ليبيا: اجتماع وشيك بين «الناتو» وحكومة السراج

مظاهرة في زليتن بأواني الطهي احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية

ليبيا: اجتماع وشيك بين «الناتو» وحكومة السراج
TT

ليبيا: اجتماع وشيك بين «الناتو» وحكومة السراج

ليبيا: اجتماع وشيك بين «الناتو» وحكومة السراج

كشفت أمس حكومة الوفاق الوطني الليبية، المدعومة من بعثة الأمم المتحدة، النقاب عن اجتماع وشيك يعد الأول من نوعه، سيعقده في العاصمة طرابلس ممثلون عن حلف شمال الأطلنطي (الناتو) ومسؤولون في الحكومة التي يترأسها فائز السراج، الذي أجرى اتصالا هاتفيا أمس مع أمين عام منظمة حلف الناتو ينس ستولتنبيرغ.
وقال بيان لمكتب السراج إن الاتصال تناول التنسيق والتعاون بين المؤسسات الأمنية والعسكرية في ليبيا والحلف، كما بحث الجانبان مجالات وبرامج الدعم والمساعدة الفنية، التي وافق الحلف على تقديمها بحضور 28 دولة، خلال اجتماعه الوزاري الذي عقد في شهر فبراير (شباط) الماضي، والتي تتضمن مساعدة حكومة الوفاق على بناء مؤسسات قطاعي الدفاع والأمن، وبما يساهم في الرفع من القدرات والتأهيل المؤسسي.
وأعرب السراج عن أمله أن يساهم التعاون مع الحلف في تحقيق الاستقرار والأمن في ليبيا، بينما أعلن الأمين العام لحلف الناتو عن البدء في أقرب الآجال في العمل المشترك بين الخبراء الليبيين ونظرائهم من الحلف.
وقال البيان إن هذا التنسيق والتعاون المشترك يأتي للإعداد لاجتماع فني بين الحلف والمؤسسات المعنية في حكومة السراج خلال الفترة القادمة، وقبل اجتماع قمة قادة دول الحلف الذي سيعقد الشهر المقبل بالعاصمة البلجيكية بروكسل. كما أعلن مكتب السراج في بيان منفصل أمس أنه أجرى أول من أمس اتصالا هاتفيا مع رئيس الوزراء الإيطالي باولو جنتلوني، تناول تطورات الوضع السياسي والأمني في ليبيا، ومناقشة ما تم اتخاذه من خطوات تنفيذية لعدد من الاتفاقيات والمشاريع المشتركة التي سبق طرحها.
وبحسب البيان فقد جدد رئيس الوزراء الإيطالي التزام بلاده بتعزيز المؤسسات الرسمية الليبية وجهود المجلس الرئاسي لحكومة السراج لتخطي الأزمات الراهنة. وفي المقابل اعترف المجلس الأعلى للدولة، الذي يتخذ من طرابلس مقرا له ولا يحظى بأي اعتراف دولي، بما وصفه بالتدهور المستمر والخطير للأوضاع المعيشية والأمنية في العاصمة. وانتقد المجلس الذي يترأسه عبد الرحمن السويحلي، الذي ينتمي إلى مدينة مصراتة في غرب ليبيا ويعتبر من الموالين لحكومة السراج، خطة هذه الحكومة لتمويل أكثر من 120 سفارة ليبية في الخارج في ظل ناتج محلي لا يتعدى 30 مليار دولار.
ورأى المجلس أن «تضخم الأسعار ونقص السيولة والانهيار المستمر للدينار الليبي مقابل العملات الأجنبية أمور لا تهدد حياة المواطن اليومية فقط، بل تسيء إلى كرامته»، مشيرا إلى أنه يرفض أي إجراءات منفردة يتخذها أي جسم منبثق عن اتفاق السلام الذي تم توقيعه قبل نحو عامين في منتجع الصخيرات بالمغرب برعاية الأمم المتحدة.
وجاء البيان وسط معلومات غير رسمية عن وجود وساطة إيطالية للجمع بين السويحلي والمستشار صالح عقيلة، رئيس مجلس النواب الذي يتخذ من مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي مقرا له.
إلى ذلك، اعتبر تحالف القوى الوطنية الذي يترأسه الدكتور محمود جبريل، رئيس أول حكومة لثوار بعد سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011، أن مارتن كوبلر رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، فقد أهلية استمراره في منصبه، وانتقد إحاطة كوبلر لمجلس الأمن الدولي أول من أمس، التي «تضمنت ما يثير القلق والارتياب»، على حد تعبيره، موضحا أنه نبه في السابق لما سماه «التجاوزات غير المقبولة التي يقوم بها مبعوث الأمم المتحدة بخصوص الهجرة غير الشرعية ومحاولات توطين المهاجرين في ليبيا، في تماه واضح مع رغبات بعض المسؤولين في بعض الدول الأوروبية، الأمر الذي يعتبر تجاوزاً لكل حدود صلاحياته ومهامه».
في المقابل، قالت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا إنها تتابع ببالغ القلق توتر الأوضاع في قاعدة تمنهنت الجوية بجنوب ليبيا، وما حولها، حيث لا تزال التقارير تفيد بوقوع قتال متقطع بين قوات الجيش الوطني، الذي يقوده المشير خليفة حفتر وميليشيات مسلحة موالية لحكومة السراج.
وقال بيان للبعثة إن الأمم المتحدة تشعر بقلق عميق إزاء تأثير هذا العنف المتصاعد على حياة السكان في جنوب ليبيا، مشيرا إلى أنها تلقت تقارير حول نقص في الأغذية والمياه والأدوية، فضلاً عن تزايد انقطاع التيار الكهربائي، بالإضافة إلى معلومات عن فرار عائلات من منازلها في تمنهنت متوجهة إلى سبها وأوباري.
ونقل البيان عن ماريا فال ريبيريو، نائبة رئيس البعثة ومنسقة الشؤون الإنسانية: «إنني أدعو جميع الأطراف إلى الكف فوراً عن جميع الأعمال القتالية من أجل الحيلولة دون وقوع مزيد من المعاناة الإنسانية غير المقبولة».
في غضون ذلك، أعلن مواطنو بلدة زليتن عن رفضهم لسياسات حكومة الوفاق الوطني خلال مظاهرة قرعوا خلالها أواني الطهي، وذلك بسبب تردي الأحوال المعيشية في البلدة الواقعة شرقي البلاد.
وأعرب المواطنون المشاركون في المظاهرة مساء أول من أمس عن استيائهم من عدم وصول الخدمات الأساسية للمواطن، في إشارة منهم إلى عدم نجاح الحكومة.



رغم إعلان «هدنة غزة»... الحوثيون يهاجمون إسرائيل والحاملة «ترومان»

جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)
جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)
TT

رغم إعلان «هدنة غزة»... الحوثيون يهاجمون إسرائيل والحاملة «ترومان»

جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)
جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)

على الرغم من التوصل إلى «هدنة غزة» واصلت الجماعة الحوثية، الجمعة، تصعيدها الإقليمي، إذ تبنّت مهاجمة إسرائيل في 3 عمليات بالصواريخ والمسيرّات، بالإضافة إلى مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» في شمال البحر الأحمر.

وبينما لم تصدر تعليقات على الفور من الجيشَيْن الأميركي والإسرائيلي بخصوص هذه الهجمات، أقرت الجماعة المدعومة من إيران بتلقيها 5 غارات وصفتها بـ«الأميركية» استهدفت منطقة حرف سفيان، التابعة لمحافظة عمران الواقعة إلى الشمال من صنعاء.

وخلال حشد في أكبر ميادين صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، أعلن المتحدث العسكري باسم الجماعة، يحيى سريع، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر.

وزعم المتحدث الحوثي أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

وبالتزامن مع ذلك، زعم المتحدث العسكري الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

المتحدث العسكري باسم الحوثيين يردّد «الصرخة الخمينية» خلال حشد في صنعاء (أ.ف.ب)

وتوعّد المتحدث الحوثي بأن قوات جماعته جاهزة لأي تصعيد أميركي أو إسرائيلي، وأنها ستراقب «تطورات الوضع» في غزة، و«ستتخذ الخيارات التصعيدية المناسبة» في حال نكثت إسرائيل الاتفاق مع حركة «حماس».

وبينما أعلنت وسائل إعلام الجماعة تلقي خمس غارات في منطقة حرف سفيان، لم تتحدث على الفور عن الآثار التي تسبّبت فيها لجهة الخسائر البشرية أو المادية.

ومع التفاؤل الدولي والإقليمي واليمني بأن تؤدي الهدنة في غزة إلى استعادة مسار السلام في اليمن، إلا أن مراقبين يمنيين يتخوّفون من استمرار الجماعة الحوثية في تصعيدها سواء البحري أو الداخلي، مستبعدين أن تجنح إلى السلام دون أن تنكسر عسكرياً.

تهديد بالتصعيد

جاءت الهجمات الحوثية والضربات الأميركية، غداة الخطبة الأسبوعية لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، التي استعرض فيها إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال 15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتِّفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

عناصر حوثية خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة لاستعراض القوة (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

يُشار إلى أن الجماعة تلقت في 10 يناير (كانون الثاني) الحالي أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران، ومحطة كهرباء جنوب صنعاء، وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

عرقلة السلام

عاق التصعيد الحوثي وردود الفعل الغربية والإسرائيلية مسار السلام اليمني، إذ كان اليمنيون يستبشرون أواخر 2023 بقرب إعلان خريطة طريق توسطت فيها السعودية وسلطنة عمان من أجل طي صفحة الصراع المستمر منذ 10 سنوات.

وتنفي الحكومة اليمنية السردية الحوثية بخصوص مناصرة الفلسطينيين في غزة، وتتهم الجماعة بتنفيذ أجندة إيران في المنطقة، خاصة أن الجماعة استغلت الأحداث لتجنيد عشرات الآلاف تحت مزاعم الاستعداد للمواجهة مع إسرائيل والولايات المتحدة، وفيما يبدو أن المسعى الحقيقي هو التجهيز لمهاجمة المناطق اليمنية الخاضعة للحكومة الشرعية.

السفينة التجارية «غلاكسي ليدر» قرصنها الحوثيون واحتجزوا طاقمها منذ 14 شهراً (رويترز)

وأدّت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، خلال 14 شهراً، إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتَيْن، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

وإذ استقبلت الجماعة نحو ألف غارة جوية وقصف بحري، خلال عام من التدخل الأميركي، كانت الولايات المتحدة أنشأت في ديسمبر (كانون الأول) 2023 تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على الهجمات الحوثية ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في عدد من المرات.

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين كان أغلبيتها من نصيب الحديدة الساحلية، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة.