هل تفلس شركات الطائرات الصغيرة من دون طيار؟

العرض فاق الطلب وقوانين الخصوصية قضت على تسلية الشباب

طائرة درون تساعد الشرطة الفرنسية في المداهمات - تعددت أشكالها والهدف واحد - تعتبر الطائرات بلا طيار تسلية للشباب
طائرة درون تساعد الشرطة الفرنسية في المداهمات - تعددت أشكالها والهدف واحد - تعتبر الطائرات بلا طيار تسلية للشباب
TT

هل تفلس شركات الطائرات الصغيرة من دون طيار؟

طائرة درون تساعد الشرطة الفرنسية في المداهمات - تعددت أشكالها والهدف واحد - تعتبر الطائرات بلا طيار تسلية للشباب
طائرة درون تساعد الشرطة الفرنسية في المداهمات - تعددت أشكالها والهدف واحد - تعتبر الطائرات بلا طيار تسلية للشباب

في أعياد رأس السنة الماضية، جاءت الطائرات الصغيرة المزودة بكاميرات في صدارة قائمة الهدايا التي اقتناها الفرنسيون لأبنائهم. كانت لعبة مبتكرة تمنح الأولاد إحساساً بأنهم يقتحمون عالم التجسس وحرب النجوم. وبعد أن كانت مفردة «درون» مقتصرة على المجالات العسكرية زحفت لتصبح على كل لسان، تعني الطائرات المُسيّرة من دون طيار، ولا تحتاج لشرح مهما كانت لغتك. وفيما عدا فعالية تلك الطائرات في النزاعات الدولية المسلحة، قيل الكثير عن الاستخدامات المدنية المذهلة المحتملة لها. لو توقع خبراء «الأنواء الاقتصادية» مستقبلاً زاهراً لهذه الصناعة، ومردوداً هائلاً لأصحاب المصانع. لكن صحوة هؤلاء من أحلامهم موجعة. فالمبيعات دون التوقعات بكثير. والتهافت على اقتناء تلك الطائرات لم يحصل، بعكس ما وعدت به دراسات تسويقية كثيرة.
السبب الأهم هو أن الفضاء ليس ساحة مفتوحة. و«الدرون» الذي اشتراه أب لابنه لا يمكنه التحليق فوق حديقة الجيران، ولا التقاط الصور لما هو موجود فوق السطوح. والقانون يقرّ لكل مواطن بالحق في الخصوصية، وحرمة الأماكن المغلقة، والحق في استخدام صورته كما يشاء، أي من دون أن تكون مشاعاً لأي طائر إلكتروني يحلّق فوق رأسه. وفي باريس، بالذات، هناك حقوق قانونية محددة ومشدّدة فيما يتعلق بتصوير الصروح والمباني والتماثيل والمرافق العامة. وإذا كان السائح يعود من سفرته بمئات الصور لهذا المتحف أو ذلك البرج، فإنه لا يستطيع نشر الصور لهدف تجاري من دون تسديد حقوق للمنشآت التي تدير تلك الأماكن، ولبلدية العاصمة.
لم يكن يمضي أسبوع من دون أن ينبري مهندس ما، في مكان ما من العالم الصناعي، كاشفاً طريقة نافعة جديدة لاستخدام تلك الطائرات الصغيرة. إن صغر حجمها يثير العجب، كأنّها صينية شاي يمكن تسييرها بسهولة وعن بعد، بهدف تقليل النفقات. وأذهلت شركة «أمازون» العملاقة للتوزيع الميدان التجاري حين ابتدعت تصميماً لطائرة صغيرة تقوم بمهمة تسليم الطلبيات، من دون حاجة إلى موزعين وسيارات أو دراجات نارية أو هوائية. وصُنع النموذج وجرب في بريطانيا. لكنه لا يزال مجرد نموذج تجريبي في الوقت الحاضر، لم يُستخدم فعلياً في سماء الواقع. وإلى جانب «أمازون»، تقوم شركات أخرى كثيرة بمحاولات مشابهة، منها شركتا «يو بي إس» و«وولمارت» الأميركيتان، ومؤسسة البريد الفرنسي. كانت المصانع تدور وتتسابق لتصميم المئات مثل تلك النماذج، ولأغراض بالغة التعدد، بطلب من شركات ومؤسسات ومنظمات بالغة التنوع. لكل مؤسسة احتياجاتها وتوقعاتها لمستقبل ما تقدمه من خدمات أو منتجات.
وفي السنوات الأخيرة، أصدرت مكاتب استشارية عالمية عشرات الدراسات المتفائلة بشأن مستقبل «الدرون». تفاؤل يبدو أنه كان يتجاوز الواقع. وعلى سبيل المثال، توقع مكتب «بوسطن كونسلتنغ غروب» الأميركي للاستشارات التسويقية والدراسات الاقتصادية، أنّ سوق الطائرات المدنية الصغيرة من دون طيار ستبلغ 37 مليار دولار سنوياً بحلول العام 2035. وللسوق الفرنسية وحدها، خمّن مكتب «أوليفر وايمان» الدولي بأن الرقم سيرتفع من 38 مليون يورو سنوياً، العام الماضي، إلى 88 مليون يورو عام 2020.
بقراءة تلك الأرقام المغرية، تحمس صناعيون كثيرون أملاً في تثبيت أقدامهم، قبل غيرهم، لقضم حصة من الكعكة الدسمة. واستثمرت مبالغ لا يستهان بها في تطبيقات مدنية جديدة للطائرات من دون طيار، منها مثلاً في حقل الزراعة. وجرى تصنيع نماذج تفيد المزارعين في رسم خرائط دقيقة لحقولهم، وتحديد كميات المياه والأسمدة والمبيدات اللازمة تحديداً دقيقاً. وهو ما يساعد في ترشيد النفقات ورفع الإنتاجية مع خفض الجهد البشري.
وتشمل الاستخدامات، أيضاً، المنظمات الإنسانية الطبية، لا سيما العاملة في بلدان فقيرة. إذ تتيح بعض النماذج ربط القرى النائية المعزولة بمراكز العلاج الأقرب إليها. إذ يمكن إرسال عينات الدم، بـ«الدرون»، إلى المستشفيات للتحليل وبكلفة زهيدة، مقارنة بسيارات الإسعاف ووسائط النقل الأخرى. كما يجري تسلم اللقاحات والأدوية بالطريقة نفسها.
لإعطاء صورة عن التنوع المذهل لتطبيقات طائرات الـ«درون»، نشير إلى أنّها، على سبيل المثال، تستخدم منذ سنوات فوق الشواطئ الأسترالية لتحديد وجود أسماك قرش تقترب منها، والتحسب لذلك وتهيئة فرق الإنقاذ وإخلاء السباحين لتفادي الحوادث المؤسفة. وفي سياق مشابه، تستخدم تلك الطائرات فوق شواطئ جنوب فرنسا وشمال إسبانيا لكشف وجود سباحين على وشك الغرق، وإنقاذهم قبل فوات الأوان.
وحتى الاحتفالات والمراسم لها نصيبها من تطبيقات الطائرات الصغيرة. ففي مناسبات معينة، تمّ الاستغناء عن الألعاب النارية بفضل تطيير «درونات» مبرمجة بشكل دقيق، تطلق أنواراً توحي بأنّها ألعاب نارية تقليدية. وهي وسيلة أقل تلويثاً وكلفة، تضمن متعة النظر نفسها. إلى ذلك، في الولايات المتحدة وبريطانيا، تستخدم السلطات الأمنية تلك الطائرات من دون طيار لمراقبة المظاهرات والمتظاهرين وتصويرهم من الجو. وأخيراً، عمدت مديرية شرطة باريس إلى «تقنية» التجسس نفسها.
وفي هذا السباق المحموم، أبدت شركة «ديملر» الألمانية، منتجة سيارات «مرسيدس» و«سمارت»، اهتماماً ملحوظاً بالموضوع، فصممت نموذجاً لعجلة نقل خاصة، يفترض أنّها ستكون موضعاً لانطلاق سيّار لتلك الطائرات وهبوطها. كما استثمرت الشركة ذاتها مبالغ كبيرة في شركة «ماتيرنت» الفتية، المتخصصة في الدراسات والتصاميم الخاصة بطائرات تسليم الطلبيات. وطبعاً، من بين أكثر الاستخدامات شيوعاً، يشار إلى التصوير السينمائي والتلفزيوني والإعلام الرقمي. فمن منا لم يتفرج يوماً، في السنوات الأخيرة، على أفلام فيديو على الإنترنت، خصوصاً سياحية، صوّرت من الجو بطائرات «درون»؟
لكن، على الرغم من الاحتمالات الكامنة اللامتناهية لاستخدامات تلك الطائرات، فإن اللوحة سوداوية من منظور المصنعين، ربما لكثرة من تهافتوا على إنتاجها، فبات العرض غير متوازن مع الطلب. وهناك مصانع سَرَّحت، وأخرى خفّضت عدد عمالها، وأخرى ببساطة أفلست. مثلاً، انهارت شركة «ليلي روبوتكس» الأميركية، وأغلقت أبوابها. أما «ثري دي روبوتكس»، الأميركية أيضاً، فخفضت إنتاجها بشكل ملحوظ، بينما عمدت «يونيك»، أول شركة صينية في هذا المجال، إلى تسريح نصف موظفيها وعمالها جراء كساد البضاعة. ومثلها مواطنتها الصينية «إيهانغ».
وفي مجال طائرات «درون» للتسلية، لم تسلم من الأزمة شركة «باروت» الفرنسية، السباقة في هذا الباب. إذ أعلنت أخيراً عن تسريح 30 في المائة من منتسبيها، أي نحو 300 موظف وعامل، بعدما تبين أن عام 2016 كان كارثياً لها، أسفر عن خسارة 137 مليون يورو. والكثيرون الذين عولوا على تسويق واسع لطائرات التسلية بأسعار متدنية، وبكميات عالية، خاب ظنهم بعدما غصّت الأسواق بأعداد هائلة من طائرات التسلية، لم تُستنفد نظراً لكثرتها، من جهة، ومن جهة أخرى لعدم تجاوب الزبائن المستهدفين بالدرجة المتوقعة.



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.