السعودية: التهرب الضريبي منخفض وجاهزون لـ«الانتقائية»

لا خطط لجباية الزكاة من الأفراد... وقريباً الانتهاء من اللائحة المنظمة لـ«فاتكا»

طارق السدحان خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد أمس (تصوير: بدر الحمد)
طارق السدحان خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد أمس (تصوير: بدر الحمد)
TT

السعودية: التهرب الضريبي منخفض وجاهزون لـ«الانتقائية»

طارق السدحان خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد أمس (تصوير: بدر الحمد)
طارق السدحان خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد أمس (تصوير: بدر الحمد)

أكد طارق السدحان، المدير العام للهيئة العامة للزكاة والدخل المكلف في السعودية، أن التهرب الضريبي منخفض، لافتاً إلى أن المملكة تبذل جهوداً للحفاظ على إيراداتها الضريبية من الشركات الأجنبية.
وأكد أن إشكالية الإيرادات الضريبية من الشركات الأجنبية تعتبر عالمية، ومن الصعوبة تحديد أرقام معينة لحجم أرباح تلك الشركات، مشدداً في السياق ذاته على أن التهرب الضريبي منخفض في السعودية؛ بحكم وجود أنظمة قوية تردع من يقوم بذلك.
وجاء حديث السدحان خلال مؤتمر صحافي في مقر الهيئة العامة للزكاة والدخل أمس، للحديث عن موافقة مجلس الوزراء في البلاد على تنظيم الهيئة العامة للزكاة والدخل.
وقال المدير العام للهيئة العامة للزكاة والدخل المكلف، إن مسؤولين في الهيئة حضروا مناقشات عالمية بشأن محاولات تهريب الأرباح، مؤكداً قرب توقيع السعودية اتفاقيات مع بعض الدول الأخرى لحماية حقوقها في الضرائب على الأرباح المستحقة، مشيراً إلى أنه من دون إبرام اتفاقيات مشتركة مع الدول الأخرى فإنه من الصعوبة الحد من مشاكل تهريب الأرباح.
وتطرق إلى موضوع الضريبة الانتقائية، موضحاً أن الهيئة العامة للزكاة والدخل أكملت جاهزيتها بشأن موضوع الضريبة الانتقائية، على أن تستكمل التجهيزات بشأن موضوع ضريبة القيمة المضافة التي ستطبق بحلول 1 يناير (كانون الثاني) 2018 حال أقرت بشكل نظامي.
وشدد مدير الهيئة العامة للزكاة والدخل المكلف، على عدم وجود أي خطة للهيئة العامة للزكاة والدخل فيما يتعلق بجباية الزكاة على الأفراد، موضحاً أن مجال عمل الهيئة هو جباية الزكاة وتحصيل الضرائب على قطاع الأعمال، لافتاً إلى توسع الهيئة فيما يتعلق بالربط الإلكتروني مع عدد من الجهات الحكومية الأخرى.
وتحدث عن التنظيم الجديد للهيئة العامة للزكاة والدخل الذي أقره مجلس الوزراء، والقاضي بتحويلها إلى هيئة مستقلة، مؤكداً أن ميزانية الهيئة في الوقت الراهن هي عبارة عن تمويل ذاتي، وسيقرر مجلس إدارة الهيئة ما يحتاجه من برامج بدءاً من العام المقبل، مرجحاً أن تكون الميزانية للعام المالي المقبل أكبر.
وأفاد السدحان بأن النظام الجديد للهيئة أعطى صلاحيات بمنح قرابة 5 في المائة من إيرادات الضريبة تستخدم للتشغيل الذاتي للهيئة، كاشفاً عن وجود تحديثات لنظام الزكاة، وعمل تحديثات على نظام الضريبة.
وجدد التأكيد على أن دخل الزكاة يذهب إلى وكالة الضمان الاجتماعي التابعة لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية، مشيراً إلى أن الهيئة لديها جميع الصلاحيات لاستقطاب الكوادر المهنية، إضافة إلى منح مجلس إدارة الهيئة الصلاحيات الكاملة بوضع كادر مهني ومنح مزايا للموظفين، موضحاً أن هناك توجهاً لخدمة دافعي الزكاة والضرائب بشكل أكبر.
وتوقع إضافة بين 400 إلى 500 موظف جديد بعد الموافقة على تنظيم الهيئة العامة للزكاة والدخل، وذلك بحكم وجود بعض المشاريع الجديدة في الهيئة كضريبة السلع الانتقائية والضريبة المضافة، على أن يصل مجموع عدد الموظفين إلى 2500 موظف يخدمون نحو 1.5 مليون مكلف، مؤكداً أن الشركات التي يتم تخصيصها سيتم تطبيق نظام الزكاة والدخل عليها.
وبيّن السدحان أن التنظيم الجديد أنشأ لجنة شرعية تحت مظلة الهيئة من ذوي التأهيل العالي والخبرة والكفاءة، لا يقل عدد أعضائها عن 5 من المتخصصين في فقه المعاملات المالية ومحاسبة الزكاة والأنظمة، بهدف التسريع في معالجة الاختلافات والمشاكل في احتساب الزكاة، موضحاً أن اللجنة الشرعية حسب التنظيم الجديد ستكون هي المرجعية الشرعية النهائية للهيئة، وستراجع نظام الزكاة الجديد لإصداره بشكل نهائي وفق النظام، كما تراجع اللوائح ذات الصلة بعمل الهيئة، ويمكنها معالجة أي إشكالات تتولد أثناء ممارسة الهيئة لمهامها بما يتصل بجباية الزكاة.
وتابع: «تعد اللجنة الشرعية التي أقرها التنظيم الدراسات التي تحتاجها الهيئة في مجال الزكاة، إضافة إلى مواكبة المعاملات المالية المعاصرة والتكيف معها ومراعاتها، وكذلك النظر في الحالات الاستثمارية في بعض القطاعات التي قد تشكل أوعيتها الزكوية الحالية عائقاً لنشاطاتها».
وأشار فهد الخراشي نائب مدير الهيئة العامة للزكاة والدخل للبرامج والعمليات في السعودية، إلى أن موضوع التهرب الضريبي يعتبر محدوداً نتيجة وجود أنظمة صارمة، مقراً بوجود إشكالية تتعلق بالتهرب الضريبي عبر اتباع التستر التجاري.
وعّد الخراشي ضريبة القيمة المضافة من أنجح التجارب التي تم تطبيقها على مستوى العالم، مضيفاً: «تكلفة الضريبة المضافة أقل؛ كونها مفروضة على سلع استهلاكية، ومراقبتها تعتبر أسهل من ضريبة الدخل، وعوائدها تلزم جميع المستفيدين بالتسجيل في نظام الهيئة»، متوقعاً نجاح الضريبة المضافة وتحقيق عوائد مجزية لميزانية الدولة.
وتطرق الخراشي إلى موضوع بيانات وحسابات مواطني أميركا وحاملي الجنسية الأميركية تطبيقاً لقانون الامتثال الضريبي للحسابات الأجنبية (فاتكا)، وقال: «السعودية وقعت اتفاقية مع الجانب الأميركي فيما يتعلق بقانون (فاتكا) المختص بملاحقة المتهربين من الضريبة»، مشيراً إلى أن إجراءات اللائحة المنظمة قاربت على الانتهاء، وجرى تجهيز البنية التحتية من ناحية النظام الآلي داخل الهيئة للزكاة والدخل.
وأكد أن الهيئة تتلقى المعلومات من مؤسسات مالية وبنوك وصناديق استثمارية، على أن تحول تلك المعلومات إلى الجانب الأميركي وفقاً لصيغ معينة جرى الاتفاق عليها.



كوريا الجنوبية تتعهد بالحفاظ على استقرار الأسواق بعد عزل يون

مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
TT

كوريا الجنوبية تتعهد بالحفاظ على استقرار الأسواق بعد عزل يون

مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)

تعهدت وزارة المالية في كوريا الجنوبية، يوم الأحد، بمواصلة اتخاذ تدابير استقرار السوق بسرعة وفعالية لدعم الاقتصاد، في أعقاب إقالة الرئيس يون سوك-يول، بسبب فرضه الأحكام العرفية بشكل مؤقت.

وأكدت الوزارة أنها ستستمر في التواصل بنشاط مع البرلمان للحفاظ على استقرار الاقتصاد، مشيرة إلى أنها تخطط للإعلان عن خطتها السياسية نصف السنوية قبل نهاية العام الحالي، وفق «رويترز».

وفي هذا السياق، دعا زعيم الحزب الديمقراطي المعارض، لي جاي-ميونغ، إلى تشكيل «مجلس استقرار وطني» يضم الحكومة والبرلمان لمناقشة القضايا المالية والاقتصادية وسبل تحسين مستوى معيشة المواطنين. وأشار إلى أن التحدي الأكثر إلحاحاً هو تراجع الاستهلاك بسبب الطلب المحلي غير الكافي، وتقلص دور الحكومة المالي. وأضاف لي أن معالجة هذا الأمر تتطلب مناقشة عاجلة لموازنة إضافية يمكن أن تشمل تمويلاً لدعم الشركات الصغيرة، بالإضافة إلى استثمارات في الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية، لمواجهة تحديات نقص الطاقة.

وكان البرلمان الذي يسيطر عليه الحزب المعارض، قد مرر مشروع موازنة 2025 بقيمة 673.3 تريليون وون، متجاوزاً اقتراح الحكومة الذي بلغ 677.4 تريليون وون، وذلك دون التوصل إلى اتفاق مع حزب «قوة الشعب» الذي ينتمي إليه الرئيس يون والحكومة.

من جهته، أعلن بنك كوريا -في بيان- أنه سيعتمد على كافة الأدوات السياسية المتاحة بالتعاون مع الحكومة، للرد على التحديات الاقتصادية، وتفادي تصاعد التقلبات في الأسواق المالية وأسواق العملات الأجنبية. وأكد البنك ضرورة اتخاذ استجابة أكثر نشاطاً مقارنة بالفترات السابقة من الإقالات الرئاسية، نظراً للتحديات المتزايدة في الظروف الخارجية، مثل تصاعد عدم اليقين في بيئة التجارة، وازدياد المنافسة العالمية في الصناعات الأساسية.

كما أكدت الهيئة التنظيمية المالية في كوريا الجنوبية أن الأسواق المالية قد تشهد استقراراً على المدى القصير، باعتبار الأحداث السياسية الأخيرة صدمات مؤقتة؛ لكنها ستوسع من الموارد المخصصة لاستقرار السوق إذا لزم الأمر.

من جهة أخرى، شهدت أسواق الأسهم في كوريا الجنوبية ارتفاعاً للجلسة الرابعة على التوالي يوم الجمعة؛ حيث بدأ المستثمرون يتوقعون تراجع حالة عدم اليقين السياسي بعد تصويت البرلمان على إقالة الرئيس يون. كما لم يتوقع المستثمرون الأجانب أن تؤثر الاضطرابات السياسية الأخيرة بشكل كبير على نمو الاقتصاد أو تصنيفه الائتماني لعام 2025، إلا أنهم أشاروا إلى تأثيرات سلبية محتملة على معنويات السوق، مما قد يؤدي إلى زيادة في سعر صرف الوون مقابل الدولار الأميركي، واستمرار عمليات بيع الأجانب للأسواق المحلية.

غرفة تداول بأحد البنوك في سيول (رويترز)

وفي استطلاع أجرته «بلومبرغ»، أفاد 18 في المائة فقط من المشاركين بأنهم يعتزمون تعديل توقعاتهم بشأن نمو الاقتصاد الكوري الجنوبي لعام 2025، بسبب الأحداث السياسية الأخيرة، بينما أكد 82 في المائة أن توقعاتهم ستظل دون تغيير. كما توقع 64 في المائة من المشاركين أن يظل التصنيف الائتماني السيادي كما هو، في حين توقع 27 في المائة خفضاً طفيفاً. ووفقاً للاستطلاع، يُتوقع أن يتراوح سعر صرف الوون مقابل الدولار الأميركي بين 1.350 و1.450 وون بنهاية الربع الأول من 2025.

أما فيما يتعلق بأسعار الفائدة، فقد زادت التوقعات بتخفيضات مسبقة من قبل بنك كوريا؛ حيث توقع 55 في المائة من المشاركين عدم حدوث تغييرات، بينما توقع 27 في المائة تخفيضاً في الأسعار قريباً. وتوقع 18 في المائة تخفيضات أكبر. وأشار كيم سونغ-نو، الباحث في «بي إن كي للأوراق المالية»، إلى أن تحركات السوق ستعتمد بشكل كبير على قرارات لجنة السوق الفيدرالية الأميركية في ديسمبر (كانون الأول)؛ حيث قد يسهم أي تخفيض لأسعار الفائدة من جانب الولايات المتحدة في تعزيز توقعات تخفيض الفائدة في كوريا الجنوبية في الربع الأول من 2025.

وقد أكد كيم أن العوامل السياسية ليست المحرك الرئيسي للأسواق المالية؛ مشيراً إلى أن الاضطرابات السياسية عادة ما تكون لها تأثيرات قصيرة الأجل على الأسواق. وأضاف أن الركود الاقتصادي -وليس الأحداث السياسية- هو المصدر الرئيس للصدمات المالية الكبيرة.

كما أشار كثير من المسؤولين الماليين إلى أن إقالة الرئيس يون قد تعود بالفائدة على الاقتصاد الكوري الجنوبي. وفي مقابلة إعلامية، أكد محافظ هيئة الرقابة المالية، لي بوك هيون، أن عزل الرئيس سيكون خطوة إيجابية للاستقرار الاقتصادي في البلاد، معرباً عن اعتقاده بأن القضاء على حالة عدم اليقين السياسي أمر بالغ الأهمية لتحقيق استقرار الاقتصاد، وفق صحيفة «كوريا تايمز».

وفيما يخص التوقعات المستقبلية، أشار صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير في نوفمبر (تشرين الثاني) إلى أن النمو الاقتصادي في كوريا الجنوبية من المتوقع أن يصل إلى 2.2 في المائة في 2024 بدعم من صادرات أشباه الموصلات، في حين يُتوقع أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي نمواً بنسبة 2 في المائة في 2025 مع اقتراب الاقتصاد من إمكاناته الكاملة. وأكد الصندوق أن حالة عدم اليقين لا تزال مرتفعة، والمخاطر تميل إلى الاتجاه السلبي.

وبينما يظل التضخم قريباً من هدف بنك كوريا البالغ 2 في المائة، شدد الصندوق على ضرورة تطبيع السياسة النقدية تدريجياً في ظل هذه الظروف، مع الحفاظ على تدخلات محدودة في سوق الصرف الأجنبي لمنع الفوضى. كما أشار إلى أهمية تعزيز التوحيد المالي في موازنة 2025 لمواجهة ضغوط الإنفاق الطويلة الأجل، مع التركيز على السياسات المتعلقة بمخاطر العقارات.

كما أشار إلى أهمية الإصلاحات الاقتصادية على المدى المتوسط والطويل لدعم النمو وسط التحولات الهيكلية؛ مشيراً إلى ضرورة معالجة تراجع القوة العاملة من خلال تحسين الخصوبة، وزيادة مشاركة النساء في العمل، وجذب المواهب الأجنبية، بالإضافة إلى تعزيز تخصيص رأس المال، وتحسين مرونة المؤسسات المالية.