صناديق تمويل غربية ترغب الاستثمار في تركيا وتراقب الإصلاحات

وسط مؤشرات إيجابية على وضع الاستثمار الأجنبي بعد الاستفتاء

الاستثمار الأجنبي المباشر في تركيا جاء معظمه من أوروبا حتى عام 2010 بنسبة 75 في المائة (غيتي)
الاستثمار الأجنبي المباشر في تركيا جاء معظمه من أوروبا حتى عام 2010 بنسبة 75 في المائة (غيتي)
TT

صناديق تمويل غربية ترغب الاستثمار في تركيا وتراقب الإصلاحات

الاستثمار الأجنبي المباشر في تركيا جاء معظمه من أوروبا حتى عام 2010 بنسبة 75 في المائة (غيتي)
الاستثمار الأجنبي المباشر في تركيا جاء معظمه من أوروبا حتى عام 2010 بنسبة 75 في المائة (غيتي)

أعرب عدد من صناديق التمويل الأوروبية والأميركية والكندية عن رغبتهم في الاستثمار في تركيا، في ضوء ما أعلنت عنه أنقرة من إصلاحات قريبة في سوق العمل ونظام الضرائب.
وبحسب تصريحات لوزير المالية التركي ناجي أغبال، على هامش مشاركته في اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن، فإن هذه الصناديق تنتظر من تركيا التركيز على إجراء إصلاحات عقب الاستفتاء على التعديلات الدستورية التي انتقلت بالبلاد من النظام البرلماني إلى الرئاسي، والذي أجري في 16 أبريل (نيسان) الحالي.
واعتبر أغبال أن حالة الغموض تلاشت في تركيا عقب الاستفتاء، لافتاً إلى أن الحكومة شرعت في إجراء الإصلاحات الهيكلية، وأن الحكومة تولي أهمية للإصلاحات المالية العامة، وسوق العمل، ونظام القانون والتعليم، ومركز إسطنبول التمويلي، والإصلاحات في القطاعات الصغيرة.
وتابع أن المالية العامة قدمت حوافز كبيرة للاقتصاد خلال العام الحالي، مما زاد من اهتمام المستثمرين الدوليين بالاستثمار في تركيا.
في السياق نفسه، أشار أردا إروموت، رئيس وكالة دعم وتشجيع الاستثمار التابعة لمجلس الوزراء التركي، إلى أن الأسواق توقعت أن تخرج نتيجة الاستفتاء على تعديل الدستور بـ«نعم»، ولذلك كانت ردود فعل المستثمرين الأجانب إيجابية قبل الاستفتاء، ونأمل في أن نبدأ بجني فوائد نتيجة الاستفتاء خلال العام الحالي.
وأشار إروموت إلى أن الوكالة شرعت في شرح تغيير نظام الحكم في تركيا للمستثمرين، لتوضيح أن هذا النظام ليس نظاماً من أجل حكم رجل واحد، أو نظاماً استبدادياً، بل هو نظام أكثر فاعلية لدولة مثل تركيا، وسيكون له آثاره الإيجابية على البيئة الاستثمارية، وهي خطوة كان يجب اتخاذها منذ زمن بعيد.
وترى وكالة دعم وتشجيع الاستثمار التركية أن نظام الحكم الرئاسي الجديد يعد خطوة كبيرة لصالح إنجاز إصلاحات ستجذب المزيد من الاستثمارات إلى تركيا، من خلال العمل على تحسين البيئة الاستثمارية، والسعي لتسهيل العمليات البيروقراطية التي يواجهها المستثمرون الأجانب.
وأوضح إروموت أن العمليات البيروقراطية تشكل عقبات أمام المستثمرين في كل أنحاء العالم، وأن تركيا خفضت هذه البيروقراطية إلى حد كبير خلال الأعوام العشرة الماضية، وأن النظام الجديد سيوفر مساحة أكبر لإجراء عمليات استثمارية أقل تعقيداً.
وأضاف أن على تركيا أن تسعى جاهدة لتنويع محفظة المستثمرين وقطاعات الاستثمار، لافتاً إلى أن الاستثمار الأجنبي المباشر في تركيا جاء معظمه من أوروبا حتى عام 2010، بنسبة 75 في المائة، إلا أنه بعد عام 2010، انخفضت هذه النسبة إلى 65 في المائة، في حين ارتفعت الاستثمارات من دول آسيا والشرق الأوسط، وهو ما يشير إلى أن تركيا قابلة لتنويع مصادر الاستثمارات الأجنبية، مشدداً على ضرورة تركيز تركيا خلال الفترة المقبلة على جلب الاستثمارات من البلدان الآسيوية أكثر من غيرها.
وكانت الوكالة قد أعلنت دعم الحكومة للاستثمارات السعودية في مجال الثروة الحيوانية بمحافظتي ديار بكر وشانلي أورفا، جنوب شرقي تركيا، من خلال تخصيص حوافز بقيمة 1.5 مليون يورو لتلك الاستثمارات التي يبلغ حجمها 3 ملايين يورو، بشرط أن يستمر التشغيل لمدة 5 سنوات.
وقدمت خلال ملتقى الزراعة والثروة الحيوانية في الولايتين المذكورتين، أراضي في المناطق الصناعية مجاناً للمستثمرين، وذلك خلال لقاءات تعريفية، بحضور ومشاركة أكثر من 45 رجل أعمال من الغرف التجارية الصناعية بكلٌ من الرياض وجدة والشرقية وتبوك، إلى جانب مشاركة رجال أعمال من مختلف دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في الملتقى المنعقد حالياً.
وقال حكمت جونيش، مدير الدعم الزراعي والثروة الحيوانية في ديار بكر وشانلي أورفا، إن الحكومة تقدم أراضي مجاناً للمستثمرين في مجال الثروة الحيوانية في المناطق الصناعية، وتدعم الاستثمارات التي يبلغ حجمها 3 ملايين يورو، بمبلغ يصل إلى 1.5 يورو.
وذكر مصطفى كوكصو، كبير مستشاري وكالة دعم وتشجيع الاستثمار، أن بلاده منحت المستثمرين كثيراً من المزايا للاستثمار، تتضمن الإعفاء من الرسوم الجمركية والإعفاء من ضريبة القيمة المضافة، وتخفيض الضرائب، ودعم أقساط الضمان الاجتماعي لصاحب العمل وللعاملين، إلى جانب تخصيص الأراضي.
وأشار إلى أن الاستثمارات الخليجية بشكل عام، والسعودية بشكل خاص، نمت في كثير من القطاعات في تركيا، وتوسعت في مجالات جديدة، مشيراً إلى أن السعودية وتركيا تعيشان نمواً سريعاً خلال السنوات الأخيرة، في حين تشكل الأسواق التركية عنصر جذب للمستثمرين السعوديين نظراً لصدور كثير من الأنظمة والقوانين والإعفاءات من الضرائب، وتقديم كثير من التسهيلات التي تساعد على الاستثمار في كثير من القطاعات.
على صعيد آخر، يعتزم رجال أعمال من سلطنة عمان تنفيذ عدد من المشاريع الاستثمارية في تركيا، إذ يشارك وفد من رجال الأعمال العماني في معرض «ريسينك سيتي للعقارات»، والمعرض الخامس عشر للبناء المنعقدين حالياً في مدينة بورصة (غرب تركيا).
وقال رئيس هيئة الإسكان في الغرفة التجارية العمانية، عوض خلف آل مياسي، إن بلاده تعتزم تقوية العلاقات التجارية مع تركيا، وإن الهيئة تسعى للاستفادة من تجارب رجال الأعمال الأتراك خلال المشاركة في المعرضين، حيث سيتم عقد لقاءات مع الشركات الصغرى والمتوسطة. وذكر أنه تم عقد كثير من اللقاءات الثنائية مع رجال الأعمال الأتراك، جرى خلالها توقيع عدد من الاتفاقيات، مشيداً بتطور قطاع العقارات في تركيا.



تقرير «مستقبل الوظائف 2025»... 78 مليون فرصة عمل جديدة بحلول 2030

الزوار يلتقطون صوراً لروبوت «كابتشا» خلال قمة «الذكاء الاصطناعي من أجل الخير» في جنيف (رويترز)
الزوار يلتقطون صوراً لروبوت «كابتشا» خلال قمة «الذكاء الاصطناعي من أجل الخير» في جنيف (رويترز)
TT

تقرير «مستقبل الوظائف 2025»... 78 مليون فرصة عمل جديدة بحلول 2030

الزوار يلتقطون صوراً لروبوت «كابتشا» خلال قمة «الذكاء الاصطناعي من أجل الخير» في جنيف (رويترز)
الزوار يلتقطون صوراً لروبوت «كابتشا» خلال قمة «الذكاء الاصطناعي من أجل الخير» في جنيف (رويترز)

كشف تقرير «مستقبل الوظائف 2025»، الذي نشره «المنتدى الاقتصادي العالمي»، أن الاضطراب سيصيب 22 في المائة من الوظائف بحلول عام 2030، وأن 170 مليون وظيفة جديدة ستخلق، في حين ستلغى 92 مليون وظيفة، مما يؤدي إلى زيادة صافية قدرها 78 مليون وظيفة. وعدّ أن التقدم التكنولوجي، والتحولات الديموغرافية، والتوترات الجيو - اقتصادية، والضغوط الاقتصادية هي المحركات الرئيسة التي تدفع هذه التغيرات، مما يعيد تشكيل الصناعات والمهن على مستوى العالم.

وبالاستناد إلى بيانات من أكثر من ألف شركة، كشف التقرير أن فجوة المهارات تظل أكبر عائق أمام تحول الأعمال التجارية اليوم، حيث يُتوقع أن تتغير 40 في المائة من المهارات المطلوبة في الوظائف. ومن المتوقع أن يشهد الطلب على مهارات التكنولوجيا، مثل الذكاء الاصطناعي، والبيانات الكبيرة، والأمن السيبراني نمواً سريعاً، لكن المهارات الإنسانية، مثل التفكير الإبداعي، والمرونة، والقدرة على التكيف ستظل حاسمة. ويُتوقع أن يكون الجمع بين كلا النوعين من المهارات أمراً بالغ الأهمية في سوق عمل سريعة التبدل.

ومن المتوقع أيضاً أن تشهد الأدوار الأمامية والقطاعات الأساسية، مثل الرعاية والتعليم، أكبر نمو في الوظائف بحلول عام 2030. وفي الوقت نفسه، سيؤدي تقدم الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة إلى إعادة تشكيل السوق، مما يزيد من الطلب على وظائف تكنولوجية ومتخصصة، مع انخفاض الطلب على وظائف أخرى، مثل التصميم الغرافيكي.

وقال تيل ليوبولد، رئيس شؤون العمل والأجور وخلق الوظائف في «المنتدى الاقتصادي العالمي»: «اتجاهات، مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي والتحولات التكنولوجية السريعة، تقلب الصناعات وأسواق العمل، مما يخلق فرصاً غير مسبوقة ومخاطر عميقة». وأضاف: «الوقت الآن للعمل معاً من قبل الشركات والحكومات، والاستثمار في المهارات، وبناء قوة عاملة عالمية متكافئة وقادرة على الصمود».

سوق العمل في 2030

من المتوقع أن تشهد الأدوار الأمامية والخدمات الأساسية، مثل عمال المزارع، وسائقي التوصيل، وعمال البناء، أكبر زيادة في عدد الوظائف بحلول عام 2030، كما يُتوقع زيادة كبيرة في الطلب على وظائف الرعاية، مثل الممرضين، ووظائف التعليم، مثل معلمي المدارس الثانوية، مع دفع الاتجاهات الديموغرافية لنمو الطلب في القطاعات الأساسية. وفي الوقت نفسه، سيؤدي التقدم في الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، وأنظمة الطاقة، وخاصة في مجالات الطاقة المتجددة والهندسة البيئية، إلى زيادة الطلب على الأدوار المتخصصة. في المقابل، تظل وظائف، مثل أمين الصندوق والمساعدين الإداريين، ضمن الوظائف الأكثر انحداراً، بينما انضمت إليها وظائف أخرى، مثل مصممي الغرافيك، مع تأثير الذكاء الاصطناعي التوليدي على سوق العمل.

فجوة المهارات

تستمر فجوة المهارات بوصفها أكبر عائق أمام تحول الأعمال في مواجهة التوجهات العالمية الكبرى، حيث يعد 63 في المائة من أصحاب العمل أنها التحدي الرئيس لمستقبل عملياتهم. وإذا تم تمثيل القوة العاملة العالمية من خلال 100 شخص، فمن المتوقع أن يحتاج 59 منهم إلى إعادة تدريب أو تطوير مهاراتهم بحلول 2030، مع احتمال ألا يتلقى 11 منهم هذا التدريب، ما يعني أن أكثر من 120 مليون عامل مهدد بالبطالة على المدى المتوسط. بينما يُتوقع أن يشهد الطلب على مهارات التكنولوجيا، مثل الذكاء الاصطناعي، والبيانات الكبيرة، والأمن السيبراني نمواً سريعاً، وتظل المهارات الإنسانية، مثل التفكير التحليلي، والمرونة، والقيادة، والتعاون أساسية.

الذكاء الاصطناعي وتحسين المهارات

يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل نماذج العمل التجاري، حيث يخطط 50 في المائة من أصحاب العمل لإعادة توجيه أعمالهم للاستفادة من الفرص الجديدة. ويخطط 77 في المائة من أصحاب العمل لتطوير مهارات القوى العاملة، بينما يخطط 41 في المائة لتقليص العمالة بسبب أتمتة المهام. ويتوقع نصف أصحاب العمل تحويل الموظفين إلى مجالات أخرى؛ لتخفيف نقص المهارات، وتكاليف التحول التكنولوجي. ومع النمو السريع للتكنولوجيا، يجب على القادة وصنّاع السياسات والعملاء التعاون لضمان استعداد القوى العاملة، وتقليل مخاطر البطالة.

ما وراء التكنولوجيا

يعد ارتفاع تكلفة المعيشة عاملاً رئيساً في تغيير سوق العمل، مع توقع فقدان 6 ملايين وظيفة عالمياً بحلول 2030 بسبب ضغوط الأسعار والنمو الاقتصادي الأبطأ. كما يعزز التقدم العمري في البلدان ذات الدخل المرتفع من الطلب على وظائف الرعاية الصحية، بينما يعزز نمو السكان في سن العمل في المناطق ذات الدخل المنخفض من وظائف التعليم. وتثير التوترات الجيوسياسية وقيود التجارة قلق 34 في المائة من الشركات، مما يزيد الطلب على مهارات، مثل الأمن السيبراني.

ضرورة التحرك العاجل

تتطلب مواجهة التغيرات الكبيرة تحركاً عاجلاً ومشتركاً من الحكومات والشركات والمؤسسات التعليمية. تشمل الأولويات سد فجوات المهارات، والاستثمار في برامج إعادة التدريب، وتوفير مسارات للوظائف ذات النمو السريع. ومن خلال التركيز على استراتيجيات انتقال العمل العادلة والشاملة ودعم العمال، يمكن بناء قوة عاملة عالمية مرنة، وقادرة على التكيف، ومؤهلة للنجاح في وظائف المستقبل.