حملة حوثية بتصفية أعوان صالح تفاقم انشقاقات انقلابيي اليمن

حملة حوثية بتصفية أعوان صالح تفاقم انشقاقات انقلابيي اليمن
TT

حملة حوثية بتصفية أعوان صالح تفاقم انشقاقات انقلابيي اليمن

حملة حوثية بتصفية أعوان صالح تفاقم انشقاقات انقلابيي اليمن

جاءت عملية اغتيال العميد وضاح الشحطري، المقرب من الرئيس السابق علي عبد الله صالح، ومدير الأمن بمحافظة المحويت العميد على صالح عبد الغني، في كمين أول من أمس، تنفيذاً للتهديد الذي أطلقه زعيم المتمردين الحوثيين عبد الملك الحوثي بتصفية من سماهم بالطابور الخامس، المنضوين تحت عباءة علي عبد الله صالح و«المؤتمر الشعبي العام»، شريك الانقلاب، في انتظار ما يمكن أن يقوم به صالح من رد تجاه الحوثيين بعد هذا الحادث، رغم تأكيد كثير من المراقبين على عدم قدرة صالح على الرد.
وتسود حالة التوتر بين الطرفين إثر تنفيذ الجانبين لعمليات تصفية لأتباع كل طرف في بعض المحافظات التي تقع تحت سيطرة الانقلاب.
وكانت ميليشيات الحوثي قد حشدت مناصريها في شارع المطار، شرق العاصمة صنعاء، الأحد الماضي، في تظاهرة للمطالبة بتطبيق ما يسمى بقانون الطوارئ في المناطق التي تخضع لسيطرة الانقلابين، وإيجاد مبرر لممارسة القمع المفرط بحق اليمنيين، خصوصاً الفئة الصامتة من حزب المؤتمر.
وأوضح مراقبون أن رغبة ميليشيات الحوثي في تطبيق قانون الطوارئ هو لصرف تركيز اليمنيين عن الهزائم الميدانية والمعنوية، وتقهقرهم في كل الجبهات، تحت ضربات قوات الشرعية والتحالف الداعم للشرعية.
وأكد المراقبون أن انتصارات المقاومة الشعبية والجيش اليمني في المخا وسواحل الحديدة ونهم، بصنعاء والجبهات الأخرى، هي السبب الحقيقي وراء جنون ميليشيات الانقلاب، وسعيها لإعلان ما يسمى حالة الطوارئ.
وأضافوا أن ميليشيات الحوثي هدفت كذلك من تنظيم المظاهرة لتأكيد رغبتها في الانفراد بإدارة مؤسسات الدولة بعيداً عن صالح وحزبه.
وأشاروا إلى أن حزب المؤتمر أصبح متفرجاً على تفرد ميليشيات الحوثي بالقرار، وعدم قدرته على رد الصفعات المتوالية التي يتلقاها من الحوثي وعصابته.
ميليشيا الحوثي كانت قد فرضت، الجمعة الماضية، خُطباً في أغلب مساجد أمانة العاصمة ذات مضمون واحد، موجهة بدرجة أولى للمؤتمرين الموالين لحليفهم صالح، الذين سماهم عبد الملك الحوثي أخيراً بالطابور الخامس.
ورأى مراقبون أن هذه التعبئة في المساجد تأتي استباقاً لأي احتمال بتوجيه قيادة حزب المؤتمر الشعبي بالمحافظات الخاضعة لسيطرة الانقلابيين لمناصريه بالتمرد على قرارات وتوجيهات القيادات الحوثية في جبهات القتال، عادّين أن إطلاق مصطلح «الطابور الخامس»، وترديده في المساجد ووسائل الإعلام، يعد تهديداً غير مباشر للمؤتمرين الرافضين الانصياع لتوجيهات الحوثيين.
قيادي من حزب صالح كشف أخيراً عن إنشاء الحوثيين لقائمة سوداء بأسماء ألفين من المؤتمرين الإعلاميين والناشطين وصحافيين، لاستهدافهم بالتصفية والسجن والإخفاء القسري بتهمة الطابور الخامس.
واعترف بأن الشارع اليمني ساخط على المؤتمر، وأنه بدأت الأصوات تنادي باستهجان ممارسات الحوثيين، ومحاولتهم طمس كل القوى السياسية المشاركة لهم في مشروعهم الطائفي والسياسي المرتبط بإيران.
وزاد من حنق أنصار المخلوع صالح محاولة حلفائهم الحوثيين الاستئثار بكل شيء في صنعاء، ولاحظ مراقبون تزايد حدة انتقادات قادة وعناصر حزب المؤتمر الشعبي لسلوك الحوثيين الذي يجيّر كل شيء في الدولة، وحتى القوات العسكرية التابعة للرئيس المخلوع، لخدمة مشروع الحوثي.
واعتبر أحد الإعلاميين التابعين لحزب المؤتمر الشعبي العام أنه «لم يعد أمام المؤتمرين سوى الشكوى والصراخ المنخفض تجاه جنوح وتغول ميليشيا الحوثي ولجانها الشعبية والثورية، التي تمارس نفوذاً وهيمنة حتى على وزرائهم في حكومتهم الانقلابية، بمعنى أنهم أصبحوا مجرد أدوات في مشروع الحوثي».
وأشار إلى أن «كثيراً من أتباع المخلوع بدأوا يعضون أصابع الندم على تحالفهم المشبوه مع الحوثيين، عدو الأمس، ولكن بعد أن تم تقليم أظافرهم، لم يعد بأيديهم حيلة سوى البكاء والشكوى المصحوبة بأنين المذلة والخضوع للأمر الواقع».
ورفعت الميليشيات الحوثية إلى النائب العام أسماء 26 صحافياً وناشطاً سياسياً، بينهم محمد أنعم، رئيس تحرير صحيفة «الميثاق»، لسان حال حزب المؤتمر، لملاحقتهم واعتقالهم.
كما تتم ملاحقة وتهديد 12 ناشطاً إعلامياً وسياسياً، من قبل الجهاز الأمني للميليشيات الحوثية في محافظات صنعاء والحديدة وذمار وإب.
وكانت صحيفة «الميثاق»، الناطقة باسم حزب المؤتمر، قد زادت من انتقاداتها للميليشيات، مطالبة ممثلي الحزب فيما يسمى بحكومة الإنقاذ بمغادرة الحكومة، وعدم البقاء لتمرير مخطط الاختراق والحوثنة، الذي تنفذه الميليشيات في أجهزة ومؤسسات الدولة، عبر إحلال عشرات الآلاف من عناصر الميليشيا في الأمن والجيش والجهاز الإداري للدولة، مقابل عملية إقصاء ممنهجة لكل كوادر وقيادات الحزب من العمل الحكومي.
وبينت المصادر الإعلامية أن صالح يتعرض لضغوطات هائلة من قبل قيادات حزبه لاتخاذ موقف تجاه تجاوزات ميليشيا الحوثي، بينما يفضّل هو إعطاء أكبر قدر من التنازلات للحوثيين خوفاً على حياته.
من جهتها، وصفت صحيفة «الهوية»، التابعة لميليشيا الحوثي، رئيس ما تسمى حكومة الإنقاذ الوطني، عبد العزيز بن حبتور، بأنه ليس أكثر من مسمار دقه صالح في جدار الشراكة، تحرسه ثلة من حوثة عفاش الذين سقطوا في مستنقع حمران العيون، الأمر الذي سهل من مهمة بن حبتور في تدشين مرحلة جديدة من الفساد.
وتوقعت المصادر الإعلامية أن الأيام المقبلة ستشهد صراعات كبيرة وموجة اغتيالات غير مسبوقة بين حزب المؤتمر الشعبي العام وأنصار الحوثي.
من جانب آخر، أقدمت ميليشيات الحوثي، خلال اليومين الماضيين، على تنفيذ حملة اختطافات في صفوف المدنيين وعناصر حزب المؤتمر الشعبي العام، التابع لصالح، في عدد من مديريات محافظة الحديدة (غرب اليمن).
وأوضحت المصادر الإعلامية في الداخل اليمني أن ميليشيات الحوثي قامت بحملة اعتقالات كبيرة في صفوف المواطنين، بمحافظة الحديدة وعدد من المحافظات التي تقع تحت سيطرة الميليشيات، شملت عناصر تنتمي لحزب المؤتمر الشعبي العام.
وذكرت أن الشيخ محمد علي سوار، عضو مجلس النواب أحد أبرز مشايخ محافظة صنعاء الموالين للمخلوع صالح، نجا من محاولة اغتيال نفذها مسلحون حوثيون، فيما قتل وجرح عدد من حراسه.



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.