تقدم «قسد» داخل الطبقة بريف الرقة... وارتباك في صفوف «داعش»

دخلت «قوات سوريا الديمقراطية»، وهي ائتلاف فصائل كردية عربية تدعمه واشنطن، أمس، مدينة الطبقة التي تحاصرها منذ أكثر من أسبوعين في إطار حملة عسكرية واسعة تخوضها منذ أشهر لطرد مقاتلي تنظيم داعش من الرقة، معقلهم الأبرز في سوريا، فيما برزت دعوة زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري لـ«المسلحين السوريين السنّة» إلى شن «حرب عصابات» على من وصفهم بـ«الأعداء»؛ بدءا من رئيس النظام بشار الأسد وحلفائه المدعومين من إيران، وانتهاء بالقوى الغربية.
وقال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «قوات سوريا الديمقراطية»، «دخلت لأول مرة إلى مدينة الطبقة التي تحاصرها من الجهات كافة، وتمكنت من السيطرة على نقاط عدة في القسم الجنوبي، ومن التقدم في أطرافها الغربية».
وأكدت «قوات سوريا الديمقراطية» على موقعها الإلكتروني تقدمها في الجبهات «الغربية، والشمالية الغربية، والجنوبية» في المدينة، مشيرة إلى سيطرتها على مستديرة ونقاط عدة في غرب المدينة «وتحريرها قسما من حي الوهب في الجبهة الجنوبية».
وتقع مدينة الطبقة على الضفاف الجنوبية لنهر الفرات على بعد نحو 50 كيلومترا غرب مدينة الرقة.
وقال مصدر في «قسد» لـ«الشرق الأوسط»، إن قواتهم تتقدم داخل أحياء الطبقة وسط اشتباكات كبيرة قرب دوار النعيم، حيث استخدم «داعش» وبكثرة في الأسبوع الماضي السيارات المفخخة والانتحاريين، لافتا إلى أنه تمت السيطرة في الساعات القليلة الماضية على جزء من الحي الجنوبي الشرقي بالجهة الجنوبية الشرقية للطبقة. وأضاف المصدر: «رغم سيطرتنا على حي الإسكندرية وحي الإذاعة وأحياء أخرى، فإن النسبة التي يسيطر عليها التنظيم داخل الطبقة تبقى أكبر من نسب سيطرتنا فيها».
ومع دخول «قوات سوريا الديمقراطية» إلى الطبقة، يعد عبد الرحمن أن «المعركة الحقيقية ستبدأ الآن»، موضحًا أن «طول المعركة يتوقف على مدى صمود مقاتلي تنظيم داعش في المدينة»، باعتبار أنه «لا إمكانية لانسحابهم من المدينة المحاصرة من الجهات كافة». وأضاف: «ليس أمام مقاتلي التنظيم إلا الاستسلام أو القتال حتى النهاية».
وفي حين أفادت وكالة «آرا نيوز» بمقتل 70 عنصرا من «داعش» خلال الاشتباكات المستمرة منذ يوم الأحد بجبهات الطبقة وريف الرقة الشمالي مع «قوات سوريا الديمقراطية»، أشار المرصد إلى مقتل 8 مدنيين جراء قصف لقوات التحالف على مناطق عند أطراف الطبقة.
وتفاقمت ظاهرة التصفيات داخل تنظيم داعش، بحسب مصادر سورية، بالتزامن مع التقدم الذي تحققه «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من التحالف الدولي، داخل مدينة الطبقة التي يُرجح أن تكون المحطة الأخيرة قبل انطلاق عملية تحرير مدينة الرقة، معقل التنظيم المتطرف في الشمال السوري.
وبرز ما نقلته شبكة «رووداو» الكردية عن قيادي في «قوات سوريا الديمقراطية»، الذي قال إن «تنظيم داعش بدأ يتآكل من الداخل، بحيث بدأ مسلحوه بتصفية بعضهم بعضا»، موضحا أن «عمليات التصفية طالت قياداته في مدينتي الرقة والطبقة، وبخاصة أمراء التنظيم الذين جاءوا من تونس والمغرب ودول أخرى، والذين يُطلق عليهم اسم (المهاجرون)».
ولا يبدو أن عمليات التصفية والإعدامات التي ينفذها «داعش» بحق عناصره تطال الطبقة والرقة فحسب؛ إذ أفاد «مكتب أخبار سوريا»، أمس، بأن التنظيم أعدم 3 من عناصره رميا بالرصاص بساحة الفيحاء وسط البوكمال، بتهمة التعامل مع التحالف الدولي ومحاولتهم الانشقاق عن التنظيم، مشيرا إلى أنهم صلبوا لثلاث ساعات على أعمدة إنارة داخل المدينة.
من جهته، قال أحمد الرمضان، الناشط في حملة «فرات بوست» والمتخصص بشؤون التنظيم المتطرف، لـ«الشرق الأوسط»، إن «داعش» أعدم يوم الأحد 6 من عناصره في البوكمال؛ 3 منهم بتهمة بيع السلاح، واثنان بتهمة التعامل مع التحالف الدولي، وواحد بتهمة الإلحاد، لافتا إلى أن هناك في الوقت الحالي انسحابات كثيرة من صفوف التنظيم، واضطرابات، كما أن قيادة الجهاز الأمني للتنظيم قامت بالتخلي عن عدد كبير من المسؤولين والعناصر فيه.
كما نشر موقع «الفرات برس»، أمس، أن «تنظيم داعش ألقى القبض على المسؤول المالي الأول في ولاية الفرات المدعو أبو زينب الكربولي، عراقي الجنسية، من سكان حي الجتف في البوكمال (قرب دير الزور)، أثناء محاولته الهروب باتجاه البادية مع مبالغ مالية ضخمة من الدولارات». وذكر الموقع، أنه من «أوائل القادة المبايعين للتنظيم، ومقرب من زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي».
في هذا الوقت، برزت دعوة زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري لـ«المسلحين السوريين السنّة» إلى شن «حرب عصابات» على من وصفهم بـ«الأعداء»؛ بدءا من رئيس النظام السوري بشار الأسد وحلفائه المدعومين من إيران، وانتهاء بالقوى الغربية. وفي تسجيل صوتي على الإنترنت، حثّ الظواهري مقاتلي المعارضة على «التحلي بالصبر»، وقال إن عليهم أن «يستعدوا لمعركة طويلة ضد التحالف الذي يقوده الغرب في العراق وسوريا والمسلحين الشيعة الذين تساندهم إيران ويقاتلون دعما للأسد».
وعد الباحث المتخصص في حركة الجماعات المتشددة عبد الرحمن الحاج أن هذه الدعوة جاءت متأخرة، و«كانت لتلقى آذانا صاغية بعد الانهيارات النفسية بعيد معركة حلب»، لافتا إلى أن «فكرة التحول من السيطرة على الأراضي إلى حرب العصابات طُرحت في فترة سابقة، أما اليوم فدعوة مماثلة لن يكون لها صدى». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «التكتيك الأساسي المعتمد اليوم هو تحرير الأراضي وبسط السيطرة عليها لإضعاف شرعية النظام وتشكيل بديل عنه».