وعود خليجية بالعودة إلى الاستثمار في تونس

المنتدى التونسي ـ الخليجي طرح فرصا واعدة للتعاون

وعود خليجية بالعودة إلى الاستثمار في تونس
TT

وعود خليجية بالعودة إلى الاستثمار في تونس

وعود خليجية بالعودة إلى الاستثمار في تونس

بدا اليوم الأول من المنتدى التونسي الخليجي للاستثمار المنعقد على مدى يومين في تونس، بمثابة الخطوة الأساسية لإعادة بناء ثقة المستثمر الخليجي في بيئة الاستثمار التونسية. وبدت الجلسات الأولى لهذا المنتدى في ثوب إعادة اكتشاف خليجية لفرص التعاون والاستثمار الواعدة والمتنوعة بين تونس وبلدان الخليج العربي.
ولئن أثنى رجال الأعمال الخليجيون على التطورات الإيجابية الحاصلة على مستوى بيئة الاستثمار في تونس بعد ثلاث سنوات من نجاح الثورة، فإنهم قدموا قائمة طويلة من الملاحظات التي جاءت على شكل «مطالب» عاجلة لا يمكن أن يأتي الاستثمار الخليجي والعربي من دونها.
وتمكنت الهياكل الحكومية التونسية من ناحيتها، من الوقوف على إجماع المستثمرين الخليجيين على أن تونس تحظى بموقع استراتيجي مهم مما يجعل منها وجهة استثمارية جاذبة للاستثمار العربي والخليجي.
ووصف عبد الرحيم حسن نقي الأمين العام لاتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي الوضع الأمني والسياسي في تونس في تصريح لوسائل الإعلام بأنه «مشجع جدا» ، ومثل الوضع الأمني والسياسي غير المستقر أحد أسباب تخوف المستثمر الخليجي من المجازفة بالاستثمار في تونس.
وقالت وداد بوشماوي رئيسة الاتحاد التونسي للصناعة ولتجارة والصناعات التقليدية (منظمة رجال الأعمال في تونس) في المنتدى يندرج ضمن نهج تعميق التواصل بين غرف واتحادات رجال الأعمال في تونس ودول الخليج. وأشارت في كلمة لها في افتتاح المنتدى إلى الفرص الكثيرة والهامة لتنمية التبادل التجاري بين الجانبين وإقامة علاقات شراكة مربحة. وعبرت عن أملها في الخروج بقرارات وتوصيات عملية إثر انتهاء أشغال المنتدى تجسد تلك الشراكة الناجحة والمثمرة والمربحة للجميع.
وأسفر اليوم الأول من المنتدى التونسي ــــ الخليجي للاستثمار عن دعوة خليجية لتشكيل شركة خليجية ــ تونسية تعمل في عدة مجالات هدفها تسهيل عمليات الاستثمار في تونس. كما تمخضت جلسات اليوم الأول من هذا المنتدى الاقتصادي الأول من نوعه في تونس بعد الثورة، عن استعداد تونس وبلدان الخليج العربي لطي صفحة الماضي عبر الدعوة إلى فتح خطوط جوية وملاحية بين الطرفين وبناء تحالفات وشراكات استراتيجية بين قطاعات الأعمال التونسية والخليجية.
وانطلقت أشغال اليوم الأول من المنتدى بحضور رسمي تونسي مكثف إذ يلتئم هذا المنتدى برعاية المهدي جمعة رئيس الحكومة وبحضور وزيري الخارجية والاقتصاد والمالية ومحافظ البنك المركزي التونسي. كما حضر رؤساء الهياكل الاستثمار الخليجية وفي هذا الشأن، قال عبد الرحيم حسن نقي الأمين العام لاتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي، بأن اهتمام الحكومة التونسية بهذا المنتدى يترجم مدى تعلق تونس بدعم العلاقات الخليجية ــ التونسية, وفتح آفاق التعاون المشترك بين المستثمرين ورجال الأعمال في المنطقتين.
وأشار نقي في كلمة ألقاها بالمناسبة إلى نجاح المنتدى في جمع نخبة من أصحاب الأعمال والمستثمرين، وقال «نحن على ثقة أن الأطراف التونسية والخليجية ترغب في إرساء تعاون مشترك وإقامة شراكات استراتيجية». وأكد نقي محدودية العلاقات التجارية والاقتصادية, وقال إنها «ليست في المستوى المأمول» بين تونس ودول الخليج العربي إذ أن حجم التبادل الذي يتجاوز بقليل حدود 500 مليون دولار أميركي «رقم ضئيل», على حد تعبيره.
وقدر حجم المبادلات التجارية بين تونس ودول مجلس التعاون الخليجي خلال السنة الماضية بنحو 530 مليون دولار. أما الاستثمارات الخليجية في تونس فهي في حدود 4.5 مليار دولار, وهي تمثل قرابة 40 في المائة من الاستثمارات الخارجية الموجهة إلى الاقتصاد التونسي.
وتأمل تونس في زيادة هذه المؤشرات, ويرى خبراء في الاقتصاد أن حجم المبادلات التجارية بين تونس ودول الخليج العربي وكذلك نسق الاستثمارات قابل للتحسن بشكل كبير خلال الفترة المقبلة.
واغتنم ممثلو هياكل الاستثمار الخليجية هذا المنتدى الأول من نوعه الذي يلتئم بعد الثورة لتوجيه عدة مطالب يعدها المستثمرون ضرورية لتشجيع الاستثمار, وقال إن المستثمر الخليجي لا يطلب ميزات استثنائية وإنما يطالب بإرساء قوانين وأنظمة ثابتة فيما يتعلق بالتمويل وتسجيل الشركات إلى جانب بعث شباك موحد مخصص للمستثمرين للقضاء على الروتين الإداري.
وقال نقي بأن تونس بإمكانها أن تكون موقعا لإعادة التصدير نحو بلدان القارة الأوروبية ودعا الحكومة إلى الانتقال من دور المنفذ إلى دور المشرع وأن تكون لها هيكل رقابية قوية, وأن تكون صاحبة القرار الأخير في مجال دعم الاستثمار الخاص.
وبشأن قائمة العوائق التي يعبر عنها المستثمر الخليجي عند قدومه إلى تونس، قال نقي بأن شكاوى كثيرة لا تزال موجودة من بينها الإجراءات الإدارية «الروتينية والطويلة» وعدم وضوح القوانين المتعلقة بالاستثمار.
وفي سياق متصل، وبشأن تخوفات المستثمرين الخليجيين، كان رد نقي «نحن لا نريد أن نخوض في السياسة، فالوضع الأمني والسياسي في تونس أصبح مشجعا جدا».
ومن ناحيته، عبر علي خميس بوخمسين المدير العام لمركز التنمية والتطوير والاستشارات الاقتصادية والإدارية بالرياض, في تصريح لوسائل الإعلام, عن مجموعة من المعوقات التي تقف ضد انتعاش الاستثمار الخليجي في تونس منها استخراج التراخيص وإضاعة الكثير من الوقت في الإجراءات وصرف أموال كثيرة في إجراءات روتينية, على حد تعبيره. ودعا إلى تشكيل جهاز مالي وبنكي قوي يمكن من إجراء عمليات التحويل بتقنيات عالية وفي ظروف سليمة.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.