جدل في الجزائر بسبب مترشحات «أشباح» في حملة انتخابات البرلمان

على خلفية إخفاء وجوههن في ملصقات الدعاية الانتخابية

مواطنون جزائريون يتأملون صور مرشحين لانتخابات البرلمان ضمنهم نساء محجبات (أ.ب)
مواطنون جزائريون يتأملون صور مرشحين لانتخابات البرلمان ضمنهم نساء محجبات (أ.ب)
TT

جدل في الجزائر بسبب مترشحات «أشباح» في حملة انتخابات البرلمان

مواطنون جزائريون يتأملون صور مرشحين لانتخابات البرلمان ضمنهم نساء محجبات (أ.ب)
مواطنون جزائريون يتأملون صور مرشحين لانتخابات البرلمان ضمنهم نساء محجبات (أ.ب)

أعلنت هيئة جزائرية مستقلة عن الحكومة، مكلفة مراقبة مضامين ما تبثه نحو 35 فضائية خاصة، عن استغرابها إزاء إخفاء عدد كبير من النساء المترشحات للبرلمان لوجوههن في ملصقات الدعاية الانتخابية. ويفرض قانون أصدره الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عام 2012 حصة 30 في المائة للنساء في البرلمان والمجالس البلدية، وهو ما اعتبره الكثيرون مخالفاً لمعيار الكفاءة والاقتدار في اختيار الأشخاص المدعوين للدفاع عن انشغالات الجزائريين أمام الحكومة.
وقال بن حمادي زواوي، رئيس «سلطة ضبط السمعي البصري» في بيان إنه لاحظ بـ«أسف، ظاهرة تتسبب في تقهقر مستوى الممارسة السياسية، تتعلق بمترشحات لانتخابات الرابع من مايو (أيار) المقبل، تظهرن في الملصقات الإشهارية دون وجوه»، موضحاً أن «هذا الفعل مخالف لأحكام الدستور، لا سيما في مادتيه 32 و36، اللتين تقران مبدأ المساواة والترقية السياسية للمرأة الجزائرية».
واستغرب مراقبون تدخل «سلطة الضبط» في شأن بعيد عن القنوات التلفزيونية الخاصة، لأن الظاهرة التي تحدث عنها زواوي تعد من صميم اهتمامات «الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات»، التي جاءت بها مراجعة الدستور مطلع 2016، وهي مكلَّفَة التدخل في حال وجود أي انحراف في مسار التحضير للانتخابات، سواء صدر عن أحزاب أو مترشحين مستقلين أو عن الحكومة.
وترى المعارضة أن «الهيئة»، التي يرأسها الوزير السابق عبد الوهاب دربال، موالية للحكومة بحجة أن أعضاءها الـ400 اختارهم الرئيس بوتفليقة، بينما كانت هي تطالب بـ«لجنة» لمراقبة الانتخابات، أعضاؤها أشخاص لم يسبق لهم أن مارسوا المسؤولية الحكومية.
وواجهت الأحزاب صعوبات كبيرة في إيجاد نساء لضمهن إلى لوائح الترشيح، خصوصاً في المناطق المعروفة بكونها محافِظَة، حيث لا تخرج المرأة إلى العمل إلا في حدود ضيقة. وتقع هذه المناطق في جنوب البلاد، وفي مناطق أخرى بشرقها، حيث لوحظ أن أكثر ملصقات الدعاية الانتخابية تتضمن صور نساء من غير وجوه. وبعكس الرجال المترشحين في هذه المناطق، لا يوجد أي أثر للمترشحات في الحملة الميدانية التي دخلت، أمس، يومها العاشر. ولكن ما يثير التساؤل حسب مراقبين هو كيف يمكن لهؤلاء النساء أن يخفين وجوههن عندما يصبحن برلمانيات؟ وكيف سيتصرفن عندما تغطي الفضائيات جلسات البرلمان؟
وعاشت هذه الظاهرةَ بشكل خاص الأحزابُ الإسلامية، ولكن أيضاً أحزاب محسوبة على «تيار الحداثة»، مثل «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، و«جبهة القوى الاشتراكية».
وكان «مجلس أعيان القرارة» (منطقة بجنوب البلاد يتبع سكانها المذهب الإباضي)، وصف «قانون ترقية المشاركة السياسية للمرأة» بـ«الشاذ عن أعراف وتقاليد المجتمع الجزائري، فعلى الرغم من أن الإسلام أعطى للمرأة مكانتها المحترمة كزوجة وأم صالحة ومصلحة للأجيال، فالإسلام لا يمنع عمل المرأة وتولي المناصب متى توافرت الضرورة والحاجة لها وللمجتمع، كما أنها تشغل اليوم مناصب مهمة، وبنسب عالية في التعليم والصحة والقضاء».
وقال «المجلس»، الذي يعد مؤسسة دينية نافذة، إن «إقحام المرأة في السياسة والمجالس المنتخَبَة، عنوة ومن دون رغبة منها، يعتبر خللاً كبيراً يهدد الاستحقاقات المقبلة، وسيحدث شرخاً كبيراً في المجتمع ويسبب شللاً وعجزاً كبيراً في المجالس المنتخبة».
ونقل «المجلس» عن رجال الدين الإباضيين بغرداية (600 كلم جنوب العاصمة) تساؤلهم عن «سبب عدم توجه السلطة التنفيذية إلى تجسيد نسبة الـ30 في المائة لفائدة النساء في الوزارات والسفارات والمناصب الحكومية، فقد تخرجت آلاف الطالبات في الجامعات وبمعدلات تفوق معدلات الطلبة الذكور أحياناً، ولم يحظين بمناصب كبيرة في الحكومة».
ولا يعرف أحد لماذا حدد بوتفليقة حصة 30 في المائة، للمرأة في البرلمان والمجالس المحلية، وليس أكثر ولا أقل. ولم يشرح صاحب المشروع أسباب ذلك. وقد واجه القانون عند صدروه تحفظاً من جانب نواب حزب «جبهة التحرير الوطني»، الذي هو حزب الرئيس بوتفليقة. ورفضه الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم»، بينما يلقى تأييداً قوياً من حزب الوزير الأول أحمد أويحيى سابقاً «التجمع الوطني الديمقراطي».



«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.