أنباء عن أسر قيادات في «داعش» والحصول على معلومات أمنية مهمة

إنزال «البوكمال» أحد أوجه الخطط القتالية للتحالف الدولي في العراق وسوريا

صورة مقتطعة من فيديو بثته وكالة «أعماق» التابعة لـ«داعش» وتظهر آثار الدمار الذي لحق ببلدة البوكمال بمحافظة دير الزور في أعقاب قصف طيران «التحالف» أول من أمس (رويترز)
صورة مقتطعة من فيديو بثته وكالة «أعماق» التابعة لـ«داعش» وتظهر آثار الدمار الذي لحق ببلدة البوكمال بمحافظة دير الزور في أعقاب قصف طيران «التحالف» أول من أمس (رويترز)
TT

أنباء عن أسر قيادات في «داعش» والحصول على معلومات أمنية مهمة

صورة مقتطعة من فيديو بثته وكالة «أعماق» التابعة لـ«داعش» وتظهر آثار الدمار الذي لحق ببلدة البوكمال بمحافظة دير الزور في أعقاب قصف طيران «التحالف» أول من أمس (رويترز)
صورة مقتطعة من فيديو بثته وكالة «أعماق» التابعة لـ«داعش» وتظهر آثار الدمار الذي لحق ببلدة البوكمال بمحافظة دير الزور في أعقاب قصف طيران «التحالف» أول من أمس (رويترز)

تنطوي عمليات الإنزال التي تنفذها قوات التحالف الدولي في مناطق سيطرة تنظيم داعش في شمال وشرق سوريا، على أهداف متعددة، بدءاً باغتيال وأسر كوادر من التنظيم، مروراً بالحصول على معلومات أمنية متصلة بالحرب على التنظيم في سوريا والعراق، وانتهاء بمساعدة الحلفاء للتقدم على الأرض، خصوصاً «قوات سوريا الديمقراطية».
وفي غياب المعلومات الرسمية من التحالف، تختلف القراءات حول أبعاد تلك العمليات وحتى وقائعها، حيث نقل موقع «فرات بوست» عن مصادر وصفها بالـ«خاصة»، أن قوات التحالف الدولي «أسرت الكثير من الشخصيات المهمة من قيادات (داعش)، خلال عمليات الإنزال الأخيرة التي حصلت يوم الأحد الماضي». وقال إن قوات التحالف «بدأت عملية إنزال على أطراف قرية الدوير القريبة من (آثار الصالحية)، حيث استهدفت سيارة من نوع (فان - هيونداي) وسيارتين من نوع (جيب) كانت تقلّ عدداً من قياديي التنظيم، وكانت هذه السيارات متجهة من مدينة الميادين إلى البوكمال».
وأفاد مراسل «فرات بوست» في البوكمال، بأن جنود التحالف الذين نفّذوا الإنزال بواسطة طائرات مروحية «أسروا كل من تواجد في تلك السيارات. ورافقت المروحيات طائرتان حربيتان وطائرات مروحية أخرى حطت على شاطئ بلدة غرانيج لحماية المنطقة من الناحية الأخرى».
لكن الخبير العسكري والاستراتيجي السوري العميد أحمد رحّال، وضع هذه العمليات في إطار «المهام الخاصة والمحدودة، التي تهدف إلى قتل كوادر في تنظيم داعش، والحصول على معلومات تساعد التحالف في خططه العسكرية سواء في الرقة أو الموصل». وأكد رحال لـ«الشرق الأوسط»، أن «عملية الإنزال التي حصلت في الميادين، أدت إلى قتل 4 من قيادات التنظيم المسؤولين عن الثروة الباطنية، وتمكنت من الحصول على مستندات مهمة كانت بحوزتهم». وأشار إلى أن «إنزالات دير الزور هي عمليات محدودة وسريعة تهدف إلى ضرب قوة صغيرة والانسحاب، وتختلف عن الإنزال النهري الذي حصل في منطقة أبو هريرة في الرقة، وكان هدفه السيطرة على سدّ الفرات».
وأفاد ناشطون، أن الإنزال الأخير «استغرق نحو 15 دقيقة، وقبل أن تغادر طائرات التحالف المنطقة، أحرقت جميع سيارات التنظيم ولم تظهر في السيارات أي جثث للعناصر التي كانت داخلها». وأشاروا إلى أن تنظيم داعش اعتقل العشرات من عناصره ومن المدنيين غداة عملية الإنزال، وأقفل جميع مراكز الإنترنت في المنطقة.
بدوره، أوضح أحمد الرمضان مؤسس موقع «فرات بوست» لـ«الشرق الأوسط»، أن «عمليات الإنزال الأخيرة أدت إلى أسر قيادات في (داعش)، لكن لم يعرف إذا كان هؤلاء أسروا أحياء أم أمواتاً». وقال إن «الأشخاص الذين كانوا متجهين بسيارات من الميادين إلى (البوكمال)، واستهدفتهم العملية، لم يعثر على أي منهم في السيارات، ولم يعرف إذا تمكنت القوة المهاجمة من أسرهم أحياء، أو بعد قتلهم».
وقال أبو محمد الرقاوي، أحد مؤسسي تجمّع «الرقة تذبح بصمت»، إن عمليات الإنزال «تؤشر إلى سياسة قتالية جديدة تعتمدها قوات التحالف لتنفيذ مهام متعددة». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «ثمة أهدافاً تسعى قوات التحالف إلى تحقيقها، منها عمليات اغتيال، وأسر قياديين في تنظيم داعش، ومنها أيضاً تحرير جواسيس يعملون لصالحها وقعوا بأيدي مقاتلي (داعش)»، كاشفاً عن «شائعات تجتاح مناطق واسعة في دير الزور، وتتحدث عن احتمال أن يكون الإنزال في (البوكمال) هدفه اغتيال أو أسر شخصية كبيرة جداً، ربما تكون أبو بكر البغدادي»، وأوضح نقلاً عن شهود مدنيين، أن «المكان الذي كان عرضة للإنزال يخضع لحراسة التنظيم المشددة، ولا يسمح لأي كان من عناصر (داعش) بالوصول إليه، لكن لم يجر التحقق من هذه المعلومات». ولفت الرقاوي، إلى أن عمليات الإنزال التي تحصل في ريف الرقة، هدفها تأمين التقدم الميداني لـ«قوات سوريا الديمقراطية».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.