«غابرييل شانيل»... حقيبة تجمع العملية والأناقة

بعد ست سنوات... اصدار جديد يعكس رؤية المؤسسة

ناعومي واتس - كارولين دي ميغريه - كان أول ظهور لها خجولا في عرض «لي ميتييه داغ» بفندق الريتز  - الحقيبة  كما ظهرت  في عرض الدار الأخير لخريف وشتاء 2017 (تصوير ستيفان غالوا)
ناعومي واتس - كارولين دي ميغريه - كان أول ظهور لها خجولا في عرض «لي ميتييه داغ» بفندق الريتز - الحقيبة كما ظهرت في عرض الدار الأخير لخريف وشتاء 2017 (تصوير ستيفان غالوا)
TT

«غابرييل شانيل»... حقيبة تجمع العملية والأناقة

ناعومي واتس - كارولين دي ميغريه - كان أول ظهور لها خجولا في عرض «لي ميتييه داغ» بفندق الريتز  - الحقيبة  كما ظهرت  في عرض الدار الأخير لخريف وشتاء 2017 (تصوير ستيفان غالوا)
ناعومي واتس - كارولين دي ميغريه - كان أول ظهور لها خجولا في عرض «لي ميتييه داغ» بفندق الريتز - الحقيبة كما ظهرت في عرض الدار الأخير لخريف وشتاء 2017 (تصوير ستيفان غالوا)

خلال أسبوع الموضة لربيع وصيف 2017 بباريس، كان عرض دار «شانيل» مهماً كعادته، لكن أهميته هذه المرة زادت بسبب حقيبة جديدة أطلقتها الدار بعد ست سنوات على آخر إصدار لها في هذا المجال. فآخر حقيبة من الدار كانت «ذي بوي» الشهيرة في عام 2011، التي لا تزال تحقق مبيعات لا يُستهان بها.
أما الحقيبة فتُعرف باسم «غابرييل» Chanel’s Gabrielle فيما يمكن اعتباره تحية وفاء للمصممة غابرييل شانيل. فهي تحمل الكثير من بصماتها إلى جانب قدرات مديرها الفني الحالي كارل لاغرفيلد على ترجمة أفكارها ورؤيتها بأسلوب يتماشى مع تغيرات العصر ومتطلبات جيل جديد من الزبونات.
وهذا تحديداً ما تتمتع به «غابرييل» بتصميمها العملي الذي يمزج البوهو بالمستقبلي، إذ لا ننسى أن العرض الذي قدمته الدار في «لوغران باليه» أخيراً كان مستقبليا في ديكوراته وإكسسواراته، وليس أدل على ذلك من النظارات التي ظهرت فيه، وكانت تستحضر النظارات المكبرة التي حملها الرجال على أكتافهم في ميادين سباقات الخيل.
أول ظهور لهذه الحقيبة كان في فندق الريتز الباريسي في نهاية العام الماضي، خلال عرضها السنوي «ميتييه داغ»، لكنه كان ظهوراً خجولاً للغاية، توضح واستقوى في عرض الأزياء الجاهزة الأخير، ربما حتى يتزامن مع طرحها في الأسواق.
من ميزاتها، بالإضافة إلى عملية حجمها وخفة وزنها ومرونتها، تمتعها بحزام يمكن تعديله حسب الرغبة والذوق مع سلسلة مزدوجة متداخلة مع الجلود. أي أنه بالإمكان استعمالها على الكتف أو حول الصدر أو خلف الظهر أو حملها باليد. يمكن أيضاً استعمالها في الأيام العادية ومناسبات التسوق أو في حفل عشاء أو سهرة، وهذا ما تؤكده الحملات الترويجية التي صورها كارل لاغرفيلد شخصياً، وظهرت فيها الممثلة كريستين ستيوارت وعارضة الأزياء والكاتبة والمنتجة الموسيقية الفرنسية كارولين دو ميغريه، والموسيقي فاريل ويليامز، وأخيراً وليس آخراً العارضة كارا ديليفين.
ولا بد من الإشارة هنا إلى أن شُحّ الدار في هذا المجال وعزوفها عن إنتاج حقائب موسمية لتحقيق الربح أولاً وأخيراً، صادماً إلى حد ما. ففي الوقت الحالي يحاول الكل أن يستغل السوق بأي شكل حتى يحقق الربح ويستمر. ما يستوقفنا في الأمر أيضاً أن «شانيل» لا تفتقر للإمكانيات ولا الخيال أو الحرفيين المهرة، بل على العكس، تتمتع بكل ما يُخول لها إصدار حقيبة كل شهر، لكنها في المقابل لا تسبح مع التيار، وتبحث عن الاختلاف والتميز، وهو ما يمكن إرجاعه لأسباب تاريخية لها علاقة بـ«غابرييل شانيل»، المؤسسة.
ففي عام 1955، عندما قدمت أول حقيبة يد بتوقيعها، كانت فكرتها واضحة، تتلخص في تقديم حقيبة تجمع العملية بالأناقة.
وكانت النتيجة حقيبة «2.55» التي كانت أول حقيبة بسلسلة تُعلق على الكتف. كانت فكرتها أن تمنح المرأة حرية استعمال يديها، إذ إن قبل حقيبتها الأيقونية «2.55» كانت كل التصاميم تُحمل باليد.
وهكذا، كما أحدثت ثورة في عالم الأزياء تارة بالاستقاء من خزانة الرجل بما في ذلك استعمالها أقمشة مثل التويد والجيرسيه وتارة بالتخفيف من مبالغات التفاصيل الأنثوية، أحدثت ثورة مماثلة في مجال الإكسسوارات.



هل تنقذ محررة أزياء سابقة صناعة الموضة؟

من عرض المصمم التركي الأصل إيرديم (تصوير: جايسون لويد إيفانس)
من عرض المصمم التركي الأصل إيرديم (تصوير: جايسون لويد إيفانس)
TT

هل تنقذ محررة أزياء سابقة صناعة الموضة؟

من عرض المصمم التركي الأصل إيرديم (تصوير: جايسون لويد إيفانس)
من عرض المصمم التركي الأصل إيرديم (تصوير: جايسون لويد إيفانس)

إذا اتفقنا على أن مجلس الموضة البريطاني هو الربان الذي يقود دفة هذا القطاع بتقديم وسائل الدعم والأمان لصناعها والمبدعين فيها، فإن تعيين لورا وير رئيساً له، ذو أهمية قصوى. ربما الآن قبل أي وقت مضى. فهذا القطاع يعاني منذ عدة مواسم. محلات كبيرة أغلقت أبوابها واكتفت بتوفير منتجاتها عبر التسوق الإلكتروني، ومصممون شباب اختفوا من الساحة، أو على الأصح من الواجهة بسبب شح الموارد والإمكانات وغيرها من المشكلات التي لا تزال تبحث عن حلول.

شح الموارد والتغيرات الخارجية

حتى دار «بيربري» التي كانت أكبر قوة جذب لأسبوع لندن تعرضت لمشكلات كثيرة (بيربري)

لهذه الأسباب، كان من البدهي أن يفقد أسبوع لندن وهجه، إلى حد أنه بات يمر مرور الكرام من دون تهليل أو حماس في الآونة الأخيرة. المقياس هنا لا يقتصر على تراجع حجم التغطيات الإعلامية فحسب، بل أيضاً على عدد الحضور العالمي، الذي تقلص بشكل ملحوظ، بسبب الحجر أيام جائحة كورونا ومنع السفر بدايةً، ثم بسبب خفض الميزانيات المخصصة لمجلات الموضة، التي لم تسلم هي الأخرى من تبعات الأزمة الاقتصادية.

في ظل هذا التخبط، بين شح الإمكانات ومتطلبات الأسواق العالمية الجديدة وتغير سلوكيات تسوق جيل شاب من الزبائن، يأتي تعيين لورا مثيراً للحماس والفضول. فالمطلوب منها هو تحريك المياه الراكدة وقيادة الدفة بالاتجاه الذي تحتاج إليه الموضة البريطانية لتتجاوز العاصفة إلى بر الأمان.

مَن لورا وير؟

لورا وير الرئيس الجديد لمجلس الموضة البريطانية (مجلس الموضة)

السؤال الذي يمكن أن يطرحه البعض :هو كيف وصلت وير إلى هذا المنصب المؤثر؟ وما سيرتها الذاتية؟ والجواب أنها حتى عهد قريب عملت في محلات «سيلفردجز» اللندنية رئيساً في قسم الإبداع والتواصل. قبل ذلك ولعقدين من الزمن، عملت محررة أزياء متخصصة في عدة مجلات، نذكر منها «درايبرز» و«فوغ» النسخة البريطانية، وصحيفة «ذي صانداي تايمز». في عام 2015، عُيِنت رئيسة تحرير للملحق الأسبوعي ES لجريدة «إيفنينغ ستاندرد» الذي أعادت تصميمه بالكامل. بعد أن تركت المجلة ES أنشأت وكالة استراتيجية متخصصة في الاتصالات والتوجيه الإبداعي، وفي عام 2023، انضمت إلى محلات «سيلفردجز» للإشراف على فريق الإبداع والتسويق والاتصالات. هذا فضلاً عن مناصب أخرى شغلتها وكانت لها ذات الأهمية. كانت مثلاً عضواً في مجلس الموضة البريطاني قبل أن تكون رئيساً له. كما كانت مستشارة للأكاديمية البريطانية لفنون الأفلام والتلفزيون (بافتا).

هذه المناصب وغيرها فتحت أمامها أبواب التعامل المباشر مع صناع الموضة الكبار والصغار وأيضاً مع المواهب الصاعدة من شتى الفنون. تعرفت على طموحاتهم ومشكلاتهم. على خبايا الأمور وظاهرها. وهذا ما يجعلها خير خلف لكارولاين راش التي تبوأت هذه الوظيفة لـ16 عاماً، وأعلنت مغادرتها له في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي.

التحديات

كادت «روكساندا» تُعلن إفلاسها لولا تدخل مستثمرين (روكساندا)

رغم أهمية المنصب الذي ستبدأه بشكل فعلي في شهر أبريل (نيسان) المقبل، فإن التوقيت شائك ويحتاج إلى دراية عالية ونَفَس طويل. فصناعة الموضة البريطانية تعاني من تباطؤ وركود منذ سنوات، وأسبوعها الذي يعد الأوكسجين الذي يتنفس منه مبدعوها ويطلون من خلاله على العالم أصابه الوهن بشكل لم يشهده منذ انطلاقه في عام 1984. صحيح أنه مرَّ بعدة أزمات في السابق، لكنها كانت ماليّة في الغالب، إذ كان يشكو من شح التمويل والإمكانات، فيما هي الآن نفسية أيضاً بسبب التراكمات الاقتصادية والسياسية وما نتج عنها من ضغوط وقلق.

من تشكيلة إيرديم الأخيرة (تصوير: جايسون لويد إيفانس)

ما لا يختلف عليه اثنان أن أسبوع لندن لا يزال يتمتع بروح الابتكار، وأنه لا يزال أكثر واحد من بين العواصم العالمية الأخرى، نيويورك وميلانو وباريس، احتضاناً للآخر. يفتح الأبواب على مصراعيها لكل الجنسيات، ويمنح فرصاً لكل من توسّم فيه الإبداع، إلا أنه يتعثَّر منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. فنسبة عالية من العاملين في صناعة الموضة من جنسيات مختلفة. كأن هذا لا يكفي، جاءت جائحة كورونا ثم حرب أوكرانيا وغيرها من الأحداث التي كان لها أثر مباشر على كثير من المصممين وبيوت الأزياء. روكساندا إلينشيك، مثلاً، وهي مصممة صربية الأصل ومن أهم المشاركين في أسبوع لندن، كادت تتعرض للإفلاس العام الماضي، لولا تدخل أحد المستثمرين. وإذا كانت «روكساندا» محظوظة في هذا الجانب، فإن غيرها تواروا عن الأنظار بصمتٍ لأنه لا أحد أمدَّهم بطوق نجاة.

دار «بيربري» لم تنجُ من تبعات الأزمة الاقتصادية وتغيرات السوق (بيربري)

بل حتى دار «بيربري» التي كانت تتمتع بأكبر قوة إعلانية في بريطانيا، الأمر الذي يجعلها عنصر جذب مهماً لوسائل إعلام وشخصيات عالمية تحرص على حضور الأسبوع من أجلها، تشهد تراجعاً كبيراً في المبيعات والإيرادات. بدأت مؤخراً تراجع استراتيجياتها وتُعيد النظر في حساباتها.

استثمار في المواهب

ومع ذلك فإن قوة الموضة البريطانية تكمن في شبابها. هم الورقة الرابحة التي تُعوِّل عليها للإبقاء على شعلة الإبداع من جهة، وعلى سمعة أسبوعها العالمي منبعاً للابتكار وتفريخ المصممين من جهة ثانية. قد يجنحون إلى الغرابة أو حتى إلى الجنون أحياناً لكنه جنون يغذّي الخيال ويحرِّك الأفكار الراكدة، وهذا ما تعرفه لورا جيداً بحكم تعاملها الطويل معهم.

من عرض «روكساندا» لربيع وصيف 2025 (روكساندا)

والدليل أن لورا لا تقبل التحدي فحسب، بل تعده مثيراً. في بيان صحفي وزَّعه مجلس الموضة البريطاني قالت: «يشرفني أن أقود الفصل الجديد في وقت مثير ومحوري لصناعة الأزياء البريطانية... إني أتطلع إلى العمل مع فريق المجلس لدعم الثقافة والإبداع، وتحفيز نمو الأزياء البريطانية، محلياً وعالمياً، وكذلك دعم المصممين الناشئين والمخضرمين على حد سواء».

ما مهمات الرئيس؟

رغم موهبة «روكساندا» وبراعتها الفنية تعثّرت مؤخراً وتدخُّل مستثمرين أعاد لها قوتها (روكساندا)

ما خفيَ من مسؤوليات منصب رئيس مجلس الموضة البريطانية أكبر من مجرد دعم الشباب وتحريك السوق. من بين ما على لورا وير فعله، عقد شراكات مجدية مع صناع الموضة، من رجال أعمال وأصحاب مصانع وحرفيين من شتى المجالات، إلى جانب التواصل مع جهات حكومية. فقطاع الموضة من أهم القطاعات الصناعية في بريطانيا، ويعد الثاني بعد صناعة السيارات، وهو ما يجعله من أعمدة الاقتصاد الأساسية.

في دورها الجديد أيضاً، ستشرف لورا على المعاهد الدراسية والأكاديميات المتخصصة، بتوفير منح للمتفوقين أو من ليست لديهم الإمكانات لدفع رسوم الدراسات العليا من خلال برامج عدة جرى إنشاؤها منذ سنوات، وكل ما عليها الآن هو إمدادها بطاقة جديدة تُعيد لها حيويتها وديناميكيتها.