السراج يحذر من حرب أهلية... ويدعو إلى تدخل دولي لوقف القتال

روسيا تجدد دعمها لحكومة الوفاق وحرصها على عودة الاستقرار إلى ليبيا

صورة أرشيفية لرئيس حكومة الوفاق الليبية خلال مؤتمر في روما حول مسألة المهاجرين (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لرئيس حكومة الوفاق الليبية خلال مؤتمر في روما حول مسألة المهاجرين (أ.ف.ب)
TT

السراج يحذر من حرب أهلية... ويدعو إلى تدخل دولي لوقف القتال

صورة أرشيفية لرئيس حكومة الوفاق الليبية خلال مؤتمر في روما حول مسألة المهاجرين (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لرئيس حكومة الوفاق الليبية خلال مؤتمر في روما حول مسألة المهاجرين (أ.ف.ب)

دعا فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية، أمس، المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لوقف ما وصفه بتدهور الأوضاع في جنوب البلاد، حيث تخوض قوات الجيش الوطني، الذي يقوده المشير خليفة حفتر، معارك للسيطرة على قاعدة تمنهنت الجوية داخل مدينة سبها ضد ميلشيات تابعة لحكومة فائز السراج.
وتزامنت هذه الدعوة مع إعلان ميلشيات ما يسمى قوات «درع ليبيا - لواء الجنوب» عن أن سرية تابعة لها بدأت تتحرك نحو تمنهنت لتأمين المطار الدولي، الذي قال الجيش الوطني إنه يسيطر عليه، مما ينذر بمواجهة عسكرية بين الطرفين.
ويقود أحمد الحسناوي هذه الميلشيات، التي يتهمها الجيش الليبي بأنها موالية لتنظيم القاعدة التي تضم عددا من المتطرفين والإرهابيين، حيث يعتبر الحسناوي أحد المقربين من قائد داخل تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وأمير جماعة «المرابطون» الجزائري مختار بلمختار.
وقال السراج في رسالة مفتوحة وجهها أمس إلى الأمناء العامين للأمم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، بالإضافة إلى الاتحادين الأوروبي والأفريقي، وزعها مكتبه الإعلامي، إن «التصعيد العسكري المفاجئ وغير المبرر الذي بدأ بالمدفعية الثقيلة والطيران على قاعدة تمنهنت مؤخرا، يضع البلاد على حافة الحرب الأهلية». مضيفا أن هذا التصعيد «لا علاقة له بمكافحة الإرهاب، بل إنه يدخل ضمن الأعمال التي تؤدى إلى مزيد من التدهور في ليبيا»، مشيرا إلى البيان الذي أصدره مؤخرا سفراء الدول الخمس الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، الذي طالب بوقف العمليات العسكرية في الجنوب الليبي.
وتابع السراج موضحا: «نحن هنا نخاطبكم بصفتكم ممثلين للمجتمع الدولي، آملين في سرعة التدخل لوقف المستهترين بأمن البلد واستقراره وسلامة مواطنيه، والتصعيد العسكري المتكرر في مناطق مختلفة سينسف العملية السياسية وسيقودنا إلى حرب أهلية لا نعلم كيف تنتهي».
وبعد أن تعهد السراج بألا يكون سببا في حرب بين الليبيين أو أن يكون طرفا فيها، طالب المجتمع الدولي باتخاذ موقف حاسم وحازم ضد هذه التصعيدات، مشيرا إلى أنه سيدعم كل الإجراءات والخيارات التي من شأنها أن تعيد الأمن والاستقرار إلى ليبيا.
وتقع قاعدة تمنهنت الجوية على بعد 30 كيلومترا إلى الشمال الشرقي من مدينة سبها، التي قد تشهد أول مواجهة كبرى بين القوات المرتبطة رسميا بالسراج وقوات الجيش الوطني الليبي التي يقودها حفتر.
وحقق الجيش الوطني الليبي، الذي يوجد مقره بشرق ليبيا، مكاسب في الشهور الأخيرة، وكان قد تعهد بملاحقة خصومه في منطقة الصحراء إلى الشمال والشرق من سبها بعد أن فقد السيطرة على مرفأين نفطيين رئيسيين الشهر الماضي ثم استعادهما بعد ذلك.
وأعلن الجيش قبل أيام انطلاق العمليات العسكرية البرية الفعلية لتحرير قاعدة تمنهنت بمنطقة سبها بمشاركة القوات الجوية.
وكانت حكومة السراج قد حذرت بعد ضربة لقوات الجيش على تمنهنت خلال الأسبوع الماضي، من خطر نشوب حرب أهلية، وقالت إنها تحشد قوات لصد الهجوم على القاعدة التي تسيطر عليها قوات من مدينة مصراتة في غرب ليبيا وتدعم حكومة السراج.
وتعتبر حكومة السراج متحالفة بشكل كبير مع مصراتة، المدينة الأقوى عسكريا في غرب ليبيا، لكنها لم تتمكن من كسب التأييد من فصائل في الشرق تتحالف مع المشير حفتر.
ووقعت اشتباكات برية مؤخرا حول منطقة سمنو، الواقعة على بعد نحو 50 كيلومترا شمال شرقي سبها، فيما قال الجيش الوطني إنه فقد ثمانية من عناصره، لكن لم تعلن الميلشيات التابعة لحكومة السراج عن خسائرها.
إلى ذلك، كشف أمس مجلس وزراء حكومة السراج عن أنه عقد يوم الأربعاء الماضي اجتماعا نادرا في القاعدة البحرية الرئيسية التي يتخذها مقرا له منذ دخوله إلى العاصمة طرابلس قبل نحو عام. وقال بيان لحكومة السراج إنه أكد خلال الاجتماع أهمية المرحلة التي تمر بها البلاد والمسؤولية الملقاة على عاتق الحكومة للتخفيف من معاناة المواطن، مشيرا إلى أنه تم أيضا بحث أهم التطورات على الساحة الليبية.
وقبل هذا الاجتماع التقى السراج سفير روسيا لدى ليبيا، إيفان مولوتكوف، الذي جدد دعم بلاده لحكومة السراج وحرصها على عودة الأمن والاستقرار إلى ليبيا.
وطبقا لبيان صادر عن حكومة السراج، فقد أعرب السفير الروسي عن أمله في استئناف البعثة الدبلوماسية الروسية للعمل بالعاصمة طرابلس في وقت قريب، بينما حث السراج موسكو على أن تلعب دورا إيجابيا لحل الأزمة السياسية في ليبيا، كما رحب بعودة السفارة والشركات والاستثمارات الروسية مجددا إلى ليبيا.
في غضون ذلك، قال مصدر بالمؤسسة الوطنية للنفط الحكومية في ليبيا، إن جماعة مسلحة أغلقت مجددا مساء أول من أمس خطوط أنابيب الغاز الواصلة من حقل الوفاء النفطي إلى محطة كهرباء محلية وميناء مليتة لتصدير الغاز المطل على الساحل.
وكانت المؤسسة قد رفعت في وقت سابق من هذا الأسبوع حالة القوة القاهرة عن حقل الوفاء، وقالت إن خطوط الأنابيب الواصلة إليه فُتحت بعدما قالت مصادر إن زعماء قبائل تفاوضوا على اتفاق مع جماعة مسلحة أغلقت خطوطا هناك لنحو شهر.
وإغلاق حقل الوفاء جزء من تعطل أوسع نطاقا في إنتاج النفط بليبيا، التي تعاني منذ سقوط معمر القذافي في 2011 من الاقتتال بين فصائل في البلاد، إلى جانب الهجمات التي يشنها مسلحو تنظيم داعش، واحتجاجات سياسية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.