«رؤية 2030»... والحرية الاقتصادية

«رؤية 2030»... والحرية الاقتصادية
TT

«رؤية 2030»... والحرية الاقتصادية

«رؤية 2030»... والحرية الاقتصادية

من المتفق عليه، أن للحريات حدودا، كما أن بعضها أهم من بعض. فمثلا من بين الحريات الثلاث – الاقتصادية والاجتماعية والسياسية – تبرز الحرية الاقتصادية، والتي تكمُن أهميتها في الدور الذي تلعبه في التنمية المستدامة لكل مجتمع، وذلك على فرضية أن الفرد يزداد إنتاجه عندما تتاح له فرصة تحقيق مصالحه الخاصة، دون أي قيد أو شرط أو تدخل في شؤونه، ما دامت هذه الحرية مقيدة بحدود من القيم الأخلاقية والقانونية.
وتدل التجارب الناجحة السابقة لكثير من الدول، على أن النهضة التنموية تبدأ عادة بالحرية الاقتصادية، حيث إنه ليس هناك بديل لمرتكزات اقتصادية أساسية، يأتي في مقدمتها القدرات الإبداعية للقيادات التنفيذية في إيجاد الصيغ الملائمة لتهيئة عناصر التنمية وتفعيلها. ولتحقيق ذلك، يجب أن يكون الجميع على أتم استعداد للقيام بالتغييرات المطلوبة - ثقافية كانت أم قانونية - والتي لا غنى لأي مجتمع عنها. كما يتطلب هذا التوجه جهدا مضاعفا في اعتناق قيم مثل الحرية الفردية واحترام التنوع والالتزام بالسلام، وهي قيم لا يمكن تبنّي وتطوير التكنولوجيا من دونها، كما أنها تمثل العامل الأساسي في صنع الثروة والتنمية والنمو الاقتصادي المستدام.
ومن المتفق عليه أيضاً، أن النمو الاقتصادي السريع، يؤدي إلى الإسراع بقيام قاعدة اقتصادية تقوم عليها التنمية. وهذه القاعدة تجعل من السهل على الاقتصاد إيجاد واختبار سبل المعرفة النافعة، بواسطة مستثمرين رياديين وواثقين من التميز في أسواق العالم التنافسية. لذا اختارت أغلب – إن لم يكن كل - المجتمعات الناجحة البدء بالنهضة الاقتصادية أولاً، مدعومة بالتغيير الاجتماعي التدريجي، وأبقت التغييرات السياسية في آخر أولويات المجتمع، إلى درجة أن بعض هؤلاء يعتبر الحرية السياسية ترفا، خاصة في بداية خطوات التنمية، على الأقل حتى اكتمال العملية التنموية. كما يشدد هؤلاء على أن الحرية السياسية ستأتي لا محالة، وفي الوقت المناسب، كلٌ حسب وضعه، وكنتيجة حتمية للمتغيرات الأخرى الأشد إلحاحا، كالحريات الاقتصادية والاجتماعية.
فهناك دول، كالهند مثلا، وهي التي تعتبر أكبر الديمقراطيات على وجه هذه المعمورة، لم تستطع سن القوانين الحاكمة للاقتصاد، ولم تكافح البيروقراطية الحكومية والفقر، حيث يقدر البنك الدولي أن 25 في المائة من الهنود يعيشون تحت خط الفقر، كما لم تكافح الهند التفاوت في مستويات الدخل بين فئات المجتمع، حيث لم تفلح السياسات الحكومية الهندية خلال العقود الماضية في انتشال مئات الملايين من خط الفقر والعوز، ولم تعمل الحكومة على تعديل قوانين العمل، والتي تنص على أن الوظيفة مضمونة مدى الحياة لشاغليها، ولم تعمل على تحسين بيئة العمل في البلاد، وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، والذي يقدر بـ25 مليار دولار سنويا، والذي يعتبر ضئيلا جدا، ولا يتوافق ألبتة مع حجم الاقتصاد الهندي واحتياجات التنمية الاقتصادية.
وعلى النقيض من هذا، فقد اختارت الصين أن توفر لمواطنيها الحرية الاقتصادية، وبعضا من الحرية الاجتماعية، والقليل اليسير من الحرية السياسية، وبذلك استطاعت التوصل إلى تركيبة من الحريات، تمكنت خلالها من توفير العيش الكريم لمواطنيها، وخلق وظائف لجميع أطياف المجتمع، والأخذ بيد نحو 400 مليون إلى فوق مستوى خط الفقر، وجعلت الاقتصاد الصيني يتربع على القمة بين اقتصاديات العالم.
وأما كوريا الجنوبية، فما زال الكوريون الجنوبيون يتذكرون جيدا الرئيس بارك شونغ هي، عندما خيّر قاده القطاع الخاص وكبار التجار بين إنشاء شركات كبرى أو الذهاب للسجن، واختار أغلب التجار إنشاء شركات عملاقة في شراكة بين القطاع الخاص والحكومة، ومن ثم أصبحت هذه الاتفاقية أساس نهضة كوريا الاقتصادية، معتمدة على المنافسة العالمية، وبالاستغلال الأمثل للميزة التنافسية، حيث استطاعت هذه الشركات الكبرى تغيير نمط الحياة في كوريا الجنوبية، بل في العالم أجمع، حين أصبحت دول العالم قاطبة تتسابق على شراء المنتجات الكورية، وذلك لتمتعها بميزتي الجودة العالية والسعر المعتدل.
أما سنغافورة، والتي تأتي في مقدمة الدول في مؤشر الحرية الاقتصادية في العالم، فيقول الأب الروحي لي كوان يو، والذي قاد مسيرتها لأكثر من ثلاثة عقود، عن نهضتها الاقتصادية، إن من أحد الأسباب الرئيسية لمعجزة سنغافورة الاقتصادية، هو اكتفاؤها بالحزب الواحد، بل وانعدام التنافس من الأحزاب الأخرى، مما سهل على السياسيين التركيز على نهضتها الاقتصادية، أو كما قال: «لا أعتقد أن طريق الديمقراطية تؤدي إلى التنمية، بل أرى أن البلد يحتاج إلى النظام أكثر من حاجته إلى الديمقراطية».
أما البلد الإسلامي، ماليزيا، فقد تعلم من تجارب الدول الناجحة، وتعرف على الطرق التي سلكها الآخرون لتحقيق النجاح، واختيار الملائم منها، إلى جانب التعرف على الأخطاء والتحديات التي واجهتهم، حتى يمكن تجنبها، أو تحويلها من تهديدات إلى فرص واعدة. كما استعانت ماليزيا بالإدارة الجيدة لتكوين قاعدة ارتكاز معقولة من تعليم متميز، وقدر معتبر من صناعات وطنية تتجه نحو تحقيق الاكتفاء، وتم الدمج الواعي بين المحافظة والانفتاح. فالعقلية المنفتحة، التي انطلق منها مهاتير محمد، جعلت من ماليزيا دولة صناعية متقدمة، يساهم قطاع الصناعة والخدمات بنحو 90 في المائة من الناتج المحلي.
لذا نخلص إلى أنه لا تنمية حقيقية وفعالة من دون تنمية اقتصادية مستدامة، فكل مجتمع يحتاج أولاً إلى الأمن الاقتصادي والمعيشي، والذي يتطلب إحداث تغييرات جذرية في هيكل الاقتصاد الوطني، كما تَتَطلب التنمية الاجتماعية إحداث تغييرات جذرية في مفاهيم وسلوك الأفراد تجاه المجتمع.
وتبرز التجربة الماليزية شاهدا على التطبيق الإسلامي الصحيح في سياسة العلم والعمل، والذي يعتبر الدافع القوي لنهضتها. أما في الصين فقد تم استخدام الإنجاز الاقتصادي ليكون أساساً لترسيخ الشرعية السياسية والنظام السياسي.
* محافظ السعودية في «أوبك» (سابقاً)



هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
TT

هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)

في ظلّ الضغوط المتزايدة التي فرضتها العقوبات الغربية وارتفاع أسعار الفائدة بشكل مذهل، تتزايد المخاوف في الأوساط الاقتصادية الروسية من احتمال حدوث موجة من الإفلاسات التي قد تهدّد استقرار الكثير من الشركات، لا سيما في ظل استمرار الرئيس فلاديمير بوتين في التمسّك بحربه في أوكرانيا.

وفي كلمته خلال مؤتمر الاستثمار الذي نظمته مجموعة «في تي بي» هذا الشهر، لم يفوّت بوتين الفرصة للتفاخر بما عدّه فشل العقوبات الغربية في إضعاف الاقتصاد الروسي، فقد صرّح قائلاً: «كانت المهمة تهدف إلى توجيه ضربة استراتيجية إلى روسيا، لإضعاف صناعتنا وقطاعنا المالي والخدماتي». وأضاف أن النمو المتوقع للاقتصاد الروسي سيصل إلى نحو 4 في المائة هذا العام، قائلاً إن «هذه الخطط انهارت، ونحن متفوقون على الكثير من الاقتصادات الأوروبية في هذا الجانب»، وفق صحيفة «واشنطن بوست».

وعلى الرغم من التصفيق المهذّب الذي قُوبل به الرئيس الروسي، فإن التوترات بدأت تظهر بين النخبة الاقتصادية الروسية بشأن التأثيرات السلبية المتزايدة للعقوبات على الاقتصاد الوطني. فقد حذّر عدد متزايد من المسؤولين التنفيذيين في الشركات الكبرى من أن رفع البنك المركزي أسعار الفائدة لمكافحة التضخم -الذي تفاقم بسبب العقوبات والنفقات العسكرية لبوتين- قد يهدد استقرار الاقتصاد في العام المقبل. وقد تتسبّب هذه السياسة في تسارع موجات الإفلاس، لا سيما في القطاعات الاستراتيجية الحساسة مثل الصناعة العسكرية، حيث من المتوقع أن يشهد إنتاج الأسلحة الذي يغذّي الحرب في أوكرانيا تباطؤاً ملحوظاً.

حتى الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، أشار في منشور على شبكته الاجتماعية «تروث سوشيال» إلى أن روسيا أصبحت «ضعيفة جزئياً بسبب اقتصادها المتداعي».

تحذيرات من الإفلاس

ومع تزايد توقعات أن «المركزي الروسي» سيضطر إلى رفع الفائدة مرة أخرى هذا الشهر، انضم بعض الأعضاء المعتدلين في الدائرة الداخلية لبوتين إلى الانتقادات غير المسبوقة للسياسات الاقتصادية التي أبقت على سعر الفائدة الرئيس عند 21 في المائة، في وقت يستمر فيه التضخم السنوي في الارتفاع ليصل إلى أكثر من 9 في المائة. وهذا يشير إلى احتمالية حدوث «ركود تضخمي» طويل الأمد أو حتى ركود اقتصادي في العام المقبل. وبالفعل، يتوقع البنك المركزي أن ينخفض النمو الاقتصادي بشكل حاد إلى ما بين 0.5 في المائة و1.5 في المائة في العام المقبل.

كما تسبّبت العقوبات الأميركية الجديدة التي شملت فرض عقوبات على 50 بنكاً روسياً، بما في ذلك «غازبروم بنك»، وهو قناة رئيسة لمدفوعات الطاقة، في زيادة تكاليف المعاملات بين المستوردين والمصدرين الروس. وقد أسهم ذلك في انخفاض قيمة الروبل إلى أدنى مستوى له مقابل الدولار منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022. وقد أدى هذا الانخفاض في قيمة الروبل إلى زيادة التضخم، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 0.5 في المائة بين 26 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً للبيانات الرسمية.

وفي هذا السياق، حذّر رئيس هيئة الرقابة المالية الروسية، نجل أحد أقرب حلفاء بوتين، بوريس كوفالتشوك، من أن رفع أسعار الفائدة «يحد من إمكانات الاستثمار في الأعمال، ويؤدي إلى زيادة الإنفاق في الموازنة الفيدرالية». كما انتقد الرئيس التنفيذي لشركة «روسنفت» الروسية، إيغور سيتشين، البنك المركزي بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، مؤكداً أن ذلك أسهم في زيادة تكاليف التمويل للشركات وتأثر أرباحها سلباً.

وفي تصريح أكثر حدّة، حذّر رئيس شركة «روس أوبورون إكسبورت» المتخصصة في صناعة الأسلحة، سيرغي تشيميزوف، من أن استمرار أسعار الفائدة المرتفعة قد يؤدي إلى إفلاس معظم الشركات الروسية، بما في ذلك قطاع الأسلحة، مما قد يضطر روسيا إلى الحد من صادراتها العسكرية.

كما شدّد قطب صناعة الصلب الذي يملك شركة «سيفيرستال»، أليكسي مورداشوف، على أن «من الأفضل للشركات أن تتوقف عن التوسع، بل تقلّص أنشطتها وتضع الأموال في الودائع بدلاً من المخاطرة بالإدارة التجارية في ظل هذه الظروف الصعبة».

وحذّر الاتحاد الروسي لمراكز التسوق من أن أكثر من 200 مركز تسوق في البلاد مهدد بالإفلاس بسبب ارتفاع تكاليف التمويل.

وعلى الرغم من أن بعض المديرين التنفيذيين والخبراء الاقتصاديين يشيرون إلى أن بعض الشركات قد تبالغ في تقدير تأثير أسعار الفائدة المرتفعة، في محاولة للحصول على قروض مدعومة من الدولة، فإن القلق بشأن الوضع الاقتصادي يبدو مشروعاً، خصوصاً أن مستويات الديون على الشركات الروسية أصبحت مرتفعة للغاية.

ومن بين أكثر القطاعات تأثراً كانت صناعة الدفاع الروسية، حيث أفادت المستشارة السابقة للبنك المركزي الروسي، ألكسندرا بروكوبينكو، بأن الكثير من الشركات الدفاعية لم تتمكّن من سداد ديونها، وتواجه صعوبة في تأمين التمويل بسبب ارتفاع تكاليفه. وقالت إن بعض الشركات «تفضّل إيداع الأموال في البنوك بدلاً من الاستثمار في أنشطة تجارية ذات مخاطر عالية».

كما تحدّث الكثير من المقاولين علناً عن الأزمة الاقتصادية المتزايدة في روسيا. ففي أوائل نوفمبر، أشار رئيس مصنع «تشيليابينسك» للحديد والصلب، أندريه جارتونغ، خلال منتدى اقتصادي إلى أن فروعاً رئيسة من الهندسة الميكانيكية قد «تنهار» قريباً.

وفي الثالث من ديسمبر (كانون الأول)، أفادت وكالة «إنترفاكس» الروسية بأن حالات عدم السداد انتشرت في مختلف أنحاء الاقتصاد، حيث تأخرت الشركات الكبرى والمتوسطة بنسبة 19 في المائة من المدفوعات بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول)، في حين تأخرت الشركات الصغيرة بنسبة 25 في المائة من المدفوعات في الفترة نفسها.

وحسب وزارة التنمية الاقتصادية الروسية، فقد انخفض الاستثمار في البلاد، وتسببت العقوبات في ارتفاع تدريجي لتكاليف الواردات والمعاملات المالية، مما أدى إلى زيادة التضخم. كما قال مسؤول مالي روسي كبير سابق، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع: «ما يحدث هو صدمة إمداد نموذجية في البلاد».

صناعة الدفاع مهددة

تأتي هذه التحديات في وقت حساس بالنسبة إلى صناعة الدفاع الروسية. فعلى الرغم من ضخ بوتين مبالغ ضخمة من التمويل الحكومي في هذا القطاع، مع تخصيص 126 مليار دولار في موازنة العام المقبل، فإن معظم الزيادة في الإنتاج كانت ناتجة عن تعزيز القوة العاملة لتشغيل المصانع العسكرية على مدار الساعة وتجديد مخزونات الحقبة السوفياتية. ومع ذلك، ومع استمرار الحرب ودخولها عامها الثالث، وارتفاع خسائر المعدات العسكرية، فإن القوة العاملة في القطاع قد وصلت إلى أقصى طاقتها، وإمدادات الأسلحة السوفياتية تتضاءل بسرعة.

وتقول جانيس كلوغ، من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن التكاليف المتزايدة والعقوبات المشددة على واردات المعدات تجعل من الصعب على قطاع الدفاع الروسي بناء الأسلحة من الصفر. ووفقاً لتقرير صادر هذا العام عن الباحثَين في المعهد الملكي للخدمات المتحدة بلندن، جاك واتلينغ ونيك رينولدز، فإن 80 في المائة من الدبابات والمركبات القتالية المدرعة التي تستخدمها روسيا في الحرب ليست جديدة، بل جُدّدت من المخزونات القديمة. ويضيف التقرير أن روسيا «ستبدأ في اكتشاف أن المركبات بحاجة إلى تجديد أعمق بحلول عام 2025. وبحلول عام 2026 ستكون قد استنفدت معظم المخزونات المتاحة».

ثقة الكرملين

على الرغم من هذه التحديات يبدو أن الوضع لا يثير قلقاً في الكرملين. وقال أكاديمي روسي له علاقات وثيقة مع كبار الدبلوماسيين في البلاد: «لا يوجد مزاج ذعر». وأضاف أن المسؤولين في الكرملين يعدّون أن «كل شيء يتطور بشكل جيد إلى حد ما». ووفقاً لهذا الرأي، فإن روسيا تواصل تحقيق تقدم عسكري، وفي ظل هذه الظروف، لا يرى الكرملين حاجة إلى تقديم أي تنازلات جادة.

وتزيد الاضطرابات السياسية في العواصم الغربية -بما في ذلك التصويت بحجب الثقة في فرنسا، مع التصويت المرتقب في ألمانيا، بالإضافة إلى اعتقاد الكرملين أن ترمب قد يقلّل من دعمه لأوكرانيا- من الثقة داخل روسيا.

وقد تصدّى بوتين لانتقادات متزايدة بشأن زيادات أسعار الفائدة ورئيسة البنك المركزي، إلفيرا نابيولينا، قائلاً في مؤتمر الاستثمار إن كبح جماح التضخم يظل أولوية بالنسبة إليه. ومع الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل البطاطس التي ارتفعت بنسبة 80 في المائة هذا العام، يواصل بوتين دعم نابيولينا وزيادات أسعار الفائدة، رغم شكاوى الشركات الكبرى. وقالت كلوغ: «من وجهة نظر بوتين، لا يمكن السماح للتضخم بالخروج عن السيطرة، لأنه يمثّل تهديداً لاستقرار النظام السياسي، ولهذا السبب منح نابيولينا تفويضاً قوياً».

لكن المستشارة السابقة للبنك المركزي، ألكسندرا بروكوبينكو، ترى أن الضغط من الشركات الكبرى لن يهدأ. وقالت: «عندما يكون التضخم عند 9 في المائة، وسعر الفائدة عند 21 في المائة، فهذا يعني أن السعر الرئيس لا يعمل بشكل صحيح، ويجب البحث عن أدوات أخرى. أولوية بوتين هي الحرب وتمويل آلتها، ولا يمتلك الكثير من الحلفاء، والموارد المتاحة له تتقلص». وأضافت أنه من المحتمل أن تتعرّض نابيولينا لمزيد من الضغوط مع استمرار الوضع الاقتصادي الصعب.

ومع تزايد الضغوط على بوتين، أصبحت الصورة في الغرب أكثر تفاؤلاً بشأن فرص التغيير في روسيا، وفقاً لمؤسسة شركة الاستشارات السياسية «ر. بوليتيك» في فرنسا، تاتيانا ستانوفايا.

وأضافت: «بوتين مستعد للقتال ما دام ذلك ضرورياً... لكن بوتين في عجلة من أمره. لا يستطيع الحفاظ على هذه الشدة من العمل العسكري والخسائر في الأرواح والمعدات كما كان في الأشهر الأخيرة».