السودان: خلافات الشركاء تؤخر تشكيل حكومة الوفاق الوطني

حزب الترابي متمسك بالحريات... وحزب الميرغني منقسم بشأن المشاركة

السودان: خلافات الشركاء تؤخر تشكيل حكومة الوفاق الوطني
TT

السودان: خلافات الشركاء تؤخر تشكيل حكومة الوفاق الوطني

السودان: خلافات الشركاء تؤخر تشكيل حكومة الوفاق الوطني

خابت جل التكهنات حول مواعيد تشكيل الحكومة الجديدة، على الرغم من تأكيدات الأطراف كافة على قرب تكوينها، خصوصاً بعد تأخر المواعيد المضروبة في يناير (كانون الثاني) الماضي، كما أنه لم تضرب مواعيد جديدة، رغم تأكيدات الحزب الحاكم على استعداده لتكوين الحكومة متى ما وصلته ترشيحات شركائه في الحوار الوطني.
فبعد أن كان متوقعاً إعلانها خلال الأسبوع الحالي، نقلت مصادر «الشرق الأوسط» أن خلافات مع الأحزاب «الكبيرة» المشاركة في الحوار، وعلى رأسها حزبي الاتحادي الديمقراطي بزعامة الميرغني، والمؤتمر الشعبي بزعامة علي الحاج، وهو الحزب الذي أسسه زعيم الإسلاميين الراحل حسن الترابي عقب انشقاق الإسلاميين قبل قرابة عقدين، أدت إلى تأجيل الإعلان عن الحكومة الجديدة.
وقال الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي كمال عمر، لـ«الشرق الأوسط»، إن حزبه يرهن مشاركته في الحكومة المقبلة بتنفيذ التعديلات الدستورية التي تقدم بها، وإنه غير مهتم كثيراً بالمشاركة في الحكومة بوظائف تنفيذية بقدر اهتمامه بالالتزام بمخرجات الحوار الوطني، خصوصاً تلك المتعلقة منها بالحريات.
وتتداول الجماعات السياسية المحلية أن حزب المؤتمر الشعبي، الذي أسسه زعيم الإسلاميين الراحل حسن الترابي، غير راض عن الحصة التي منحت له في السلطة، وهو ما أدى إلى تأخير تكوين حكومة الوفاق الوطني، لكن عمر يرد على ذلك بالقول: «أنا أفهم أن التأخير يتيح المزيد من تعميق الفهم والاتفاقات، لكننا لم نطالب مطلقاً بتأجيل إعلان الحكومة، فقط نحن متمسكون بحقنا في إجراء التعديلات الدستورية التي تتيح الحريات».
من جهة أخرى، حسم الحزب الاتحادي الديمقراطي بزعامة الميرغني، أحد أكبر الأحزاب المشاركة في السلطة، أمر ممثليه المشاركين في الحكومة، وسط صراعات كثيرة تضرب مجموعاته المتناثرة والمتصارعة على «كعكة السلطة»، التي وصفها الرئيس البشير بأنها «صغيرة» والطامعون كثر.
وأوضح عمر أن تكوين الحكومة رهين بحسم «أكبر حزبين» في الحوار الوطني، وهما حزبه (المؤتمر الشعبي) والحزب الاتحادي الديمقراطي، لموقفهما باعتبارها الفاعلين الرئيسين في المرحلة المقبلة، إلى جانب حزب المؤتمر الوطني الحاكم، نافياً في الوقت ذاته أن يكون سبب التأجيل المتكرر هو انتظار قوى سياسية ممانعة أو حركة مسلحة قد تلتحق بالوثيقة الوطنية، وتابع موضحاً أنه «ليس هنا ما يؤشر لالتحاق قوة ممانعة حقيقة بالوثيقة الوطنية، لأن التفاوض مع القوى الممانعة يحتاج لرؤية جديدة وحكومة جديدة».
ورفض عمر ربط المفاوضات والمشاورات التي يجريها حزبه بتكوين حكومة الوفاق الوطني المزمعة، بقوله: «لا يوجد ارتباط مباشر بين تكوين الحكومة والتفاوض الذي يجري بينا وبين الحزب الحاكم على الالتزام بالوثيقة الوطنية والتعديلات الدستورية المتعلقة بكفالة الحريات».
من جهته، قال نائب رئيس مجلس الشورى القومي عن حزب المؤتمر الوطني عثمان محمد يوسف كبر إن إجراءات تكوين حكومة الوفاق الوطني «تسير بصورة طيبة من كل النواحي»، ونقلت عنه الوكالة الرسمية «سونا» دعوته لاستعادة الثقة بين المكونات السياسية كافة لتنفيذ «وثيقة الحوار الوطني»، مشيراً إلى أن خطة تكوين الحكومة تسير وفقاً للخطط الموضوعة.
وحث كبر أعضاء حزبه على التجرد والبعد عن الذات، بقوله إن «المرحلة المقبلة تحتاج للتجرد والبعد عن الذات، وأن تكون الأولوية لإنجاح العمل»، وتابع موضحاً أن «البلاد تشهد انفتاحاً سياسياً واقتصادياً كبيراً يتطلب تماسك الجبهة الداخلية».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.