أكبر رجل في العالم يبلغ من العمر 21 عاماً... والسر؟

روبيش كومار من الهند يعاني من مرض الشيخوخة النادر (ديلي ميل)
روبيش كومار من الهند يعاني من مرض الشيخوخة النادر (ديلي ميل)
TT

أكبر رجل في العالم يبلغ من العمر 21 عاماً... والسر؟

روبيش كومار من الهند يعاني من مرض الشيخوخة النادر (ديلي ميل)
روبيش كومار من الهند يعاني من مرض الشيخوخة النادر (ديلي ميل)

عندما نتحدث عن الرجل الأكبر سناً في العالم، نتخيل شعراً رمادياً وتجاعيد كثيفة وعمراً لا يقل عن المائة عام. ما لم تصدقه، أن أكبر رجل في العالم يبلغ من العمر 21 عاماً، وهو عالق في جسد لا يقل عمره عن الـ160 عاماً.
روبيش كومار، من هانومانغانغ، الهند، يعاني من مرض الشيخوخة النادر. وقد تسبب المرض بتغيير مظهره الشبابي، إلى وجه قديم وجسد لا ينتمي لفترة العشرينات من العمر بكل تأكيد!
حتى أن بعض الشركات كانت تعرض المال على والديه لبيعه إلى السيرك. وهذه الحالة، المعروفة باسم شياخ هاتشينسون - جيلفوردا، أو مرض الشيخوخة المبكرة، تؤثر على واحد فقط من بين ثمانية ملايين شخص، وتزيد من معدلات الشيخوخة بـ8 أضعاف المعدلات الطبيعية والصحية.
يُعتبر كومار أقدم المصابين بهذا المرض، وقد تسبب مظهره المسن في نفور البعض منه، وابتعاد عدد كبير من أصدقاء عائلته وأقاربه عنه. ورغم أنه يبلغ من العمر 21 عامًا فإن وزنه لا يتجاوز وزن ثلاثة «ستون»، وهي وحدة وزن بريطانية تعني الواحدة منها 6.53 كيلوغرام.
والدا كومار، اللذان لا يتركاه وحيداً أبداً، يؤكدان أن علامات المرض بدت عليه في سن الثانية، فقد تسارع نموه بشكل ملحوظ، ومع تقدمه في العمر، نالت أعراض الشيخوخة من جسده، فتساقط شعره، وتداعت أسنانه، ووهنت عضلاته.
يروي والده، «رامباتي كومار»، عامل زراعي يبلغ من العمر 45 عاماً، كيف بدأت علامات المرض تظهر على كومار منذ أن كان صبياً صغيراً: «بدأ يشكو من صداع متكرر وآلام في المعدة بينما كان صغيراً جداً، وحاولنا اصطحابه إلى الكثير من الأطباء والمستشفيات، ولكن لم يتمكن أي منهم من تشخيص حالته، فقاموا بوصف بعض المسكنات فقط، وطلبوا منا العودة لديارنا».
التغييرات غير الطبيعية على جسد ومظهر ابنه لم تكن مجرد وعكة صحية لا يمكن ملاحظتها، فيقول والده: «مع مرور الوقت، أصبح رأس ابني كبيراً بشكل غير طبيعي، وبدأ يفقد الكثير من الوزن».
جاء بعض الأشخاص إلى قرية الشاب المريض، تحت ستار مساعدة روبيش، ذلك قبل خمس سنوات تقريباً، ويروي الوالد: «اعتقدت أنهم أشخاص طيبون يريدون مساعدتنا في علاج ابني، ولكن فوجئت بأنهم يعرضون علينا مبلغ 3600 جنيه إسترليني، لظهوره في (سيرك)! فطلبت منهم بأدب أن يذهبوا بعيداً، فلن أقبل بإبعاد طفلي عني ولو بالملايين».
أما والدة الشاب، «شانتي ديفي»، تتساءل: «كيف يمكن أن يجرؤ أحد على تقديم مثل هذا العرض غير الإنساني؟»
وهذا المرض النادر لسوء الحظ، غير قابل للشفاء، ولكن تحدى كومار التوقعات بوصول عمره إلى 21 عاماً، حيث أوضح طبيبه الدكتور يوجانتار باندي: «أن معظم المصابين بهذا المرض يتوفون بينما يبلغون 13 - 15 عاماً، ولكن بعض الحالات، مثل كومار، قد يعيشون لأكثر من ذلك».
يصنف مرض الشيخوخة المبكرة من الأمراض النادرة التي تصيب ما يتراوح بين 200 إلى 250 طفلاً، وفقاً لمؤسسة أبحاث الشيخوخة المبكرة، ويأتي اسم المرض من الكلمة اليونانية «proeros» والتي تعني الشيخوخة المبكرة حرفياً.
وطفرة في جين LMNA تنتج هذا المرض. وهي المسؤولة الأساسية عن إنتاج البروتين الذي يساعد في الحفاظ على السلامة الهيكلية للنواة في الخلايا، ومن دون قوة النواة، تتعرض بنية الخلية للتعب، فتصبح ضعيفة جداً، مما يؤدي إلى ما يسمى حالة الشيخوخة السريعة.



مرايا تتعدَّى دورَها الوظيفي نحو الجمال الفنّي في غاليري بيروتيّ

مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
TT

مرايا تتعدَّى دورَها الوظيفي نحو الجمال الفنّي في غاليري بيروتيّ

مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)

يُطلق المهندس اللبناني عبد الله بركة فكرةَ المرآة أبعد من وظيفتها الآلية. ليستْ هنا محصورةً في عَكْس وجوهٍ وأشياء تتقاطع ضمن حدودها، فتنتهي الحاجة إليها باطمئنان الرائي إلى مظهره، أو إدخال تعديل عليه، أو بلملمة انعكاسات خارجية. بمَنْحها وَقْعاً جمالياً، تتحوّل إلى عمل فنّي يملك تَرْك الأثر في العابر، فيستوقفه ليتساءل عن ماهيتها: أهي مرآة أو لوحة فنّية، وماذا لو كانت الاثنتين معاً؟ في «ذا ميرور بروجيكت» بمنطقة مار مخايل البيروتية، مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق.

تتحوّل المرآة إلى عمل فنّي يملك تَرْك الأثر في العابر (ذا ميرور بروجيكت)

نُسِجت علاقةٌ بالمرايا في داخل الشاب البالغ 37 عاماً منذ المرة الأولى التي تسلَّم فيها مشروعاً وتعذَّر إيجاد مرآة بملامح فنّية. رفض الاكتفاء بزجاج يتيح للآخر رؤية نفسه من خلاله؛ فالمسألة بالنسبة إليه تتخطّى الدور المُعدّ سلفاً، والمَهمَّة الجاهزة. المرايا «فنّ وظيفي»، لا مجرّد وظيفة تؤدّي الغرض منها وتُكافأ ببرودة الناظر إليها. يُحوّل عبد الله بركة الغاليري معرضَه الدائم، فتصطفّ على الجدران أشكالٌ جمالية تسرق العين من احتمال الاكتفاء بالنظرة الخاطفة.

المرايا «فنّ وظيفي» لا مجرّد وظيفة تؤدّي الغرض منها (ذا ميرور بروجيكت)

يتحدّث لـ«الشرق الأوسط» بشغف الفنان الباحث عن لمسة، ويُذكّر بأنّ الهندسة الداخلية تتطلّب عمقاً في النظرة والأفكار، وخَلْق مزاج فنّي خاص. يقول عبد الله بركة: «لا أريد للمرآة أن تتحلّى بدور واحد. ذلك حَدٌّ لها. المرايا هي الأشخاص. أي نحن حين تُرينا أشكالنا وصورنا. وهي انعكاس يمكن أن نشعر به، فإذا بإبهاره الجمالي المُعبَّر عنه في التصميم والكادر، يجَعْل ذلك الشعور متبادَلاً، فيُعدّل حالة نفسية أو يُغيّر نظرة تجهُّم. هذا فعلُ اللون حول المرآة وقالبها. بمجرّد أنها ليست تقليدية، يحدُث الأثر في الناظر».

يُطلق عبد الله بركة فكرةَ المرآة أبعد من وظيفتها الآلية (ذا ميرور بروجيكت)

لم تكن يسيرةً ولادة الغاليري. مخاضُها خليطٌ من إحباط ومحاولة. يعود إلى عام 2019 المفصلي في لبنان. كلّ شيء بدأ يتغيَّر، والمسارات تتّخذ شكل السقوط. لم يدرك مكانه في وطن شديد التقلُّب؛ مباغت، وطافح بالمفاجآت. يروي: «الفراغ كان مميتاً. أشغالٌ توقّفت ومشروعات تبخَّرت. أسوةً بشباب لبناني لمس انسداد الأفق، تراءى منزلي مساحة اختناق. في تلك اللحظة، هبَّ الأمل. اشتريتُ ألواناً ورحتُ أرسم، وصمَّمتُ أشكالاً بالطين، فلمحتُ طريقي».

لا يريد عبد الله بركة للمرآة أن تتحلّى بدور واحد (ذا ميرور بروجيكت)

من الضياع وجد الخطوة الأولى. صقل عبد الله بركة رغبته في النحت وطوَّر مهارته. أنجز الشكل وصبَّ ضمنه المرآة. أراد وضع حدّ لحقيقة أنّ غاليريهات المرايا الفنّية في بيروت نادرة. اليوم، ليس عليه أو على زملاء المهنة البحث الطويل عن مرآة مشتهاة: «تعدّدت أدوات صناعة المرايا وكثَّفتُ العمل. كلما سمعتُ إطراء أردتُ مزيداً منه. في الغاليري أعمالي وأعمال مصمّمين من أميركا وكندا وأفريقيا الجنوبية وتايلاند وهولندا وأوكرانيا... خلف مراياهم قصص. ثمة مرايا مصمَّمة بالأسيد المحروق، وأخرى بالزجاج المُطبَّع، وصنف تتداخل بكادراته ألوان مُبهِجة. ولمّا تعدَّدت أسفاري، تعرَّفتُ إلى مدارس التصميم خصوصاً في ألمانيا وإيطاليا، وتعمّقت في جَعْل هذا الشغف واقعاً. اليوم أقول: أنا شاب لبناني بلغ اليأس. فرغَ العالم من حولي. وشعرتُ بالأبواب الموصدة. ثم نهضت. استراتيجية التفكير تبدَّلت، وأصبحت المعادلة: الآن أو أبداً! انتظار الوقت المناسب يهدر العمر. كل لحظة هي وقتٌ مناسب».

تصطفّ على الجدران أشكالٌ جمالية تجذب العين (ذا ميرور بروجيكت)

أمضى شهراً ونصف شهر يُصمّم مرايا بأشكال خلّاقة حتى ساعات الليل المتقدّمة، استعداداً لإطلاق المعرض بعد تأخُّر فَرَضَه الظرف اللبناني. «4 مرايا علّقتُها على جدرانه قبل ربع ساعة من فَتْح الباب للحضور!»، يُكمل ضاحكاً. إحدى الزائرات رمت على مسمعه ما علَّم في أعماقه: «لم نكن نعلم أنّ هذه المرايا حاجة. متى أدخلناها إلى منازلنا أصبحت منّا». ومن كثافة الإقبال وحلاوة الأصداء، يُدرك أنه على السكّة التي نادته، أو ناداها؛ يمنحها كلَّه فتمنحه الإشباع الذاتي.

بعض المرايا بسيط يحوط به كادر يُجمِّل البساطة (ذا ميرور بروجيكت)

بعض المرايا بسيط، يحوط به كادر يُجمِّل البساطة. يتعامل عبد الله بركة مع تصاميمه بما يُبقي على الأساس، وهو المُتوقَّع من المرآة بوصفها زجاجاً يستجيب للانعكاسات؛ لكنه أساسٌ (Basic) لا يكتفي بنفسه، وإنما يتعدّاها إلى الغاية الجمالية والبُعد الفنّي ما دام الزجاج مقولباً بالألوان ومتداخلاً بإطار مُبتَكر. يرى في المرايا حكايات، وإنْ خلت صفحتها من أي شكل: «تُخبرني دائماً بأنّ المشاعر أصدق ما نملك. هي الدافع لنُنجز ما طال انتظاره. باستطاعتها تعويض غياب اللوحة عن الجدار. مشغولة بحبٍّ مماثل».