كوستاريكا... سوق عقارية تأبى الركود

أغلب المستمرين الأجانب فيها من الأميركيين

منزل إسباني على الطراز الاستعماري بالقرب من عاصمة كوستاريكا (نيويورك تايمز)
منزل إسباني على الطراز الاستعماري بالقرب من عاصمة كوستاريكا (نيويورك تايمز)
TT

كوستاريكا... سوق عقارية تأبى الركود

منزل إسباني على الطراز الاستعماري بالقرب من عاصمة كوستاريكا (نيويورك تايمز)
منزل إسباني على الطراز الاستعماري بالقرب من عاصمة كوستاريكا (نيويورك تايمز)

يقع هذا المنزل على الطراز الاستعماري والمكون من أربع غرف للنوم وخمسة حمامات في إسكازو، التي تبعد مسافة خمسة أميال إلى الغرب من سان خوسيه عاصمة كوستاريكا. وتتمتع هذه المنطقة مترامية الأطراف والواقعة في التلال القريبة من العاصمة بدرجات حرارة أكثر اعتدالا، وربما برودة من أي مكان آخر في المنطقة. كما أنها تعتبر واحدة من أكثر المناطق ثراء في البلاد، في وجود المطاعم الراقية والمحال التجارية، وعدد قليل من السفارات والقنصليات الأجنبية.
والمنزل الذي يتكون من ثلاثة مستويات، يقع على مساحة تبلغ 8772 قدما مربعة، وهو من تصميم المعماري رونالد زورشر، الذي أشرف على تشييده قبل 15 عاما، على مساحة تقارب ثلاثة أرباع الفدان في ذلك الحي الراقي الهادئ. وتقول إيفا موريلو، الوكيلة العقارية من شركة كوستاريكا سوذبي العقارية الدولية، التي تتولى مهمة بيع المنزل: «إنها منطقة هادئة للغاية. وليس هناك الكثير من الحركة المرورية هناك. ولكن المنزل يبعد دقائق معدودة عن كل شيء تقريبا. فهو قريب من المطار. وهناك مستشفى في الجوار. إلى جانب مركز كبير للتسوق، هذا بخلاف المدارس».
والمنزل المعروض للبيع بسعر 1.75 مليون دولار، أدخل عليه ملاكه، الذين يرغبون في الانتقال إلى مكان آخر، الكثير من المواد الطبيعية... حيث تم استيراد الباب الخشبي الأمامي الكبير من الهند، وهو محاط بممر حجري من إحدى كنائس غواتيمالا. وهناك قطع حجرية وخشبية أخرى يمكن مشاهدتها والعثور عليها في مختلف أرجاء المنزل.
في الداخل، في الطابق الرئيسي، هناك بهو كبير من البلاط يؤدي بك إلى غرفة المعيشة، التي توجد فيها مدفأة من الخشب، ثم إلى غرفة الطعام ذات السقف الخشبي، ومنها إلى منطقة تناول الإفطار، ثم المطبخ الذي تتواجد فيه الأدوات والأجهزة المصنعة من الفولاذ المضاد للصدأ وطاولات الغرانيت العريضة.
تحتوي كل هذه الغرف على أرضيات من الخشب الصلد وأسقف ذات عوارض خشبية، وتوصل إلى شرفة واسعة تطل على الحدائق الاستوائية الخصبة الغناء. كما تقع أماكن معيشة الخدم في مساحة منفصلة بالقرب من المطبخ، كما أن المنزل يحتوي أيضا على قبو للمشروبات.
هناك غرفة كبيرة في الطابق السفلي تستخدم في الأغراض الترفيهية ومزودة بأبواب زجاجية تؤدي إلى ساحة من المناظر الطبيعية الخلابة، ويوجد فيها المسبح الداخلي الخاص والمساحة المخصصة لممارسة اليوغا مع الكثير من المقاعد. كما أن هناك مرأبا يتسع لسيارتين، إلى جانب سقيفة مفتوحة الجوانب تتسع لأربع سيارات أخرى.
وتقع غرف النوم الأربع في الطابق العلوي. وهناك مساحة داخلية مخصصة لتغيير الملابس في غرفة النوم الرئيسية إلى جانب الشرفة المطلة على المدينة التي تبدو من على مسافة معقولة. كما أن هناك غرفتي نوم تشتركان في حمام واحد، في حين أن الغرفة الأخيرة تضم حماما خاصا. وتُعرض كل مفروشات المنزل للبيع بصورة مستقلة.
وتقول السيد موريلو: «إن المناطق المفتوحة في المنزل رائعة للترفيه، لكن منطقة غرفة النوم تتمتع بخصوصية كبيرة».
وتعتبر إسكازو، واسمها الرسمي هو سان ميغيل دي إسكازو، جزءا من مقاطعة إسكازو الكبيرة التي تضم نحو 60 ألف نسمة في إقليم سان خوسيه. وهي تقع على بعد نحو 12 ميلا من مطار خوان سانتاماريا الدولي في سان خوسيه. وأقرب الشواطئ على ساحل المحيط الهادئ تبعد نحو 90 دقيقة بالسيارة. لكن المنطقة بأسرها تعوض هذا البُعد بالمرافق ووسائل الراحة التي تتمتع بها المدينة الكبيرة: فهي موطن مجمع التسوق الضخم مالتي بلازا إسكازو، وهي قريبة من أفضل المرافق الطبية الخاصة في البلاد، وهي مستشفى سيما.

نظرة عامة على سوق العقارات

كانت سوق العقارات في كوستاريكا مزدهرة لما يربو على عشر سنوات، لكن الأنشطة العقارية شهدت بعض الركود في أعقاب الأزمة المالية العالمية لعام 2008. وفي السنوات القليلة الماضية، بدأت الأعمال التجارية في الازدهار مرة أخرى على الرغم من أن الأسعار لا تزال معقولة إلى حد ما مقارنة بما كانت عليه الأوضاع قبل عام 2008، كما يقول شاول راسمينسكي، صاحب شركة «دومينيكال» العقارية، التي تتخذ مقرها في مدينة دومينيكال.
وأردف راسمينسكي يقول: «شهدنا المزيد من المشترين والكثير من الصفقات. ويعمل الناس أيضا على تطوير الأراضي هنا؛ فهناك المزيد من الشقق الجديدة التي يجري بناؤها في المدينة، كما أن هناك ثقة عالية في السوق أيضا».
لا يزال الطلب على المنازل في إسكازو جيدا إلى حد كبير، كما تقول موريلو، بسبب أن المنطقة هناك قريبة من وسط المدينة، ومن أعمال وشركات الناس هناك، وهي قريبة أيضا من الطريق السريع 27، الذي ينقلك سريعا إلى الشاطئ.
وتراوح الأسعار في إسكازو بين 150 ألف دولار للمنزل الصغير على الارتفاع المنخفض، كما تقول موريلو، و6 ملايين دولار للمنزل الفسيح الواقع على التلال العالية. لكن الأسعار تشهد انخفاضا في الآونة الأخيرة، كما أضافت، مع المزيد من المنازل الفاخرة التي تُطرح للبيع في السوق.

من يشتري في كوستاريكا؟

يهيمن الأميركيون على سوق المنازل الثانية في البلاد، ويرجع ذلك جزئيا إلى وفرة الرحلات الجوية المباشرة إلى كوستاريكا من أي مدينة كبيرة في الولايات المتحدة الأميركية، كما أن هناك أيضا اهتماما قويا من جانب المشترين الكنديين والأوروبيين، كما يقول الوكلاء العقاريون.
ويفضل السواد الأعظم من المشترين الأجانب الاستمتاع بالكثير من المجتمعات الشاطئية في البلاد والواقعة على طول ساحل المحيط الهادي والبحر الكاريبي. ويقول رودولفو هيريرا، المحامي المختص بالعقارات وكاتب العدل في سان ايسيدرو الواقعة في مقاطعة سان خوسيه: «إنهم يأتون هنا لقضاء الإجازات، ويقعون في عشق المكان، ويريدون شراء المنازل هنا».
والمشترون في مقاطعة سان خوسيه، وخصوصا في إسكازو – التي يشبهها هيريرا بالمدينة الأميركية العالمية الكبيرة مثل ميامي – هم في الغالب من الأشخاص الذين يعملون في العاصمة، إلى جانب المتقاعدين، أو الناس القريبين من سن التقاعد التي يبحثون عن الانتقال إلى بيئات مناخية معتدلة.
يقول راسمينسكي: «إن المشترين الذين يبتاعون العقارات في إسكازو يرغبون في توافر وسائل الراحة والمرافق الحديثة بالقرب من المدينة. كما أنهم يرغبون في العيش في منطقة تبدو فيها درجات الحرارة أكثر اعتدالا مع مناظر الطبيعة والجبال في كل مكان حولهم».

أساسيات الشراء
يواجه عملاء شراء المنازل الأجانب بعض القيود في كوستاريكا، كما يقول هيريرا، لكن التمويل المحلي يصعب الحصول عليه بالنسبة للأجانب، وهو يأتي وفق شروط أقل جاذبية مما عليه الأمر في الولايات المتحدة. والمشترون غير المقيمين في البلاد، كما يقول، ينبغي عليهم أن يكونوا مستعدين للسداد النقدي، أو الحصول على القروض من أماكن أخرى.
يقوم المشترون في العادة بإيداع مبلغ من المال (وعادة ما يكون بنسبة 10 في المائة من سعر الشراء) في حساب ضمان مصرفي. ثم هناك فترة العناية الواجبة للبحث عن الصكوك والملكيات، ومراجعة الحجوزات أو الخصوم على العقار، من بين أمور أخرى. وهناك سجل ملكية وطني موثوق فيها للغاية في كوستاريكا، وهو معني بمتابعة تلك السجلات والتأكد منها، وهو يشتمل على معلومات عن أصحاب العقارات الأصليين.
وينصح الوكلاء العقاريون بتوكيل محام للعقارات من ذوي الخبرة، ويفضل لو كان من كتاب العدل. حيث يتولي كاتب العدل كل مهام نقل الملكيات المهمة الخاصة بالعقار. (في كوستاريكا، كل كتاب العدل المرخص لهم هم من المحامين في المقام الأول، ولكن ليس كل المحامين من كتاب العدل). ومن الممارسات الشائعة بين المشترين الأجانب هي تأسيس شركة لشراء العقار. ويمكن إجراء المشتريات أيضا عن طريق صندوق التقاعد، مثل الحساب التقاعدي الشخصي للمشتري.

المواقع الإلكترونية

السياحة في كوستاريكا: (visitcostarica.com)
هيئة السياحة: (ict.go.cr)

اللغات والعملات

اللغة الإسبانية، والعملة هي الكولون (1 دولار = 560 كولونا).
الدولار الأميركي مقبول هناك على نطاق واسع.

الضرائب والرسوم

يسدد البائع في المعتاد عمولة الوساطة، والتي تتراوح بين 5 و8 في المائة من سعر الشراء. ويسدد المشتري في المعتاد معظم تكاليف الإغلاق، كما يقول هيريرا، التي تصل إلى 4 في المائة على الأقل من سعر الشراء، وتشتمل التكاليف على رسوم كاتب العدل، وضريبة نقل الملكية، والدمغات الحكومية.
أما ضرائب العقارات في كوستاريكا، فهي منخفضة للغاية عموما، وتبلغ نحو 0.25 في المائة من القيمة المسجلة للعقار. والضرائب البلدية على المنزل تبلغ نحو 2000 دولار في السنة، كما تقول موريلو، إضافة إلى ضريبة العقارات الفاخرة السنوية التي تبلغ نحو 2000 دولار أخرى.
* خدمة «نيويورك تايمز»



جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
TT

جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه

غالباً ما ينظر النشطاء في مجال الإسكان بالولايات المتحدة الأميركية إلى بناء المباني السكنية الجديدة على أنه هو المشكلة، حيث يتم السماح للمطورين العقاريين ببناء مزيد من المساكن، لا سيما في الأحياء الفقيرة، مما يجعل المستأجرين والجيران في هذه المناطق يخشون من ارتفاع أسعار السوق وزيادة تكلفة الإيجارات عليهم، في حين يميل الاقتصاديون، من ناحية أخرى، إلى رؤية المباني الجديدة بوصفها الحل وليست المشكلة، حيث يقولون إن الطريقة الوحيدة لتخفيف النقص في عدد الشقق، الذي بدوره يؤدي إلى رفع الإيجارات، هي بناء مزيد من المساكن، فهم يؤكدون أن بناء ما يكفي من المساكن سيؤدي لانخفاض الإيجارات بشكل عام.
وتعدّ الإشكالية بين هذين الرأيين أساس حالة الجدل المثارة حول البناء الفردي والمعارك الأوسع حول كيفية تخفيف أزمة الإسكان في الولايات المتحدة. وحتى وقت قريب، لم تكن هناك أي بيانات تقريباً على نطاق الأحياء لحل هذه الأزمة، ويبدو أن كلا الرأيين صحيح في الوقت نفسه، فالمساكن الجديدة قد تساعد في خفض الإيجارات في مناطق المترو على سبيل المثال وذلك حتى في الوقت الذي قد يعني فيه ذلك زيادة الطلب على هذه المناطق مما يزيد من قيمة الإيجارات فيها.
وتقدم دراسات جديدة عدة أخيراً بعض الأدلة المشجعة، إن لم تكن كاملة، حيث نظر الباحثون في جامعة نيويورك و«معهد آب جون»، وجامعة مينيسوتا، إلى ما يحدث بشكل مباشر مع بناء المساكن الجديدة، واسعة النطاق، والتي تُباع بسعر السوق (دون قيود على قيمة الإيجار)، حيث تشير دراسات عدة بالفعل إلى أن المناطق التي تبني مزيداً من المساكن تكون أسعارها معقولة، وتتساءل هذه الدراسات الحديثة عما إذا كان هذا النمط يظل ثابتاً عند النظر إلى بناء المساكن الفردية وليس المجمعات السكنية الكبيرة.
وتشير النتائج، مجتمعة، إلى أن المساكن الجديدة يمكن أن تخفف من حدة ارتفاع الإيجارات في المباني الأخرى القريبة، لكن جاء رأي هذه النتائج مختلطاً حول ما إذا كان المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض يستفيدون بشكل مباشر من المباني الجديدة أيضاً.
وتمثل أنواع المباني التي تصفها هذه الدراسات، والتي تخضع لسعر السوق وتتكون من 50 وحدة سكنية أو أكثر، غالبية المباني الجديدة الآن، كما تستهدف الغالبية العظمى من الشقق الجديدة اليوم المستأجرين من ذوي الدخل المرتفع، حيث يبلغ متوسط الإيجار لوحدة جديدة الآن 1620 دولاراً أميركياً في الشهر، أي أعلى بنسبة 78 في المائة من متوسط الإيجار على مستوى البلاد، وذلك وفقاً لـ«مركز هارفارد المشترك للدراسات الإسكانية»، (كما أن الهوة بين هذه الأرقام آخذة في الاتساع)، وتميل هذه المباني أيضاً إلى أن تكون الأكثر ظهوراً في المعارك المتعلقة بالإسكان في مختلف الأحياء الأميركية.
وتقول الزميلة في «مركز فورمان» بجامعة نيويورك، والتي درست تأثير المباني الجديدة في نيويورك، شياودي لي: «المستأجرون لا يحبون فكرة بناء المباني الشاهقة الجديدة، وذلك لأنهم يجدون هناك ارتفاعاً أيضاً في قيمة الإيجارات لديهم».
وقد يفترض الجيران أن المباني الجديدة تتسبب في ارتفاع الإيجارات، وهذا أمر مبرر إذا كانت المباني الجديدة تجذب كثيراً من السكان الأكثر ثراءً، والذين بدورهم يجذبون وسائل الراحة الراقية التي تجعل الحي مرغوباً فيه بشكل أكبر.
وتضيف لي: «السؤال الرئيسي هنا هو: ما التأثير الحقيقي لبناء هذه المباني؟». وقد وجدت لي أن المباني الجديدة في نيويورك تجذب مزيداً من المطاعم والمقاهي في المناطق المجاورة، لكنها خلصت إلى أن أي تأثير قد يؤدي لرفع الإيجارات في المناطق المجاورة لهذه المرافق، سيتم وقفه بسبب زيادة المعروض من المباني، وهو الأمر الذي يؤدي لخفض الإيجارات، كما وجدت أنه مقابل كل زيادة بنسبة 10 في المائة في المعروض من المساكن، فإن إيجارات العقارات التي تقع على مسافة 500 قدم تنخفض بنسبة واحد في المائة، وذلك مقارنة بالمناطق الأخرى التي يرتفع فيها الطلب.
ولكن يبدو أن هذه الفوائد ستذهب للمستأجرين في المباني الراقية والمتوسطة القريبة، حيث يفترض أن مالكي العقارات يرون منافسة جديدة في الجوار مما يدفعهم لتعديل قيمة إيجارات مساكنهم بما يتناسب مع هذه المنافسة، لكن «لي» وجدت أن المباني الجديدة ليس لها أي تأثير على إيجار العقارات التي تقع على بُعد أكثر من 500 قدم، وأنها لا تؤثر أيضاً على إيجارات الوحدات منخفضة التكلفة القريبة، وذلك لأنه ربما لا يرى ملاك هذه الوحدات الأبراج الفاخرة الجديدة على أنها منافسة لهم بشكل مباشر.
وفي دراسة منفصلة، وجد براين أسكويث وإيفان ماست من «معهد آب جون»، وديفين ريد في «بنك فيلادلفيا الفيدرالي»، مجموعة مماثلة من النتائج في 11 مدينة رئيسية، بما في ذلك أتلانتا وأوستن وشيكاغو ودنفر، وشملت الدراسة المباني الجديدة التي تضم 50 وحدة على الأقل والتي تم بناؤها في أحياء يقطنها ذوو الدخل المنخفض في وسط المدينة، ويقدر هؤلاء الباحثون أن هذه المباني الجديدة تؤدي لخفض الإيجارات بنسبة بين 5 و7 في المائة في المناطق المجاورة بشكل مباشر، وذلك مقارنة بقيمة الإيجارات المتوقعة في حال لم يكن قد تم بناء هذه المباني الجديدة.
ولكن لا تعني الدراسة أن الإيجارات تنخفض بالفعل، إلا إنها تشير، بدلاً من ذلك، إلى أن المباني الجديدة تبطئ وتيرة زيادة الإيجارات في أنواع الأحياء التي يصفها المطورون العقاريون بأنها مرتفعة بالفعل، حيث إنه بحلول الوقت الذي يصل فيه هؤلاء المطورون إلى حي ما، خصوصاً مع وجود خطط لمشاريع كبيرة الحجم، فإنه من المرجح أن ترتفع الإيجارات بشكل سريع.
وعن تفسيره النتائج التي توصل إليها في اجتماع عام بشأن الرؤية السابقة، يقول ماست: «الأثرياء يتطلعون بالفعل إلى الانتقال إلى حي ما، ولذلك فإنه يمكننا بناء ذلك المبنى الذي يمنحهم شكل الوحدة التي يريدون أن يعيشوا فيها، وفي حال لم نفعل ذلك، فإنهم سيقومون بشراء وحدة في مكان قريب ثم سيقومون بتجديدها».
وقد يكون هذا الرأي غير مريح بالنسبة للمقيمين في الأحياء منذ فترة طويلة، خصوصاً أولئك الذين يشعرون بالقلق من التغيرات التي تحدث في أحيائهم والتي تتجاوز فكرة قيمة الإيجارات فقط، لكنه يمثل رداً على نقطة واحدة على الأقل فيما يخص الجدل المثار حول بناء المباني السكنية الجديدة.
ويقول الأستاذ في جامعة نيويورك، إنغريد غولد إيلين: «هذه النتائج تشير ببساطة إلى أن بناء مزيد من المساكن في أحد الأحياء لن يؤدي إلى تفاقم أعباء الإيجار المرتفعة، ولكنه قد يساعد في التخفيف من حدتها».
ويأتي أحد التحذيرات في الأبحاث التي أجراها أنتوني داميانو وكريس فرينير، اللذان يدرسان للحصول على الدكتوراه في جامعة مينيسوتا، حيث قاما بدراسة المباني الجديدة واسعة النطاق التي بنيت في مينابولس، وقد وجدوا أن بناء المساكن الجديدة قد ساعد في تخفيف حدة ارتفاع قيمة الإيجارات للوحدات الراقية القريبة، لكنهم خلصوا إلى أنه في الثلث الأسفل من السوق يكون للمباني الجديدة تأثير معاكس، حيث ترتفع قيمة الإيجار بشكل سريع.
ومن الممكن في بعض السياقات أن يتسبب بناء الشقق الجديدة، التي تباع وفقاً لسعر السوق، في قيام ملاك العقارات في المناطق القريبة بكبح جماح قيمة إيجار شققهم، لكنه قد يتسبب أيضاً في رؤية مجموعة أخرى من الملاك أن قيمة إيجاراتهم تعد قليلة مقارنة بالأسعار الجديدة، ومن المحتمل أن يشعر المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض بالغضب من المساكن الجديدة في البداية، وذلك حتى لو كانوا سيستفيدون منها على المدى الطويل، وذلك لأنه مع تقدم عُمر هذه المباني الجديدة، فإن أسعارها تصبح في المتناول.
وبشكل عام، فإن هناك أدلة في هذه الدراسات كافة على أن العرض والطلب يعملان على النحو الذي يتوقعه الاقتصاديون، وذلك حتى على نطاق الحي الواحد، ولكن هناك أيضاً أدلة على تحقيق مخاوف المستأجرين الأكثر فقراً.
ويقول داميانو: «هؤلاء هم الأشخاص الذين مروا بعدد كبير من التجديدات الحضرية، وإنشاء الطرق السريعة، والاستثمار العام في الإسكان، وإخفاقات التخطيط الأوسع والمؤسسات الحكومية على مرّ الأجيال، وأعتقد أن الخوف من مجرد جملة (مبنى جديد) هو خوف حقيقي ومبرر، والأمر متروك للمخططين وصانعي السياسات للنظر إلى تلك المخاوف بشكل جيد».

* خدمة «نيويورك تايمز»