مواقع التواصل الاجتماعي مصدر الرأي العام في إيران بعيداً عن الرقابة

عادت إلى الواجهة لتغطية الانتخابات ومخاوف من اعتقالات في صفوف الناشطين

صورة متداولة في شبكات التواصل الإيرانية تدعو إلى التفاعل مع حملة حسابات المرشح المحافظ إبراهيم رئيسي
صورة متداولة في شبكات التواصل الإيرانية تدعو إلى التفاعل مع حملة حسابات المرشح المحافظ إبراهيم رئيسي
TT

مواقع التواصل الاجتماعي مصدر الرأي العام في إيران بعيداً عن الرقابة

صورة متداولة في شبكات التواصل الإيرانية تدعو إلى التفاعل مع حملة حسابات المرشح المحافظ إبراهيم رئيسي
صورة متداولة في شبكات التواصل الإيرانية تدعو إلى التفاعل مع حملة حسابات المرشح المحافظ إبراهيم رئيسي

دخلت شبكات التواصل بقوة على خط منافسة وسائل الإعلام الإيرانية في تغطية الانتخابات، بل وتحولت إلى مصدر الرأي العام الإيراني لاستقصاء المعلومة، بعيدا عن الرقابة المشددة على المواقع الإخبارية والصحف في البلاد.
وتدهورت على ضوء ذلك بنية وسائل الإعلام في السنوات القليلة الماضية، ما شكل مصدر ضغط كبير عليها لمواكبة التغيير. رغم ذلك فإن المنابر الناطقة باسم مؤسسات إعلامية معروفة تحظى باهتمام أكبر من قبل رواد الإنترنت، بسبب كثرة الأخبار غير الموثوقة والمزيفة عبر الحسابات المجهولة.
ومع اقتراب انتخابات الرئاسة، فإن التفاعل مع شبكات التواصل الاجتماعي يقفز مرة أخرى ليخطف الاهتمام. وكانت مواقع التواصل الاجتماعي قد لعبت دورا كبيرا في انتخابات البرلمان في فبراير (شباط) 2016، وهو ما أثمر ترجيح كفة النواب المؤيدين للرئيس الحالي حسن روحاني ضد مرشحي التيار المحافظ، حيث حققت قائمة تيار روحاني فوزا ساحقا بسيطرتها الكاملة على 30 مقعدا لتمثيل العاصمة طهران.
وكان تطبيق «تليغرام» أهم منابر العملية الانتخابية ضد هيئة الإذاعة والتلفزيون، باعتبارها الأكثر متابعة في إيران. وباختصار ما فعلته شبكة «تليغرام» ليس تشجيع الناس على المشاركة الإيجابية، إنما السلبية، بمعنى أنهم يصوتون لمرشحين ضد آخرين متشددين يشكلون تهديدا للحريات.
والمخاوف من تكرار ما حدث العام الماضي تسبب في موجة اعتقالات على يد مخابرات الحرس الثوري منتصف شهر مارس (آذار) في صفوف ناشطين يديرون قنوات إخبارية للتيار المعتدل في شبكة «تليغرام». وأدت الاعتقالات إلى احتجاج واسع تحت قبة البرلمان، ولوح نائب رئيس البرلمان علي لاريجاني باستجواب وزير الأمن محمود علوي، بينما أصدر روحاني أوامر إلى وزارة المخابرات بفتح تحقيق حول الاعتقالات.
وفي الأسبوع الماضي، قال روحاني إن تقارير أولية تظهر براءة المعتقلين، لكن المدعي العام الإيراني حسين علي منتظري رد قائلا، إن القضاء «أصدر أوامر بحملة استباقية للحفاظ على أمن البلاد، من مؤامرة تستهدف الانتخابات عبر شبكات التواصل الاجتماعي».
وتدرك السلطات تأثير شبكات التواصل منذ تفجر احتجاجات يونيو (حزيران) 2009، عندما لعبت شبكتا «تويتر» و«فيسبوك» دورا أساسيا في حشد الشارع الإيراني، عبر نشر الأخبار بشفافية ساهمت في دحض وسائل الإعلام الرسمية. وتحجب السلطات منذ 2009 شبكتي «تويتر» و«فيسبوك» رغم تفاعل عدد كبير من وسائل الإعلام الداخلية معها، وحضور المسؤولين الإيرانيين فيها.
وبموازاة التنافس مع الإعلام الداخلي، فإن شبكات التواصل الاجتماعي نافذة الإيرانيين لمتابعة القنوات والمواقع الإخبارية الناطقة باللغة الفارسية خارج الحدود الإيرانية، وهي تحظى بشعبية واسعة. أكثر من 751 ألفا يتابعون قناة «بي بي سي فارسي» عبر «تليغرام»، بينما يتابع راديو «فردا» الأميركي أكثر من 80 ألفا، بينما تتصدر وكالة «إيسنا» وسائل الإعلام الإيرانية بـ123 ألف متابع، بينما أكثر ناشط يحظى بمتابعة هو «وحيدأنلاين» حيث يتابعه 107 آلاف، وهو مواطن غادر البلاد منذ 2009، وهاجسه الوحيد تسليط الضوء على القضايا الساخنة.
يذكر أن إجمالي عدد المستخدمين للإنترنت في إيران يبلغ نحو 36 مليونا، كما يستخدم نحو 27 مليونا منهم خدمة الإنترنت على هواتفهم الذكية، وهو ما أظهر انضمام 10 ملايين إلى مستخدمي الإنترنت مقارنة بعام 2013، حسب إحصائية ذكرتها وكالة «إيسنا» في بداية أبريل (نيسان) الحالي.
وأوضحت دراسة صدرت من مركز أبحاث البرلمان قبل الانتخابات الرئاسية في 2013، أن 40 في المائة من مجموع مستخدمي الإنترنت غايتهم متابعة آخر الأخبار.
وتتصدر «تليغرام» و«إنستغرام» قائمة شبكات التواصل الاجتماعي في إيران من حيث عدد المستخدمين، فبحسب آخر إحصائية رسمية معلنة في سبتمبر (أيلول) الماضي، فإن أكثر من 100 ألف قناة على شبكة «تليغرام» تنشط في إيران.
وبحسب أمين عام اللجنة العليا للإشراف على الإنترنت، أبو الحسن فيروزآبادي، فإن مليونا و200 ألف موضوع يتداول عبر «تليغرام» كل 24 ساعة. وفي شبكة «إنستغرام» يتراوح معدل التعليقات على المواد الإخبارية وما ينشره المشاهير بين 100 ألف إلى 150 ألفا، بينما يكتب المواطنون بين ألفين إلى ثلاثة آلاف تعليق، حسب ما أوردت عنه وكالة «مهر» الحكومية.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، أظهر «سيرفر» تطبيق «تليغرام» أن 23 مليون إيراني يستخدمون التطبيق. وبحسب الإحصاءات الإيرانية الرسمية، فإن وسائل الإعلام تستحوذ على نحو 24 في المائة من نشاط شبكتي «تليغرام» و«إنستغرام». وتركز الصحف والمواقع الخبرية على نشر المعلومات، خاصة في وقت تعاني فيه من نزيف عدد المخاطَبين.
وفي الواقع، فإن تطعيم وسائل الإعلام بالتقنيات الحديثة أوجد متنفسا جديدا للعملية الإعلامية ونشر المعلومة، وذلك بسبب الثقة المهزوزة بالصحف المحسوبة على السلطة في الشارع الإيراني، رغم محاولات كبيرة يبذلها عدد من الصحف، بالنأي عن التهمة، عبر الحفاظ على حياديتها بهدف بناء جسور من الثقة تربطها بالمواطن.
وفي فترة قياسية، أثبتت مواقع التواصل الاجتماعي قدرتها على تكوين حركات اجتماعية وسياسية في البلاد، وهو ما شكل مصدر قلق لدى السلطات. وتلك المواقع هي الآن ساحة نقاش وتبادل آراء حول القضايا الاجتماعية والسياسية، مما أعاد إلى حركات المجتمع المدني حيويتها.



تغييرات البحث على «غوغل» تُثير مخاوف ناشرين

شعار شركة «غوغل» (رويترز)
شعار شركة «غوغل» (رويترز)
TT

تغييرات البحث على «غوغل» تُثير مخاوف ناشرين

شعار شركة «غوغل» (رويترز)
شعار شركة «غوغل» (رويترز)

تحدثت شركة «غوغل» عن خطتها لتطوير عملية البحث خلال عام 2025، وأشارت إلى تغييرات مرتقبة وصفتها بـ«الجذرية»؛ بهدف «تحسين نتائج البحث وتسريع عملية الوصول للمعلومات»، غير أن الشركة لم توضح كيفية دعم الناشرين وكذا صُناع المحتوى، ما أثار مخاوف ناشرين من تأثير ذلك التطوير على حقوق مبتكري المحتوى الأصليين.

الرئيس التنفيذي لشركة «غوغل»، سوندار بيتشاي، قال خلال لقاء صحافي عقد على هامش قمة «ديل بوك» DealBook التي نظمتها صحيفة الـ«نيويورك تايمز» خلال ديسمبر (كانون الأول) الحالي: «نحن في المراحل الأولى من تحول عميق»، في إشارة إلى تغيير كبير في آليات البحث على «غوغل».

وحول حدود هذا التغيير، تكلّم بيتشاي عن «اعتزام الشركة اعتماد المزيد من الذكاء الاصطناعي»، وتابع أن «(غوغل) طوّعت الذكاء الاصطناعي منذ عام 2012 للتعرّف على الصور. وعام 2015 قدّمت تقنية (رانك براين) RankBrain لتحسين تصنيف نتائج البحث، غير أن القادم هو دعم محرك البحث بتقنيات توفر خدمات البحث متعدد الوسائط لتحسين جودة البحث، وفهم لغة المستخدمين بدقة».

فيما يخص تأثير التكنولوجيا على المبدعين والناشرين، لم يوضح بيتشاي آلية حماية حقوقهم بوصفهم صُناع المحتوى الأصليين، وأشار فقط إلى أهمية تطوير البحث للناشرين بالقول إن «البحث المتقدم يحقق مزيداً من الوصول إلى الناشرين».

كلام بيتشاي أثار مخاوف بشأن دور «غوغل» في دعم المحتوى الأصيل القائم على معايير مهنية. لذا، تواصلت «الشرق الأوسط» مع «غوغل» عبر البريد الإلكتروني بشأن كيفية تعامل الشركة مع هذه المخاوف. وجاء رد الناطق الرسمي لـ«غوغل» بـ«أننا نعمل دائماً على تحسين تجربة البحث لتكون أكثر ذكاءً وتخصيصاً، وفي الأشهر الماضية كنا قد أطلقنا ميزة جديدة في تجربة البحث تحت مسمى (إيه آي أوفرفيوز) AI Overviews، وتعمل هذه الميزة على فهم استفسارات المستخدمين بشكل أفضل، وتقديم نتائج بحث ملائمة وذات صلة، كما أنها توفر لمحة سريعة للمساعدة في الإجابة عن الاستفسارات، إلى جانب تقديم روابط للمواقع الإلكترونية ذات الصلة».

وحول كيفية تحقيق توازن بين استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين البحث وضمان دعم مبتكري المحتوى الأصليين وحمايتهم، قال الناطق إنه «في كل يوم يستمر بحث (غوغل) بإرسال مليارات الأشخاص إلى مختلف المواقع، ومن خلال ميزة (إيه آي أوفرفيوز) AI Overviews المولدة بالذكاء الاصطناعي، لاحظنا زيادة في عدد الزيارات إلى مواقع الناشرين، حيث إن المُستخدمين قد يجدون معلومة معينة من خلال البحث، لكنهم يريدون المزيد من التفاصيل من المصادر والمواقع».

محمود تعلب، المتخصص في وسائل التواصل الاجتماعي بدولة الإمارات العربية المتحدة، رأى في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن التغييرات المقبلة التي ستجريها «غوغل» ستكون «ذات أثر بالغ على الأخبار، وإذا ظلّت (غوغل) ملتزمة مكافحة المعلومات المضللة وإعطاء الأولوية لثقة المُستخدم، فمن المرجح أن تعطي أهمية أكبر لمصادر الأخبار الموثوقة وعالية الجودة، والذي من شأنه أن يفيد مصادر الأخبار الموثوقة».

أما فادي رمزي، مستشار الإعلام الرقمي المصري والمحاضر في الجامعة الأميركية بالقاهرة، فقال لـ«الشرق الأوسط» خلال حوار معه: «التغيير من قبل (غوغل) خطوة منطقية». وفي حين ثمّن مخاوف الناشرين ذكر أن تبعات التطوير «ربما تقع في صالح الناشرين أيضاً»، موضحاً أن «(غوغل) تعمل على تعزيز عمليات الانتقاء للدفع بالمحتوى الجيد، حتى وإن لم تعلن بوضوح عن آليات هذا النهج، مع الأخذ في الاعتبار أن (غوغل) شركة هادفة للربح في الأساس».