أكد زعيم حزب «الحركة القومية التركي» المعارض، دولت بهشلي، أن مساندة حزبه للتعديلات الدستورية التي جرى عليها الاستفتاء أمس انطلقت من دوافع وطنية خالصة دون النظر إلى شخص معين. ونفى بهشلي في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» أن يكون موقف حزبه مبنياً على منافع سيحصل عليها نتيجة دعمه الاستفتاء، مؤكداً أن حزبه «ليس للبيع». وأعرب عن أمله في أن تفتح نتيجة الاستفتاء باب الخير أمام تركيا، محذراً في الوقت نفسه من فوضى تريدها بعض الأطراف ومعها أوروبا. وفيما يلي نص الحوار:
* ما أسباب التحول في موقفكم من رفض النظام الرئاسي قطعياً إلى تأييده بشكل مطلق؟
- موقفنا لا علاقة له بشخص، وإنما من أجل تركيا وقوتها واستقرارها، النظام بشكله الحالي يتضمن ثغرات كبيرة والدستور يفرض على رئيس الجمهورية أن يكون محايداً وليس طرفاً، أو ألا يكون منتمياً إلى أي حزب سياسي، وعلى سبيل المثال كان رئيس الجمهورية الأسبق تورجوت أوزال رئيساً للجمهورية وأسس حزب «الطريق القويم»، لكن النظام الحالي يضع ضغوطاً وعراقيل على ممارسة العمل السياسي ويتضمن أحكاماً لا تتفق مع صحيح القانون، فالدستور الحالي أيضاً يحرم رئيس الجمهورية من أن يكون عضواً في أي حزب سياسي بعد انتهاء فترة رئاسته، بمعنى أنه يصادر حق الشخص الذي يتولى رئاسة الجمهورية في ممارسة العمل السياسي، وهو حق له كمواطن.
* يقال إن وعداً بأن تكون نائباً لرئيس الجمهورية بعد إقرار النظام الرئاسي هو الذي دفعك إلى تأييد التعديلات الدستورية والنظام الرئاسي، ما مدى صحة ذلك؟
- ليس هناك شيء كهذا، وحتى لو عرض عليّ هذا الأمر لن أقبله، وما قيل هو عيب في حقي وفي حق حزب الحركة القومية. فحزبنا ليس للبيع، ولنا تاريخنا ولم نعمل يوماً أداة لسد عجز الآخرين. نحن نبني سياستنا ومواقفنا في الحزب على أساس مصلحة بلدنا ونؤيد خطوات حزب العدالة والتنمية في بعض الأمور الحيوية في تركيا، كالموقف من التنظيمات الإرهابية ورفض كل ما من شأنه التأثير على استقرار البلاد ووحدتها وتضامن شعبها، لكننا نختلف طبعاً في بعض القضايا، سواء فيما تعلق بالسياسة الداخلية أو السياسة الخارجية، فالمعارضة لا تعني «لا» على طول الخط.
* ما رأيكم في موقف حزب «الشعب الجمهوري» من التعديلات الدستورية؟
- حزب الشعب الجمهوري ورئيسه السيد كمال كليتشدار أوغلو اتبعا أسلوب التضخيم والتهويل بشأن حزمة التعديلات الدستورية أو بعض موادها، وعلى سبيل المثال أعلن رفضه أو عدم استيعابه للمادة الخاصة بخفض سن الترشح للبرلمان من 25 إلى 18 عاماً، بينما الشباب تابع حملات الدعاية للاستفتاء وشرح هذه المادة خلال فترة الدعاية التي سبقت الاستفتاء واقتنع بها، إلا أن السيد كليتشدار أوغلو حاول استخدام بعض مواد حزمة التعديلات المكونة من 18 مادة من أجل إحداث انقسام في الشارع التركي، كما أن إعلان كليتشدار أوغلو أن محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا منتصف يوليو (تموز) الماضي كانت مدبرة وكانت تحت السيطرة، يلزمه بإعلان الطرف الذي دبرها إذا كان يعرفه أو إذا كان لديه دليل عليه، وإلا فإن هذا الكلام لن يكون في صالحه وقد يتهم بأنه جزء من هذه المحاولة التي أعلن هو نفسه رفضه لها من قبل. السيد كليتشدار أوغلو حاول تقديم «السم» للشعب، وادعى أن ما تتضمنه التعديلات هو تغيير للنظام، أي النظام الجمهوري، لكن حقيقة التعديلات أنها تغيير لأسلوب الإدارة في هذا النظام فقط.
* لكن أوروبا نفسها تقول إن هناك تغييراً للنظام سيقع في تركيا وسيؤثر على ديمقراطيتها...
- إذا كانت هناك اعتراضات من أوروبا على تغيير نظام الحكم في تركيا، فإن عليهم أن ينظروا أولاً إلى أنظمتهم، لأن عدداً من دولهم لا يزال يحكم حتى اليوم بأنظمة ملكية. لقد عانت تركيا من قبل من أجل التوافق مع معايير الاتحاد الأوروبي، وفي ذلك الوقت دعم حزبنا الحكومة التي كانت موجودة وقت طرح مسألة عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي، لكن النتيجة أننا نقف منتظرين على أبواب الاتحاد الأوروبي منذ نحو 60 عاماً، فأوروبا ليست صديقاً لتركيا، وإنما هي عدو بهذه الممارسات والمواقف.
* أعلنتم عقب محاولة الانقلاب الفاشلة، وكذلك كان معكم حزب الشعب الجمهوري، تأييدكم للعودة إلى العمل بعقوبة الإعدام، هل ما زلتم عند موقفكم؟ وهل توافقون عليها بعد الاستفتاء؟
- إذا طرح أي مشروع قانون على البرلمان بشأن الإعدام ومعاقبة مرتكبي جريمة خيانة الوطن سندعمه في البرلمان وسنصوت لصالحه، موقفنا واضح منذ البداية ولن يتغير.
* ما موقفكم من سياسة حكومة العدالة والتنمية تجاه سوريا والعراق؟
- نعتقد أن السياسة التركية تجاه سوريا والعراق صحيحة جداً، لأن هناك تهديدات لتركيا من هذين البلدين الجارين، وتركيا لا يمكن أن تقبل قيام كيان كردي على حدودنا في سوريا، وأميركا تعلم أيضاً حجم هذا التهديد على تركيا، وعلى الرغم من أنها حليف لتركيا فإنها تدعمهم. نحن في الحركة القومية نرى ضرورة رحيل بشار الأسد عن الحكم في سوريا، فبعد المجزرة التي شاهدها الجميع بأعينهم في خان شيخون يجب أن يتحرك المجتمع الدولي كله لوضع حد للمأساة الإنسانية في سوريا.
* كيف ترون الوضع في تركيا إذا كانت «لا» هي نتيجة الاستفتاء على تعديل الدستور؟
- إذا جاءت نتيجة الاستفتاء بـ«لا» قد تشهد البلاد حالة من الفوضى، لأن الرافضين للتعديلات الدستورية لديهم روح انتقامية، وهؤلاء الرافضون هم طيف واسع يمتد من السياسيين إلى التنظيمات الإرهابية ومن لهم مواقف شخصية من إردوغان حتماً صوتوا بـ«لا»، لكن إذا حدثت حالة من الفوضى بهذا الشكل، فإن الحل سيكون في إجراء انتخابات مبكرة لإنهاء هذا الوضع. الدول الأوروبية، وخصوصاً ألمانيا وهولندا، وقعت في خطأ كبير بتقديم الدعم للرافضين للتعديلات الدستورية ودعمهم حملة «لا» للتعديلات الدستورية. هم يريدون الفوضى في تركيا.
* ما تعليقكم على ما تردد بأن تركيا قد تتجه بعد إقرار النظام الرئاسي إلى إقرار نظام إدارة فيدرالي؟
- التعديلات الدستورية بموادها الـ18 لا يوجد فيها شيء كهذا، وموقف حزبنا من هذا الأمر معروف. نحن لا نقبل مثل هذا النظام مطلقاً، وإذا اتجه حزب العدالة والتنمية للتفاوض مع حزب الشعوب الديمقراطي أو حزب العمال الكردستاني حول النظام الفيدرالي أو الحكم الذاتي في تركيا إذا خرجت نتيجة الاستفتاء بـ«نعم»، فإن ذلك سيكون خطأً كبيراً لن نقبله وسنتصدى له. الضجة التي أثيرت قبل يومين من الاستفتاء على تعديل الدستور حول هذا الأمر كانت بسبب عبارات كتبها شكري كاراتبه مستشار الرئيس إردوغان ولمح فيها إلى أن تركيا ستقر نظام الإدارة الفيدرالي بعد إقرار النظام الرئاسي، وهذا الرجل مستشار لرئيس الجمهورية ولا يزال يعمل في رئاسة الجمهورية ورئيس الجمهورية نفى تماماً أن يكون موضع الحكم الفيدرالي على أجندته أو أجندة الحكومة، كما أن رئيس الوزراء بن علي يلدريم قال إذا تبين أن هناك شيئاً كهذا، فإنه سيستقيل من منصبه.
«الحركة القومية»: التعديلات هدفها سد ثغرات في الدستور
بهشلي قال لـ«الشرق الأوسط» إن حزبه ليس للبيع وإن أوروبا تريد فوضى في تركيا
«الحركة القومية»: التعديلات هدفها سد ثغرات في الدستور
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة