البرغوثي يرفض العلاج بعد تراجع صحته

أسرى جدد ينضمون إلى الإضراب... وإسرائيل تواصل إجراءاتها العقابية

والدة أسير فلسطيني داخل خيمة لاعتصام تضامني مع الإضراب في نابلس أمس (إ.ب.أ)
والدة أسير فلسطيني داخل خيمة لاعتصام تضامني مع الإضراب في نابلس أمس (إ.ب.أ)
TT

البرغوثي يرفض العلاج بعد تراجع صحته

والدة أسير فلسطيني داخل خيمة لاعتصام تضامني مع الإضراب في نابلس أمس (إ.ب.أ)
والدة أسير فلسطيني داخل خيمة لاعتصام تضامني مع الإضراب في نابلس أمس (إ.ب.أ)

أثار تدهور صحي طرأ على وضع القيادي في حركة فتح، الأسير مروان البرغوثي، مخاوف على حياته ومئات من الأسرى الذين دخل إضرابهم عن الطعام في السجون الإسرائيلية، أمس، يومه الثامن، للمطالبة بتحسين ظروف اعتقالهم. وحملت حركة فتح إسرائيل «المسؤولية الكاملة عن حياة البرغوثي ورفاقه».
وقال رئيس نادي الأسير الفلسطيني، قدورة فارس، إن «معلوماتنا القليلة أن مروان عانى من انخفاض في نسبة السكر وانخفاض في ضغط الدم، ورفض تناول أي علاجات». وحذر من أن تشهد الأيام المقبلة مزيدا من حالات التدهور في صحة الأسرى المضربين، خصوصا أن بينهم كبارا في السن ومرضى.
وأكدت اللجنة الإعلامية لإضراب الحرية والكرامة، أن «تدهورا خطيرا طرأ على الوضع الصحي» للبرغوثي الذي يقود الإضراب. وأشارت اللجنة المنبثقة عن «هيئة شؤون الأسرى والمحررين» و«نادي الأسير الفلسطيني»، إلى أن «التدهور الصحي على حالة الأسير البرغوثي استدعى طلب مدير سجن الجلمة منه أخذ علاجا فوريا، لكنّ البرغوثي الموجود في العزل الانفرادي رفض ذلك قطعياً، فاستعان مدير السجن بالأسير ناصر أبو حميد الذي رفض الطلب، وقال إن البرغوثي سيموت شهيدا ولن يتلقى العلاج».
والبرغوثي الذي يذكر اسمه بصفته واحدا من المرشحين الأقوياء لقيادة المرحلة اللاحقة للرئيس الفلسطيني الحالي محمود عباس، يقود ألفا و500 أسير فلسطيني في الإضراب الحالي، وهو الوحيد المخوّل بمفاوضة إدارة مصلحة السجون وإعلان فك الإضراب.
ويطالب البرغوثي بتحسين ظروف الاعتقال، بما يشمل «إنهاء سياسة العزل وسياسة الاعتقال الإداري، وتركيب هاتف عمومي للأسرى الفلسطينيين للتواصل مع ذويهم»، إضافة إلى مجموعة من المطالب التي تتعلق بزيارات ذويهم وإنهاء سياسة الإهمال الطبي والسماح بإدخال الكتب والصحف والقنوات الفضائية وغيرها.
وترفض إسرائيل حتى الآن التفاوض مع الأسرى وسط دعوات مسؤولين بتركهم يموتون من الجوع. وحمّلت حركة فتح إسرائيل المسؤولية «الكاملة» عن حياة البرغوثي وبقية الأسرى الذين يخوضون إضرابا مفتوحا عن الطعام. وقال المتحدث باسم الحركة عضو مجلسها الثوري، أسامه القواسمي، إن البرغوثي «أصيب بوعكة صحية حادة نتيجة الإضراب عن الطعام، وهو يقود معركة الكرامة والإرادة، جنبا إلى جنب مع إخوانه الأسرى، ليبعثوا برسالة إلى العالم أجمع، مفادها بأن الشعب الفلسطيني مصر على نيل حريته، ولن يقبل بسياسة الأمر الواقع التي تحاول إسرائيل فرضها، وأن سياسة القمع والعزل الانفرادي وبث الإشاعات الكاذبة لن تكسر إرادة أسرانا الأبطال أو تزعزع عزيمتهم».
وأكد القواسمي أن «حركة فتح ومعها الشعب الفلسطيني يقفون خلف أسراهم الأبطال في مطالبهم وحقوقهم الإنسانية العادلة»، داعيا المؤسسات الدولية إلى «التدخل الفوري لإنقاذ حياة أسرانا البواسل، من خلال الضغط على إسرائيل لتلبية مطالبهم التي كفلها القانون والاتفاقات الدولية».
ومع إدارة إسرائيل ظهرها للأسرى المضربين، انضم آخرون إلى الإضراب. وقالت هيئة شؤون الأسرى، إن نحو 120 أسيراً، 40 من سجن مجدو و80 من مختلف السجون، انضموا أمس إلى الإضراب المفتوح عن الطعام. ويرفع هذا عدد المضربين إلى نحو ألف و580 أسيراً.
واختارت إسرائيل سياسة العقاب الجماعي ضد المضربين، وواصلت عزل أسرى ونقل آخرين وإجراء اقتحامات وتفتيشات يومية للسجون التي تشهد إضراباً، وقامت مؤخرا بإغلاق سجن كامل. وأعلنت إدارة مصلحة السجون، أمس، إغلاق سجن «هداريم»، وقالت إنها نقلت آخر الأسرى المتبقين فيه إلى سجن النقب الصحراوي. وتأمل إسرائيل بكسر الإضراب عبر عزل المضربين وتشتيتهم.
ولليوم الثامن، لم تسمح إدارة السجون لأي من المؤسسات أو المحامين بزيارة موكليهم الأسرى الذي يشاركون في الإضراب. وتجري السلطة اتصالات مع دول ومنظمات في سبيل الضغط على إسرائيل لتحقيق مطالب الأسرى، فيما يواصل الفلسطينيون الاعتصام في خيم منصوبة في المدن وينظمون مزيدا من المسيرات دعما للمضربين.
وفي السياق، كتب الأديب والسياسي الإسرائيلي السابق أوري أفنيري مقالا اعتبر البرغوثي فيه «مانديلا الفلسطينيين». وقال أفنيري: «زرته أكثر من مرة في منزله المتواضع في رام الله، وخلال محادثاتنا كلها ناقشنا السلام الإسرائيلي - الفلسطيني. أفكارنا كانت متشابهة؛ دولة فلسطين التي ستقوم إلى جانب دولة إسرائيل، سلام بين الدولتين على أساس حدود 1967 (مع تعديلات طفيفة)، حدود مفتوحة وتعاون. هذا لم يكن سراً: لقد كرر البرغوثي هذه الأمور بشكل علني مرات كثيرة، خلال سجنه، وعندما كان إنسانا حراً. مروان البرغوثي قائد منذ ولادته. هذا الأسبوع بدأ، مع نحو ألف أسير آخر، الإضراب المفتوح عن الطعام. المضربون عن الطعام لا يطالبون بإطلاق سراحهم، وإنما بتحسين ظروف اعتقالهم. الإضراب عن الطعام عمل شجاع. هذا هو آخر سلاح يتبقى للأسرى الذين يفتقرون إلى الحماية في كل مكان في العالم».
وأضاف أفنيري «قبل سنوات أطلقت على البرغوثي لقب مانديلا الفلسطيني. كلاهما كان مناصرا للسلام، لكنهما بررا استخدام العنف في النضال ضد القامعين. نظام الأبرتهايد كان رحيما وفرض على مانديلا عقوبة السجن المؤبد لفترة واحدة، أما إسرائيل ففرضت على البرغوثي عقوبة السجن المؤبد لأربع مرات، بإضافة 40 سنة سجنا أخرى، ردا على أعمال العنف التي نفذها التنظيم الذي ترأسه. حسب المنطق نفسه كان يجب فرض عقوبة السجن المؤبد 91 مرة على مناحيم بيغن، بعد أن أصدر الأمر بتفجير فندق الملك داود، وقتل 91 شخصا كان بينهم كثير من اليهود».



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.