لبنان: أزمة قانون الانتخاب تتفاعل ومشروع «التأهيل الطائفي» يسقط دستورياً

مصادر الرئاسة: عون مطمئن لحتمية التفاهم على صيغة ترضي الجميع

لبنان: أزمة قانون الانتخاب تتفاعل ومشروع «التأهيل الطائفي» يسقط دستورياً
TT

لبنان: أزمة قانون الانتخاب تتفاعل ومشروع «التأهيل الطائفي» يسقط دستورياً

لبنان: أزمة قانون الانتخاب تتفاعل ومشروع «التأهيل الطائفي» يسقط دستورياً

كل الصيغ المطروحة لقانون الانتخاب في لبنان، تصطدم بجدار الرفض، سواء من هذا الفريق أو ذاك، وتضع البلاد أمام خيارين صعبين، الأول خيار التمديد للبرلمان في الجلسة المقررة في 15 مايو (أيار) المقبل، الذي سيواجه باعتراض الثنائي المسيحي (التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية) الذي يلوّح بورقة الشارع وقطع الطرقات، والثاني خيار الفراغ النيابي وما يرتّبه من مخاطر على انتظام عمل المؤسسات الدستورية، وتغييب مكوّن أساسي (الطائفة الشيعية) لأول مرّة عن السلطة.
ورغم اقتراب موعد الجلسة التشريعية، تبدو الأمور مقفلة أمام التفاهم، خصوصا أن مشروع قانون التأهيل الطائفي على مستوى القضاء، ثم الانتخاب وفق النسبية على مستوى المحافظة، الذي تقدّم به رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل، لاقى رفضاً شديداً من أبرز حلفائه «حزب الله»، عدا عن افتقاده للمشروعية الدستورية، وفق أحد خبراء الدستور.
الفرضيات التشاؤمية، قللت منها مصادر القصر الجمهوري، التي دعت إلى «عدم استباق الأمور». وأوضحت لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك خطين يسيران بشكل متوازٍ، الأول هو خطّ التصريحات والمواقف التي تهاجم أي مشروع انتخابي، والثاني خطّ الاتصالات القائمة والمستمرّة، وهي تسير بشكل إيجابي»، مؤكدة أن رئيس الجمهورية «مطمئن إلى حتمية التوصل إلى تفاهم واسع على قانون جديد، ضمن الفترة التي أفسح قراره فيها للبحث عن صيغة مقبولة من معظم القوى السياسية». وشددت مصادر بعبدا على أن «قانون التأهيل لا يزال قيد البحث ولم تطو ورقته».
ويبدو أن رفض قانون التأهيل الطائفي لا يقتصر على القوى السياسية فحسب، إذ اعتبر الخبير الدستوري النائب السابق صلاح حنين، أن «مشروع قانون التأهيل على أساس طائفي غير دستوري، لأن الدستور يشدد على وحدة الأرض والشعب والمؤسسات»، مشدداً على أن «كل انتخابات طائفية تخالف نص الدستور وروحه». وأوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الوقت الفاصل عن 15 مايو (أيار) المقبل، (موعد الجلسة التشريعية) كافٍ للاتفاق على قانون جديد للانتخابات وإقراره في مجلس النواب، قبل 30 مايو، وهو اليوم الأخير للعقد العادي للبرلمان»، مؤكداً أن «ثمة خيارات متعددة سيتم اللجوء إليها في حال عدم إقرار القانون، أول هذه الخيارات أن يدعو الرئيس نبيه بري البرلمان إلى جلسة تشريعية لوضع قانون التمديد على الطاولة، بصفة المستعجل، وسيكون أمام رئيس الجمهورية مهلة خمسة أيام فقط لتوقيعه أو ردّه، فإذا لم يوقعه خلال هذه المدة يصبح نافذاً، وإذا قرر ردّه يعاود المجلس إقراره بأغلبية 65 صوتاً، أي بنصف أعضاء المجلس زائداً واحداً».
ويواجه البرلمان اللبناني مشكلة انتهاء دورته العادية نهاية مايو المقبل، ولفت حنين إلى أنه «إذا لم يحصل تمديد قبل 30 مايو، وانتهى العقد العادي للمجلس، وفي حال لم يتم توقيع مرسوم عقد استثنائي، لن يكون بإمكان المجلس أن يشرّع، عندها حكماً نصل إلى فراغ برلماني لأول مرّة بتاريخ لبنان». وقال: «أمام هذا الواقع، تستطيع الحكومة إصدار مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، لإجراء الانتخابات وفق (قانون الستين) النافذ، لكن هذه الدعوة ستصطدم حتماً برفض رئيس الجمهورية توقيع هذا المرسوم». وأضاف الخبير الدستوري: «بإمكان الحكومة أن تضع قانوناً انتخابياً وتقرّه، لأن الانتظام العام يعطي الحكومة حق التشريع حتى من دون نصّ دستوري، إذ لا شيء اسمه فراغ في المؤسسات العامة، وكي لا يترك البلد في مهبّ الريح»، لكنه حذّر من أن «نصبح أمام ديكتاتورية السلطة التنفيذية، التي تشرّع من دون رقيب أو حسيب، كما يضعنا هذا الاحتمال أمام تغييب مكون أساسي عن السلطة (المكوّن الشيعي باعتبار أن رئيس مجلس النواب شيعي)، وهذا أمر خطير جداً».
ولم يعد خافياً على أحد أن البلاد دخلت في أزمة وطنية، سببها مشاريع القوانين التي تضرب الصيغة اللبنانية القائمة على توازنات دقيقة للغاية، على حدّ تعبير أمين السرّ العام في الحزب التقدمي الاشتراكي ظافر ناصر، الذي جدد رفض حزبه لمشروع قانون التأهيل الطائفي، وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذا القانون مخالف للدستور، ويضرب الشراكة على مستوى البلد ككل، كما يضرب المصالحة الوطنية التي رعاها الزعيم وليد جنبلاط والبطريرك (الماروني السابق نصر الله بطرس) صفير في جبل لبنان في العام 2001».
وقال ناصر: «إذا كان المطلوب عبر هذه القوانين تغيير النظام السياسي في لبنان، فليطرح هذا الأمر للنقاش بشكل واضح، أما إذا كان المطلوب إصلاحاً حقيقياً، فإن هكذا مشاريع لا تبني وطناً»، مؤكداً أن «البلد بات في صميم الأزمة والمطلوب من الجميع جهد استثنائي لإنتاج قانون انتخابي جديد». ولا يتخوّف الحزب الاشتراكي من سيناريوهات سيئة في حال عدم التوصل إلى قانون جديد، حيث أعلن ظافر ناصر أن «لا فراغ في المجلس النيابي، لأن المجلس سيّد نفسه، والتمديد التقني بات أمراً واقعاً».



انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)

أرغم الحوثيون جميع الموظفين في مناطق سيطرتهم، بمن فيهم كبار السن، على الالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن ما يقولون إنها استعدادات لمواجهة هجوم إسرائيلي محتمل.

جاء ذلك في وقت انضم فيه موظفون بمدينة تعز (جنوب غرب) الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى إضراب المعلمين، مطالبين بزيادة في الرواتب.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الحوثيين، وعلى الرغم من أنهم لا يصرفون الرواتب لمعظم الموظفين، فإنهم وجّهوا بإلزامهم، حتى من بلغوا سن الإحالة إلى التقاعد، بالالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن الإجراءات التي تتخذها الجماعة لمواجهة ما تقول إنه هجوم إسرائيلي متوقع، يرافقه اجتياح القوات الحكومية لمناطق سيطرتهم.

وبيّنت المصادر أن هناك آلاف الموظفين الذين لم يُحالوا إلى التقاعد بسبب التوجيهات التي أصدرها الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي بوقف الإحالة إلى التقاعد، إلى حين معالجة قضايا المبعدين الجنوبيين من أعمالهم في عهد سلفه علي عبد الله صالح، وأن هؤلاء تلقوا إشعارات من المصالح التي يعملون بها للالتحاق بدورات التدريب على استخدام الأسلحة التي شملت جميع العاملين الذكور، بوصف ذلك شرطاً لبقائهم في الوظائف، وبحجة الاستعداد لمواجهة إسرائيل.

تجنيد كبار السن

ويقول الكاتب أحمد النبهاني، وهو عضو في قيادة اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، إنه طلب شخصياً إعادة النظر في قرار تدريب الموظفين على السلاح، لأنه وحيد أسرته، بالإضافة إلى أنه كبير في العمر؛ إذ يصل عمره إلى 67 عاماً، واسمه في قوائم المرشحين للإحالة إلى التقاعد، بعد أن خدم البلاد في سلك التربية والتعليم واللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم لما يقارب الأربعين عاماً.

ومع تأكيده وجود الكثير من الموظفين من كبار السن، وبعضهم مصابون بالأمراض، قال إنه من غير المقبول وغير الإنساني أن يتم استدعاء مثل هؤلاء للتدريب على حمل السلاح، لما لذلك من مخاطر، أبرزها وأهمها إعطاء ذريعة «للعدو» لاستهداف مؤسسات الدولة المدنية بحجة أنها تؤدي وظيفة عسكرية.

حتى كبار السن والمتقاعدون استدعتهم الجماعة الحوثية لحمل السلاح بحجة مواجهة إسرائيل (إ.ب.أ)

القيادي في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ذكر أنه لا يستبعد أن يكون وراء هذا القرار «أطراف تحمل نيات سيئة» تجاه المؤسسات المدنية، داعياً إلى إعادة النظر بسرعة وعلى نحو عاجل.

وقال النبهاني، في سياق انتقاده لسلطات الحوثيين: «إن كل دول العالم تعتمد على جيوشها في مهمة الدفاع عنها، ويمكنها أن تفتح باب التطوع لمن أراد؛ بحيث يصبح المتطوعون جزءاً من القوات المسلحة، لكن الربط بين الوظيفة المدنية والوظيفة العسكرية يُعطي الذريعة لاستهداف العاملين في المؤسسات المدنية».

توسع الإضراب

وفي سياق منفصل، انضم موظفون في مدينة تعز الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى الإضراب الذي ينفّذه المعلمون منذ أسبوع؛ للمطالبة بزيادة الرواتب مع تراجع سعر العملة المحلية أمام الدولار وارتفاع أسعار السلع.

ووفقاً لما قالته مصادر في أوساط المحتجين لـ«الشرق الأوسط»، فقد التقى محافظ تعز، نبيل شمسان، مع ممثلين عنهم، واعداً بترتيب لقاء مع رئيس الحكومة أحمد عوض بن مبارك؛ لطرح القضايا الحقوقية المتعلقة بالمستحقات المتأخرة وهيكلة الأجور والمرتبات وتنفيذ استراتيجية الأجور، لكن ممثلي المعلمين تمسكوا بالاستمرار في الإضراب الشامل حتى تنفيذ المطالب كافّة.

المعلمون في تعز يقودون إضراب الموظفين لتحسين الأجور (إعلام محلي)

وشهدت المدينة (تعز) مسيرة احتجاجية جديدة نظّمها المعلمون، وشارك فيها موظفون من مختلف المؤسسات، رفعوا خلالها اللافتات المطالبة بزيادة المرتبات وصرف جميع الحقوق والامتيازات التي صُرفت لنظرائهم في محافظات أخرى.

وتعهّد المحتجون باستمرار التصعيد حتى الاستجابة لمطالبهم كافّة، وأهمها إعادة النظر في هيكل الأجور والرواتب، وصرف المستحقات المتأخرة للمعلمين من علاوات وتسويات وبدلات ورواتب وغلاء معيشة يكفل حياة كريمة للمعلمين.