مسيرات وسط تونس ضد الفساد... وتظاهرات للمطالبة بالتنمية

مع بدء الشاهد زيارات إلى المناطق الأكثر فقراً في البلاد

جانب من المظاهرات التي احتضنتها شوارع «الكاف» أمس احتجاجا على التهميش الاقتصادي (أ.ف.ب)
جانب من المظاهرات التي احتضنتها شوارع «الكاف» أمس احتجاجا على التهميش الاقتصادي (أ.ف.ب)
TT

مسيرات وسط تونس ضد الفساد... وتظاهرات للمطالبة بالتنمية

جانب من المظاهرات التي احتضنتها شوارع «الكاف» أمس احتجاجا على التهميش الاقتصادي (أ.ف.ب)
جانب من المظاهرات التي احتضنتها شوارع «الكاف» أمس احتجاجا على التهميش الاقتصادي (أ.ف.ب)

تظاهر الآلاف في مركز ولاية الكاف التونسية (شمال غرب)، الذي شهد أمس إضراباً عاماً ليوم واحد، احتجاجاً على التهميش الاقتصادي، وعدم وفاء السلطات بوعود إقامة مشاريع تنموية في الولاية الفقيرة الحدودية مع الجزائر.
وقال مراسل وكالة الصحافة الفرنسية إن آلاف المتظاهرين تجمعوا أمام مقر مكتب الاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية) بمدينة الكاف، ثم خرجوا في مسيرات جابت شوارع المدينة التي يقطنها نحو 55 ألف ساكن. وردّد المتظاهرون هتافات مثل «شغل، حرية، كرامة، وطنية»، وهو أحد الشعارات الرئيسية للثورة التونسية التي أطاحت بنظام زين العابدين بن علي. وشاركت في الإضراب العام كل الإدارات العمومية، والمحلات التجارية بالمدينة التي أغلقت أبوابها، باستثناء المستشفيات والصيدليات والمخابز.
وقال كمال السايحي، الأمين العام المساعد بمكتب المركزية النقابية في الكاف، إن «السلطات المركزية همشت منذ الاستقلال منطقة الكاف، وكل الحكومات المتعاقبة منذ الثورة تجاهلتها، ويوسف الشاهد (رئيس الحكومة الحالي) فعل الشيء نفسه».
ودعت إلى الإضراب العام «تنسيقية جهوية» تضم منظمات غير حكومية، بينها المركزية النقابية ومنظمة أرباب العمل الرئيسية والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، من أجل «الدفاع عن حق الكاف في التنمية والعدالة الاجتماعية»، وهي المطالب نفسها التي رفعتها قبل أسابيع التحركات الاجتماعية بعدد من المناطق الداخلية، مثل تطاوين (جنوب) والقيروان (وسط)، للمطالبة بالتنمية.
وفي غضون ذلك، نظمت مجموعة من المنظمات الحقوقية التونسية «مسيرة وطنية شاملة»، أمس، انطلقت من أمام مقر المحكمة الابتدائية بالعاصمة باتجاه ساحة الحكومة، تحت شعار «القضاء على الفساد}، للتنديد بمن يشجع على الفساد، وعلى انتشاره وتعميمه، والتصدي لتكريس مبدأ الإفلات من العقاب، وحماية الفاسدين، والتصدي لجميع المكونات الرافضة لتمرير قانون المصالحة الاقتصادية والمالية، من أجل منع محاولات ضرب المسار الديمقراطي، والقطع مع منظومة الفساد وممارساتها.
ووقعت 28 منظمة وجمعية، يوم الأربعاء، على «ميثاق ائتلاف المجتمع المدني لمكافحة الفساد»، بهدف تفعيل الاستراتيجية الوطنية للحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد، التي وقعت في التاسع من ديسمبر (كانون الأول) الماضي بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد. ويتضمن هذا الميثاق 6 مبادئ، من بينها الانخراط في تنفيذ استراتيجية مكافحة الفساد، بالتنسيق مع الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وباقي المتدخلين، والعمل بكل استقلالية وبصفة جماعية على تبادل المعلومات، والتقيد بمبادئ الشفافية والحوكمة الرشيدة، والمساهمة في صياغة وتنفيذ السياسات والبرامج الوطنية المتعلقة بمكافحة الفساد.
وتزامنت هذه التظاهرات مع زيارة رئيس حكومة الوحدة الوطنية، أمس، إلى مدينة صفاقس، العاصمة الاقتصادية، التي أجل زيارتها خلال ديسمبر الماضي إثر اغتيال المهندس محمد الزواري. وبعدها، سيتوجه إلى 7 ولايات (محافظات) داخلية، تعد من بين المناطق الأكثر فقراً في البلاد. وستشمل هذه الزيارات ولاية تطاوين (جنوب شرق) والكاف (شمال غرب)، وهي مناطق تعرف منذ أشهر متتالية احتجاجات اجتماعية نتيجة الفقر والبطالة.
وحسب مراقبين، فإن زيارة الشاهد إلى هذه الولايات الفقيرة تكتسي طابعاً خاصاً لأنه سيأتي حاملاً معه مجموعة من المشاريع القابلة للتنفيذ، إثر إعلان صندوق النقد الدولي وبعض المؤسسات المالية الدولية عن قرب الإفراج عن بعض القروض المالية لتونس، التي تقدر قيمتها بنحو ألفي مليون دولار.
لكن ذلك لم يمنع سكان صفاقس من مواصلة الاحتجاج، والمطالبة بمشاريع فعلية للتنمية، وتوفير فرص العمل، والتخلص من مشكلات بيئية واجتماعية وصحية متنوعة، وتفعيل قرارات اتخذت سابقاً لفائدة الجهة، فيما أعلنت منطقة قرقور، التابعة لولاية صفاقس، دخولها في إضراب عام اليوم، تزامناً مع زيارة رئيس الحكومة إلى المنطقة.
وبهذا الخصوص، قال هادي بن جمعة، رئيس الاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس (نقابة العمال)، إن أهالي منطقتي الصخيرة وقرقور يحتجون منذ أيام للمطالبة بالتشغيل والتنمية لفائدة الجهة، موضحاً أن أسباب الاحتجاجات السلمية تنصب كلها حول تضرر أهالي المنطقة من الأزمة البيئية الناجمة عن الإفرازات التي يخلفها مصنع للغاز، والمطالبة بحل مشكلات التوظيف بالمؤسسات العمومية بالجهة، على غرار المجمع الكيميائي (هيكل حكومي)، والتخلص من المشاريع الملوثة.
وأسفرت الزيارة الأولى، التي يقوم بها الشاهد إلى صفاقس، عن مشاريع بلغت قيمتها 234 مليون دينار تونسي (نحو 84 مليون دولار)، تهم مجالات البيئة والرياضة والصحة والبنية التحتية، من بينها انطلاق برنامج استثماري يقدر بـ75 مليون دينار (نحو 30 مليون دولار) لبناء قطب تكنولوجي ومركز بحث وتدريب. ومن المنتظر انتفاع أكثر من 73 ألف شخص بالبرنامج الوطني لتهذيب وإدماج الأحياء السكنية.



وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

زار وفد إسرائيلي رفيع المستوى القاهرة، الثلاثاء، لبحث التوصل لتهدئة في قطاع غزة، وسط حراك يتواصل منذ فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنجاز صفقة لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بالقطاع المستمر منذ أكثر من عام.

وأفاد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» بأن «وفداً إسرائيلياً رفيع المستوى زار القاهرة في إطار سعي مصر للوصول إلى تهدئة في قطاع غزة، ودعم دخول المساعدات، ومتابعة تدهور الأوضاع في المنطقة».

وأكد مصدر فلسطيني مطلع، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن لقاء الوفد الإسرائيلي «دام لعدة ساعات» بالقاهرة، وشمل تسلم قائمة بأسماء الرهائن الأحياء تضم 30 حالة، لافتاً إلى أن «هذه الزيارة تعني أننا اقتربنا أكثر من إبرام هدنة قريبة»، وقد نسمع عن قبول المقترح المصري، نهاية الأسبوع الحالي، أو بحد أقصى منتصف الشهر الحالي.

ووفق المصدر، فإن هناك حديثاً عن هدنة تصل إلى 60 يوماً، بمعدل يومين لكل أسير إسرائيلي، فيما ستبقي «حماس» على الضباط والأسرى الأكثر أهمية لجولات أخرى.

ويأتي وصول الوفد الإسرائيلي غداة حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في كلمة، الاثنين، عن وجود «تقدم (بمفاوضات غزة) فيها لكنها لم تنضج بعد».

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، عن عودة وفد إسرائيل ضم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، من القاهرة.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأنه عادت طائرة من القاهرة، الثلاثاء، تقلّ رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، لافتة إلى أن ذلك على «خلفية تقارير عن تقدم في المحادثات حول اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في غزة».

وكشف موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي عن أن هاليفي وبار التقيا رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وكبار المسؤولين العسكريين المصريين.

وبحسب المصدر ذاته، فإن «إسرائيل متفائلة بحذر بشأن قدرتها على المضي قدماً في صفقة جزئية للإفراج عن الرهائن، النساء والرجال فوق سن الخمسين، والرهائن الذين يعانون من حالة طبية خطيرة».

كما أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأنه جرت مناقشات حول أسماء الأسرى التي يتوقع إدراجها في المرحلة الأولى من الاتفاقية والبنود المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك المرور عبر معبر رفح خلال فترة الاتفاق والترتيبات الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

والأسبوع الماضي، قال ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الشرق الأوسط سيواجه «مشكلة خطيرة» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكد مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الاثنين، أنه «لن يكون من الجيد عدم إطلاق سراح» الرهائن المحتجزين في غزة قبل المهلة التي كررها، آملاً في التوصل إلى اتفاق قبل ذلك الموعد، وفق «رويترز».

ويتوقع أن تستضيف القاهرة، الأسبوع المقبل، جولة جديدة من المفاوضات سعياً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر مقرّب من الحركة، السبت.

وقال المصدر: «بناء على الاتصالات مع الوسطاء، نتوقع بدء جولة من المفاوضات على الأغلب خلال الأسبوع... للبحث في أفكار واقتراحات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى». وأضاف أنّ «الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك وأطرافاً أخرى يبذلون جهوداً مثمّنة من أجل وقف الحرب».

وخلال الأشهر الماضية، قادت قطر ومصر والولايات المتحدة مفاوضات لم تكلّل بالنجاح للتوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن في الحرب المتواصلة منذ 14 شهراً.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، السبت، إن الزخم عاد إلى هذه المحادثات بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، الشهر الماضي. وأوضح أنّه في حين كانت هناك «بعض الاختلافات» في النهج المتبع في التعامل مع الاتفاق بين الإدارتين الأميركية المنتهية ولايتها والمقبلة، «لم نر أو ندرك أي خلاف حول الهدف ذاته لإنهاء الحرب».

وثمنت حركة «فتح» الفلسطينية، في بيان صحافي، الاثنين، بـ«الحوار الإيجابي والمثمر الجاري مع الأشقاء في مصر حول حشد الجهود الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإسراع بإدخال الإغاثة الإنسانية إلى القطاع».

وأشار المصدر الفلسطيني إلى زيارة مرتقبة لحركة «فتح» إلى القاهرة ستكون معنية بمناقشات حول «لجنة الإسناد المجتمعي» لإدارة قطاع غزة التي أعلنت «حماس» موافقتها عليها.