القيادة الأميركية الوسطى: ألف من قواتنا منتشرون في سوريا

الناطق باسمها قال لـ «الشرق الأوسط» إن قائد القوات يتمتع بصلاحية نشر عناصر إضافية

القيادة الأميركية الوسطى: ألف من قواتنا منتشرون في سوريا
TT

القيادة الأميركية الوسطى: ألف من قواتنا منتشرون في سوريا

القيادة الأميركية الوسطى: ألف من قواتنا منتشرون في سوريا

أكّد المقدم جوش جاك، المتحدث باسم القيادة الأميركية الوسطى، أن عدد القوات الأميركية الموجودة حاليا في سوريا يصل إلى نحو 1000.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» أنه في حين لا يوجد احتياطي استراتيجي (من القوات) مخصص لـ«عملية العزم الصلب» (التحالف العسكري الدولي ضد تنظيم داعش في سوريا والعراق)، إلا أن الجنرال الأميركي ستيفن تاونسند، قائد قوات العملية يتمتع بصلاحية نشر قوات إضافية، مؤكدا أن «هذه القوات قد تأتي من أي مكان في العالم».
وجاءت تصريحات المقدم جاك في إطار تقارير صحافية تؤكد إعطاء الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، الجيش سلطة تغيير نظام تحديد مستويات القوات في العراق وسوريا. ويرى منتقدون أن السياسة المعتمدة سابقا كانت تسمح للبيت الأبيض بالتحكم في كل التفاصيل والقرارات المتعلقة بالمعارك. وأكدت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، أول من أمس، هذا الإجراء، وقالت إنه لم يطرأ حتى الآن أي تغيير على مستويات القوات الأميركية، مؤكدة أن الاستراتيجية الأميركية في العراق وسوريا ما زالت تركز على دعم القوات المحلية التي تقاتل تنظيم داعش.
وأكد هذه التصريحات المتحدث باسم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد «داعش»، الكولونيل جون دوريان، وقال ردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، إن القوات الأميركية التي نشرت أخيرا في سوريا لن تشارك في القتال، وإن دورها يقتصر على تقديم استشارات لحلفاء التحالف الدولي (قوات سوريا الديمقراطية)، ودعمها بقدرات مدفعية. وعاد مؤكدا: «دورنا هو تقديم الدعم والاستشارات، لا القتال».
وتحدث الكولونيل دوريان، أمس، في جلسة صحافية عبر «سكايب» في السفارة الأميركية في لندن، وقال إن عدد المقاتلين في صفوف «داعش» في الرقة يقدر بين 3000 و4000 شخص، ويقل هذا العدد في الموصل عن 1000 إرهابي.
وانتقد الكولونيل دوريان الغارات التي شنتها تركيا على شمال شرقي سوريا، وتسببت في مقتل 7 أفراد من البيشمركة وأكثر من 50 في صفوف قوات حماية الشعب الكردية التي تشارك في عمليات مكافحة «داعش»، وتساهم في الجهود لعزل الرقة عبر تطهير، حتى اليوم، 215 كيلومترا مربعا شمالي المدينة.
وأضاف أن «قوات سوريا الديمقراطية تواصل تقدمها في مدينة الطبقة، رغم مقاومة عنيفة من طرف مقاتلي داعش، وهجماتهم المضادة». وتابع مشيدا بجهود «حلفائنا في صفوف قوات سوريا الديمقراطية لمحاربة العدو على الأرض، فقد حاربوا التنظيم الإرهابي في منبج، ويستمرّون في هذه الجهود في المنطقة المحيطة بالرقة». ووصف دور التحالف في دعم هذه القوات، بأنه «جوهري، كما هي قوات التحالف على الأرض» التي تدعم وتقدم استشارات للقوات على الأرض.
ومعلقا على التقدم الذي أحرزه التحالف ضد «داعش» في سوريا، قال الكولونيل دوريان إنه تم تدمير مئات المواقع القتالية التي يستخدمها «داعش»، ومخازن مال وسلاح، كما (عرقلنا) تجارتهم غير القانونية في البترول.
وعن العراق، قال إن قوات الأمن العراقية تواصل تقدمها لتطهير الموصل، رغم مقاومة «داعش» واستخدامه البشع للمدنيين. وأوضح: «ما أتحدث عنه هنا، هو استخدام داعش للمدنيين كدروع بشرية، واستهدافهم بالأسلحة الكيماوية، والتنكر بأزياء قوات الأمن العراقية بهدف الانتقام من عائلات الموصل التي رحبت بهم عبر احتجازهم أو قتلهم، وغيرها من الجرائم البشعة». وأكد أن عدد المدنيين المهدّدين من طرف «داعش» في الموصل يتراوح بين 300 و400 ألف.
وأشار الكولونيل إلى نجاح قوات مكافحة الإرهاب العراقية في التقدم بحي التنك بالجانب الأيمن من الموصل، موضحا أن «داعش» احتفظ بجزء كبير من سلاحه وموارده في هذا الحي.
واعترف الكولونيل أنه رغم التقدم التي تحرزه القوات العراقية بدعم التحالف، فإن «داعش» يواصل في اضطهاد المدنيين وتشغيل جهاز البروباغاندا الخاص به، ولا سيما عبر راديو «البيان» الذي يستخدمه لنشر رسائل الكراهية، شرق وغرب الموصل. في المقابل، أكد الكولونيل أن القوات العراقية تحيط بمقاتلي «داعش» من كل جهة، وتواصل تقدمها.
وفي إطار الحديث عن المقاتلين الأجانب الذين انضموا إلى «داعش»، والذين يسعون إلى الهرب والعودة إلى بلدانهم، قال الكولونيل إن هناك محاولات للهرب عبر سوريا، إلا أنه يتم اعتقال هؤلاء في معظم الحالات، سواء من طرف قوات سوريا الديمقراطية أو قوات الأمن العراقية، أو في تركيا. وتابع ردا على أحد الأسئلة بأنه من النادر أن يعتقل مقاتلون أجانب «لأنهم جاءوا للقتل والتعذيب والموت».
أما عن تسبب قصف التحالف على مواقع «داعش» في مقتل مدنيين أحيانا، قال الكولونيل إن الولايات المتحدة تسعى لشن غارات دقيقة لاستهداف قيادات التنظيم الإرهابي، إلا أنه في حال سقوط ضحايا من المدنيين، فإن واشنطن اعتمدت سياسة الشفافية منذ فترة الرئيس باراك أوباما، متابعا أن «هذه السياسة تعزز مصداقية حملاتنا الجوية».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.