المنافسة تشتعل بين سلال ودعاة مقاطعة الانتخابات الجزائرية

الحكومة تستحضر «الخطر الخارجي» لتخويف الناخبين من «الربيع العربي»

أعضاء «جبهة التحرير الوطني» خلال تجمع انتخابي في العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)
أعضاء «جبهة التحرير الوطني» خلال تجمع انتخابي في العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)
TT

المنافسة تشتعل بين سلال ودعاة مقاطعة الانتخابات الجزائرية

أعضاء «جبهة التحرير الوطني» خلال تجمع انتخابي في العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)
أعضاء «جبهة التحرير الوطني» خلال تجمع انتخابي في العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)

كثفت الحكومة الجزائرية من نداءاتها للناخبين لحثهم على التوجه بكثافة إلى صناديق الاقتراع يوم الخميس المقبل، وذلك بمناسبة نهاية حملة انتخابات البرلمان غدا الأحد. في حين وعد رئيس الوزراء عبد المالك سلال بـ«غد مشرق» في حال كانت نسبة التصويت مرتفعة.
وقال سلال الليلة الماضية، خلال زيارة إلى تمنراست (1200 كلم جنوب العاصمة)، إن «الانتخابات المقبلة خطوة نحو ذلك الغد المشرق». وبدا الرجل الثاني في السلطة التنفيذية واثقا في أن سكان الجنوب سيتوافدون بكثرة على مكاتب الانتخاب.
وتريد الحكومة نسبة انتخاب لا تقل عن 51 في المائة، تفاديا للتشكيك في شرعية «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة البرلمانية الأولى)، كما جرى خلال الولاية التي انتهت حديثا.
وأفاد سلال في لقاء مع جمعيات وتنظيمات ولاية تمنراست بأن سكانها سيشاركون بقوة في العرس الديمقراطي، الذي سيكون من دون شك «لبنة إضافية في البناء المؤسساتي الوطني»، وأضاف أن «هناك من يظن أن تفاؤلنا بالمستقبل مبالغ فيه، وجوابنا هو أن هذا التفاؤل في مستوى الجزائر التي لا يمكن لها أن تكون إلا كبيرة».
وتابع رئيس الوزراء، الذي كان مرفوقا بأعضاء في الحكومة، موضحا أن «طاقم الرئيس بوتفليقة يخدم شعبا كان القرن الـ20 بالنسبة له قرن كفاح مرير، وتضحيات كبيرة من أجل الحرية والسيادة، ثم من أجل الحفاظ على الجمهورية ومحاربة الفتنة والأحقاد، ولذلك فمن حقه أن يكون القرن الحادي والعشرون زمن طمأنينة ورخاء يعيش فيه أبناء الوطن متصالحين وفخورين بتاريخهم، وعازمين على نقل بلدهم إلى الحداثة. وإن مستقبل الجزائر في عقول وسواعد شبابها، وهو بإذن الله وتوفيقه مشرق ومزدهر».
وكان سلال يشير إلى فترة الحرب ضد الاستعمار الفرنسي (1945 - 1962)، ثم مرحلة محاربة الإرهاب في تسعينات القرن الماضي، حيث درجت العادة أن يتم استحضار الفترتين على ألسنة المسؤولين الحكوميين عشية كل انتخابات لإقناع الجزائريين بأن وضعهم الحالي أفضل مما كان عليه، وبالتالي عليهم، وفق طريقة التفكير هذه، أن يشكروا سلطات البلاد والتعبير عن ذلك يتم بوضع ورقة الانتخاب في الصندوق.
وفي العادة تكون نسبة المشاركة في كل استحقاق، مرتفعة داخل مناطق الجنوب والهضاب العليا بالداخل. في حين تكون ضعيفة بالمدن الكبرى كالجزائر العاصمة ووهران (غرب)، بينما تكون أضعف بمدن القبائل (شرق) بحكم أن سكان هذه المدن الذين ينطقون بالأمازيغية، ميالون إلى التشكيك في أي شيء مصدره السلطة المركزية. وتسمى القبائل بـ«قلعة المعارضة»، وقطاع من سكانها يطالبون بحكم ذاتي، وقطاع آخر يريد استقلالا كاملا.
ويخوض جزء من المعارضة حملة مضادة لنشاط رئيس الوزراء، بالدعوة في الميدان إلى مقاطعة الاستحقاق، بحجة أنه «يمنح نفسا جديدا لنظام يعاني من الهشاشة بسبب مرض الرئيس بوتفليقة، وعجزه عن تسيير دفة الحكم». ويقود هذا التوجه الطبيب سفيان جيلال، رئيس الحزب الليبرالي «جيل جديد»، ومعه مجموعة من الناشطين السياسيين والنقابيين وصحافيين، وقادة أحزاب رفضت السلطات الترخيص لها، يتنقلون بين الولايات للقاء الأشخاص في الأماكن العامة ليشرحوا لهم مسعى «المقاطعة».
ورغم قلة عدد هؤلاء وضعف إمكانياتهم المادية، وعدم تجاوب الإعلام مع مسعاهم إلا في حدود ضيقة، فإنهم يزعجون السلطة ويسببون لها صداعا، بدليل أن والي العاصمة عبد القادر زوخ قال عنهم «إنهم حرايمية»، وهو وصف قبيح للغاية عند عامة الجزائريين. أما وزير الداخلية نور الدين بدوي، فقد قال عنهم إن «أيادي خارجية تحركهم»، علما بأن «الأيادي الخارجية» و«المؤامرة الأجنبية» مفهومان يتم استحضارهما كلما كان النظام السياسي في ورطة لتخويف الجزائريين من خطر داهم، ليس بالضرورة ظاهرا لهم. والخطر في أيام حملة الانتخابات، في نظر الحكومة، أمني يمثله تنظيم داعش الموجود بليبيا المجاورة، وسياسي يتعلق بمساع في الداخل والخارج لفرض تغيير على طريقة الربيع العربي، الذي يرمز للفوضى والخراب في نظر الحكومة.



تحذيرات من استمرار تأثير الفيضانات على الوضع الإنساني في اليمن

مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)
مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)
TT

تحذيرات من استمرار تأثير الفيضانات على الوضع الإنساني في اليمن

مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)
مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)

على الرغم من اقتراب موسم الأمطار في اليمن من نهايته مع رحيل فصل الصيف، تواصلت التحذيرات من استمرار هطول الأمطار على مناطق عدة، مع تراجع حدتها وغزارتها، مع استمرار تأثير الفيضانات التي حدثت خلال الأشهر الماضية، وتسببت بخسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات والبنية التحتية.

ويتوقع خبراء ومراكز أرصاد استمرار هطول الأمطار على مناطق متفرقة مختلفة الطبيعة الجغرافية خلال الأيام المقبلة، وتشمل تلك المناطق محافظة المهرة أقصى شرقي اليمن، والمرتفعات الغربية في محافظات تعز، وإب، ولحج، وريمة، وذمار، وصنعاء، والمحويت، وعمران، وحجة وصعدة، بالإضافة إلى الساحل الغربي في محافظات حجة، والحديدة وتعز، والمناطق السهلية في محافظات أبين، وشبوة وحضرموت.

آثار عميقة تسببت بها الفيضانات في اليمن وأدت إلى تفاقم الظروف الإنسانية المتردية (أ.ف.ب)

وحذّر الخبراء الذين نشروا توقعاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من تشكل سحب عملاقة تنذر بأمطار غزيرة وسيول وعواصف وبروق شديدة، واحتمال هبوب رياح عنيفة، مع أجواء غائمة أغلب الوقت، داعين السكان إلى اتخاذ الاحتياطات اللازمة.

وشهد اليمن منذ مطلع الشهر الحالب تراجعاً في هطول الأمطار في مختلف أنحاء البلاد، بعد شهرين من الأمطار التي تسببت بفيضانات مدمرة في عدد من المحافظات، وتركزت الآثار العميقة لهذه الفيضانات في محافظتي الحديدة والمحويت غرباً.

وحذَّرت لجنة الإنقاذ الدولية من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن مع استمرار الفيضانات، التي بدأت في مارس (آذار) واشتدت في يوليو (تموز) وأغسطس (آب)، وأدت إلى نزوح عشرات الآلاف من الأسر، وتدمير البنية التحتية الحيوية، وتأجيج الانتشار السريع للكوليرا، وتضرر أكثر من 268 ألف شخص في اليمن، في ظل موجة ماطرة شهدتها البلاد.

ونبهت اللجنة في بيان لها إلى أن استمرار احتمالية وجود خطر فيضانات مفاجئة إضافية بسبب تشبع الأرض بفعل الأمطار الغزيرة وأنظمة الصرف السيئة، رغم توقف هطول الأمطار خلال الشهر الحالب، ووصفت هذا الخطر بالمرتفع.

استمرار الكارثة

قالت اللجنة إن الفيضانات أثرت بشدة على محافظات الحديدة، وحجة، ومأرب، وصعدة وتعز، حيث تأثر ما يقرب من 268 ألف فرد في 38285 عائلة حتى الشهر الماضي، وفقاً لتقارير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، وتسببت الأمطار الغزيرة، التي من المتوقع استمرارها هذا الشهر، في تدمير واسع النطاق للمنازل والأراضي الزراعية والبنية التحتية.

وقيَّدت الأمطار والفيضانات - وفق بيان اللجنة - من إمكانية الوصول إلى الغذاء، وهي قضية يعاني منها بالفعل أكثر من 17 مليون يمني بسبب الصراع والتدهور الاقتصادي وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وكلها تفاقمت بسبب أزمة المناخ.

توقعات باستمرار الأمطار الغزيرة في اليمن رغم انتهاء موسمها برحيل فصل الصيف (رويترز)

وبينت المنظمة أن محافظة تعز (جنوب غرب) شهدت وحدها تدمير ما يقدّر بنحو 70 إلى 100 في المائة من الأراضي الزراعية جراء الأمطار.

ودعت المجتمع الدولي والجهات المانحة إلى تقديم المزيد من الدعم للحد من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن جراء الفيضانات المدمرة الأخيرة التي ضربت البلاد، والتفشي المتسارع لوباء الكوليرا، مشددة على زيادة الدعم المالي واللوجيستي لتلبية الاحتياجات الفورية والطويلة الأجل للمتضررين من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن.

ونوهت اللجنة إلى أن الكارثة الإنسانية في اليمن تتضاعف «مدفوعة بالتأثيرات المدمرة للفيضانات الأخيرة والتفشي المتسارع لوباء الكوليرا في معظم أنحاء البلاد»، مرجحة أنه، و«من دون اتخاذ إجراءات في الوقت المناسب، سيستمر الوضع في التدهور؛ مما يعرض المزيد من الأرواح للخطر».

انتشار سريع للكوليرا

قال إيزايا أوجولا، القائم بأعمال مدير لجنة الإنقاذ الدولية في اليمن، إن البلاد «تواجه أزمة على جبهات متعددة» بدءاً من الصراع المستمر إلى الفيضانات الشديدة، والآن «تفشي وباء الكوليرا الذي انتشر بسرعة في الكثير من المحافظات».

وأضاف: «إن حياة الناس معرّضة للخطر بشكل مباشر، ومن المرجح أن يؤدي تدمير مرافق المياه والصرف الصحي إلى تفاقم انتشار المرض»، في حين أطلقت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عمليات طوارئ في المناطق الأكثر تضرراً في حجة، والحديدة، والمحويت وتعز، حيث قدمت مساعدات نقدية لنحو 2000 عائلة متضررة.

دمار هائل في البنية التحتية تسببت به الفيضانات الأخيرة في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وأشار إلى أن المرحلة الأولية ركزت على تلبية الاحتياجات الفورية، مع التخطيط لمزيد من التقييمات لتوجيه التدخلات المحتملة في مجال المياه والصرف الصحي، مثل إنشاء نقاط المياه والمراحيض الطارئة.

وبيَّن أوجولا أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر وشركاءها أجروا تقييمات في المناطق المتضررة، وكشفوا عن نزوح ما يقرب من 9600 شخص بسبب الفيضانات في تعز، وحجة والحديدة، حيث تعرَّضت البنية الأساسية للمياه والصرف الصحي والصحة لأضرار كبيرة؛ مما زاد من خطر تفشي الكوليرا في هذه المناطق.

وكان مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية وزَّع مساعدات إيوائية طارئة على المتضررين من السيول والفيضانات في مديرية موزع التابعة لمحافظة تعز، الثلاثاء الماضي.

وتضمنت المساعدات الطارئة 100 خيمة و370 حقيبة إيواء استفاد منها 2220 فرداً من المتضررين من السيول في المديرية.

ويأتي هذا التدخل بالتنسيق مع كتلة الإيواء ومكاتب مركز الملك سلمان للإغاثة في اليمن، وبالتنسيق مع السلطة المحلية ووحدة النازحين.