بابا الفاتيكان في مصر

أكد أن زيارته هي «رسالة وحدة وأخوة»

الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مستقبلا البابا فرانسيس (رويترز)
الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مستقبلا البابا فرانسيس (رويترز)
TT

بابا الفاتيكان في مصر

الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مستقبلا البابا فرانسيس (رويترز)
الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مستقبلا البابا فرانسيس (رويترز)

أكد البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، الذي يزور القاهرة حالياً، أن الحوار بين الأديان أصبح ضرورة ملحة للتوصل إلى السلام، ومواجهة الخلافات، مشيراً إلى أنه «ما من عنف يمكن أن يرتكب باسم الله».
وفي كلمته أمام المؤتمر العالمي للسلام الذي ينظمه الأزهر، قال البابا فرنسيس: «لنكرر معاً: من هذه الأرض، أرض اللقاء بين السماء والأرض، وأرض العهود بين البشر وبين المؤمنين، لنكرر (لا) قوية وواضحة لأي شكل من أشكال العنف والثأر والكراهية يرتكب باسم الدين، أو باسم الله».
ودعا البابا إلى وقف «تدفق الأموال والأسلحة نحو الذين يثيرون العنف».
وأضاف: «من الضروري وقف انتشار الأسلحة التي، إن تم تصنيعها وتسويقها، سيتم استخدامها عاجلاً أو آجلاً».
وكان بابا الفاتيكان قد وصل إلى مطار القاهرة بعد ظهر اليوم (الجمعة)، في زيارة تستمر يومين، وكان في استقباله رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل.
وأكد البابا فرنسيس على أن زيارته للقاهرة هي رسالة «وحدة وأخوة».
واستقبل الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، البابا فرنسيس بقصر الاتحادية الرئاسي، فور وصوله إلى القاهرة، حيث جرت مراسم الاستقبال الرسمي للبابا، بعزف السلام الوطني الجمهوري للبلدين.
وتوجه البابا فرنسيس بعد ذلك إلى مقر مشيخة الأزهر، حيث التقى الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر.
وتأتي زيارة بابا الفاتيكان إلى القاهرة لتأكيد دعمه للأقباط، أكبر طائفة مسيحية في الشرق الأوسط، بعد الاعتداءات التي استهدفتهم أخيراً، وللدفاع عن التسامح والتعايش بين الديانات، والدعوة إلى السلام، إلى جانب الإمام الأكبر لجامع الأزهر، الشيخ أحمد الطيب.
ويصل البابا فرنسيس إلى مصر في وقت تشهد فيه البلاد حالة طوارئ، بعد تفجيرين انتحاريين تبناهما تنظيم داعش الإرهابي ضد كنيستين قبطيتين، في التاسع من أبريل (نيسان)، وأوقعا 45 قتيلاً.
وكثفت السلطات المصرية تدابيرها الأمنية في محيط كل كنائس البلاد، خشية تعرضها لأي اعتداء أثناء زيارة البابا، كما ستواكب إجراءات حماية مشددة تحركات رأس الكنيسة الكاثوليكية في العالم، بحسب مصادر أمنية مصرية.
وأغلقت كل المنطقة المحيطة بالسفارة البابوية أمام حركة السير، وانتشر فيها كثير من عناصر الشرطة والجيش.
وشاهد مصور لوكالة الصحافة الفرنسية مدرعات وآليات قرب كاتدرائية الأقباط الأرثوذكس في العاصمة.
وعلى طول الطريق التي سيمر فيها موكب البابا فرنسيس، الجمعة، يمكن رؤية صور ضخمة تظهر البابا وخلفه الأهرامات، وعبارة ترحيب باللغتين الإنجليزية والإيطالية.
وكتب البابا فرنسيس، في تغريدة على موقع «تويتر»، أمس (الخميس): «من فضلكم، صلوا من أجل زيارتي غداً كداعية للسلام في مصر».
وقال متحدث باسمه إنه التقى قبل مغادرته الفاتيكان، اليوم، تسعة مهاجرين مصريين.
ولا يزال التهديد قائماً في مصر، إذ توعد تنظيم داعش بتكثيف هجماته ضد الأقباط، وأغلبيتهم من الأرثوذكس، وهم يمثلون قرابة 10 في المائة من سكان مصر، البالغ عددهم 92 مليوناً.
وقبل التفجيرين الأخيرين، قتل 29 شخصاً في هجوم انتحاري تبناه أيضاً التنظيم ذاته في الكنيسة البطرسية، المجاورة للكاتدرائية المرقسية في القاهرة، حيث سيقيم البابا فرنسيس اليوم صلاة مع بابا الأقباط، تواضروس الثاني.
وستشكل لحظة لقاء بابا الفاتيكان مع شيخ الأزهر، أحمد الطيب، محطة مهمة من الزيارة، وسيسبق اللقاء خطاب يلقيه البابا في «المؤتمر الدولي للسلام» الذي ينظمه الأزهر.
ويدير الأزهر، الذي يعود تاريخ إنشائه إلى نحو ألف سنة، جامعة ومدارس في مدن عدة في البلاد، يتوافد عليها آلاف الطلاب الأجانب من كل بقاع الأرض لدراسة العلوم الدينية، قبل العودة إلى بلادهم بصفتهم علماء دين، وهو معروف بمواقفه المناهضة بشدة لكل تطرف إسلامي.
وتهدف زيارة البابا بشكل خاص إلى إعادة الحرارة إلى العلاقات بين الأزهر والفاتيكان، التي شهدت توتراً على مدى 10 سنوات، بعد تصريحات للبابا السابق بنديكتوس السادس عشر، في سبتمبر (أيلول) 2006، ربط فيها بين الإسلام والعنف.
وتأزمت الأمور أكثر مطلع عام 2011، حين قرر الأزهر تجميد علاقاته مع الفاتيكان لأجل غير مسمى، إثر دعوة البابا بنديكتوس إلى حماية المسيحيين في مصر، بعد تفجير انتحاري استهدف كنيسة في الإسكندرية.
ومنذ انتخابه في عام 2013، أطلق البابا فرانسيس مبادرات كثيرة لتعزيز السلام، وقدم إشارات رمزية للانفتاح على المسلمين.
فقد زار مساجد المسلمين، وغسل أقدام مهاجرين مسلمين خلال الاحتفالات التي سبقت عيد الفصح، واصطحب 3 أسر مسلمة من اللاجئين السوريين على متن طائرته من جزيرة ليسبوس اليونانية إلى الفاتيكان.
ويبلغ عدد الكاثوليك في العالم 1.3 مليار، وتوجد في مصر أقلية كاثوليكية صغيرة، يبلغ عدد أفرادها 270 ألفاً، استعدت بحماس لاستقبال البابا الذي سيترأس قداساً في استاد رياضي عسكري بإحدى ضواحي القاهرة، غدا (السبت).
وتأتي زيارة البابا فرنسيس بعد 17 عاماً من تلك التي قام بها البابا يوحنا بولس الثاني إلى مصر.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.