الكوابيس: إنذار باضطرابات عقلية

امرأة تتعرض لكابوس (بي بي سي)
امرأة تتعرض لكابوس (بي بي سي)
TT

الكوابيس: إنذار باضطرابات عقلية

امرأة تتعرض لكابوس (بي بي سي)
امرأة تتعرض لكابوس (بي بي سي)

تعتبر الصحة العقلية والنفسية بشكل عام، حالة من السلام على الصعيد العاطفي والاجتماعي للإنسان، تؤثر فعليا على شعور الشخص وتفاعله مع الحياة وأحداثها. كما أنها تحدد كيفية تعامل الشخص مع الضغوطات وكيفية اتخاذ قراراته، وتأقلمه مع التغيرات التي تطرأ من حوله.
والمرض العقلي اضطراب يؤثر على طريقة تفكير الشخص ومزاجه وسلوكه في المجتمع. وهناك عدة عوامل تؤثر عليه، مثل الوراثة والجينات والتجارب الحياتية التي يمر بها الشخص. ومن هذه الأحداث، تعرضه للتوتر أو للاعتداء اللفظي أو الجسمي أو التحرش المؤذي.
أثبتت بعض الدراسات الجديدة من قبل علماء النفس في جامعة توركو، علاقة الاضطرابات النفسية بالأحلام، خاصة المزعجة منها، وتسمى الكوابيس. فبض الأحلام التي يحلم بها بعض الأشخاص تكون نتيجة لاضطرابات نفسية يمر بها الإنسان في وقت زماني معين.
يميل كثيرون إلى محاولة تناسي الكوابيس ورفضها، كشيء لا يمكننا تحمله. فتؤدي وطأة الكابوس إلى هلع النائم، والخشية من آثاره وتكراره. ولا يقتصر الكابوس على الأمور الحياتية التافهة كبعض الأحلام، إنما يتعدى بالمعاني والدلالات ليتخذ أشكالا وصورا مزعجة. ومن أمثلتها، أن يحلم الشخص أنه يدفن حيا أو يكون محشورا في نفق طويل مظلم أو سقوطه من علو شاهق يفقده وعيه.
وتشير النتائج التي توصل إليها الباحثون، إلى أن الكوابيس ينبغي اعتبارها علامة إنذار مبكر على اضطرابات الصحة العقلية.
بحسب الباحث في الدراسة، نيلس ساندمان، «فإن الخطر ليس كبيرا جدا، ومعظم المصابين بالحوادث الكابوسية لا يصبحون انتحاريين، ولكن الرسالة الرئيسية هي أن الكوابيس المأساوية المتكررة يجب أن تؤخذ على محمل الجد».
وقد تم الحصول على النتائج من خلال تحليل استطلاعات الرأي الوطنية الفنلندية من 71.068 مشاركا، أجريت كل خمس سنوات بين عامي 1972 و2012.
وفي الدراسة الجديدة، تمت مقارنة قدامى المحاربين البالغ عددهم 3.139 مع السكان العاديين. وتبين أنهم تعرضوا للمزيد من الكوابيس من عامة الشعب. ولكن، لم تظهر لديهم أعراض الانتحار بشكل كبير.
في المقابل، وجد الفريق أن الكوابيس يمكن أن تزيد من خطر الانتحار بين الجنسين، على الرغم من أنه في البيانات وجد أن المرأة تتعرض للمزيد من الكوابيس. في حين أن الرجال لديهم خطر أكبر بكثير للانتحار.
وتعرف الدراسة الكوابيس بأنها «أحلام مكثفة ذات لهجة عاطفية سلبية». وقد تبين أن هذه الكوابيس المزعجة المتكررة يمكن أن تزيد من خطر اضطرابات المزاج والانتحار، سواء بين عامة الناس أو الفنانين أو العسكر وحتى السياسيين. وتشكل هذه الدراسة خطوة مهمة ورائدة. فقد تساعد على الكشف المبكر لأي علامات تنذر بظهور مشاكل نفسية وعقلية، تؤذي المريض وكل من حوله.



علاج فعّال يساعد الأطفال على التخلص من الكوابيس

العلاج أسهم في تقليل عدد الكوابيس لدى الأطفال (جامعة يوتا)
العلاج أسهم في تقليل عدد الكوابيس لدى الأطفال (جامعة يوتا)
TT

علاج فعّال يساعد الأطفال على التخلص من الكوابيس

العلاج أسهم في تقليل عدد الكوابيس لدى الأطفال (جامعة يوتا)
العلاج أسهم في تقليل عدد الكوابيس لدى الأطفال (جامعة يوتا)

كشفت دراسة أميركية أن علاجاً مبتكراً للأطفال الذين يعانون من الكوابيس المزمنة أسهم في تقليل عدد الكوابيس وشدّة التوتر الناتج عنها بشكل كبير، وزاد من عدد الليالي التي ينام فيها الأطفال دون استيقاظ.

وأوضح الباحثون من جامعتي أوكلاهوما وتولسا، أن دراستهما تُعد أول تجربة سريرية تختبر فاعلية علاج مخصصٍ للكوابيس لدى الأطفال، ما يمثل خطوة نحو التعامل مع الكوابيس كاضطراب مستقل، وليس مجرد عَرَضٍ لمشكلات نفسية أخرى، ونُشرت النتائج، الجمعة، في دورية «Frontiers in Sleep».

وتُعد الكوابيس عند الأطفال أحلاماً مزعجة تحمل مشاهد مخيفة أو مؤلمة توقظ الطفل من نومه. ورغم أنها مشكلة شائعة، فإنها تؤثر بشكل كبير على الصحة النفسية والجسدية للأطفال، إذ تُسبب خوفاً من النوم، والأرق، والاستيقاظ المتكرر، وهذه الاضطرابات تنعكس سلباً على المزاج، والسلوك، والأداء الدراسي، وتزيد من مستويات القلق والتوتر.

ورغم أن الكوابيس قد تكون مرتبطة باضطرابات نفسية أو تجارب مؤلمة، مثل اضطراب ما بعد الصدمة، فإنها لا تختفي بالضرورة مع علاج تلك المشكلات، ما يتطلب علاجات موجهة خصيصاً للتعامل مع الكوابيس كاضطراب مستقل.

ويعتمد العلاج الجديد على تعديل تقنيات العلاج المعرفي السلوكي واستراتيجيات الاسترخاء وإدارة التوتر، المستخدمة لدى الكبار الذين يعانون من الأحلام المزعجة، لتناسب الأطفال.

ويتضمّن البرنامج 5 جلسات أسبوعية تفاعلية مصمّمة لتعزيز فهم الأطفال لأهمية النوم الصحي وتأثيره الإيجابي على الصحة النفسية والجسدية، إلى جانب تطوير عادات نوم جيدة.

ويشمل العلاج أيضاً تدريب الأطفال على «إعادة كتابة» كوابيسهم وتحويلها إلى قصص إيجابية، ما يقلّل من الخوف ويعزز شعورهم بالسيطرة على أحلامهم.

ويستعين البرنامج بأدوات تعليمية مبتكرة، لتوضيح تأثير قلّة النوم على الأداء العقلي، وأغطية وسائد، وأقلام تُستخدم لكتابة أفكار إيجابية قبل النوم.

وأُجريت التجربة على 46 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 6 و17 عاماً في ولاية أوكلاهوما الأميركية، يعانون من كوابيس مستمرة لمدة لا تقل عن 6 أشهر.

وأظهرت النتائج انخفاضاً ملحوظاً في عدد الكوابيس ومستوى التوتر الناتج عنها لدى الأطفال الذين تلقوا العلاج مقارنة بالمجموعة الضابطة. كما أُبلغ عن انخفاض الأفكار الانتحارية المتعلقة بالكوابيس، حيث انخفض عدد الأطفال الذين أظهروا هذه الأفكار بشكل كبير في المجموعة العلاجية.

ووفق الباحثين، فإن «الكوابيس قد تُحاصر الأطفال في دائرة مغلقة من القلق والإرهاق، ما يؤثر سلباً على حياتهم اليومية»، مشيرين إلى أن العلاج الجديد يمكن أن يُحدث تحولاً كبيراً في تحسين جودة حياة الأطفال.

ويأمل الباحثون في إجراء تجارب موسعة تشمل أطفالاً من ثقافات مختلفة، مع دراسة إدراج فحص الكوابيس بوصفها جزءاً من الرعاية الأولية للأطفال، ما يمثل خطوة جديدة في تحسين صحة الأطفال النفسية والجسدية.