انتعاش الروبل يقلق الكرملين... و«المركزي» يستعد لكبحه

زيادة الاحتياطي وتخفيض سعر الفائدة لإضعاف العملة المحلية

انتعاش الروبل يقلق الكرملين... و«المركزي» يستعد لكبحه
TT

انتعاش الروبل يقلق الكرملين... و«المركزي» يستعد لكبحه

انتعاش الروبل يقلق الكرملين... و«المركزي» يستعد لكبحه

بالتزامن مع احتدام الجدل حول انتعاش سعر صرف الروبل الروسي مقابل العملات الأجنبية، وتأثيره على المصدرين الروس، يعقد مجلس إدارة البنك المركزي الروسي اجتماعاً جديدا اليوم، وسط توقعات بأن يعلن البنك تدابير تهدف إلى كبح ارتفاع سعر الروبل، منها إما إقرار تخفيض جديد على سعر الفائدة الأساسي من 9.75 في المائة حتى 9.5 في المائة، أو 9.25 في المائة، أو تدخل «المركزي» في سوق العملات.
وإذا تطلب الأمر، ربما يعتمد البنك المركزي كلتا الخطوتين معاً، وفي وقت سابق هذا العام، قرر «المركزي» الروسي خلال اجتماع مجلس الإدارة في 24 مارس (آذار) تخفيض سعر الفائدة بقدر 0.25 نقطة، من 10 في المائة إلى 9.75 في المائة، وربط قراره هذا بتباطؤ التضخم أسرع مما كان متوقعاً، وتراجع التوقعات التضخمية، وانتعاش النشاط الاقتصادي.
ضمن تلك المؤشرات، التي تكونت بفضل ارتفاع أسعار النفط في السوق العالمية بعد التوصل إلى اتفاق تقليص حصص الإنتاج، أخذ الروبل يستعيد عافيته تدريجيا، غير أن ارتفاع قيمته في الآونة الأخيرة بلغ مستويات أعلى من التوقعات الحكومية، متأثراً بما في ذلك بزيادة حجم المدفوعات الداخلية (ضرائب ورسوم للخزينة)، وأثر ذلك الارتفاع بصورة سلبية على نشاط المصدرين الروس؛ الأمر الذي دفعهم إلى مطالبة الحكومة باتخاذ إجراءات للحد من ارتفاع سعر صرف الروبل لحماية الصادرات الروسية.
ويوم أمس قال أركادي دفوركوفيتش، النائب الأول لرئيس الحكومة الروسية: إن «سعر الروبل يؤثر بشكل مختلف على عمل الشركات الروسية، وبالطبع يؤثر بصورة مباشرة على الشركات التي تعمل في مجال التصدير»، وأشار إلى أن الحكومة و«المركزي» يعملان على إيجاد مخرج من هذا الوضع، معرباً عن قناعته بأن «الوضع سيتغير عندما يقرر (المركزي) تخفيض سعر الفائدة الأساسي»، وسيستعيد الروبل توازنه تدريجيا، حسب قوله، علما بأن المحللين في السوق يرون أن القيمة الفعلية حاليا للروبل يجب أن تكون عند مستويات 60 روبلا لكل دولار.
وخلال اجتماع مع رجال الأعمال في مدينة ريبنسك يوم 25 أبريل (نيسان)، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: إن السلطات تبحث عن تدابير ممكنة للتأثير على سعر صرف الروبل، وستحاول إزالة مخاوف المصدرين في مسألة تعزيز قيمة العملية الوطنية، معربا عن قناعته في غضون ذلك بأن «المهم ليس سعر الصرف بحد ذاته، وإنما استقراره في ظل اعتماد تعويمه»، وشدد على أهمية أن يجري التأثير على السعر باعتماد أدوات السوق، وليس بقرارات حكومية. وأبدى تفهمه لقلق المصدرين الروس من هذا الوضع. وفي وقت سابق، قال مكسيم أوريشكين، وزير التنمية الاقتصادية الروسي: إن موسم المدفوعات الداخلية، وتدفق رؤوس الأموال إلى السوق الروسية أدت إلى خروج سعر صرف الروبل عن مساره المتوقع، وأشار إلى أن المدفوعات ستكون أقل بكثير خلال الربعين الثاني والثالث من العام «ما يعني أن سعر صرف الروبل سيتعدل بشكل طبيعي».
وأعاد أوريشكين إلى الأذهان أن الحكومة وضعت في سيناريو التوقعات الأساسي تراجعا لقيمة الروبل ليصل مع نهاية عام 2017 مستوى 68 روبلا لكل دولار، في حال تراجع النفط حتى 40 دولارا للبرميل.
أما إذا بقي سعر النفط عند مستوياته الحالية، فإن سعر الروبل يجب أن يكون بحدود 62 - 63 روبلا مقابل كل دولار، وفق ما يرى وزير التنمية الاقتصادية الروسي. وفي منتصف مارس، وبينما كان الروبل يسجل ارتفاعا قياسيا جديداً مقتربا من مؤشر 56 روبلا لكل دولار، قال وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف: إن سعر الصرف يزيد عن القيمة الفعلية بما يراوح بين 10 و12 في المائة، وأعلن أن الوزارة ستواصل توجيه عائدات النفط الإضافية لشراء العملات من السوق، بغية ادخارها من جانب، ولتعديل سعر الصرف من جانب آخر. إلا أن تلك الإجراءات لم تؤثر حينها على السعر.
ويرى سيرغي رومانتشوك، مدير العمليات في سوق العملات الصعبة، أنه لم يكن بوسع الحكومة اتخاذ إجراءات سوى توجيه الأرباح الإضافية من صادرات النفط والغاز لشراء العملات من السوق، أما الأدوات الأخرى التي يمكن أن تؤثر على الوضع فهي بيد «المركزي» الروسي، الذي يمكنه أن يؤثر على سعر الصرف عبر تدخل مباشر، وفق ما يقول رومانتشوك، ويضيف في الوقت ذاته أن مثل هذا التدخل سيكون له تأثير محدود، لافتاً إلى أن «سعر الصرف لم يتأثر بعد تصريحات بوتين حول ضرورة اتخاذ إجراءات لتخفيض السعر، لكن الروبل أخذ يتراجع بالأمس 27 أبريل أمام الدولار، وربما يكون هذا نتيجة أوامر لواحدة من الشركات الحكومية بأن تنشط بصورة أوسع في شراء العملة الصعبة من السوق». وتراجع سعر الصرف أمس حتى 57.12 روبل لكل دولار.
ويجمع الخبراء على أن كبح سعر صرف الروبل يتطلب بالضرورة إما تدخل «المركزي» وشراء العملات الصعبة لضخها في الاحتياطي الفيدرالي، أو تخفيض سعر الفائدة الأساسي بمستويات أكبر من التوقعات. ولم تستبعد إلفيرا نابيولينا، مديرة المركزي الروسي، احتمال زيادة حجم الاحتياطي الدولي في ظل ظروف مناسبة. وقالت في تصريحات سابقة إن حجم الاحتياطي الدولي الروسي مرتفع حاليا وفق كل المعايير الدولية، إلا أن «المركزي» الروسي لا يمانع من إمكانية زيادة حجم ذلك الاحتياطي، الذي بلغ مع الأول من أبريل الحالي 397.9 مليار دولار. أما بالنسبة لسعر الفائدة الأساسي فقد أعلنت نابيولينا، خلال اجتماع موسع في وزارة المالية يوم 20 أبريل أن «المركزي» الروسي لا يستبعد إمكانية تخفيض سعر الفائدة بمعدل 0.25 نقطة مئوية، أو 0.5 نقطة مئوية خلال اجتماعه المقبل، وتقصد اجتماع مجلس الإدارة اليوم.
وحسب توقعات فلاديمير تيخوميروف، كبير الاقتصاديين في مجموعة «بروكير كريديت سيرفس» المالية، فإن التوقعات تشير إلى أن «المركزي» سيقرر تخفيض سعر الفائدة خلال اجتماع اليوم بنحو 0.25 نقطة: «وإذا بقيت المخاطر الخارجية والداخلية خاضعة لتحكم (المركزي)، فإنه قد يقرر تخفيضا آخرا لسعر الفائدة في 16 يونيو (حزيران) بنحو 0.25 نقطة أيضاً، ومع نهاية العام قد ينخفض سعر الفائدة ليصل إلى 8.5 في المائة».



التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

ارتفع معدل التضخم في السعودية إلى 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي، مسجلاً أعلى مستوى منذ 15 شهراً، وذلك عطفاً على ارتفاع أسعار قسم السكن والمياه والكهرباء، والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة وأسعار أقسام السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة، مقابل انخفاض أسعار قسم النقل بنسبة 2.5 في المائة.

وعلى الرغم من ذلك الارتفاع فإن هذا المستوى جعل السعودية البلد الأقل ضمن مجموعة العشرين، في الوقت الذي عدَّه اقتصاديون معتدلاً نسبياً.

ووفق مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك، الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، الأحد، ارتفع قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة، وقد تأثر بارتفاع مجموعة الإيجارات المدفوعة للسكن 10.8 في المائة خلال نوفمبر الماضي، بسبب زيادة في أسعار إيجارات الشقق 12.5 في المائة.

المطاعم والفنادق

وكان لارتفاع هذا القسم أثر كبير في استمرار وتيرة التضخم السنوي لنوفمبر 2024، نظراً للوزن الذي يشكله هذا القسم، الذي يبلغ 25.5 في المائة، وفي السياق ذاته، ارتفعت أسعار قسم السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة خلال نوفمبر السابق، متأثرة بارتفاع أسعار المجوهرات والساعات بأنواعها والتحف الثمينة 23.7 في المائة.

وسجلت أسعار قسم المطاعم والفنادق ارتفاعاً بنسبة 1.5 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار الخدمات الفندقية والشقق المفروشة بنسبة 5.9 في المائة، أما قسم التعليم فقد شهد ارتفاعاً بنسبة 1.1 في المائة، متأثراً بزيادة أسعار الرسوم لمرحلتي المتوسط والثانوي 1.8 في المائة.

الأغذية والمشروبات

في حين سجلت أسعار الأغذية والمشروبات ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.3 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار اللحوم والدواجن، 1.9 في المائة. من جهة أخرى، انخفضت أسعار قسم تأثيث وتجهيز المنزل بنسبة 2.9 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الأثاث والسجاد وأغطية الأرضيات بنسبة 4.4 في المائة.

وتراجعت أسعار قسم الملابس والأحذية بنسبة 2.3 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الملابس الجاهزة 4.6 في المائة، وكذلك سجلت أسعار قسم النقل تراجعاً بنسبة 2.5 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار شراء المركبات بنسبة 3.9 في المائة.

تنويع الاقتصاد

وقال كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، الدكتور نايف الغيث، لـ«الشرق الأوسط»، إن ارتفاع معدل التضخم في المملكة إلى 2 في المائة خلال نوفمبر الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، يعكس التغيرات الاقتصادية التي تمر بها المملكة في إطار «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

وبيَّن الغيث أن العامل الرئيسي وراء هذا الارتفاع كان قطاع السكن والمرافق، حيث شهد زيادة كبيرة بنسبة 9.1 في المائة. وكان لارتفاع أسعار إيجارات المساكن، وخصوصاً الشقق التي ارتفعت بنسبة 12.5 في المائة، الدور الأكبر في هذه الزيادة، موضحاً أن هذا القطاع يشكل 25.5 في المائة من سلة المستهلك، وبالتالي فإن تأثيره على معدل التضخم العام كان ملحوظاً.

ووفق الغيث، أسهم ارتفاع أسعار السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة في زيادة معدل التضخم، وأن هذا الارتفاع يعكس تغيرات في أنماط الاستهلاك وزيادة الطلب على بعض السلع والخدمات في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة.

تحسين البنية التحتية

على الجانب الآخر، يرى كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، أن قطاع النقل شهد انخفاضاً بنسبة 2.5 في المائة، ما أسهم في تخفيف الضغط التضخمي إلى حد ما، وأن هذا الانخفاض قد يكون نتيجة لتحسن البنية التحتية للنقل وزيادة كفاءة الخدمات اللوجيستية، وهو ما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030» في تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجيستية.

وفي سياق «رؤية 2030»، يؤكد الغيث أنه من الممكن النظر إلى هذه التغيرات في معدلات التضخم كجزء من عملية التحول الاقتصادي الشاملة، مضيفاً أن الارتفاع في أسعار السكن، «على سبيل المثال»، قد يكون مؤشراً على زيادة الاستثمارات في القطاع العقاري وتحسن مستويات المعيشة.

وأبان أن الزيادة في أسعار السلع والخدمات الشخصية قد تعكس تنوعاً متزايداً في الاقتصاد وظهور قطاعات جديدة.

ولفت الغيث النظر إلى أن معدل التضخم الحالي البالغ 2 في المائة يعتبر معتدلاً نسبياً، ما يشير إلى نجاح السياسات النقدية والمالية في الحفاظ على استقرار الأسعار.