الحريري: الحكومة غير معنية باستعراض «حزب الله»

تفقد قوات «يونيفيل» ومراكز الجيش اللبناني وأعلن الالتزام بالقرار 1707

رئيس الحكومة اللبناني لدى وصوله لتفقد قوات «يونفيل» في الناقورة أمس (رويترز)
رئيس الحكومة اللبناني لدى وصوله لتفقد قوات «يونفيل» في الناقورة أمس (رويترز)
TT

الحريري: الحكومة غير معنية باستعراض «حزب الله»

رئيس الحكومة اللبناني لدى وصوله لتفقد قوات «يونفيل» في الناقورة أمس (رويترز)
رئيس الحكومة اللبناني لدى وصوله لتفقد قوات «يونفيل» في الناقورة أمس (رويترز)

لم يتأخر ردّ الدولة اللبنانية على الجولة التي نظّمها «حزب الله» للإعلاميين، على الحدود الجنوبية مع إسرائيل، وظهر فيها ضباط من الحزب مكشوفي الوجه للمرّة الأولى، وجاء الردّ من رئيس الحكومة سعد الحريري، الذي انتقل أمس بواسطة طوافة عسكرية إلى الناقورة، حيث مقرّ قوات الطوارئ الدولية، يرافقه وزير الدفاع يعقوب الصرّاف وقائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون. ومن هناك أعلن الحريري أن الحكومة «غير معنية باستعراض (حزب الله)، لأنها ملتزمة بالقرار (1701)»، مشدداً على أن «الجيش اللبناني وحده من يحمي الوطن وسيادته».
وإذ لفت إلى أن «ما حصل غير مقبول»، جدد التمسّك بالقرار «1701»، لكل اللبنانيين، وأكد أنه «لا سلطة في لبنان فوق سلطة الدولة، ولا أجندة خارج أجندتها، وهذا الكلام يجب أن يكون واضحاً للجميع».
ولدى وصول الحريري والوفد المرافق إلى مقرّ القوات الدولية في الناقورة، كان في استقباله قائد «اليونيفيل» الجنرال مايكل بيري، وبعد أن استعرض ثلة من حرس الشرف، عقد اجتماعاً، وجرى خلاله استعراض الأوضاع العامة في الجنوب والمهمات التي تقوم بها قوات الأمم المتحدة مع الجيش اللبناني وسائر القوى الأمنية لتثبيت الأمن والاستقرار في المنطقة. وبعد الاجتماع قال الحريري للصحافيين: «أردتُ أن أزور الجنوب والضباط المرابطين على الحدود، لكي أقول لهم إن الجيش اللبناني وحده المكلف حمايةَ الحدود، الذي يدافع عنا بصفته القوة الشرعية، التي لا قوة فوق سلطتها، وبصفته أيضاً النموذج الوطني الناجح والجامع خارج كل فئوية أو مناطقية».
وأضاف: «بدأت زيارتي من مقر قوات (اليونيفيل)، لكي أوجِّه الشكر باسم كل اللبنانيين، لكل الدول المساهمة فيها، على الجهد الذي يقومون به لحفظ السلام على حدودنا الجنوبية، وأؤكد التزام لبنان بكل قرارات الشرعية الدولية وعلى رأسها القرار 1701»، معتبراً أن «الواجب الأساسي لرئيس الجمهورية والحكومة والمجلس النيابي، حماية السيادة والحدود والمحافظة على الأمن والاستقرار لأهلنا في هذه المنطقة العزيزة، والتزامنا بالقرار (1701) هو من الوسائل الحيوية لحفظ الحدود وأمن أهلنا واستقرارهم».
ولفت الحريري إلى أن «إسرائيل تنتهك القرار (1701)، ونحن كحكومة نرفع الانتهاكات للأمم المتحدة من ناحية، ونذكِّر بضرورة الانتقال لوقف دائم لإطلاق النار لوقف هذه التعديات من ناحية أخرى»، مشيراً إلى أن الجيش اللبناني «المرابط في الجنوب لحماية السيادة، يقوم بدوره الوطني على أكمل وجه، ونحن في هذا المجال نقوم أيضاً بكل الجهود لتأمين مستلزمات التسليح والتدريب للجيش والقوى الأمنية الشرعية، إن إرادة الدولة حاسمة بتحرير ما تبقى من أراضينا المحتلة، وهذه مهمة يعززها عملنا الدبلوماسي اليومي والتزامنا بالشرعية الدولية والقرار 1701». وتابع قائلاً: «الدولة اللبنانية لكل اللبنانيين، والجيش لكل اللبنانيين، وليس لديه أي أجندة سوى مصلحة كل الشعب وأمن الوطن وحفظ سيادته، ولا سلطة في لبنان فوق هذه السلطة ولا أجندة في لبنان خارج هذه الأجندة، وهذا الكلام يجب أن يكون واضحاً للجميع».
ورداً على سؤال عن الجولة الإعلامية التي قام بها «حزب الله»، والكلام الأمني عن الجهوزية على الحدود، أجاب رئيس الحكومة اللبنانية: «ما حصل نحن كحكومة غير معنيين به، ولا نقبل به بكل صراحة، لذلك أتيت إلى هنا لكي أؤكد أن دور الحكومة هو الحفاظ على القرار (1701)، والبيان الوزاري الذي أقررناه في مجلس النواب ننفذه هنا في الجنوب بالشكل الذي تم إقراره».
وأوضح الحريري أنه لا يتخوّف من حرب طالما أن لبنان ينفّذ البيان الوزاري، مستطرداً: «لا شكّ أن هناك خلافاً سياسياً بيننا وبين (حزب الله) حول بعض الأمور، ومنها هذه المسألة (جولة الحزب على الشريط الحدودي)، وأنا لن أقنع الحزب ببعض الأمور، وهو لن يقنعني في بعض الأمور».
بعد ذلك انتقل الحريري إلى موقع الجيش اللبناني في خراج بلدة علما الشعب، مروراً بالخط الأزرق، يرافقه الوزير الصراف والعماد عون. ولدى وصوله كان في استقباله قائد اللواء الخامس الذي ينتشر في المنطقة العميد رينيه حبشي، حيث استمع إلى شرح مفصل للمهام التي يقوم بها الجيش في تلك المنطق، بعدها تفقد رئيس الحكومة ووزير الدفاع وقائد الجيش، موقع النمر، حيث يوجد أقرب موقع إسرائيلي عند الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.