تقنيات الطب الشرعي الحديثة تحدد ملامح مهندس إيطالي تاريخي

تقنيات الطب الشرعي الحديثة تحدد ملامح مهندس إيطالي تاريخي
TT

تقنيات الطب الشرعي الحديثة تحدد ملامح مهندس إيطالي تاريخي

تقنيات الطب الشرعي الحديثة تحدد ملامح مهندس إيطالي تاريخي

رغم الشهرة الواسعة التي حققها المهندس الإيطالي أندريا بالاديو، الذي ابتدع أسلوبا في الهندسة المعمارية يحمل اسمه، ويتميز بطابع أنيق تغلب عليه العراقة الكلاسيكية، فإنه لم تظهر مطلقا صورة رسمية تكشف ملامح وجه هذه الشخصية التي عاشت في عصر النهضة.
وترجمت الرسالة العلمية التي ألفها بالاديو في أربعة كتب بشأن الهندسة المعمارية إلى معظم اللغات الغربية، وكان لها تأثير كبير على المهندسين المعماريين عبر العصور وفي مختلف بلاد العالم، بما في ذلك على مصممي البيت الأبيض بالعاصمة الأميركية واشنطن.
ولم يسترع اللغز بشأن كيف تبدو ملامح بالاديو الاهتمام، إلا في عام 1570، عندما نُشر كتابه «أربعة كتب بشأن الهندسة المعمارية» للمرة الأولى في مسقط رأسه ببلدة فيسينزا بشمال إيطاليا، حيث لم يتضمن الكتاب صورة لوجه بالاديو، وكان هذا أمرا غير مألوف في ذلك الوقت.
ويعود تاريخ تقليد إدراج صورة لوجه المؤلف مع النص المكتوب إلى العصور الوسطى، وما زال هذا التقليد، الذي يعتبر من مبادئ تسويق الكتب، ساريا حتى يومنا هذا. ولكن بعكس معاصريه، امتنع بالاديو عن وضع صورة له بجانب اسمه في كتابه.
كذلك لم يضع جيورجيو فاساري صورة بالاديو في الكتاب الذي أصدره عام 1568، ويحمل عنوان «حياة أفضل الرسامين والنحاتين والمهندسين المعماريين»، وهو الكتاب الذي أرسى قواعد تاريخ الفنون كما نعرفها اليوم، والذي كان يتضمن صورة لكل شخصية من الشخصيات التي تناولها بين صفحاته.
ويقول مدير متحف بالاديو في مدينة فيسينزا، جويدو بيلتراميني، إن «السؤال هنا لا يتعلق بكيف كانت تبدو ملامح بالاديو، بل يتعلق بلماذا لم يكن بالاديو يريدنا أن نعرف ملامحه».
ويروي البعض أن بالاديو كان كتوما، ولكن بيلتراميني يعتقد أن هذا المهندس المعماري حرص على إخفاء وجهه حتى تكون رسالته العلمية مملوكة للجميع.
يوضح بيلتراميني أن «الكتب الأربعة» تعتبر بمثابة كتاب شرح للفن المعماري وفق أسلوب بالاديو، الذي يتميز بـ«الجمال والفائدة ورخص التكلفة».
وأضاف أن الكتاب «يشبه كتالوج متجر (أيكيا) للأثاث، بمعنى أن أي شخص لديه هذا الكتاب يمكنه أن يشيد فيلا وفق أسلوب بالاديو».
بالتأكيد، فإن مسألة عدم وجود صورة رسمية للمهندس بالاديو لم تجذب اهتمام أحد، باستثناء معجبيه.
ويحظى بالاديو بتقدير كبير لدى البريطانيين، حيث يضم متحف «فيكتوريا وألبرت» في لندن، أكبر مجموعة في العالم من رسوماته. وفي عام 1716 ظهرت في بريطانيا صورة له اتضح أنها مزيفة، وتم نشرها باعتبارها من أعمال الرسام باولو فيرونيسي الذي عاش في نفس الفترة التي عاش فيها بالاديو.
في عام 1733، كشف الإيطاليون عن صورة أخرى جريئة لهذا المهندس العظيم، تم نسخها من لوحة كانت محفوظة في فيلا روتوندا التي شيدت وفق أسلوب بالاديو المعماري بالقرب من مدينة فيسينزا.
وانتشرت هذه الصور بشكل كبير، حيث كانت إحداها لرجل ممتلئ وملتحي، وأخرى لرجل له شارب، وثالثة لرجل يرتدي قبعة، بل وظهرت صورة لبالاديو بملامح صينية، حتى قرر بيلتراميني عندئذ أن يتولى هذه القضية بنفسه.
وأخذ بيلتراميني يستبعد الاحتمالات الضعيفة حتى وصل إلى 12 «مشتبها به» في لوحات من مجموعات فنية في مختلف أنحاء العالم. ويرجع تاريخ هذه اللوحات من الناحية العلمية إلى الفترة التي عاش فيها بالاديو، ثم قام باستدعاء فريق من الطب الشرعي تابع للشرطة الوطنية الإيطالية للتحقيق في هذه القضية.
وأوضح خبير الشرطة جيامباولو زاجوليني: «لقد استخدمنا نفس تقنيات التعرف على الوجوه والمقارنة التي نستخدمها لتحديد هوية شخص مشتبه به يظهر في مقطع فيديو تم تصويره بكاميرا أمنية، من أجل تضييق الاحتمالات».
وبهذه الطريقة، اكتشفت الشرطة أن 9 من اللوحات الـ12 هي في الواقع صور لأربعة أشخاص مختلفين، وبالتالي تم استبعادهم جميعا.
وكانت هناك صورة عاشرة للمهندس بالاديو وهو شاب صغير، وبالتالي استخدمت الشرطة تقنية التطور العمري التي تلجأ إليها لتحديد هوية المفقودين أو الهاربين من السلطات لفترة طويلة، وتوصلت إلى أن الصورة هي لشخص في العشرين من عمره، وتم استبعاد هذا الشخص أيضا.
وبعد نحو ثلاثة أشهر من البحث، توصل المحققون إلى أن الصورة الحقيقية لبالاديو هي لوحة جاءت من مجموعة خاصة في موسكو.
واشترى مهندس برجوازي روسي يدعي إيفان زولتوفسكي هذه اللوحة عام 1909 في مدينة فيسينزا، ونجا من الثورة السوفياتية عن طريق إقناع لينين ثم ستالين ثم خروشوف في وقت لاحق، بأن إرث بالاديو هو الشيء الوحيد الجدير بالمعرفة في عهد الاشتراكية الجديدة، حسبما ذكر مفتش الفنون والمعمار في مدينة فيسينزا الإيطالية فابريتسيو ماجاني.
ويروى ماجاني أنه تم تعيين زولتوفسكي رئيسا للأكاديمية السوفياتية للهندسة المعمارية، وقام بتحويل إحدى الكنائس إلى استوديو خاص له، حيث احتفظ بصورة بالاديو على مذبح خاص.
ويقول لويجي كارنفالي رئيس إدارة الطب الشرعي في إيطاليا، إن العمل على هذه القضية حوَّل أفراد وحدة الطب الشرعي إلى معجبين متحمسين لبالاديو.
وأضاف: «كيف لا نستشعر الإلهام من شخصية تركت بصمتها على بلادنا، وفي مختلف أنحاء العالم، مثل بالاديو وفنه المعماري».



انطلاق المؤتمر العالمي لـ«موهبة» لتعزيز التعاون الإبداعي لـ«جودة الحياة»

المؤتمر يشكل منصة ملهمة تجمع العقول المبدعة من كل العالم (واس)
المؤتمر يشكل منصة ملهمة تجمع العقول المبدعة من كل العالم (واس)
TT

انطلاق المؤتمر العالمي لـ«موهبة» لتعزيز التعاون الإبداعي لـ«جودة الحياة»

المؤتمر يشكل منصة ملهمة تجمع العقول المبدعة من كل العالم (واس)
المؤتمر يشكل منصة ملهمة تجمع العقول المبدعة من كل العالم (واس)

انطلقت فعاليات النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للموهبة والإبداع بعنوان «عقول مبدعة بلا حدود» في العاصمة السعودية الرياض، الأحد، الذي يجمع نخبةً من الخبراء والموهوبين في مجالات العلوم والتقنية والابتكار، ويشارك فيه أكثر من 300 موهوب ومتحدثون محليون ودوليون من أكثر من 50 دولةً، وذلك برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز. ونيابة عنه، افتتح الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز، أمير منطقة الرياض، فعاليات المؤتمر العالمي والمعرض المصاحب للمؤتمر الذي تنظمه مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع «موهبة»، في مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية «كابسارك» بالعاصمة السعودية، وشهد توقيع عدد من الاتفاقيات بين «موهبة» وعدد من الجهات.

أمير الرياض خلال افتتاحه فعاليات المؤتمر العالمي والمعرض المصاحب للمؤتمر (واس)

ورفع أمين عام «موهبة» المكلف الدكتور خالد الشريف، كلمة رفع فيها الشكر لخادم الحرمين الشريفين على رعايته للمؤتمر، ودعمه المستمر لكل ما يُعزز ريادة السعودية في إطلاق المبادرات النوعية التي تمثل قيمة مضافة لمستقبل الإنسانية، مثمناً حضور وتشريف أمير منطقة الرياض لحفل الافتتاح.

وقال الدكتور الشريف: «إن قيادة السعودية تؤمن بأهمية الاستثمار برعاية الموهوبين والمبدعين باعتبارهم الركيزة الأساسية لازدهار الأوطان والطاقة الكامنة التي تصنع آفاقاً مستقبلية لخدمة البشرية»، مشيراً إلى أن العالم شاهد على الحراك الشامل لمنظومة تنمية القدرات البشرية في المملكة لبناء قدرات الإنسان والاستثمار في إمكاناته، في ظل «رؤية السعودية 2030»، بقيادة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي رئيس لجنة برنامج تنمية القدرات البشرية.

وأكد الدكتور الشريف أن هذا الحراك يواكب ما يزخر به وطننا من طاقات بشرية شابة موهوبة ومبدعة في شتى المجالات، يتجاوز إبداعها حدود بلادنا ليصل إلى العالمية، وهو ما مكن المملكة من أن تصبح حاضنة لألمع العقول العالمية الموهوبة والمبدعة، وحاضرة إنسانية واقتصادية واعدة بمستقبل زاهر ينعكس على العالم أجمع.

وأوضح أن المؤتمر العالمي للموهبة والإبداع بنسخته الثالثة يشكّل منصةً ملهمة تجمع العقول المبدعة من كل العالم، لتستلهم معاً حلولاً مبتكرة تعزز جودة الحياة في مجتمعاتنا، وتبرز الفرص، وتعزز التعاون الإبداعي بين الشعوب.

انعقاد هذا المؤتمر يتزامن مع احتفالية مؤسسة «موهبة» بيوبيلها الفضي (واس)

ولفت النظر إلى أن انعقاد هذا المؤتمر يتزامن مع احتفالية مؤسسة «موهبة» بيوبيلها الفضي؛ حيث أمضت 25 عاماً في دعم الرؤى بعيدة المدى للموهبة والإبداع، وباتت مشاركاً رئيسياً في المنظومة الداعمة لاكتشاف ورعاية الطاقات الشابة الموهوبة والمبدعة، بمنهجية تُعد الأكثر شمولاً على مستوى العالم لرعاية الأداء العالي والإبداع.

عقب ذلك شاهد أمير منطقة الرياض والحضور عرضاً مرئياً بمناسبة اليوبيل الفضي لإنشائها، وإنجازاتها الوطنية خلال الـ25 عاماً الماضية، ثم دشن «استراتيجية موهبة 2030» وهويتها المؤسسية الجديدة، كما دشن منصة «موهبة ميتا مايندز» (M3)، وهي منصة عالمية مصممة لربط ودعم وتمكين الأفراد الموهوبين في البيئات الأكاديمية أو قطاعات الأعمال، إلى جانب تدشين الموقع الإلكتروني الجديد لـ«موهبة»، الذي تواصل المؤسسة من خلاله تقديم خدماتها لجميع مستفيديها من الموهوبين وأولياء الأمور.

ويهدف المؤتمر العالمي للموهبة والإبداع إلى إظهار إمكانات الموهوبين، وتطوير نظام رعاية شامل ومتكامل للموهوبين، وتعزيز التكامل والشراكات الاستراتيجية، وتحسين وتعزيز فرص التبادل والتعاون الدولي، ويشتمل المؤتمر على 6 جلساتٍ حوارية، و8 ورش عمل، وكرياثون الإبداع بمساراته الـ4، ومتحدثين رئيسيين؛ حيث يسعى المشاركون فيها إلى إيجاد الحلول الإبداعية المبتكرة للتحديات المعاصرة، إلى جانب فعاليات مصاحبة، تشمل معرضاً وزياراتٍ ثقافيةً متنوعةً على هامش المؤتمر.