«هيومان رايتس ووتش»: الحوثيون وصالح ارتكبوا جرائم حرب عبر زرع ألغام محظورة

قائد في الجيش اليمني لـ «الشرق الأوسط»: الميليشيات فخخت منازل المدنيين ومزارعهم

جانب من عملية إزالة الألغام التي زرعتها ميليشيات الحوثي وصالح في أرجاء اليمن (واس)
جانب من عملية إزالة الألغام التي زرعتها ميليشيات الحوثي وصالح في أرجاء اليمن (واس)
TT

«هيومان رايتس ووتش»: الحوثيون وصالح ارتكبوا جرائم حرب عبر زرع ألغام محظورة

جانب من عملية إزالة الألغام التي زرعتها ميليشيات الحوثي وصالح في أرجاء اليمن (واس)
جانب من عملية إزالة الألغام التي زرعتها ميليشيات الحوثي وصالح في أرجاء اليمن (واس)

اتهمت منظمة هيومان رايتس ووتش الحقوقية الميليشيات الحوثية وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح باستخدام ألغام فردية محظورة في اليمن وهو الأمر الذي تسبب بمقتل وتشويه مئات المدنيين وإعاقة عودة النازحين إلى منازلهم.
وقالت المنظمة في تقرير لها نشر أمس، إن الحوثيين وقوات صالح استخدموا ألغاماً أرضية مضادة للأفراد في ست محافظات على الأقل منذ أن بدأ التحالف العربي بقيادة المملكة السعودية عملياته في اليمن في مارس (آذار) 2015.
إلى ذلك، أكد الجيش اليمني أن الميليشيات الحوثية وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح لم يستخدموا ألغاماً محرمة دولياً فقط، بل استخدموها بطريقة تخالف كل قواعد الحرب الدولية، حيث قاموا بتفخيخ منازل المدنيين ومزارعهم بطريقة عشوائية.
وقال اللواء محسن خصروف رئيس دائرة التوجيه المعنوي في الجيش اليمني لـ«الشرق الأوسط»، إن «الحوثيين وصالح قاموا باستخدام الألغام الفردية المحرمة دولياً بطريقة مخالفة لقواعد الحرب الدولية». وأضاف: «عندما يعود السكان إلى منازلهم بعد حرب الانقلابيين، وحصل هذا في مأرب، يجدون البيوت مفخخة حيث توضع الألغام في الثلاجات وعلى أبواب المنازل في دواليب الملابس، إلى جانب المزارع بما يخالف كل القوانين والقواعد الحربية، وهم بهذه الطريقة يستخدمون أدوات القتل بطريقة أكثر إجراماً».
وبحسب منظمة هيومان رايتس ووتش، فإنه رغم أن اليمن حظر «الألغام المضادة للأفراد منذ قرابة عقدين من الزمن»، فإن الميليشيات الحوثية وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح خرقوا هذا الحظر وتسببوا «في قتل وتشويه مئات المدنيين» وتعطيل الحياة المدنية في المناطق المتضررة وإعاقة «العودة الآمنة» لآلاف المدنيين النازحين إلى منازلهم.
واعتبرت المنظمة التي تتخذ نيويورك مقراً إن استخدام الحوثيين وقوات صالح للألغام الأرضية المضادة للأفراد «ينتهك قوانين الحرب، وإن الأفراد المتورطين يرتكبون جرائم حرب».
ودعت هيومان رايتس ووتش الانقلابيين إلى اتخاذ «خطوات فورية لضمان توقف القوات التابعة لها عن استخدام الألغام المضادة للأفراد، وتدمير أي ألغام مضادة للأفراد تمتلكها، وإنزال العقاب المناسب بكل من يستخدم هذه الأسلحة العشوائية».
وقال تقرير نشرته وكالة الأنباء السعودية (واس)، إن ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية تواصل زرع الألغام برا وبحرا، وسط تجاهل وصمت دوليين، رغم كون استخدام الألغام في النزاعات جرائم حرب.
وتعد زراعة الألغام من الجرائم ضد الإنسانية طويلة الأمد، وتلحق بالأشخاص عاهات مستديمة، ويحتاج اليمن إلى أعوام طويلة من أجل التخلص من تلك الألغام، نظرا لعدم وجود خرائط توضح أماكن وجودها.
وانتهجت ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية، زرع حقول الألغام في مناطق التماس لإعاقة تقدم القوات الحكومية، خصوصا بعد تحرير المحافظات الجنوبية. وتشير إحصائيات محلية إلى سقوط مئات الضحايا من المدنيين بين قتل وبتر أطراف، ولا يزال الرقم في تصاعد، نظرا لتوسع الحرب في مناطق آهلة بالسكان.
وتقوم الميليشيات الحوثية بزراعة الألغام بطريقة عشوائية وغير منظمة أو موثقة بخرائط، مما يشكل صعوبة بالغة في التخلص منها سريعا وكشفها بسهولة.
وأكد رئيس شعبة الهندسة العسكرية في المنطقة العسكرية الرابعة مدير المركز الوطني للتعامل مع الألغام في عدن، العقيد مهندس قائد هيثم حلبوب، أن الميليشيات الانقلابية قامت بزراعة الألغام المتنوعة بشكل عشوائي، بينها الألغام المحرمة المعروفة بالألغام المضادة للأفراد، علاوة على ألغام مبتكرة خداعية محلية الصنع، إلى جانب الألغام المضادة للدبابات.
وأشار إلى أن الفرق الهندسية تمكنت حتى مايو (أيار) الماضي من انتزاع أكثر من 31 ألف لغم على الأقل من مخلفات الحرب الأخيرة في عدن ولحج وأبين وبعض أجزاء من محافظة تعز. وأوضح أن الفرق بدأت عملها أثناء الحرب وتحديدا مع تحرير المحافظات من تلك الميليشيات الانقلابية، التي عمدت عند انسحابها إلى زرع الألغام، متسببة بحدوث أضرار بشرية ومادية. وكانت الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان قد كشفت، في تقرير حديث لها، عن أن الحوثيين في اليمن قاموا بزرع أكثر من نصف مليون لغم مضاد للأفراد في أنحاء متفرقة من اليمن، مما أدى إلى مقتل أكثر من 700 شخص، بينما نجح مهندسون تم تدريبهم على يد التحالف العربي في نزع وتفكيك 40 ألف لغم.
ووجهت الحكومة اليمنية نداء عاجلا إلى المجتمع الدولي لمساعدتها في نزع الألغام، التي زرعتها ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية بكثافة وبطريقة عشوائية في المناطق التي كانت تحت سيطرتها، متسببة بحصد أرواح مئات الضحايا من المدنيين الأبرياء، وأضرار بشرية ومادية جسيمة.
وأكدت الحكومة أن الشعب اليمني ما زال يعاني من آثار الألغام والعبوات الناسفة التي تخلفها الميليشيات الانقلابية في المناطق التي يحررها الجيش الوطني.
وأشارت إلى أن هذه الألغام المحرمة دوليا أصبحت تهدد كل منابع الحياة، وبات وجودها حاصدا لأرواح المدنيين، خصوصا الأطفال والنساء وقضية مؤرقة للحكومة والمواطنين، خصوصا أن زراعتها تمت بطرق عشوائية وغير منظمة أو موثقة بخرائط، مما يشكل صعوبة بالغة في كشفها والتخلص منها، موضحة أن كثافتها تستدعي من المجتمع الدولي والمنظمات الدولية المعنية بإزالة الألغام تقديم المساعدة الفنية والتكنولوجية والمادية، لمنع سقوط مزيد من الضحايا والجرحى بسببها.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.