معارك عنيفة في شبوة والجوف... والانقلابيون يفقدون مزيداً من قادتهم الميدانيين

الميليشيات تختطف 8 مدنيين في الضالع بحجة موالاتهم للجيش الوطني

معارك عنيفة في شبوة والجوف... والانقلابيون يفقدون مزيداً من قادتهم الميدانيين
TT

معارك عنيفة في شبوة والجوف... والانقلابيون يفقدون مزيداً من قادتهم الميدانيين

معارك عنيفة في شبوة والجوف... والانقلابيون يفقدون مزيداً من قادتهم الميدانيين

في الوقت الذي لا تزال المعارك مستمرة في جبهات متفرقة من البلاد، بالتوازي مع الغارات الجوية المكثفة لمقاتلات التحالف العربي، تواصلت عملية الاستنزاف لقيادات ميدانية وعسكرية كبيرة في تحالف الحوثي وصالح ميدانيا.
وقالت مصادر عسكرية يمنية لـ«الشرق الأوسط» إن معارك ضارية شهدتها جبهات متفرقة من بيحان وعسيلان في محافظة شبوة، خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، بين قوات الجيش الوطني المدعومة بالمقاومة الشعبية، من جهة، والميليشيات الانقلابية، من جهة ثانية. وأضافت المصادر أن المعارك اندلعت عقب كثير من الهجمات العنيفة للميليشيات على مواقع اللواء 19 في محطة لحجن وبيت دبوة بالقرب من لخضر وهي المناطق الرابطة بين بيحان وعسيلان، مشيرة إلى أن المعارك والقصف المدفعي المتبادل بين الطرفين خلفت كثيرا من القتلى والجرحى، غالبيتهم من الميليشيات.
وتزامنت المواجهات العنيفة في شبوة، مع مقتل أحد أبرز القادة الميدانيين والعسكريين الحوثيين المكنى «أبو حسين» ومعه 6 آخرين من مسلحي الميليشيات في الخط الذي يربط محافظة البيضاء بمديرية بيحان في شبوة، وبحسب مصادر، فإن القيادي الحوثي قتل أثناء استهدافه بقصف من قبل قوات الجيش الوطني. ويأتي مقتل القيادي الحوثي في وقت تعيش فيه الميليشيات حالة من الاستنزاف العسكري لقادتها العسكريين أو غيرهم من القيادات الكبيرة القريبة من الجماعة والموالين لها.
من جهته، اعتبر المتحدث الرسمي باسم قوات الجيش الوطني، العميد عبده مجلي أن خسارة الميليشيات قيادات ميدانية وعسكرية في صفوفها سيؤدي إلى هزيمتها وتلاشي هذا التحالف الانقلابي. وقال مجلي لـ«الشرق الأوسط» إن انتهاء ومقتل القيادات العسكرية المهمة يسرع من هزيمة الميليشيات «لكون القيادات الجديدة لا تجيد فنون القتال وفي الأغلب تفر هذه القيادات من الميدان ولا يكون هنالك انسجام وثقة بينها وبين من يتبعونها من مسلحين»، بالإضافة إلى «عدم قدرتها على الصمود».
وفي الآونة الأخيرة، خسرت الميليشيات كثيرا من القيادات العسكرية المقربة من زعيم الجماعة المسلحة عبد الملك الحوثي، كان بينهم عبد الله المؤيد الذي عينته الجماعة وكيلا لوزارة الإعلام والذي قتل مطلع الشهر الحالي في المعارك التي يخوضها الجيش الوطني اليمني بدعم ومشاركة من قوات التحالف العربي، في الساحل الغربي من البلاد.
ويرى مراقبون أن ميليشيات الحوثي وصالح لم تعد قادرة على الصمود والمواجهات على الأرض، لكونها خسرت كثيرا من قياداتها الميدانية منذ بدء الحرب، أواخر عام 2014، ولجأت مؤخرا لرفد جبهات القتال بقيادات لا تملك خبرة كافية في المجال العسكري، إضافة إلى الزج بآلاف الأطفال إلى المعارك.
وقال المحلل السياسي، أسعد عمر لـ«الشرق الأوسط» إنه «من الملاحظ، بشكل فعلي، تزايد الخسائر في مكونات تحالف الحوثي وصالح الانقلابي على مستوى القيادات الميدانية وهذا عامل مهم من عوامل الحسم على المستوى القتالي، إذ إنه يشير في جانب منه إلى مظهر من مظاهر الهزيمة التي باتت تلحق بالانقلابيين في المعركة الميدانية وتعكس طبيعة التحول فيها، الذي تبدو فيه القوات المسلحة اليمنية المدعومة من التحالف العربي أكثر قدرة على تحقيق الإنجازات بتحرير مزيد من المديريات والمناطق الاستراتيجية»، مؤكدا أنه «مما لا شك فيه أن تزايد أرقام القتلى من القيادات الميدانية لتحالف الانقلاب يمثل ضربة موجعة لهم»، وأن «ذلك ينتج عنه آثار بالغة عليهم ماديا ومعنويا، خاصة أن الخسائر في صفوف الانقلابين لا تنحصر في سقوط قياداتها الميدانية بل ويترافق معها سقوط مواقع ومناطق ذات طابع استراتيجي». وأضاف عمر: «أننا سنشهد، خلال الأيام المقبلة، مزيدا من الانهيار في قدرة الانقلابيين على السيطرة وسيزداد مدى تقلص تواجد هذه العصابات وانتشارها خاصة على امتداد الشريط الساحلي، كما سنلمس تراجعا متسارعا في قدرة تحالف الانقلاب الكلية وهذا ما سينعكس بالانكسار السياسي، فربما نسمع بالقريب من قبل الانقلابيين الدعوة للحوار أو القبول بأي دعوة تطلق في سبيل ذلك».
في غضون ذلك، قالت مصادر ميدانية في محافظة الجوف، إن قوات الجيش صدت هجوما عنيفا للميليشيات في جبهة حام بالمتون، غير أن قوات الجيش تمكنت من صد الهجوم وأجبرت المهاجمين على التراجع والانسحاب. وذكرت المصادر أن الطرفين تبادلا القصف العنيف بمختلف أنواع الأسلحة، فيما أسفرت المواجهات عن سقوط قتلى وجرحى من الميليشيات.
وفي تطورات ميدانية أخرى، قال سكان محليون في محافظة الضالع جنوبي البلاد، إن الميليشيات أقدمت على اختطاف 8 من المواطنين في منطقة رمه بمريس، بحجة موالاتهم لقوات الجيش الوطني. وكانت الميليشيات قامت في الفترات السابقة بتفجير منازل لمواطنين في المنطقة. ويأتي ذلك، ضمن سلسلة من الانتهاكات والاختطافات التي طالت العشرات من أبناء المديرية، وسبق للميليشيات اختطاف قرابة 40 مواطنا خلال الأشهر القليلة الماضية، وغالبية المختطفين من أبناء الحقب. واعتبر الناشط السياسي والشبابي همدان الحقب أن هذه الانتهاكات تأتي في سياق الإرهاب الذي تمارسه الميليشيات بحق المدنيين الذين لا يذعنون لها ويرفضون التعاطي معها.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.