القلق من حمائية ترمب يهيمن على اجتماعات صندوق النقد والبنك الدولي

لاغارد: نتواصل مع الإدارة الأميركية لإنفاذ اتفاقيات تجارية عادلة

لاغارد ونائبها ديفيد ليبتون خلال الاجتماع امس (إ.ب.أ)
لاغارد ونائبها ديفيد ليبتون خلال الاجتماع امس (إ.ب.أ)
TT

القلق من حمائية ترمب يهيمن على اجتماعات صندوق النقد والبنك الدولي

لاغارد ونائبها ديفيد ليبتون خلال الاجتماع امس (إ.ب.أ)
لاغارد ونائبها ديفيد ليبتون خلال الاجتماع امس (إ.ب.أ)

أكدت كريستين لاغارد، مديرة صندوق النقد الدولي، أن تحفيز النمو الاقتصادي العالمي يعتمد على تنفيذ سياسات تساعد على الانتعاش والصمود أمام التحديات الاقتصادية والجيو - سياسية وشددت على أن معدلات النمو الاقتصادي العالمي تتحسَّن، وأن هناك زخماً يجب الحفظ عليه في الوقت الحالي مع تبني سياسات تحفز وتدعم النمو وإجراءات لتشجيع الابتكار ومساندة القطاع الخاص والعمل على تنمية قطاع التعليم والتدريب لاكتساب المهارات.
وقالت لاغارد خلال المؤتمر الصحافي للصندوق صباح أمس الخميس: «نمو الإنتاجية لم ينتعش بعد وهو أمر يؤدي إلى غموض أفاق معدلات النمو على المدى المتوسط».
وقالت لاغارد خلال المؤتمر الصحافي المقام على هامش اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليان، إن التكامل التجاري والمالي قد أدى إلى جني منافع كبيرة، وطالبت بضرورة تصميم سياسات للاقتصاد الكلي وتنفيذ الإصلاحات التي تؤدي إلى رفع معدلات النمو وتوسيع الفرص الاقتصادية، وتعزيز القدرة على الصمود وتسهيل إعادة التوازن العالمي إضافة إلى مساعدة البلدان على إجراء تعديلات عن طريق الاقتراض والدعوة لتعاون متعدد الأطراف باعتباره أكثر الوسائل فعالية لمواجهة التحديات العالمية.
وحول سياسات إدارة ترمب الحمائية واتجاه إدارته لمراجعة بعض الاتفاقات التجارية قالت لاغارد: «كلنا قلقون من اتجاهات التجارة الدولية، وهي أحد العوامل الأساسية لتحقيق الازدهار ودفع النمو ونتواصل باستمرار مع الإدارة الأميركية، وسننظر كيف يمكن للصندوق أن يعمل على مساندة ازدهار التجارة والعمل لتحقيق اتفاقات تجارية عادلة».
من جانبه، دعا جيم يونغ كيم رئيس البنك الدولي في مؤتمر صحافي، صباح أمس، إلى إيجاد سبل مبتكرة لمساعدة الفقراء، مشيراً إلى أن الاقتصاد العالمي يواجه تحديات متزايدة تتعلق بتسارع التكنولوجيات والتطلعات المتزايدة لدى السكان في العالم، وأشار رئيس البنك الدولي إلى أن مساعدة الفقراء تتطلب اتفاقاً في جميع مجالات نظم التمويل الإنمائي الدولي الثنائي ومتعددة الأطراف لتحريك هيكل التنمية العالمي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030.
وتفاءل رئيس البنك الدولي بتحقيق آفاق اقتصادية أفضل بعد سنوات من النمو العالمي المخيب للآمال لكنه حذر من شبح المجاعة التي تواجه عدة دول أفريقية، مشيراً إلى أن على دول العالم والشركاء الدوليين مواجهة شبح المجاعة واستخدام كل ما تملكه الدول من موارد مالية واستشارية لمنع انتشار المجاعات في المستقبل.
وفي تصريحات بَدَت دبلوماسيةً بشكل كبير، أبدى جيم يونغ كيم حماسه باهتمام إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالمهام التي يقوم بها البنك الدولي وخططه لاستخدام المزيد من رأس المال لتطوير نظم التمويل. وقال كيم: «إن مسؤولي إدارة ترمب، بمن فيهم وزير الخزانة ستيفن منوشن يطرحون أسئلة بشأن وجهة نظر البنك في حل مشكلات التنمية»، وأوضح أنه تحدث مع الرئيس ترمب حول ضرورة العمل بفاعلية أكبر مع القطاع الخاص.
في حين أشارت كريستالينا جورجيفا المديرة الإدارية بالبنك الدولي إلى أن اجتماعات مسؤولي البنك مع مسؤولي الإدارة الأميركية لم تكشف عن أي رغبة في الانسحاب من المؤسسات متعددة الأطراف، رداً على مقترحات أبدتها إدارة ترمب بخفض تمويل بنوك التنمية، بما في ذلك البنك الدولي.
وأشارت مصادر بصندوق النقد إلى أن القادة الاقتصاديين والمسؤولين الماليين من جميع أنحاء العالم لديهم بالفعل قلق من اتجاهات إدارة ترمب الحمائية، ويتناقشون خلال اجتماعات الربيع حول كيفية دفع السياسات الأميركية بعيداً عن الحمائية وإظهار دعم واسع للتجارة المفتوحة والاندماج العالمي، وقد أصدر صندوق النقد الدولي بالفعل بعض التصريحات التي حذَّرَت من توجهات الإدارة الأميركية لتقليص العجز التجاري في الولايات المتحدة، واتخاذ تدابير محتملة لتقييد الواردات.
وفي أحدث التوقعات الاقتصادية للصندوق، أشار إلى أن السياسات الحمائية ستعوق النمو العالمي الذي بدا يتخذ زخماً. وفي المقابل، يدافع مسؤولي الإدارة الأميركية عن اتجاهات الرئيس ترمب مشيرين إلى أن الدول الأخرى تتخذ إجراءات أكثر حمائية من الولايات المتحدة.
وفي إجابتها حول الإصلاحات التي نفَّذَتها مصر، والموعد المتوقع لحصول القاهرة على الشريحة الثانية من القرض البالغ 12 مليار دولار، قالت لاغارد إن الإجراءات الإصلاحية التي اتخذتها مصر كانت شجاعة للغاية، وأسهمت في تحقيق إصلاحات مهمة في البلاد. وقد أوضحت: «خلال لقائي بالرئيس السيسي منذ عشرة أيام خلال زيارته لواشنطن، أبديت تشجيعي ومساندتي للاستمرار في هذه الإصلاحات، لكن هناك أموراً يجب مواجهتها، ومن أهمها المستويات المرتفعة للتضخم، فالإصلاحات يجب أن تتجه إلى مواجهة التضخم الذي يؤثر على النمو».
وأضافت لاغارد: «إنني آمل أن يقوم المصريون بتلك الإصلاحات لمواجهة التضخم فالبرنامج المالي الذي يقدمه الصندوق لمصر هو ثاني أكبر برنامج مالي، ومن المهم العمل لدفع الاقتصادي المصري، لأن مصر بلد كبيرة وتواجه كثيراً من التحديات الأمنية».



تهديدات ترمب التجارية تضرب الأسواق العالمية قبل توليه الرئاسة

دونالد ترمب يتحدث خلال مؤتمر صحافي في بالم بيتش بفلوريدا 7 يناير 2025 (أ.ب)
دونالد ترمب يتحدث خلال مؤتمر صحافي في بالم بيتش بفلوريدا 7 يناير 2025 (أ.ب)
TT

تهديدات ترمب التجارية تضرب الأسواق العالمية قبل توليه الرئاسة

دونالد ترمب يتحدث خلال مؤتمر صحافي في بالم بيتش بفلوريدا 7 يناير 2025 (أ.ب)
دونالد ترمب يتحدث خلال مؤتمر صحافي في بالم بيتش بفلوريدا 7 يناير 2025 (أ.ب)

من الصين إلى أوروبا، ومن كندا إلى المكسيك، بدأت الأسواق العالمية بالفعل الشعور بتأثير تهديدات دونالد ترمب بزيادة الرسوم الجمركية بمجرد توليه الرئاسة في أقل من أسبوعين. فقد تعهّد ترمب بفرض رسوم جمركية تصل إلى 10 في المائة على الواردات العالمية، و60 في المائة على السلع الصينية، بالإضافة إلى رسوم استيراد إضافية بنسبة 25 في المائة على المنتجات الكندية والمكسيكية، وهي تدابير يقول خبراء التجارة إنها ستعطّل تدفقات التجارة العالمية، وتؤدي إلى رفع التكاليف، وتستدعي ردود فعل انتقامية.

وعلى الرغم من أن نطاق هذه الرسوم وحجمها لا يزالان غير واضحَيْن، فإن الطريق يبدو شائكاً، وفق «رويترز».

فيما يلي نظرة على بعض الأسواق التي تثير الاهتمام:

1. الصين الهشّة

وفقاً لـ«غولدمان ساكس»، فمن المرجح أن تكون الصين الهدف الرئيسي لحروب ترمب التجارية الثانية. وبدأ المستثمرون بالفعل التحوط؛ مما أجبر البورصات والبنك المركزي في الصين على الدفاع عن اليوان المتراجع والأسواق المحلية. وقد بلغ اليوان أضعف مستوى له منذ 16 شهراً؛ إذ تمّ تداول الدولار فوق مستوى 7.3 يوان، وهو المستوى الذي دافعت عنه السلطات الصينية.

ويتوقع بنك «باركليز» أن يصل اليوان إلى 7.5 للدولار بحلول نهاية 2025، ثم يتراجع إلى 8.4 يوان إذا فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية بنسبة 60 في المائة. وحتى دون هذه الرسوم، يعاني اليوان من ضعف الاقتصاد الصيني؛ مما دفع عوائد السندات الصينية إلى الانخفاض، وبالتالي اتساع الفجوة بين العوائد الصينية والأميركية. ويتوقع المحللون أن تسمح الصين لليوان بالضعف بشكل تدريجي لمساعدة المصدرين في التكيّف مع تأثير الرسوم الجمركية. إلا أن أي انخفاض مفاجئ قد يُثير مخاوف بشأن تدفقات رأس المال؛ مما قد يُعيد تسليط الضوء على هذه المخاوف ويؤدي إلى اهتزاز الثقة التي تضررت بالفعل، خصوصاً بعد أن شهدت الأسهم أكبر انخفاض أسبوعي لها في عامين. بالإضافة إلى ذلك، يشعر المستثمرون في الدول المصدرة الآسيوية الكبرى الأخرى، مثل: فيتنام وماليزيا، بالتوتر؛ حيث يعكف هؤلاء على تقييم المخاطر المحتملة على اقتصاداتهم نتيجة للتقلّبات الاقتصادية العالمية.

2. مزيج سام لليورو

منذ الانتخابات الأميركية، انخفض اليورو بأكثر من 5 في المائة، ليصل إلى أدنى مستوى له في عامين عند نحو 1.03 دولار. ويعتقد كل من «جيه بي مورغان» و«رابوبنك» أن اليورو قد يتراجع ليصل إلى مستوى الدولار الرئيسي هذا العام، بسبب حالة عدم اليقين المتزايدة بشأن التعريفات الجمركية. وتُعدّ الولايات المتحدة الشريك التجاري الأكبر للاتحاد الأوروبي، مع تجارة تُقدّر بـ1.7 تريليون دولار في السلع والخدمات. وتتوقع الأسواق أن يخفّض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس هذا العام لدعم الاقتصاد الأوروبي الضعيف، في حين يتوقع المتداولون تخفيضاً محدوداً بنسبة 40 نقطة أساس من قِبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، مما يعزّز جاذبية الدولار مقارنة باليورو. كما أن تأثير ضعف الاقتصاد الصيني ينعكس على أوروبا، حيث يُعد فرض التعريفات على الصين والاتحاد الأوروبي معاً مزيجاً سلبياً لليورو.

3. مشكلات قطاع السيارات

في أوروبا، يُعدّ قطاع السيارات من القطاعات الحساسة بشكل خاص لأي تهديدات بفرض تعريفات جمركية. ويوم الاثنين، شهدت سلة من أسهم شركات السيارات ارتفاعاً مفاجئاً بنحو 5 في المائة، بعد تقرير لصحيفة «واشنطن بوست» أفاد بأن مساعدي ترمب كانوا يستكشفون فرض رسوم جمركية على الواردات الحرجة فقط، لكن هذه الأسهم سرعان ما تراجعت بعد أن نفى ترمب ما ورد في التقرير. هذه التقلبات تسلّط الضوء على مدى حساسية المستثمرين تجاه القطاع الذي يعاني بالفعل من خسارة كبيرة في القيمة؛ إذ فقدت أسهمه ربع قيمتها منذ ذروتها في أبريل (نيسان) 2024، بالإضافة إلى تراجع تقييماتها النسبية.

وقال رئيس استراتيجية الأسهم الأوروبية في بنك «باركليز»، إيمانويل كاو، إن قطاع السيارات من بين القطاعات الاستهلاكية الأكثر تأثراً بالتجارة، وتجب مراقبته من كثب. ولفت إلى أن القطاعات الأخرى المعرّضة لهذه المخاطر تشمل السلع الأساسية، والسلع الفاخرة، والصناعات. وفي هذا السياق، انخفضت سلة «باركليز» من الأسهم الأوروبية الأكثر تعرضاً للتعريفات الجمركية بنحو 20 في المائة إلى 25 في المائة، مقارنة بالمؤشرات الرئيسية في الأشهر الستة الماضية. كما أن ضعف الاقتصاد في منطقة اليورو قد يؤدي إلى تمديد ضعف أداء الأسهم الأوروبية، حيث ارتفع مؤشر «ستوكس 600» بنسبة 6 في المائة في عام 2024، في حين سجّل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» ارتفاعاً بنسبة 23 في المائة في العام نفسه.

4. ارتفاع الدولار الكندي

يقترب الدولار الكندي من أضعف مستوياته منذ أكثر من أربع سنوات، بعد تراجع حاد إثر تهديد ترمب في نوفمبر (تشرين الثاني) بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على كندا والمكسيك؛ حتى تتخذا إجراءات صارمة ضد المخدرات والمهاجرين. ومن المرجح أن يواصل الدولار الكندي انخفاضه؛ حيث يعتقد محللو «غولدمان» أن الأسواق لا تُسعّر سوى فرصة بنسبة 5 في المائة لفرض هذه الرسوم، ولكن المحادثات التجارية المطولة قد تُبقي المخاطر قائمة. وفي حال نشوب حرب تجارية شاملة، قد يضطر بنك «كندا» إلى تخفيض أسعار الفائدة أكثر، مما قد يدفع الدولار الكندي إلى مستوى 1.50 مقابل الدولار الأميركي، أي انخفاضاً إضافياً بنسبة 5 في المائة من نحو 1.44 الآن. وتزيد استقالة رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو من تعقيد التوقعات.

5. البيزو المكسيكي المتقلّب

كان البيزو المكسيكي قد شهد بالفعل انخفاضاً بنسبة 16 في المائة مقابل الدولار في عام 2024 عقب انتخاب ترمب، مما جعل الكثير من الأخبار المتعلقة بالعملة قد تمّ تسعيرها بالفعل، سواء كانت تصب في مصلحة الدولار أو تضر بالبيزو. وكان أداء البيزو في 2024 هو الأضعف منذ عام 2008؛ حيث تراجع بنسبة 18.6 في المائة، وذلك في وقت كان يشهد فيه تهديدات من الولايات المتحدة بفرض رسوم جمركية، خصوصاً أن المكسيك تُعد الوجهة التي تذهب إليها 80 في المائة من صادراتها. بالإضافة إلى ذلك، أثر الإصلاح القضائي المثير للجدل في المكسيك أيضاً على العملة.

وبعد إعلان الرسوم الجمركية يوم الاثنين، التي نفى ترمب صحتها لاحقاً، ارتفع البيزو بنسبة 2 في المائة قبل أن يقلّص مكاسبه. ويسلّط هذا التقلب الضوء على احتمالية استمرار التقلبات في السوق، خصوصاً مع استمرار التجارة على طول الحدود الجنوبية للولايات المتحدة بصفتها هدفاً رئيسياً للرئيس المنتخب.