الصحف الإيرانية: السباق الرئاسي مواجهة ثلاثية بين المحافظين والإصلاحيين

رد فعل الصحف الإيرانية على إعلان قائمة المرشحين للانتخابات الرئاسية
رد فعل الصحف الإيرانية على إعلان قائمة المرشحين للانتخابات الرئاسية
TT

الصحف الإيرانية: السباق الرئاسي مواجهة ثلاثية بين المحافظين والإصلاحيين

رد فعل الصحف الإيرانية على إعلان قائمة المرشحين للانتخابات الرئاسية
رد فعل الصحف الإيرانية على إعلان قائمة المرشحين للانتخابات الرئاسية

تفاعلت الصحف الإيرانية على صفحاتها الأولى في الأعداد الصادرة السبت مع بداية الحملات الانتخابية للمرشحين الستة المتأهلين إلى السباق بعد انتهاء عملية دراسة ملفات الترشح في لجنة «صيانة الدستور». وأجمعت الصحف على مواجهة ثلاثية محافظة ضد ثلاثية إصلاحية. وخلافا للتوقعات مرت أغلب الصحف مرور الكرام على إبعاد الرئيس السابق وطوت صفحته بعد إقصائه رغم أنها حاولت على هامش الملفات الأساسية تشير إلى تخلي أبرز داعميه عنه بما فيهم أحمد جنتي رئيس لجنة «صيانة الدستور».
وحاولت الصحف بمختلف اتجاهاتها السياسية أن تدفع بأوراق الدفاع عن قضية النقل المباشر للمناظرات التلفزيونية في حين تحولت الجهة التي اتخذت القرار إلى لغز كبير رغم إعلانه من هيئة الانتخابات وامتد تبادل الاتهام بين مختلف الأطراف إلى واجهة الصحافة. وبدأت الصحف الحملات الانتخابية عبر ملفات متنوعة بتسليط الضوء على أبرز السيناريوهات المحتملة خلال الشهر المقبل قبل موعد التصويت.
رغم أن الأجواء الانتخابية بدأت قبل أوانها منذ أشهر لكن أول عدد في الصحف بعد انطلاق صافرة البداية في حملات المعركة الرئاسية يكسب أهمية مضاعفة لعدة أسباب أولا يساهم في التأثير على الرأي العام لإقناعه بالمصالحة مع صناديق الرأي عبر تعزيز ثقته بوجود منافسة قد يؤدي صوت المواطن تأثيره على مسار البلد لأربع سنوات مقبلة وثانيا يشكل عامل ضغط نفسي مضاعف بين التيارين المتصارعين على كرسي الرئاسة.
وقالت صحيفة «إيران» الناطقة باسم الحكومة تحت صورة المرشحين الستة إن الجميع بانتظار منافسة ساخنة بينما أشارت إلى احتجاج جميع الأطراف على قرار منع النقل المباشر للمناظرات. صحيفة «شهروند» رأت على صفحتها الأولى أنها مواجهة بين ستة منافسين من تيارين رغم أن قرار منع النقل المباشر خصص ثلثي الصفحة لنفسه وبموازاة ذلك طالب التيار الإصلاحي بعدم نسيان انتخابات مجالس البلدية التي تجري في نفس التوقيت مع الانتخابات الرئاسية.
واعتبرت صحيفة «كيهان» المقربة من مكتب المرشد علي خامنئي في عنوانها الرئيسي أن الإيرانيين بحاجة إلى النقل المباشر للمناظرات لانتخاب الرئيس الجديد.
وعلى خلاف أغلبية الصحف حرصت صحيفة «شرق» على اختيار عنوان موحد لوصف المرشحين هو «هؤلاء الستة» لكنها خصصت افتتاحية تحت عنوان «رئيسي في مواجهة رئيسي» بقلم رئيس التحرير لظاهرة هذه الانتخابات المرشح المحافظ إبراهيم رئيسي ضمنته هجوما غير مباشر على المرشح المحافظ الثاني عمدة طهران محمد باقر قاليباف ورأى كاتب الافتتاحية أنه يخوض صراعا ضد ذاته أكثر من أي مرشح آخر لأنه لم يشغل مناصب خارج السلطة القضائية تجعله في موقف المساءلة الدائمة أمام الشعب. يستبعد الكاتب أن يكون رئيسي على قدر جاهزية المرشح قاليباف لعرض نفسه أمام اختبار التصويت الشعبي.
خلاصة القول رأت «شرق» أنه في حال فوز رئيسي فإن البلاد تشهد نوعا من العودة لإشاعة الأفكار التقليدية التي جربتها إيران بمختلف الأشكال خلال سنوات ما بعد الثورة. وتوقعت أن يكون رئيسي يدخل مشوارا صعبا لأنه لا يريد وضع موقعه الحالي في سلة المحافظين الانتخابية. إنه يتجاهل إشادة وسائل الإعلام المحافظة وينظر أبعد من المحافظين من هنا يدرك الكاتب سر معارضة بعض المحافظين مع رئيسي، وختاما يقول: «الأهم ربما رئيسي قريب في الفكرة من المحافظين لكن في قراءة الأمر لا يقبل النظريات لأنه صاحب نظرية».
لكن صحيفة «اعتماد» الإصلاحية رأت في عنوانها الرئيسي أنها «معركة واحد ضد ثلاثة» في إشارة إلى مواجهة خالصة بين روحاني وثلاثة مرشحين محافظين للحفاظ على كرسي الرئاسة ورأت الصحيفة أن «التاريخ لم يتكرر لأحمدي نجاد» في إشارة لإقصائه من مجلس صيانة الدستور وأشارت إلى انسحاب نائب الرئيس الأول إسحاق جهانغيري في الساعات الأخيرة قبل فتح باب الاقتراع كما رجحت انسحاب المرشح مصطفى هاشمي طبا لصالح روحاني. لكن الصحيفة في افتتاحيتها بحثت عن المنافس الحقيقي لروحاني بين رئيسي وقاليباف. ويتصور الكاتب فرضيتين الأولى أن تكون المنافسة بين فكرتين أو نظرتين لإدارة البلد والفرضية الثانية تنافس بين نزعتين في الحكم رغم المشتركات. وترجح الصحيفة أن يخطف روحاني سلة المرشح المحافظ مصطفى ميرسليم بدخول بعض المحافظين المعتدلين مثل علي أكبر ناطق نوري على الخط.
وعنونت صحيفة «قانون» الإصلاحية «قطبان من ستة مرشحين» في إشارة إلى مواجهة ثلاثة محافظين ضد ثلاثة مرشحين معتدلين وإصلاحيين. بدورها صحيفة «بهار» الإصلاحية عنونت «دخول المناظرات التلفزيونية في غيبوبة» واختارت صورة أحمدي نجاد ورئيس لجنة «صيانة الدستور» أحمد جنتي لصفحتها الأولى وعلقت «نهاية معجزة الألفية الثالثة» في إشارة إلى تصريحات سابقة لجنتي وصف بها أحمدي نجاد بالمعجزة.
وطرحت صحيفة «همدلي» الإصلاحية أسئلة كبيرة حول قرارات لجنة «صيانة الدستور» المثيرة للجدل ورأت الصحيفة في افتتاحيتها أمس أن رفض طلب الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد يثير تساؤلات حول معايير لجنة صيانة الدستور التي سمحت له بالترشح لأول مرة قبل 12 عاما في حين لم يكن يحمل في سجله السياسي حينذاك سوى بعض السنوات في منصب عمدة طهران. بحسب الصحيفة أن أحمدي نجاد في تلك السنوات خبرته كانت أقل من المرشحين المرفوضين هذه العام مثل الوزير السابق حميد رضا حاجي بابايي أو النائبين علي رضا زاكاني ومصطفى كواكبيان.
وتضيف الصحيفة أن الشبهات تزداد عندما يقارن سجل أحمدي نجاد قبل 12 عاما بسجل وزير الخارجية الأسبق منوشهر متقي الذي رفض طلب ترشحه في 2013.
في المقابل، فإن صحف التيار المحافظ رأت المواجهة خالصة بين رئيسي وروحاني وقالت صحيفة «جوان» الناطقة باسم الحرس الثوري إن المواجهة بين معارضي الوضع الحالي (المحافظين) وموافقيه. ورأت الصحيفة أنه بعد معرفة هوية المرشحين وبداية الحملات الانتخابية فإن المعركة الانتخابية دخلت أشواطا حاسمة.
أما صحيفة «وطن أمروز» المتشددة التي تراجع مالكها مهرداد بذرباش في آخر اللحظات عن قرار الترشح في الانتخابات فإنها ابتعدت عن قضية المرشحين وفضلت التركيز على قرار منع النقل المباشر وبنشرها صورة حسن روحاني وشقيقه حسين فريدون عنونت «مطلوب حيا أو ميتا». بنفس الاتجاه ابتعدت صحيفة «سياست روز» عن أسماء المرشحين واتهمت روحاني بـ«الرعب من المناظرات».
كما سلطت الضوء على محاولات إحياء المناظرات التلفزيونية بعد قرار حجب نقلها المباشر على الهواء وتناولت الصحيفة في تقرير محاولات خصوم روحاني لتحميله مسؤولية القرار.



تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)
TT

تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)

أثارت نتائج دراسة حديثة تساؤلات عدة بشأن دور التلفزيون في استعادة الثقة بالأخبار، وبينما أكد خبراء وجود تراجع للثقة في الإعلام بشكل عام، فإنهم اختلفوا حول الأسباب.

الدراسة، التي نشرها معهد «نيمان لاب» المتخصص في دراسات الإعلام مطلع الشهر الحالي، أشارت إلى أن «الثقة في الأخبار انخفضت بشكل أكبر في البلدان التي انخفضت فيها متابعة الأخبار التلفزيونية، وكذلك في البلدان التي يتجه فيها مزيد من الناس إلى وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على الأخبار».

لم تتمكَّن الدراسة، التي حلَّلت بيانات في 46 دولة، من تحديد السبب الرئيس في «تراجع الثقة»... وهل كان العزوف عن التلفزيون تحديداً أم الاتجاه إلى منصات التواصل الاجتماعي؟ إلا أنها ذكرت أن «الرابط بين استخدام وسائل الإعلام والثقة واضح، لكن من الصعب استخدام البيانات لتحديد التغييرات التي تحدث أولاً، وهل يؤدي انخفاض الثقة إلى دفع الناس إلى تغيير طريقة استخدامهم لوسائل الإعلام، أم أن تغيير عادات استخدام ومتابعة وسائل الإعلام يؤدي إلى انخفاض الثقة».

ومن ثم، رجّحت الدراسة أن يكون سبب تراجع الثقة «مزيجاً من الاثنين معاً: العزوف عن التلفزيون، والاعتماد على منصات التواصل الاجتماعي».

مهران كيالي، الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» في دولة الإمارات العربية المتحدة، يتفق جزئياً مع نتائج الدراسة، إذ أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «التلفزيون أصبح في ذيل مصادر الأخبار؛ بسبب طول عملية إنتاج الأخبار وتدقيقها، مقارنة بسرعة مواقع التواصل الاجتماعي وقدرتها على الوصول إلى شرائح متعددة من المتابعين».

وأضاف أن «عدد المحطات التلفزيونية، مهما ازداد، لا يستطيع منافسة الأعداد الهائلة التي تقوم بصناعة ونشر الأخبار في الفضاء الرقمي، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي». إلا أنه شدَّد في الوقت نفسه على أن «الصدقية هي العامل الأساسي الذي يبقي القنوات التلفزيونية على قيد الحياة».

كيالي أعرب عن اعتقاده بأن السبب الرئيس في تراجع الثقة يرجع إلى «زيادة الاعتماد على السوشيال ميديا بشكل أكبر من تراجع متابعة التلفزيون». وقال إن ذلك يرجع لأسباب عدة من بينها «غياب الموثوقية والصدقية عن غالبية الناشرين على السوشيال ميديا الذين يسعون إلى زيادة المتابعين والتفاعل من دون التركيز على التدقيق». وأردف: «كثير من المحطات التلفزيونية أصبحت تأتي بأخبارها عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، فتقع بدورها في فخ الصدقية والموثوقية، ناهيك عن صعوبة الوصول إلى التلفزيون وإيجاد الوقت لمشاهدته في الوقت الحالي مقارنة بمواقع التواصل التي باتت في متناول كل إنسان».

وحمَّل كيالي، الهيئات التنظيمية للإعلام مسؤولية استعادة الثقة، قائلاً إن «دور الهيئات هو متابعة ورصد كل الجهات الإعلامية وتنظيمها ضمن قوانين وأطر محددة... وثمة ضرورة لأن تُغيِّر وسائل الإعلام من طريقة عملها وخططها بما يتناسب مع الواقع الحالي».

بالتوازي، أشارت دراسات عدة إلى تراجع الثقة بالإعلام، وقال معهد «رويترز لدراسات الصحافة»، التابع لجامعة أكسفورد البريطانية في أحد تقاريره، إن «معدلات الثقة في الأخبار تراجعت خلال العقود الأخيرة في أجزاء متعددة من العالم». وعلّق خالد البرماوي، الصحافي المصري المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، من جهته بأن نتائج الدراسة «غير مفاجئة»، لكنه في الوقت نفسه أشار إلى السؤال «الشائك»، وهو: هل كان عزوف الجمهور عن التلفزيون، السبب في تراجع الصدقية، أم أن تراجع صدقية الإعلام التلفزيوني دفع الجمهور إلى منصات التواصل الاجتماعي؟

البرماوي رأى في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن «تخلّي التلفزيون عن كثير من المعايير المهنية ومعاناته من أزمات اقتصادية، دفعا الجمهور للابتعاد عنه؛ بحثاً عن مصادر بديلة، ووجد الجمهور ضالته في منصات التواصل الاجتماعي». وتابع أن «تراجع الثقة في الإعلام أصبح إشكاليةً واضحةً منذ مدة، وإحدى الأزمات التي تواجه الإعلام... لا سيما مع انتشار الأخبار الزائفة والمضلّلة على منصات التواصل الاجتماعي».