«الحشد الشعبي» يطلق عملية لاستعادة الحضر

جهاز مكافحة الإرهاب سيطر على حي كبير في غرب الموصل

«الحشد الشعبي» يطلق عملية لاستعادة الحضر
TT

«الحشد الشعبي» يطلق عملية لاستعادة الحضر

«الحشد الشعبي» يطلق عملية لاستعادة الحضر

أعلنت «قوات الحشد الشعبي»، أمس، انطلاق عمليات استعادة السيطرة على بلدة الحضر الأثرية جنوب الموصل من سيطرة تنظيم داعش. وأفاد بيان صادر عن «قوات الحشد» التي تساند القوات العراقية بأن العملية انطلقت صباح أمس من 3 محاور رئيسية «لتحرير قضاء الحضر والمناطق المحيطة به من سيطرة عصابات (داعش)».
وباشرت «القوات» فتح السواتر الترابية واقتحمت عددا من القرى الواقعة شمال الحضر ورفعت عشرات العبوات الناسفة التي نصبها المتطرفون كمائن. وقال أبو مهدي المهندس، أحد أبرز قيادات «الحشد الشعبي» في فيديو مقتضب وجه خلاله نداء إلى الألوية المشاركة: «تبدأ عملياتنا (محمد رسول الله) تقدموا وتوكلوا على الله»، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.
واستعادت «القوات» تلا أثريا يطلق عليه «تل هيلايم الأثري» كما استقبلوا عشرات الأسر التي فرت من مناطق القتال في محيط قضاء الحضر. واستعاد «الحشد الشعبي» عشرات القرى الواقعة في الجهة الجنوبية الغربية لمحافظة نينوى وبلغ أطراف قضاء تلعفر الواقع شرق الموصل.
إلى ذلك، قال قائد عسكري كبير إن القوات العراقية تستخدم أساليب الحصار والتسلل لطرد مقاتلي «داعش» من مدينة الموصل القديمة. وأضاف قائد جهاز مكافحة الإرهاب الفريق الركن عبد الغني الأسدي أن قواته تسعى، قدر الإمكان، لتفادي سقوط ضحايا وسط السكان الذين يقدر عددهم بمئات الألوف في المدينة التاريخية. وأردف الأسدي في مقابلة مع وكالة «رويترز» أن «أسلوب التطويق أو المحاصرة تفرضه طبيعة المنطقة وتشعباتها والحالة العمرانية والبيوت. مثل ما تعرف أنت بيوت الموصل القديمة بيوت قديمة. يعني هي موصل قديمة وبيوتها قديمة. أزقتها ضيقة جدا وشوارعها ضيقة جدا. وعليه، حتى نجنب أهلنا وعوائلنا إيقاع خسائر بهم، اتُخذ هذا الأسلوب. ولكن هذا لا يعني أنه ما راح يكون دخول بعملية دقيقة وعملية محسوبة لها حسابات دقيقة حتى نحرر أهلنا من الأسر اللي فرضه عليهم هؤلاء الأوباش». وأضاف: «هذه حرب عصابات».
والتنظيم المتشدد محاصر الآن في الجزء الشمالي الغربي من الموصل، وهي منطقة تضم المدينة القديمة حيث يوجد الجامع النوري الذي أعلن منه أبو بكر البغدادي، زعيم «داعش»، دولته المزعومة في أجزاء من العراق وسوريا منتصف عام 2014. ولا يزال مئات الآلاف من المدنيين محاصرين في غرب الموصل، حيث تحرز القوات العراقية تقدما بطيئا، واستعادت أمس حي «التنك» وهو من أكبر أحياء الجانب الغربي. ونقل بيان عن الفريق عبد الوهاب الساعدي، أحد قادة قوات مكافحة الإرهاب، أن جهاز مكافحة الإرهاب استطاع أمس «تطهير حي التنك بالكامل»، مشيرا، حسب وكالة الصحافة الفرنسية، إلى وقوع اشتباكات عنيفة على مدى أكثر من أسبوع، تمكنت خلالها القوات العراقية من قتل عشرات الإرهابيين وتدمير أكثر من 20 عجلة مفخخة.
في الوقت نفسه، يواصل تنظيم داعش البطش بالمدنيين في الموصل القديمة، حيث أعدم 15 مدنيا أول من أمس بعد أن رحب سكان هذه المنطقة بعناصر من التنظيم تنكروا بزي الشرطة الاتحادية، حسب ما أفاد مسؤولون أمس. وأفادت قيادة العمليات المشتركة في بيان: «ارتكبت عصابات (داعش) جريمة بشعة صباح الاثنين في إحدى مناطق الموصل القديمة بعد أن ارتدى عدد من الإرهابيين زي الشرطة الاتحادية، فعبر المواطنون عن فرحتهم برؤيتهم واستقبلوهم بالهتافات والترحيب». وأضافت: «لكن عصابات (داعش) الإرهابية فتحت النار عليهم وقتلت الأطفال والنساء».
بدوره، قال عضو مجلس محافظة نينوى حسام الدين العبار لوكالة الصحافة الفرنسية إن تنظيم داعش «يلجأ إلى أساليب مختلفة لعقاب الأهالي؛ إذ ارتدى عدد من عناصره ملابس الشرطة الاتحادية ودخلوا منطقة الميدان والكورنيش في الموصل القديمة وهم يقودون سيارات سوداء لإيهام المواطنين بأنهم قوات أمنية عراقية محررة». وأضاف: «رحب الأهالي بهم على هذا الأساس، عندها قاموا باعتقال عدد منهم وأعدموا عددا آخر يقدر بـ15 مواطنا من أهالي هذه المناطق».



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.