القوات العراقية تسعى لاستكمال تطويق الموصل القديمة

البيشمركة تنقذ ألفين من سكان قرى يحاصرها «داعش» غرب المدينة

نزوح كثيف بعد استعادة القوات العراقية حيين آخرين في غرب الموصل من سيطرة «داعش» أمس (رويترز)
نزوح كثيف بعد استعادة القوات العراقية حيين آخرين في غرب الموصل من سيطرة «داعش» أمس (رويترز)
TT

القوات العراقية تسعى لاستكمال تطويق الموصل القديمة

نزوح كثيف بعد استعادة القوات العراقية حيين آخرين في غرب الموصل من سيطرة «داعش» أمس (رويترز)
نزوح كثيف بعد استعادة القوات العراقية حيين آخرين في غرب الموصل من سيطرة «داعش» أمس (رويترز)

أعلنت قوات بيشمركة «زيرفاني» (النخبة) أمس إنقاذها نحو ألفي مواطن من سكان القرى العربية الواقعة بين تلعفر والموصل، والمحاصرة من قبل تنظيم داعش والميليشيات الشيعية المنضوية في الحشد الشعبي، مبينة أن المواطنين كانوا يعيشون أوضاعاً مأساوية بسبب الجوع والخوف.
وقال المقدم رمضان عمر، مسؤول الاستخبارات في قوات بيشمركة الزيرفاني في محور آسكي الموصل لـ«الشرق الأوسط»: «هؤلاء المواطنون هم من سكان عدد من القرى العربية الواقعة أمام قواطعنا في محور آسكي الموصل والكسك خاضعة لسيطرة مسلحي (داعش)، وكانوا يعانون من الجوع والخوف، واتخذهم التنظيم دروعا بشرية له، لكن نحو ألفي شخص منهم غالبية من النساء والأطفال تمكنوا من الهرب من هذه القرى والتوجه نحو الخط الأمامي لقوات البيشمركة». وأضاف عمر أن قوات البيشمركة أمنت لهم الطريق واستقبلتهم ووفرت الطعام ومياه الشرب، والعلاج للمرضى منهم، وأنها ستنقلهم إلى المخيمات الخاصة بنازحي الموصل المنتشرة في جنوب وشرق المدينة. لافتاً إلى أن هناك أعداداً كبيرة من المدنيين المحاصرين في هذه القرى، وإنقاذهم يحتاج إلى عمليات عسكرية.
وتحاصر ميليشيات الحشد الشعبي مناطق غرب الموصل وتلعفر منذ شهور لكنها لم تستطع أن تحرز أي تقدم يُذكر باتجاه تحرير تلعفر والمناطق الأخرى، فالتنظيم يبدي مقاومة شرسة وقد حصن تلعفر بمجموعة من الخطوط الدفاعية وزرع كبيات كبيرة من المتفجرات والعبوات الناسفة. وخلال الأشهر الماضية حاول التنظيم لعدة مرات خرق حصار الحشد الشعبي، وقد تمكن من كسر الطوق الذي يفرضه الحشد قبل نحو شهرين من الآن وهرب عدد من قادته ومسلحيه وعائلاتهم إلى سوريا.
بدوره، أوضح المتحدث باسم العشائر العربية في محافظة نينوى، الشيخ مزاحم الحويت، لـ«الشرق الأوسط» أن الذين لجأوا إلى قوات البيشمركة «هم من سكان القرى الواقعة بين ناحية بادوش وقضاء تلعفر غرب الموصل والبالغ عددها نحو 130 قرية، وكانوا محاصرين من (داعش) ومن الحشد الشعبي، لذا قررت أعداد منهم الهرب باتجاه قوات البيشمركة التي أنقذتهم، وأمنت منفذا لخروج أعداد أخرى منهم خلال الأيام المقبلة»، مبينا أن المواطنين الهاربين نُقلوا إلى مخيم القيارة جنوب الموصل. وأضاف: «الهاربون جميعهم من عشيرة اللويزي التي ينتمي إليها النائب العراقي عبد الرحمن اللويزي، المعروف بعدائه لإقليم، لكن البيشمركة لم تأخذ بالاعتبار مواقف اللويزي بل أنقذت أقاربه وأبناء عشيرته وأوصلتهم سالمين إلى مخيمات النزوح».
وتزامناً مع عملية تحرير المدنيين من غرب الموصل، واصلت القوات الأمنية العراقية أمس عمليات تحرير ما تبقى من مناطق وأحياء الجانب الغربي من الموصل، وأعلن قائد عمليات «قادمون يا نينوى»، الفريق الركن قوات خاصة، عبد الأمير رشيد يار الله، في بيان: «حررت قطعات قوات مكافحة الإرهاب حي الصحة الثانية في الجانب الأيمن من الموصل ورفعت العلم العراقي فوق مبانيه»، مشيراً إلى أن القوات العراقية «كبدت (داعش) خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات». كما جاء في بيان أن جهاز مكافحة الإرهاب، الذي يتلقى تدريبا من الولايات المتحدة استعاد السيطرة على حي الثورة. وقال اللواء الركن معن السعدي، من جهاز مكافحة الإرهاب، إن قواته ستلتحم بقوات الشرطة الاتحادية التي تتحرك صوب المدينة القديمة من موقع مختلف. وأضاف أنهم يستكملون تطويق الإرهابيين في المدينة القديمة.
في غضون ذلك، دمرت قوات الشرطة الاتحادية أمس صهريجا مفخخا قادما من حي الرفاعي في الجانب الأيمن، حاول تنظيم داعش أن يهاجم به قوات الشرطة المتمركزة في حي الثورة. وتوغلت قطعات الشرطة الاتحادية أمس في المدينة القديمة من أربعة محاور، تمثلت بباب الطوب من جهة نهر دجلة ومن باب الجديد من جهة كراج بغداد ومن منطقة قضيب البان غربا ومن حي الثورة باتجاه حي الزنجيلي. وقال قائد الشرطة الاتحادية، الفريق رائد شاكر جودت، لـ«الشرق الأوسط»: «قتلت قواتنا أربعة قياديين من (داعش) من أبرزهم أحمد حسن الجبوري، قاضي الدماء في التنظيم، وشَمال صلاح الدين رشيد، إثر استهداف مقر التحقيق الأمني في حي الرفاعي شمال المدينة القديمة».
وفر مئات المدنيين من غرب الموصل أمس وهم يجرون عربات يد تحمل حقائب ورضعا وكبارا في السن بعد أن انتزعت القوات العراقية السيطرة على حيي الثورة والصحة. وبعد السير لأميال نقلت حافلات العائلات من نقطة تفتيش تابعة للحكومة في جنوب المدينة إلى مخيمات تؤوي أكثر من 410 آلاف شخص نزحوا منذ بدء الهجوم لاستعادة الموصل في أكتوبر (تشرين الأول) . وقال أبو قحطان (63 عاما) وهو أحد وجهاء مجموعة مؤلفة من 41 شخصا ينتمون إلى خمس عائلات «غادرنا دون مياه أو طعام أو إضاءة ونحن نضع ملابسنا على ظهورنا».
وسُمع دوي إطلاق نار ونيران مدفعية أمس مع وصول العائلات من منطقة حي التنك الذي قالوا إن المتشددين ما زالوا يسيطرون على نصفه. وتتقدم القوات المدعومة بطائرات الهليكوبتر نحو جامع النوري الذي أعلن منه زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي قبل نحو ثلاثة أعوام «الخلافة» على مساحات من العراق وسوريا. وشاهد مراسل من وكالة «رويترز» يقف على مرمى البصر من الجامع دخانا كثيفا في المنطقة بعد ضربة جوية.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.