500 كاتب واحتفاء بماركيز في معرض الكتاب الكولومبيhttps://aawsat.com/home/article/906151/500-%D9%83%D8%A7%D8%AA%D8%A8-%D9%88%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D9%81%D8%A7%D8%A1-%D8%A8%D9%85%D8%A7%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%B2-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%B9%D8%B1%D8%B6-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%88%D9%84%D9%88%D9%85%D8%A8%D9%8A
ينظم في 25 أبريل (نيسان) حتى 8 مايو (أيار) في بوغوتا، عاصمة كولومبيا، المعرض الدولي للكتاب، الذي يحتفل هذا العام بالذكرى الـ30 لانطلاقه. وسيشهد المعرض تدشين أعمال جديدة لكتاب كثيرين، ليس من داخل كولومبيا أو حتى أميركا اللاتينية فحسب، وإنما من مختلف دول العالم. كما يعد المعرض فرصة للتعرف على أحدث التوجهات على الساحة الأدبية العالمية. ومن أبرز الأسماء التي تشارك بالمعرض هذا العام، الروائي الجنوب أفريقي، جون ماكسويل كويتزي، الحائز على جائزة نوبل عام 2003. والكاتب البريطاني الترينيدادي الأصل فيديار سوراجبراساد نيبول، الذي نال الجائزة ذاتها عام 2001. من ناحية أخرى، ونظراً لأهمية الثقافة العربية عالمياً، والتقارب العربي المتزايد مع دول أميركا اللاتينية، دعيت للمعرض ناتالي حنظل، الفلسطينية الأصل، التي تعيش في أميركا، وزينة أبي راشد، من لبنان. ولدت حنظل في بيت لحم بفلسطين عام 1959. وهي شاعرة وباحثة، أحدث مؤلفاتها «شاعر في الأندلس»، الذي يعكس تجربة الشاعر الإسباني فيديركو غارثيا لوركا، مؤلف «شاعر في نيويورك»، كما لها كتاب بعنوان «الشعر المعاصر في الشرق الأوسط وآسيا وما وراءهما». أما زينة أبي راشد، فقد ولدت في بيروت عام 1981، وتعيش في فرنسا، وهي تكتب الأدب الساخر. أما أشهر أعمالها فهو «لعبة السنونو» الذي ترجم للغات عدة. ومن المقرر أن تشارك أبي راشد في فعاليتين، تحمل إحداهما اسم «رسم الموسيقى»، وتشرح خلالها الكاتبة كيف يمكن رسم الصوت. أما الدولة ضيف الشرف بالمهرجان هذا العام فهي فرنسا. وعليه، فإن عدداً من الكتاب الفرنسيين وكذلك روايات وقصائد فرنسية ستحتل مكانة محورية بالمعرض هذا العام، إضافة إلى ضيوف دوليين آخرين. بصورة إجمالية، من المتوقع مشاركة 500 كاتب من جنسيات مختلفة في المعرض، إضافة إلى نقاد ومعنيين بالأدب والثقافة الأميركية اللاتينية. وعلى امتداد أيام المعرض الـ14، ستجري نشاطات خاصة احتفالاً بالذكرى الـ50 لصدور رواية «مائة عام من العزلة» لغابرييل غارسيا ماركيز، التي تعد العمل الأدبي الأهم على مستوى أميركا اللاتينية، لما تحويه من وصف حي ودقيق لثقافة المنطقة. كما ستتاح لزائري المعرض إعادة قراءة مقتطفات من أعمال غارسيا ماركيز، الكاتب الذي لا يزال يفتن ويأسر ألباب الملايين حول العالم. ومن المقرر أن ينعقد المعرض في بوينس آيرس بالأرجنتين، التي تعد مسقط رأس الكاتبين خورخي لويس بورخيس وخوليو كورتاثر، وعاصمة الثقافة على مستوى أميركا اللاتينية، نظراً لما تضمه من أعداد كبيرة من المسارح والمكتبات بمختلف أرجائها، كما أن البعض يراها أجمل مدن القارة، وتشتهر بمعمارها وشوارعها الصغيرة التي تجتذب السائحين من أوروبا، ما أكسبها لقب «باريس أميركا الجنوبية». وينعقد المعرض في بوينس آيرس في الفترة بين 27 أبريل إلى 15 مايو، ويحتفل هذا العام بالذكرى الـ43 لانطلاقه، من خلال دعوته لعدد من الضيوف المميزين من أميركا اللاتينية، وعقده فعاليات خاصة لتناول التقنيات الجديدة وتأثيرها على الأدب.
يطيح «كتاب وخنجر: هكذا أصبح الأكاديميون وأمناء المكتبات الجواسيس غير المتوقعين في الحرب العالمية الثانية» للباحثة الأميركية إليز غراهام بالنموذج التقليدي الذي غلب على أذهان الجمهور حول شخصيّة الجاسوس عميل الاستخبارات، والتي تكرّست عبر مئات الروايات والأفلام السينمائيّة والمسلسلات التلفزيونيّة على مثال «جيمس بوند» - بطل روايات الكاتب البريطاني إيان فلمنغ - فيقدّم من خلال سيرة أربع من عملاء مكتب الخدمات الاستراتيجية (OSS) - كان نواة تأسيس وكالة الاستخبارات الأميركيّة لاحقاً - الذين لم يأتوا من خلفيات أمنية أو عسكريّة، ولا حتى من أقسام الفيزياء والتكنولوجيا بالجامعات الأميركية والبريطانية المرموقة - كما كان الحال في مشروع مانهاتن لإنتاج القنبلة النووية، بل من أقسام الأكاديمية النظريّة في الأنثروبولوجيا والتاريخ واللغات، فكأنما تضع «أقل الناس لمعاناً في العالم، في المهنة الأكثر بريقاً في العالم»، على حد تعبير المؤلفة.
تعود بدايات هذه العلاقة غير المتوقعة بين العلوم النظريّة ووكالات الجاسوسية إلى أيّام الحرب العالميّة الثانية، التي دخلتها الولايات المتحدة دون جهاز استخبارات مدني كما كان الحال في بعض أمم أوروبا - تأسس جهاز الاستخبارات البريطاني في عام 1909 – إذ اعتمدت دائماً لجمع المعلومات الاستراتيجية والحساسة من العالم على جهاز الاستخبارات العسكرية التابع للجيش الأميركي.
على أن الحاجة إلى نهج جديد يوسع دائرة جمع المعلومات لما وراء الإطار العسكري بدت ماسة بعد اندلاع الحرب على البر الأوروبي في 1939 مع غزو ألمانيا لبولندا، فعمد الرئيس فرانكلين روزفلت إلى تكليف المحامي البارز ويليام دونوفان بتأسيس ما سمي وقتها بمكتب الخدمات الاستراتيجية الذي استمر في نشاطه عامين بعد انتهاء الحرب عام 1945 ليخلفه في مهماته وكالة الاستخبارات المركزية من 1947 والتي تعد اليوم أقوى أجهزة الاستخبارات في العالم على الإطلاق.
وتقول غراهام إنّ تصور دونوفان عن جهاز مدني للاستخبارات تمحور حول بناء منظومة لجمع كميات هائلة من البيانات وتحليلها للوصول إلى استنتاجات ذات فائدة، مما يحتاج إلى مهارات احترافيّة في التعامل مع المعلومات والأرشيف إلى جانب أساسيات العمل الميداني، ولذلك استقصد البحث عن مهنيين متخصصين من عالم الأكاديميا والسعي لتجنيدهم كعملاء.
كان أساتذة الجامعات وأمناء المكتبات وخبراء الأرشيف منجماً غنياً للمواهب التي يمكن أن تلعب دور الجاسوس المفترض ببراعة: أذكياء ويمكنهم التعلّم بسرعة، يحسنون التعامل مع المعلومات، ومعتادون على العمل المضني، ويتسمون عادة بالتحفظ في سلوكياتهم، مما يسهل ذوبانهم في الأجواء من حولهم دون لفت الانتباه، ومنهم بنى دونوفان أول شبكة تجسس أميركيّة محترفة في الفضاء المدنيّ.
تتبع غراهام في «كتاب وخنجر» دونوفان بينما يتصيد هذه المواهب في أروقة الكليّات النظريّة للجامعات الأميركيّة، وتضئ على قصص أربع منهم ممن تم تجنيدهم بأسلوب أدبي رفيع يمزج بين حقائق التاريخ ورومانسيّة الدراما، لتكون الولادة الأولى للجهد الاستخباراتي الأميركي في أجواء من الرّفوف المديدة من الكتب ورائحة الورق، وصناديق الوثائق والبحث عن معلومة في كومة من البيانات بعيداً عن الأنظار بدلاً من الصورة التلفزيونية لمطاردات العميل رقم 007 بالسيارات الرياضيّة الفارهة، والقفز من الطائرات، وترك المغلّفات للعملاء في نقاط الالتقاط. وبالنسبة للمؤلفة فإن كتابها بمثابة تذكّر لهؤلاء الكوادر الذين ساعدوا الولايات المتحدة على كسب الحرب، وتالياً مد مظلّة الهيمنة الأميركيّة على العالم لعقود.
الشخصيّات الأربعة التي اختارتها غراهام لسرد هذه المرحلة كانوا لدى تجنيدهم قد سلكوا في حياتهم خطوطاً مهنيّة أكاديمية في عدد من جامعات النخبة عندما تحدث إليهم موظفون فيدراليون لطلب مساعدتهم في المجهود الحربيّ. جوزيف كيرتس كان يدرّس اللغة الإنجليزية في جامعة ييل، وأديل كيبري أستاذة تاريخ العصور الوسطى في جامعة شيكاغو والخبيرة بعبور الأرشيفات وأقسام المحفوظات، وكارلتون كون أستاذ الأنثروبولوجيا في جامعة هارفارد، وأيضاً شيرمان كينت الباحث الملحق بقسم التاريخ في جامعة ييل.
تلقى المجندون الأكاديميون الجدد تدريبات مكثّفة على أساليب الخداع، ومراوغة المطاردين وطرائق التشفير وأساسيات القتال الفردي، ويبدو أنهم لم يجدوا صعوبة في التقاط هذه المهارات الجديدة، لكن الجزء الأصعب كما لاحظ مدربوهم كان تعليمهم نسيان خلفيّة اللياقة والتهذيب التي قد تمنعهم من ضرب الخصم تحت الحزام أو استغلال نقاط ضعفه.
أرسل بعدها كيرتس وكيبري تحت غطاء مهمّة أكاديمية لشراء الكتب من دور النشر المحليّة. كيرتس إلى إسطنبول - التي كانت تمور بالجواسيس من كل الدّول - وكيبري إلى استوكهولم - للبحث في مكتبات دولة محايدة عن مواد ألمانية قد تكون ممنوعة من التوزيع في مناطق أخرى من أوروبا: مثل الصحف والمجلات، والصّور، والخرائط.
أكوام المواد الأوليّة التي جمعتها كيبري كانت بحاجة إلى تنظيم وتحليل، وتلك كانت مهمة أوكلت لكينيث، الذي قاد فريقاً من المحللين تولى مثلاً تحديد مواقع المطارات ونقاط توزيع الكهرباء ومحطات السكك الحديدية ومكاتب التلغراف على امتداد الأراضي الفرنسيّة للعمل على منع قوات الاحتلال النازي من الانتفاع بها، وفي الوقت ذاته تحديد مبانٍ ومساحات قد يتسنى للحلفاء الاستفادة منها عند الحاجة لإنشاء مستشفيات ميدانيّة ونقاط ارتكاز.
وتقول غراهام إن فريق كينت نجح مستفيداً من الخرائط السياحيّة وأدلة الأعمال التي أرسلتها كيبري في تحديد مواقع معامل تنتج مكونات أساسيّة لصناعة أسلحة المحور والتي استهدفها الحلفاء بالتخريب بشكل ممنهج. أما كون فيبدو أنّه لم يكن مفيداً كثيراً خلال فترة الحرب، وكانت أفضل فكرة له كما تقول غراهام هي إخفاء العبوات الناسفة في أكوام الفضلات التي تتركها البغال على جوانب الطرق.
عاد هؤلاء الأكاديميون إلى جامعاتهم بعدما وضعت الحرب أوزارها: كيرتس استعاد وظيفته أستاذاً في جامعة ييل، واستأنفت كيبري عملها في عبور المجموعات الأرشيفية المغلقة التي تحتفظ بها الحكومات ومراكز البحث وجهات ذات حيثية مثل الفاتيكان. أما كينت فلم يعد يجد نفسه في عالم الأكاديميا، فالتحق بعد عدّة سنوات بوكالة الاستخبارات المركزية وأسس مجلتها البحثية الداخلية، «دراسات في الاستخبارات»، فيما تورط كون في نشر نظريات أنثروبولوجيّة ذات نفس عنصري ما لبثت أن فقدت قيمتها العلميّة خلال الخمسينيات فخسر سمعته وانتهى إلى الإهمال.
وتقول غراهام إن هذه البدايات المشجعة للتقاطع بين عالمي الكتاب والخنجر جعلت من مجموعة جامعات النخبة الأميركيّة - التي تسمى برابطة اللبلاب - بمثابة مزارع مفتوحة لاستقطاب المواهب المميزة إلى العمل الاستخباراتي، وهو الأمر الذي لا أحد ينكر أنه مستمر إلى الآن.