السيسي يتعهد ملاحقة مرتكبي حادثي الكنيستين

الداخلية المصرية تكشف هوية انتحاري كنيسة طنطا

السيسي خلال زيارته المقر البابوي في القاهرة أمس لتقديم التعزية في ضحايا تفجير كنيستي طنطا والإسكندرية (إ.ب.أ)
السيسي خلال زيارته المقر البابوي في القاهرة أمس لتقديم التعزية في ضحايا تفجير كنيستي طنطا والإسكندرية (إ.ب.أ)
TT

السيسي يتعهد ملاحقة مرتكبي حادثي الكنيستين

السيسي خلال زيارته المقر البابوي في القاهرة أمس لتقديم التعزية في ضحايا تفجير كنيستي طنطا والإسكندرية (إ.ب.أ)
السيسي خلال زيارته المقر البابوي في القاهرة أمس لتقديم التعزية في ضحايا تفجير كنيستي طنطا والإسكندرية (إ.ب.أ)

زار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الكاتدرائية المرقسية (المقر البابوي) وسط القاهرة، أمس، لتقديم التعزية للبابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، في ضحايا حادثي تفجير كنيسة مار جرجس بطنطا والكنيسة المرقسية بالإسكندرية، اللذين راح ضحيتهما 45 شخصاً، وأُصيب نحو 125 آخرين.
وتصاعد الغضب المسيحي في مصر جراء التفجيرات. وقال مراقبون إن زيارة السيسي تهدف إلى امتصاص حالة الغضب، وطمأنة المسيحيين.
وفي تطور لاحق قالت وزارة الداخلية في بيان أمس، إن الانتحاري الذي نفذ تفجير كنيسة مارجرجس، في طنطا، يدعى ممدوح أمين محمد بغدادي، من محافظة قنا، ومن مواليد 1977. وأضافت أنها ضبطت أيضا ثلاثة من العناصر الإرهابية الهاربة.
وأعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن التفجيرين، وقال إن انتحاريين قاما بهما. وقال الرئيس السيسي للبابا تواضروس أمس إن «الدولة ستبذل أقصى ما في وسعها لملاحقة مرتكبي حادثي الكنيستين»، كما أمر القوات المسلحة بترميم الكنيستين.
ودفع التفجيران الرئيس السيسي لإعلان حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر في جميع أنحاء البلاد. وقال المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية السفير علاء يوسف، أمس، إن السيسي أكد أن جميع أجهزة الدولة ستبذل أقصى ما في وسعها لملاحقة مرتكبي تلك الأفعال الآثمة، وتقديم كل مَن شارك فيها للعدالة في أسرع وقت. كما أعرب عن خالص مواساته لأسر الضحايا والمصابين، مؤكداً أنهم سيلقون كامل الاهتمام والرعاية من الدولة.
وأكد السيسي عزم الدولة على الاستمرار في التصدي للإرهاب والقضاء عليه، مشيراً إلى ثقته في وعى الشعب المصري بجميع طوائفه وإدراكه لحقيقة ودوافع من يدعمون الإرهاب الغاشم لبث الفرقة بين أبناء الوطن ومحاولة تقويض جهود البناء والتنمية واستعادة الأمن والاستقرار.
من جانبه، أعرب البابا تواضروس عن شكره لحرص الرئيس على زيارة الكاتدرائية، مؤكداً أن الإرهاب لن ينجح في شق صف المصريين والنيل من وحدتهم واستقرارهم، وأن «الوحدة والمحبة بين أبناء الوطن هي السبيل الوحيد الذي يكفل سلامة مصر والقضاء على الإرهاب».
وكانت وزارة الداخلية قد أعلنت، مساء أول من أمس (الأربعاء)، توصلها إلى هوية أحد المفجرين الانتحاريين اللذين استهدفا كنيستين للأقباط الأرثوذكس خلال احتفالات «أحد السعف» في وقت سابق هذا الأسبوع، مضيفة أنه عضو في «بؤرة إرهابية» استهدفت كنيسة في العام الماضي.
وقالت وزارة الداخلية في بيان إن الانتحاري منفِّذ كنيسة الإسكندرية يدعى محمود حسن مبارك عبد الله، ويبلغ من العمر 31 عاماً. وأضافت أنه كان يقيم في محافظة السويس شرق القاهرة، ويعمل بإحدى شركات البترول. ونشرت الوزارة صورة شخصية للانتحاري على صفحتها الرسمية على «فيسبوك» ووضعتها إلى جوار صورة له التقطتها كاميرات المراقبة الأمنية. ويبدو أن هناك تشابهاً كبيراً بين ملامح الوجه في الصورتين.
وذكرت الوزارة أنها لا تزال تواصل جهودها لتحديد هوية منفِّذ تفجير كنيسة طنطا. وأعلنت قائمة بأسماء وأعمار 19 من أعضاء «البؤرة الإرهابية» الهاربين، ورصدت مكافأة مالية قدرها مائة ألف جنيه (نحو 5500 دولار) لمن يدلي بمعلومات تساعد في إلقاء القبض عليهم.
من جهته، أعلن الجيش المصري أن الفريق أول صدقي صبحي القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي، أعطى أوامره بتولي القوات المسلحة ترميم كنيستي مار جرجس بطنطا والمرقسية بالإسكندرية، بتوجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، وذلك «كي تفتح أبوابها أمام المصلين في أسرع وقت ممكن»، بحسب بيان للقوات المسلحة.
وكان الفريق أول صدقي صبحي قد قام بزيارة عدد من المصابين جراء العمليات الإرهابية الأخيرة التي استهدفت الكنيستين، ويخضعون حالياً لتلقي العلاج بمجمع الجلاء الطبي للقوات المسلحة. وقد أكد أن «الإرهاب لن يفرق وحدة المصريين، وأنه يزيد من تماسك وترابط جميع أطياف الشعب المصري العظيم، مشيراً إلى أن استهداف الإرهاب لدور العبادة يبرهن على مدى الخسة التي يتسم بها». وشدَّد الوزير على أن «القوات المسلحة والشرطة سيظلان في طليعة مؤسسات الدولة لمواجهة الإرهاب واقتلاع جذوره ودعم جهود البناء والتنمية وتوفير مقومات الحياة الكريمة للمواطنين، والوفاء بجميع المهام والواجبات المقدسة المكلفين بها لحماية مقدرات الشعب المصري بكل القوة والحزم».
وتنشط جماعات مسلحة موالية لتنظيم داعش في شمال شبه جزيرة سيناء، وكانت هجماتهم تتركز خلال السنوات القليلة الماضية على قوات الجيش والشرطة لكنهم كثفوا هجماتهم على المسيحيين خلال الشهور القليلة الماضية.
وفي فبراير (شباط) نزح مئات المسيحيين من شمال سيناء بعد مقتل سبعة منهم على يد متشددين خلال ثلاثة أسابيع تقريباً، خمسة منهم بالرصاص، والسادس بقطع الرأس، والسابع بالحرق.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.