تحركات حكومية للإفراج عن 30 طبيباً اعتقلهم الانقلابيون في اليمن

نائب وزير الصحة: 6 مليارات دولار لإعادة تأهيل القطاع

عبد الله دحان
عبد الله دحان
TT

تحركات حكومية للإفراج عن 30 طبيباً اعتقلهم الانقلابيون في اليمن

عبد الله دحان
عبد الله دحان

خاطبت وزارة الصحة اليمنية، منظمات دولية للتحرك والضغط من أجل إطلاق سراح أكثر من 30 طبيباً اعتقلهم الانقلابيون، إضافة إلى دعوتها لردع الانقلابيين ووقف سطوهم على الشحنات الإغاثية.
وقال الدكتور عبد الله دحان، نائب وزير الصحة العامة والسكان اليمني لـ«الشرق الأوسط»، إن الوزارة تتابع باهتمام مع ما يتعرض له الأطباء في المستشفيات التي تقع تحت نفوذ الانقلابيين؛ إذ إن بعضهم اختطفوا من مواقع عملهم، موضحاً أن عدداً من الأطباء أحيل إلى القضاء بتهم العمالة والخيانة والإضرار بالمصلحة الوطنية.
وتطرق دحان إلى ما يتعرض له الأطباء في مستشفى «الثورة» في صنعاء من تهديد مباشر من الانقلابيين، بسبب مطالبتهم بدفع أجورهم الشهرية، التي رفض الانقلابيون صرفها خلال الأشهر الماضية، موضحاً أن الوزارة تتعامل مع هذه الوقائع بشكل مباشر، وتتواصل مع المنظمات الدولية للتحرك في هذا الجانب. وأضاف أن التواصل جرى مع منظمة الصحة العالمية، لوقف سطو الانقلابيين على المواد الإغاثية والطبية والأدوية، التي تباع في السوق السوداء بحسب ما ثبت للوزارة، تحت ذريعة دعم المجهود الحربي، مؤكداً أن المنظمة الدولية نجحت في بعض الحالات في إعادة ما استولى عليه الانقلابيون، لكن المحاولات تفشل أحياناً أخرى.
وشدد على أن الوزارة لا يزعجها إن كانت هذه المواد تذهب لمستحقيها في أي مكان من البلاد، إلا أن ما يقوم به الانقلابيون مخالف لكل الأنظمة وانتهاك لحقوق المؤسسات الصحية صاحبة الحق في هذه الأدوية والمستلزمات، كما حدث في عملية الاستيلاء على شحنة أدوية الغسيل الكلوي المتجهة لمستشفى «الثورة» في تعز، التي وجهها الانقلابيون إلى «إب»، مشيراً إلى أن المعلومات تؤكد أن المستشفى هناك ليس في حاجة للشحنة. وتابع: «الانقلابيون جماعة كقُطّاع الطريق تتعامل بمنطق (اللادولة) بعيداً عن القوانين والقيم».
وحول احتياج قطاع الصحة، ذكر دحان، أن الاحتياجات التي قدرتها الوزارة لإعادة الإعمار تتراوح بين 6 و8 مليارات دولار، لتجهيز البنية التحتية للقطاع، وتأهيل المرافق الصحية التي خرجت عن الخدمة، موضحاً أن هناك احتياجات أولية وسريعة يتطلب توفيرها في هذه المرحلة، وجرت مناقشتها مع دول مجلس التعاون الخليجي.
وتطرق إلى أن الإحصائيات تشير إلى وجود نحو 40 ألف شخص جريح من مختلف الشرائح العسكرية والمدنية وفي المناطق كافة، كثير منهم تلقى علاجه في مستشفيات تشرف عليها الحكومة، أو المراكز الصحية التي تتبع المنظمات الدولية، لافتاً إلى أن 7 آلاف جريح يعالجون خارج اليمن في الأراضي السعودية، تحت إشراف الحكومة اليمنية الشرعية، وآخرون يعالجون خارج السعودية من قبل مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الذي تحمل نفقات العلاج، إضافة إلى وجود عدد من الجرحى يعالجون السودان، والأردن، ومصر، وتركيا.
ولفت نائب وزير الصحة اليمني إلى أن قطاع الصحة من القطاعات التي تضررت بشكل كبير جرّاء العملية الانقلابية، ومن أبرز التحديدات استحقاقات معالجة الجرحى داخل اليمن وخارجه، بحكم استمرار المواجهات في عدد من المناطق؛ فالوزارة تولي هذا الجانب أهمية كبرى، موضحاً أن مركز الملك سلمان يقوم بدور متميز في علاج المرضى اليمنيين، وكذلك الهلال الأحمر في دول الخليج العربي.
وبحسب دحان، تعرض كثير من المؤسسات والمرافق الصحية لدمار كلي أو جزئي، وخرج عن الخدمة، بسبب وجودها في مواقع غير آمنة، ونزوح العاملين فيها، وعدم مغامرة المستفيدين من الخدمات للوصول إلى المرافق الصحية العاملة، إضافة إلى أن إحصائيات منظمة الصحة العالمية تشير إلى أن 55 في المائة من المؤسسات الصحية خرجت عن الخدمة كلياً أو جزئياً. وأضاف: «نؤكد أن أكثر من 65 في المائة من المرافق الطبية خرجت من الخدمة في مناطق المواجهات المستمرة، وعاد كثير من هذه المرافق للعمل في المناطق التي استعادتها الحكومة الشرعية».
وذكر أن الوزارة تواجه مشكلة الإصحاح البيئي، ومن ذلك ما تعرض لها المواطنون في 12 محافظة من «إسهالات» حادة، ومئات الحالات ثبت أنها بسبب الكوليرا، وهذا يعود لعوامل عدة، منها عدم كفاءة منظومة الصرف الصحي، ومياه الشرب، وتراكم النفايات في كثير من المناطق؛ ما أدى إلى إيجاد بيئة مناسبة وخصبة لتكاثر الجراثيم والفيروسات.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.