التونسيون يطلبون الخبرة الجزائرية في محاربة الإرهاب بالجبال والمدن

اتفاقات مالية بين الجزائر وتونس.. والملف الأمني يطغى على مباحثات جمعة مع سلال

رئيس وزراء الجزائر عبد المالك سلال مع نظيره التونسي مهدي جمعة في القصر الحكومي بالعاصمة الجزائرية أمس (رويترز)
رئيس وزراء الجزائر عبد المالك سلال مع نظيره التونسي مهدي جمعة في القصر الحكومي بالعاصمة الجزائرية أمس (رويترز)
TT

التونسيون يطلبون الخبرة الجزائرية في محاربة الإرهاب بالجبال والمدن

رئيس وزراء الجزائر عبد المالك سلال مع نظيره التونسي مهدي جمعة في القصر الحكومي بالعاصمة الجزائرية أمس (رويترز)
رئيس وزراء الجزائر عبد المالك سلال مع نظيره التونسي مهدي جمعة في القصر الحكومي بالعاصمة الجزائرية أمس (رويترز)

طغت القضايا الأمنية على محادثات رئيس الحكومة التونسية مهدي جمعة، مع المسؤولين الجزائريين أمس في الجزائر. واتفق الطرفان على تعزيز إجراءات الأمن بالحدود لمواجهة تسلل إرهابيين وتهريب السلاح، والاتجار في المخدرات.
وقالت مصادر مطلعة على زيارة جمعة، التي انتهت أمس ودامت يومين، لـ«الشرق الأوسط»، إن الطرفين اتفقا على مبدأ تكثيف الدوريات العسكرية في الحدود كبداية لاتفاق أمني أوسع، يتضمن إشراف الجيش الجزائري المتمرس على محاربة الإرهاب في الجبال، على تدريب الجيش التونسي وإشراف قوات الأمن الجزائرية التي تملك تجربة في محاربة الجماعات الإرهابية بالمدن، على تدريب قوات الأمن التونسية.
وأوضحت المصادر، أن المسؤولين التونسيين «حريصون على الاستفادة من تجربة الجزائريين في التصدي للإرهاب». يشار إلى أنه جرى أمس التوقيع على ثلاثة اتفاقات في مجال التعاون المالي بين الوفد التونسي والوفد الجزائري بحضور جمعة ورئيس وزراء الجزائر عبد المالك سلال، يتعلق الأول بـ«اتفاق إيداع» بقيمة 100 مليون دولار، وقع عليه محافظ البنك المركزي الجزائري محمد لكساسي، ومحافظ البنك المركزي التونسي الشاذلي العياري. ويتمثل الاتفاق الثاني في منح قرض للجمهورية التونسية قيمته 50 مليون دولار. أما الاتفاق الثالث فيتعلق بهبة مالية ممنوحة من الجزائر إلى تونس قيمتها 50 مليون دولار. ووقع الاتفاق وزير خارجية الجزائر رمضان العمامرة ونظيره التونسي المنجي حامدي.
وقال وزير خارجية تونس في مؤتمر صحافي عقده مع العمامرة في قصر الحكومة، إن تونس «تعاني أزمة اقتصادية، وجاءت زيارة رئيس الحكومة (جمعة) للجزائر لدعم الموازنة التونسية». وأوضح أن الاتفاقات المبرمة «تندرج في إطار برنامج يأخذ بعين الاعتبار مجالات تعاون أخرى». وأضاف أنه تحدث مع نظيره الجزائري «حول القضايا التي تهم البلدين خاصة الوضع في ليبيا الذي يهم تونس والجزائر بالدرجة الأولى».
وذكر العمامرة أن المحادثات بين الوفدين «تناولت مختلف جوانب التعاون الثنائي بين البلدين الشقيقين»، مشيرا إلى أنه جرى التطرق أيضا إلى عدد من المسائل السياسية الإقليمية والدولية وما تعلق بأمن واستقرار البلدين والمنطقة برمتها. كما جرى استعراض التطورات الإيجابية التي حصلت في كلا البلدين، سواء ما تعلق بنجاح الانتخابات الرئاسية التي جرت في 17 أبريل (نيسان) الماضي، أو ما تعلق بمسار الانتقال الديمقراطي في تونس. وأشار العمامرة إلى اللجنة العليا المشتركة بين البلدين التي عقدت اجتماعها في فبراير (شباط) الماضي، قائلا إنها «سمحت بفتح الكثير من الورش التي تتعلق بإنجاز ما اتفق عليه سابقا، بخصوص تنمية المناطق الحدودية، وكذا دعم الاقتصاد والتنمية في البلدين بروح تكامل مغاربي». وأضاف: «كل خطوة نخطوها مع بعضنا البعض تشكل لبنة إضافية على درب بناء صرح المغرب العربي الكبير، الذي هو خيار استراتيجي في كلا البلدين».
وتحدث العمارة عن «وجود مزيد من التقارب بين الشعبين الشقيقين الجزائري والتونسي، بدليل تدفق أعداد متزايدة من الجزائريين على تونس في إطار النهضة السياحية في هذا البلد. وفي هذا الصدد جرى الاتفاق على عدد من الإجراءات، بغية تسهيل عبور الجزائريين نحو تونس وعلى وجه الخصوص خلال الموسم السياحي المقبل».
وصرح الشاذلي العياري للصحافة، بأن تونس «تعوّل كثيرا على الجزائر في مجال الطاقة التي هي بحاجة ماسة لها»، مشيرا إلى «عزم شركات تونسية الاستثمار في قطاعات السكن والمقاولات والبنى التحتية بالجزائر».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.