ترمب يشيد بالصين لمساعدتها في حل الأزمة الكورية

رداً على واشنطن... بيونغ يانغ تتوعد بإطلاق صواريخ أسبوعياً

نائب الرئيس الأميركي برفقة نائب رئيس الوزراء الياباني في طوكيو أمس (إ.ب.أ)
نائب الرئيس الأميركي برفقة نائب رئيس الوزراء الياباني في طوكيو أمس (إ.ب.أ)
TT

ترمب يشيد بالصين لمساعدتها في حل الأزمة الكورية

نائب الرئيس الأميركي برفقة نائب رئيس الوزراء الياباني في طوكيو أمس (إ.ب.أ)
نائب الرئيس الأميركي برفقة نائب رئيس الوزراء الياباني في طوكيو أمس (إ.ب.أ)

أشاد الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، بالصين لمساعدتها في ممارسة ضغوط على كوريا الشمالية، ودافع عن تليين موقفه إزاء التجارة مع الصين في مقابلة بثت أمس.
وتحدث ترمب لقناة «فوكس نيوز» عن علاقته القوية بالرئيس شي جينبينغ، في معرض شرحه عن سبب تراجعه عن انتقاده للصين. وقال: «الآن، ماذا سأفعل؟ أبدأ حرباً تجارية مع الصين في حين نعمل على مشكلة أكبر، بصراحة، مع كوريا؟ إذن، أنا أتعامل مع الصين باحترام كبير. أكن له (جينبينغ) احتراما كبيرا. سنرى الآن ماذا بوسعه أن يفعل».
وخلال حملته الانتخابية، هاجم ترمب الصين مرارا واتهمها بخفض سعر عملتها وهددها بفرض رسوم جمركية على وارداتها. لكنه تراجع عن ذلك بعد لقائه الرئيس الصيني في 6 و7 أبريل (نيسان)، وخلص إلى أن الصين لا تتلاعب بعملتها لتنشيط صادراتها.
وقال ترمب في المقابلة التي سجلت الاثنين: «لم أغير موقفي. الصين تسعى إلى مساعدتنا. لا أعرف إن كانوا سينجحون في ذلك أم لا، ولكن هل أصدر تصريحات قوية عن التجارة أو التلاعب بالعملة ضد من يسعى إلى وقف ما يمكن أن يتطور إلى وضع سيئ جدا؟ يمكنكم فهم هذا». وبهذا الصدد، رحب ترمب بقرار الصين في 18 فبراير (شباط) وقف استيراد الفحم من كوريا الشمالية. وقال: «عاد كثير من السفن المحملة بالفحم. لم ير أحد هذا يحدث من قبل. لم يشهد أحد من جانبنا تحركا إيجابيا مثل هذا من جانب الصين». ولدى سؤاله عن ما إذا كان يستبعد توجيه ضربة عسكرية لكوريا الشمالية، قال ترمب إنه لا يريد الإفصاح عن خططه، مؤكدا: «لا أريد أن أرسل برقية بشأن ما أفعل أو أفكر به».
وقال: «آمل أن يحل السلام ولكنهم يتحدثون مع هذا السيد (كيم جونغ - أون) منذ فترة طويلة. قرأتم كتاب (بيل) كلينتون الذي قال فيه (توصلنا إلى اتفاق سلام ممتاز)، وما كان ذلك سوى دعابة. تنظر إلى أمور مختلفة على مر السنين مع الرئيس أوباما. لقد تفوق على الجميع. تفوق هذا السيد عليهم جميعا، وسنرى ما سيحدث».
ويعتقد الخبراء الأميركيون أن الصين هي الوحيدة التي لديها نفوذ سياسي واقتصادي مؤثر لثني بيونغ يانغ عن تطوير صواريخ بعيدة المدى، قادرة على ضرب الأراضي الأميركية وعن تطوير رؤوس نووية.
في السياق ذاته، أكد وزير الدفاع الأميركي، جيم ماتيس، أمس أن واشنطن وبكين تعملان «عن قرب» معا لوضع الأزمة المتفاقمة مع كوريا الشمالية «تحت السيطرة». وقال ماتيس للصحافيين على متن الطائرة التي أقلّته إلى الرياض في بداية جولة إقليمية إن التجربة الصاروخية تظهر «لماذا نعمل عن قرب مع الصينيين حاليا»، بعد اجتماع رئيسي البلدين في فلوريدا.
وأوضح ماتيس أن الجهود الأميركية - الصينية تنصب باتجاه وضع الأزمة مع كوريا الشمالية «تحت السيطرة، ونزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية (...) إنه هدف مشترك للصين والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان». وتابع: «نتقاسم جميعنا الاهتمام ذاته».
بدوره، أكّد نائب الرئيس الأميركي، مايك بنس، أمس في طوكيو مجددا التزام الولايات المتحدة ضمان أمن اليابان في مواجهة كوريا الشمالية التي تهدّد بإجراء تجارب صاروخية «كل أسبوع».
وأجرى بنس في طوكيو محادثات مع رئيس الوزراء الياباني، شينزو آبي، تركزت على نظام كيم جونغ - أون بعد التجارب الأخيرة لإطلاق الصواريخ في مارس (آذار) وأبريل، باتجاه الأرخبيل.
وبينما يجري الحديث عن احتمال أن تقوم كوريا الشمالية بتجربة نووية سادسة، لمح نائب وزير الخارجية الكوري الشمالي هان سونغ - ريول إلى أن بيونغ يانغ تنوي تسريع وتيرة إطلاق الصواريخ الباليستية. وقال هان في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»: «سنجري تجارب صواريخ بشكل أسبوعي وشهري وسنوي»، مهدّدا «بحرب شاملة».
في مواجهة هذا التهديد، أكّد نائب الرئيس الأميركي من جديد على أهمية التحالف العسكري مع اليابان. وقال في بداية لقائه مع آبي إن التحالف بين البلدين هو «حجر الزاوية للسلام والأمن في شمال شرقي آسيا».
من جهته، دعا آبي إلى حل سلمي لأزمة كوريا الشمالية، حسبما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية. وقال: «إنها مسألة ذات أهمية كبرى بالنسبة لنا أن نسعى لبذل جهود دبلوماسية، ونبحث عن تسوية سلمية للمسألة». إلا أنه أضاف أن «الحوار من أجل الحوار لا قيمة له، لذلك من الضروري ممارسة الضغوط».
بعد ذلك، ذكر بنس بأنه لا يستبعد أي خيار، لكنه شدد على أهمية التنسيق الدولي. وقال إن «الطريق المثلى هي الحوار داخل أسرة الأمم». وأضاف أن «الولايات المتحدة ترى أن الوقت حان لتستخدم الأسرة الدولية الضغط الاقتصادي والسياسي لدفع كوريا الشمالية باتجاه ما أفلتت منه منذ أكثر من جيل». وتابع: «لن نتراجع ما دام لم نبلغ هدف شبه جزيرة كورية خالية من السلاح النووي».
وأطلقت كوريا الشمالية في السادس من مارس أربعة صواريخ باليستية باتجاه اليابان، سقط ثلاثة منها في المياه الإقليمية اليابانية. وكان الهدف المعلن لبيونغ يانغ هو «ضرب قواعد القوى الإمبريالية العدوانية الأميركية في اليابان، إذا لزم الأمر».
من جهتها، صرّحت وزيرة الدفاع اليابانية، تومومي إينادا القومية التي تدعو إلى منح الجيش الياباني دورا أوسع، أمام البرلمان أن اليابان ستستعد لإرسال جنود إلى شبه الجزيرة الكورية لحماية رعاياها، في حال حدوث أزمة تتطلب إجلاءهم.
وقالت إينادا في تصريحات بثتها وكالة الأنباء «جيجي برس» وقناة «إن إتش كي» إنّه «في حال طرأ وضع يتطلب إجلاء الرعايا اليابانيين وغيرهم من شبه الجزيرة الكورية، ولم يتمكنوا من القيام بذلك بأنفسهم»، فإن طوكيو ستستعد لوضع قواتها العسكرية في حالة تأهب.
بعد زيارته إلى المنطقة المنزوعة السلاح بين الكوريتين، حذر بنس بيونغ يانغ من اختبار مدى «حزم» دونالد ترمب. وفي بانمونجوم «قرية الهدنة» على الحدود بين الكوريتين، قال بنس خصوصا إن «كل الخيارات» مطروحة الآن «على الطاولة» لحل المشكلة الكورية الشمالية. وقال بنس في سيول: «في الأسبوعين الماضيين، شهد العالم قوة وعزم رئيسنا الجديد من خلال عمليتين في سوريا وأفغانستان»، في إشارة إلى ضربة أميركية استهدفت قاعدة جوية سورية وإلقاء «أم القنابل» على مخابئ إرهابيين في أفغانستان. وأضاف نائب الرئيس الأميركي «من الأفضل لكوريا الشمالية ألا تختبر حزمه (ترمب)، أو قوة الجيش الأميركي في هذه المنطقة».
وأكد ترمب الخميس أن كوريا الشمالية تطرح «مشكلة ستتم معالجتها». وردّ ممثل كوريا الشمالية في الأمم المتحدة، الاثنين، إنّ بلاده مستعدة للرد على «أي شكل من أشكال الحرب» التي يمكن أن يتسبب بها عمل عسكري أميركي، مؤكدا أن بلاده سترد على أي هجوم صاروخي أو نووي «بالمثل».
من جهته، عبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن أمله في «ألا تكون هناك خطوات أحادية كالتي شهدناها مؤخرا في سوريا»، حيث شنت الولايات المتحدة هجوما صاروخيا على قاعدة جوية للقوات السورية. وقال: «لا نقبل بمغامرات بيونغ يانغ النووية والباليستية المخالفة لقرارات الأمم المتحدة، لكن ذلك لا يعني أنه من الممكن انطلاقا من هنا انتهاك القانون الدولي باستخدام القوة» ضدها.
يذكر أن بنس بدأ جولته في كوريا الجنوبية الأحد، بعد ساعات على فشل تجربة إطلاق صاروخ قامت بها بيونغ يانغ وغداة عرض عسكري كبير في بيونغ يانغ ظهر خلاله نحو ستين صاروخا، بينها خصوصا ما بدا أنه صاروخ باليستي جديد عابر للقارات.
وقال نائب الرئيس الأميركي في مؤتمر صحافي مع الرئيس الكوري الجنوبي بالوكالة: «سنقضي على كل هجوم، وسنقدم ردا ساحقا وفعالا على استخدام أي أسلحة تقليدية أو نووية». وأكد بنس مجددا أن سياسة «الصبر الاستراتيجي» انتهت، ملمحا إلى مبدأ حكومة الرئيس السابق باراك أوباما الذي يقضي برفض أي حوار مع الشمال وتعزيز العقوبات إلى أن تقوم بيونغ يانغ بخطوات عملية باتجاه إزالة الأسلحة النووية.
من جهة أخرى، صرّح بنس بعد محادثات مع نائب رئيس الوزراء، تارو آسو، أن المفاوضات يمكن أن تفضي إلى اتفاق تجاري بين البلدين. وقال: «في وقت ما في المستقبل، قد يتخذ قرار بين الدولتين للاستفادة مما تعلمناه في هذا الحوار وبدء مفاوضات لاتفاق للتبادل الحر». وأضاف أن «هذا الحوار يمنح فرصة للولايات المتحدة واليابان لتعزيز علاقتنا الاقتصادية الثنائية»، مؤكدا أنه «يوم جديد وفصل جديد في علاقاتنا».
وأكد بنس من جديد معارضة واشنطن لاتفاق التبادل الحر الذي وقعته في 2015 بعد مفاوضات شاقة اثنتا عشرة دولة مطلة على المحيط الهادي، تشكل 40 في المائة من اقتصاد العالم (الولايات المتحدة وأستراليا وبروناي وكندا وتشيلي واليابان وماليزيا والمكسيك ونيوزيلندا والبيرو وسنغافورة وفيتنام). وقال إن «هذه الاتفاقية أصبحت من الماضي»، مؤكدا رغبة الولايات المتحدة في تغليب الاتفاقات الثنائية على المعاهدات الإقليمية الواسعة.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».