ما إذا كان سينجح بتحقيق أي من طروحاته تلك، إن كانت المتعلقة بالهجرة أو تلك المتعلقة بالسكن، غير واضح ومرتبط بالائتلاف الذي سينجح بتشكيله في النهاية والخطط التي يتفق عليها مع الأحزاب الأخرى. ولكن على الأقل هي خطط طموحة لاقت صدى لدى الناخبين وأوصلت من قد يصبح أصغر رئيس حكومة في هولندا إلى رأس السلطة. والواقع أن صعوده السريع وهو في سن يافعة، دفع البعض للتشكيك بقدراته أحياناً.

أما سياسته الأخرى، فهي مناقضة تقريباً لسياسات فيلدرز واليمين المتطرف في هولندا المشكك في الاتحاد الأوروبي وفي التأييد الأوروبي لأوكرانيا ومعاداة روسيا. ويعدّ يتن مؤيداً للاتحاد الأوروبي ولدعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا. وعندما كان وزيراً للطاقة في حكومة مارك روته التي سبقت حكومة فيلدرز، دفع يتن بسياسة طاقة لا تعتمد على الغاز الروسي. وقد خدم في حكومة روته الرابعة وزيراً للمناخ والطاقة بين عامي 2022 و2024. ودخل يتن البرلمان الهولندي للمرة الأولى عام 2017 وكان متحدثاً باسم كتلته عن المناخ والطاقة. وفي عام 2018 انتخب زعيماً للكتلة النيابية للديمقراطيين ليصبح أصغر زعيم للكتلة في تاريخ الحزب. وفي عام 2020 انتخب حزبه الدبلوماسية المخضرمة سيغريد كاخ لزعامته في معركة لم يترشح فيها يتن. ولكنه لم ينتظر كثيراً، إذ وجد فرصة سانحة بعد استقالة كاخ في صيف عام 2023 وانتخب لزعامة الحزب.

اقرأ أيضاً


هولندا... حكومات ائتلافية منذ الحرب العالمية الثانية

Dutch Prime Minister Mark Rutte leaves the Parliament building, amid the coronavirus disease (COVID-19) lockdown, in The Hague, Netherlands January 15, 2021. REUTERS/Piroschka van de Wouw REFILE - CORRECTING CITY
Dutch Prime Minister Mark Rutte leaves the Parliament building, amid the coronavirus disease (COVID-19) lockdown, in The Hague, Netherlands January 15, 2021. REUTERS/Piroschka van de Wouw REFILE - CORRECTING CITY
TT

هولندا... حكومات ائتلافية منذ الحرب العالمية الثانية

Dutch Prime Minister Mark Rutte leaves the Parliament building, amid the coronavirus disease (COVID-19) lockdown, in The Hague, Netherlands January 15, 2021. REUTERS/Piroschka van de Wouw REFILE - CORRECTING CITY
Dutch Prime Minister Mark Rutte leaves the Parliament building, amid the coronavirus disease (COVID-19) lockdown, in The Hague, Netherlands January 15, 2021. REUTERS/Piroschka van de Wouw REFILE - CORRECTING CITY

> منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، تحكم هولندا حكومات ائتلافية مكونة من حزبين أو أكثر في أحيان كثيرة، بسبب القانون الانتخابي المعتمد الذي يجعل من المستحيل على حزب واحد أن يفوز بالأغلبية. وطغى مارك روته وحزبه حزب «الشعب للحرية والديمقراطية» المحافظ الليبرالي، على الحياة السياسية في السنوات الـ14 الأخيرة تقريباً. فهو ترأس 4 حكومات متتالية بين العامين 2010 و2024، ضم معظمها أكثر من حزبين، حتى استقالته عام 2023 وانتقاله ليصبح أمين عام حلف شمال الأطلسي (الناتو). وحظيت حكومته الأولى التي كانت حكومة أقلية وشكَّلها مع حزب «نداء الديمقراطية المسيحي»، بدعم من حزب «الحرية» اليميني المتطرف من دون أن يشارك الأخير في الحكومة.

ولكن الحكومة لم تدم أكثر من عامين بعد خلافات مع خيرت فيلدرز الذي سحب دعمه لها، مما أدى إلى سقوطها. وشكَّل روته حكومته الثانية التي ضمت 4 أحزاب بينها حزب «العمال»، مما سمح لها بأن تحكم طوال فترة ولايتها لخمس سنوات، وكانت الأكثر استقراراً في تاريخ هولندا الحديث. وشكَّل روته حكومته الرابعة عام 2017 لتحكم لمدة 3 سنوات، وضمت 4 أحزاب ولكنها سقطت مبكراً بعد تداعيات أزمة كورونا. وكانت الحكومة الأخيرة التي شكَّلها روته من 4 أحزاب عام 2022، الأقصر عمراً، واستغرق تشكيلها وقتاً قياسياً وصل إلى 299 يوماً، ولكنها انهارت سريعاً بعد خلافات حول الهجرة، ولم تحكم فعلياً أكثر من عام ونصف، ولكنها بقيت حكومة تصريف أعمال لنصف عام إضافي.

وفي عام 2024، حقق حزب الحرية اليميني المتطرف بزعامة فيلدرز فوزاً تاريخياً، ولكن فيلدرز نفسه لم يصبح رئيس حكومة بسبب اشتراط الأحزاب الأخرى التي وافقت على دخول الائتلاف الحكومي معه، على تعيين شخصية أخرى. وتوافقت الأحزاب في النهاية على ديك شوف لرئاسة الحكومة التي ضمت 4 أحزاب من بينها حزب «الحرية» الذي خاض تجربته الأولى في الحكم، ولكنه سرعان من انسحب من الحكومة في صيف العام الجاري بعد خلافات مع الأحزاب الأخرى حول سياسات هجرة متشددة ومخالفة للقانون أراد تطبيقها.