المالكي يخسر دعوى ضد النجيفي أمام المحكمة الاتحادية

مشروع قانون الموازنة العراقية للعام الحالي يبقى معلقا

نوري المالكي  -  اسامة النجيفي
نوري المالكي - اسامة النجيفي
TT

المالكي يخسر دعوى ضد النجيفي أمام المحكمة الاتحادية

نوري المالكي  -  اسامة النجيفي
نوري المالكي - اسامة النجيفي

خسر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي دعوى كان قد رفعها ضد رئيس البرلمان أسامة النجيفي طالب فيها بإلزامه بعرض مشروع قانون الموازنة على البرلمان لإقرارها. وقال بيان للسلطة القضائية صدر في بغداد أمس إن «المحكمة نظرت في عدد من الدعاوى المعروضة أمامها، وبينما حسمت 15 قضية منها قررت تأجيل البقية إلى الثاني من يونيو (حزيران) المقبل لغرض استكمال الإجراءات القانونية». وأضاف البيان أن «المحكمة قررت تأجيل النظر في الدعاوى التي رفعها عدد من السادة النواب للطعن في فقرات ضمن قانون التقاعد الموحد رقم 9 لسنة 2014» إلى الثاني من يونيو. وأشار البيان إلى أن «المحكمة ردت دعوى رئيس مجلس الوزراء التي تقضي بإلزام رئيس مجلس النواب بعرض مشروع قانون الموازنة على مجلس النواب لمناقشته، مؤكدا أن «المحكمة وجدت أن سبب عدم مناقشتها كان يتعلق بعدم اكتمال النصاب القانوني». وكان المالكي قد أعلن خلال شهر مارس (آذار) الماضي تقديمه «طعنا للمحكمة الاتحادية حول تشريع قانون الموازنة»، مضيفا خلال كلمته الأسبوعية: «نأمل أن يكون القرار شجاعا وصارما من قبل أعضاء البرلمان بالتفاعل مع قرار المحكمة الاتحادية الذي سينظر في هذه المسألة، ونتمنى أيضا أن يكون ضمن السياقات القانونية».
ومن جهته اعتبر الخبير القانوني طارق حرب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «السبب في رد المحكمة الاتحادية الدعوى من قبل رئيس الوزراء ضد النجيفي هي أنه لا يوجد نص في الدستور يلزم البرلمان بإصدار قانون الموازنة في وقت محدد، كما أنه لم يلزم رئيس المجلس بعرضها ضمن جدول الأعمال». وأضاف حرب أن «الأساس الدستوري الذي استندت إليه دعوى رئيس الوزراء ضد رئيس البرلمان واهن وضعيف، وبالتالي فإن المحكمة الاتحادية طبقت الدستور ولم تحابِ أحدا». وأوضح حرب أن «الدستور يطالب بإقرار الموازنة ولكنه لم يحدد شروطا عقابية على ذلك لأن المبدأ الأساس هنا هو الوطنية والحرص من قبل السلطة التشريعية بشأن إقرار الموازنة المالية التي هي أهم القوانين من وجهة نظر الدستور».
ويأتي قرار المحكمة الاتحادية في وقت لا تزال فيه الخلافات بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان قائمة بشأن النفط ورواتب البيشمركة. وبينما يتمتع البرلمان الآن بآخر عطلة تشريعية له تنتهي في الـ14 من يونيو المقبل فإنه في حال فشل البرلمان في إقرار الموازنة المالية في غضون هذه الفترة سترحل الموازنة إلى الحكومة المقبلة، وهو ما يعني بقاء العراق بلا موازنة خلال عام 2014. وفي هذا السياق أكد مقرر البرلمان العراقي محمد الخالدي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «البرلمان لا يتحمل المسؤولية الأكبر في عدم إقرار الموازنة لأكثر من سبب، يقف في مقدمة الأسباب أن الحكومة أرسلتها متأخرة عن موعد إرسالها بنحو ثلاثة شهور»، مشيرا إلى أن «السبب الثاني يتمثل في أن الحكومة أرسلت الموازنة وهي مليئة بالألغام وبالتالي فإنها تعلم إنها لن تمر بسهولة من قبل الكتل السياسية، لا سيما الخلاف المركزي بين بغداد وأربيل». وأشار الخالدي إلى أن «رئاسة البرلمان عرضت الموازنة على جدول الأعمال وتمت قراءتها قراءة أولى، ولكن استمرار الخلاف بين الحكومة والإقليم أدى إلى تعطيل النصاب القانوني». ولفت إلى أن «المالكي ذهب إلى أبعد الحدود حين رفع دعوى قضائية ضد رئيس البرلمان، وجاء الحكم بأن السبب لا يعود إلى عدم رغبة رئاسة البرلمان في منع عرض الموازنة على جدول الأعمال، بل السبب يكمن في عدم حصول النصاب القانوني». وبشأن ما إذا كان البرلمان ينوي عقد جلسات بخصوص الموازنة خلال الفترة المتبقية من ولايته، قال الخالدي إن «المسألة تتعلق بطبيعة الاتصالات بين الأطراف السياسية، وذلك بغرض الاتفاق حول المشكلات الموجودة في الموازنة»، مؤكدا أنه «لا يوجد أي اتفاق بين الأطراف السياسية حتى الآن حول الموازنة».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم