جلس جيمس بانس في مكتبه الجديد بمقر الاتحاد الأميركي لكرة القدم في شيكاغو ولديه الشعور نفسه بالإثارة الذي انتابه عندما كان في بداية مسيرته خلال إحدى المباريات مع نادي ساوثهامبتون الإنجليزي قبل عشر سنوات.
يقول بانس: «كنا نلعب في دوري الدرجة الأولى بإنجلترا ووضعنا الأهداف التي نسعى لتحقيقها خلال السنوات الخمس التالية، وهي اللعب في الدوري الإنجليزي الممتاز والمشاركة في البطولات الأوروبية وأن يكون لدينا لاعبون يلعبون على المستوى الدولي. سخر كثيرون من خارج النادي منا عندما قمنا بذلك وشككوا في قدرتنا على تحقيق تلك الأهداف، لكننا حققناها جميعاً، وقبل الموعد المحدد لها في كثير من الأحيان».
ويبدو أن الأهداف التي وضعها الاتحاد الأميركي لكرة القدم تتسم بالجرأة الشديدة هي الأخرى، وسوف يتحمل بانس، في منصبه كأول مدير للأداء في الاتحاد، نسبة كبيرة من مسؤولية تحقيق تلك الأهداف.
يقول الإنجليزي الشاب بحماس شديد: «هدفنا هو أن نصبح الرياضة الأبرز في الولايات المتحدة الأميركية». وبالطبع لن يكون ذلك سهلا في ظل الشعبية الجارفة لرياضات أخرى مثل كرة السلة والبيسبول وكرة القدم الأميركية. ولا يعد هذا هو الهدف الوحيد، ولكن هناك أهداف أخرى. يقول بانس: «نريد أن نفوز بكأس العالم، وأن نخرج مواهب على مستوى عالمي وأن يكون لدينا أكاديمية رائعة. الأمر ليس مجرد كلمات نرددها، ولكن لدينا إيمان ورغبة في تحقيق تلك الأهداف، تماماً كما كان الأمر في ساوثهامبتون».
ودرس بانس، البالغ من العمر 31 عاما، العلوم الرياضية في جامعة بورتسموث، ثم انضم إلى نادي ساوثهامبتون وعمل مدرباً لكيفية التكيف مع الأجواء الجديدة ثم رئيسا للتنمية الرياضية. وبعد ذلك، أصبح أول رئيس للعلم الرياضي في الدوري الإنجليزي الممتاز، ثم رئيساً لأداء النخبة في الاتحاد في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
يقول بانس: «كنت سعيداً في الدوري الإنجليزي الممتاز وقد حصلت على ترقية في عملي منذ فترة قصيرة، لكن هذا الدور الجديد كان كبيراً للدرجة التي تجعلني لا يمكن أن أرفضه».
وفي الاتحاد الأميركي لكرة القدم، سيكون بانس مسؤولاً عن تطبيق وتنفيذ برامج علمية رياضية وطبية على مستوى عالمي للمساعدة في تحقيق الأهداف السامية التي سردها من قبل. وكان استحداث هذا الدور بمثابة تغيير جذري في استراتيجية كرة القدم الأميركية، ففي السابق، كان الألماني يورغن كلينزمان مسؤولاً عن المنتخب الأميركي لكرة القدم والقسم الفني للاتحاد في نفس الوقت، لكن ثبت أنه لا يمكن لشخص واحد أن يضطلع بكل تلك المهام.
والآن، تم الفصل بين المنتخب الأميركي والقسم الفني للاتحاد، يحث أصبح بروس أرينا مسؤولا عن تحقيق الأهداف قصيرة الأجل للمنتخب الأول لكرة القدم منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، في حين بات بانس مشرفاً على تحقيق الأهداف طويلة المدى من قبل إدارة الأداء منذ بداية مارس (آذار). ولم يلتق الرجلان حتى الآن، إذ كان أرينا بالخارج مشغولاً بإعداد فريقه للتصفيات المؤهلة لكأس العالم 2018 وكأس العالم 2022 عندما وصل بانس إلى شيكاغو الشهر الماضي - لكن بانس يصر على أنه عمله لا يتداخل مع عمل المدير الفني على الإطلاق. وقال بانس: «لن أكون على مقاعد البدلاء خلال المباريات، لأن عملي بالكامل سيتم قبل ذلك. إن تأثير العلم الرياضي يحدث قبل وبعد المباريات، فإذا كان لديك لاعبون كبار، فإن الأمر يتعلق بتمكينهم من تقديم الأشياء المطلوبة منهم يوم المباراة». ولعل الشيء المثير للدهشة هو أن المهام الدقيقة لهذا الدور لم تتحدد بعد، رغم أن بانس يقول: «أي شيء له تأثير على الأداء سيندرج تحت اختصاصي». وخلال أول 30 يوماً في عمله، سيكون بانس مسؤولاً عن «مراقبة ومناقشة وجمع المعلومات». ويقول: «هدفي على المدى القصير يتمثل في الاندماج مع العاملين والإدارات في جميع أنحاء البلاد وإلقاء نظرة على الأشياء التي يمكنني تطويرها، بدءاً من تعليم المدربين وحتى اكتشاف المواهب، وأن أرى أين يمكن أن يكون لي تأثير إيجابي كبير. سأقوم بمراجعة العمليات من أجل أن أضع خطة على مدى فترة طويلة من الزمن».
وأعرب بانس عن إعجابه بما شاهده حتى الآن، قائلاً: «لم أرَ من قبل مثل هذا الحماس والالتزام بتطوير ثقافة الأداء. ينطبق ذلك على العاملين والمدربين والمسعفين والعلماء والحكام والنظام الأكاديمي. لقد فوجئت في حقيقة الأمر بهذا القدر الكبير من الانفتاح والحماس. ويتمثل التحدي الأكبر في كثير من الأحيان في كيفية الاستفادة من جميع التخصصات المختلفة».
وهناك مفاجآت سارة أخرى، مثل الموارد المتعلقة بصحة وسلامة اللاعبين والمتوفرة على موقع الاتحاد الأميركي لكرة القدم، وكذلك المرافق المتاحة في مركز «ستاب هاب» في لوس أنجليس. ويحرص بانس على التعلم من الرياضات الأخرى، ويقول إن زيارة فريق «كليفلاند إنديانز» للبيسبول خلال معسكر التدريب في فصل الربيع في ولاية أريزونا كانت «مثيرة للغاية».
وأضاف: «كان مستوى البيانات والتحليلات وفهم التفاصيل الدقيقة حول كل لاعب على حدة أمراً لا يصدق».
وتابع: «جميع قدرات كل لاعب من لاعبي البيسبول - البدنية والتقنية والنفسية - يجري دراستها من خلال مجموعة متنوعة من الحلول الحسابية (الخوارزميات) لإظهار مؤشرات الأداء الرئيسية. إنها تعد بمثابة نظرة شاملة تماما لاحتياجات كل لاعب».
وعلى الرغم من كونه في «مرحلة رصد ومراقبة»، يعترف بانس بأنه سيحاول تطبيق واحدة من أهم تجاربه، أو ما يطلق عليه اسم «النطاق الحيوي» (بايو باندينغ)، في كرة القدم الأميركية.
وخلال الفترة التي قضاها في الدوري الإنجليزي الممتاز، كان بانس رائداً في نظام يتم فيه تنظيم لاعبي كرة القدم الشباب وفقاً لنضجهم البدني بدلاً من أعمارهم. ويبدو هذا النظام بسيطاً، لكن بعض اللاعبين مثل لاعب آرسنال ألكسندر أوكسليد - تشامبرلين قال إن هذا النظام قد أنقذ مسيرته في عالم كرة القدم. وأصبح نظام «النطاق الحيوي» الآن شيئاً أساسياً في كثير من أكاديميات الأندية في إنجلترا.
ويتمثل أحد الأهداف الرئيسية الأخرى في تحسين عملية جمع البيانات في الاتحاد الأميركي لكرة القدم، بحيث تكون على قدم المساواة مع البلدان الكبرى في هذا المجال في العالم. ويرغب بانس في إنشاء «عملية جمع بيانات متسقة وموثوق بها ودقيقة لجميع فرق الاتحاد، بما في ذلك الاختبارات البدنية والتقارير الخاصة بالنواحي الطبية والإصابات، وعمليات الاختبار والفحص».
يقول بانس: «مع توافر هذه البيانات يمكننا أن نصمم برامج أفضل لتطوير اللاعبين. أريد أن أعمل مع أكاديميات التنمية والتطوير البالغ عددها 120 أكاديمية للرجال و60 أكاديمية للسيدات بهدف جمع بيانات موحدة وموثوق بها عن الأداء - فيما يتعلق بالجوانب البدنية والنضج والنواحي الطبية والنفسية والتقنية والتكتيكية - للمساعدة في تحسين تنمية اللاعبين وتحديد المواهب ورفاهية اللاعبين».
ويمكن لهذا أن «يضع الولايات المتحدة في طليعة الأبحاث المتعلقة بالأداء والنواحي الطبية» وأن «يكون له تأثير إيجابي كبير في تنمية لاعبين على المستوى العالمي».
وهناك مصدر لن يتمكن بانس من الاعتماد عليه وهو المعسكر الذي كان موجوداً في فلوريدا والذي كان يستخدم في تدريب أفضل اللاعبين الشباب في الولايات المتحدة، لأنه سوف يغلق بعد 18 عاماً من العمل. ولا يريد بانس التعليق على الأمر لأن القرار اتخذ قبل وصوله.
وفي الوقت نفسه، يتعين على بانس أيضاً أن يتكيف مع مدينة جديدة على بعد آلاف الأميال من بلده. يقول بانس: «إنها مدينة مدهشة تضم أكثر الناس انفتاحا واحتراما في التعامل مع الآخرين بشكل لا يمكنك تخيله. لقد عشت في لندن، ولا يتحدث الكثير من الناس مع بعضهم البعض في القطارات، أما هنا فأنا استقل الحافلة في الصباح وأرى الناس وهم يتحدثون ويغنون. أشعر أنني في بلدي بالفعل».
ويواصل بانس متابعة كرة القدم الإنجليزية عبر شاشات التلفاز، فقبل بضعة أسابيع، شاهد ثلاث مباريات من الدوري الإنجليزي الممتاز قبل تناول الغداء. وقد شعر بانس بالدهشة من مدى اهتمام الناس بكرة القدم في الولايات المتحدة.
ويقول: «كرة القدم موجودة على شاشات التلفزيون وفي الصحف، والناس يرتدون قمصان اللاعبين. لعبنا أمام بنما وهندوراس، وحتى في شيكاغو كان عدد قمصان كرة القدم التي رأيتها هائلا. هناك بالفعل خمسة ملايين طفل يلعبون كرة القدم، وهناك اهتمام كبير باللعبة».
وستكون مهمة بانس هي تعبئة هذا الحماس ومحاولة تحويله إلى أداء يرتقي للمستوى العالمي.
جيمس بانس أمل الولايات المتحدة للحصول على كأس العالم
الإنجليزي الشاب نجح في تطوير ساوثهامبتون فعينه الاتحاد الأميركي خبيراً فنياً
جيمس بانس أمل الولايات المتحدة للحصول على كأس العالم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة