«الاقتصاد الوهمي» ربما يعلق بالقرب من الصفر

أسعار الفائدة المنخفضة تحدث تبايناً في المؤشرات الكلية

«الاقتصاد الوهمي» ربما يعلق بالقرب من الصفر
TT

«الاقتصاد الوهمي» ربما يعلق بالقرب من الصفر

«الاقتصاد الوهمي» ربما يعلق بالقرب من الصفر

عندما خفّض مصرف الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة لتقترب من الصفر أثناء الأزمة المالية، كانت تلك الخطوة استثنائية. لقد وصل البنك المركزي إلى أقصى حدود السياسة النقدية التقليدية، وترك التعافي يترنح بسبب حصوله على مساعدة أقل مما يحتاجها. الآن وبعد تجاوزنا الأزمة المالية، بدأ مصرف الاحتياطي الفيدرالي في رفع أسعار الفائدة، وقد يغري هذا بالنظر إلى علاقته بالأسعار المنخفضة للغاية باعتبارها تجربة لا تحدث سوى مرة واحدة في العمر، وافتراض أننا على أعتاب عالم أقرب إلى النمط الطبيعي.
ليت هذا كان صحيحاً؛ حيث تشير دراسة جديدة إلى أن أسعار الفائدة التي تقترب من الصفر، والتي تصاحب تعافياً باهتاً ضعيفاً، قد تصبح أمراً شائع الحدوث؛ ويثير هذا الاضطرابات لعدة أسباب. إذا لم يكن مصرف الاحتياطي الفيدرالي قادراً على خفض أسعار الفائدة إلى الحد اللازم لمقاومة التباطؤ الاقتصادي، فستصبح حالات الركود أكثر انتشاراً وأشد إيلاماً. يشير هذا إلى وجود حاجة ماسّة إلى إعادة النظر في كيفية مواجهتنا المجموعة المقبلة من الأنباء الاقتصادية السيئة قبل وصولها إن أمكن. إذا لم تعد السياسة النقدية كافية، ربما تكفي السياسة المالية. المؤكد أن هذا ليس وقتاً للشعور بالأمان والطمأنينة والرضا عن الذات.
يمكن القول بإيجاز إن الاقتصاد الأميركي على ما يبدو قد تغير على نحو يقوّض فعالية السياسة النقدية، دون التأثير على السياسة المالية، والتي قد تكون بحاجة إلى التوجيه بنشاط أكبر. كل ذلك نتيجة لتوجهين أساسيين: الأول انخفاض معدل التضخم عن مستواه في الماضي، حيث وصل إلى متوسط قدره 3.5 في المائة تقريباً منذ عام 1950 وحتى 2011. وقد التزم مصرف الاحتياطي الفيدرالي في يناير (كانون الثاني) 2012 باستهداف نسبة قدرها اثنان في المائة، في حين أن مستويات التضخم الفعلية أقل من ذلك. أما التوجه الثاني، فهو تراجع سعر الفائدة (الذي يتم تعديله بحسب التضخم) المتماشي مع الاقتصاد، الذي يعمل بكامل طاقته وكفاءته، وهو توجه أطلق عليه لورانس سامرز، عالم الاقتصاد في جامعة هارفارد، اسم «الركود العلماني». وتشير أكثر التقديرات إلى انخفاض «سعر الفائدة المحايد الحقيقي» من 2.5 في المائة تقريباً إلى واحد في المائة أو أقل.
إذا نظرنا إلى كل هذه الأجزاء بشكل شامل، فسنصل إلى تكهن محافظ هو أنه في «الأوقات الطبيعية»، انخفض سعر الفائدة الاسمي، وهو حاصل جمع سعر الفائدة المحايد الحقيقي والتضخم، من 6 في المائة إلى نحو 3 في المائة. ويؤدي هذا إلى مشكلة خطيرة بالنسبة إلى مصرف الاحتياطي الفيدرالي، وإليكم السبب. يمكن معالجة أكثر حالات الركود من خلال خفض أسعار الفائدة بعدة درجات مئوية. وعندما كانت أسعار الفائدة تقترب من 6 في المائة، كان مصرف الاحتياطي الفيدرالي يستطيع تحسين الاقتصاد بفضل مساحة سعر الفائدة المتسعة. مع ذلك، حين تقترب أسعار الفائدة العادية من 3 في المائة، يمكن لمصرف الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة بضع مرات قليلة لأنها قد تصل إلى مستوى منخفض جداً يقترب من الصفر أو ربما أقل قليلا. ويعني هذا أنه حتى في حالة الركود المعتادة، قد لا يستطيع مصرف الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة كما يرغب.
الأسوأ من ذلك هو أن هذا القيد يمثل مشكلة أكبر كثيراً حين يعقب التراجعُ الاقتصادي ركوداً سابقاً بفاصل زمني قصير. على سبيل المثال، لا يزال سعر الفائدة الرئيسي قصير المدى في البنك المركزي في الوقت الحالي، وهو سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية، يتراوح بين ثلاثة أرباع في المائة وواحد في المائة، بسبب رغبة مصرف الاحتياطي الفيدرالي في مواصلة تحفيز التعافي. ولا يتيح هذا للبنك المركزي مجالاً كافياً للاستجابة في حال اضطراب الاقتصاد. حتى أقل تباطؤ الآن يمكن أن يحتاج إلى خفض لسعر الفائدة بمقدار أكبر من المعقول، وهو ما يدفع صنّاع السياسة مرة أخرى نحو تمني لو أنهم يستطيعون القيام بالمزيد. يمكن أن تتغذى هذه الدينامية على ذاتها؛ فكلما أصبحت الذخيرة التي يستخدمها مصرف الاحتياطي الفيدرالي لإخراج الاقتصاد من وعكته أقل، كان التعافي أضعف وأبطأ، مما يجعل من المرجح أن تتطلب الصدمة السيئة المقبلة من المصرف خفض أسعار الفائدة بقدر أكبر من المعقول.
لتقييم تلك المشكلات، قام كل من مايكل كيلي، وجون روبرتس، الخبيرين الاقتصاديين البارزين في مصرف الاحتياطي الفيدرالي، بمئات من تجارب المحاكاة على نموذج الاقتصاد الكلي ذي النطاق الواسع لمصرف الاحتياطي الفيدرالي، وتقييم أداء الولايات المتحدة عند الاستجابة للصدمات التي ضربت الاقتصاد على امتداد التاريخ. في مجموعة من بين مجموعات تجارب المحاكاة التي يمكن لك أن تطلق عليها «الأيام الخوالي الجميلة»، حددوا سعر الفائدة العادي عند 6 في المائة، ثم جعلوا مصرف الاحتياطي الفيدرالي يغير سعر الفائدة مع تغير الظروف الاقتصادية. في تلك البيئة، وصلت أسعار الفائدة إلى الصفر في اثنين في المائة من الحالات تقريباً. ويتطابق ذلك مع الواقع الذي لم يكن الحد المنخفض لأسعار الفائدة فيه يمثل مشكلة حتى وقت قريب.
مع ذلك تغير الوضع. عندما حدد الخبيران الاقتصاديان سعر الفائدة العادي عند 3 في المائة، وسمحوا لمصرف الاحتياطي الفيدرالي بتغيير أسعار الفائدة مع تغير الظروف، انخفضت أسعار الفائدة إلى صفر في المائة، ولم يكن من المتاح أن تنخفض أكثر من ذلك في ثلث الحالات. في بعض تلك الحالات، لم يكن الاقتصاد بحاجة إلى مزيد من الضربات، مما أدى إلى تباطؤ التعافي قليلا. في حالات أخرى، كان يمثل ذلك تقييداً أكثر خطورة، حيث استغرق الاقتصاد سنوات ليعود إلى وضعه الطبيعي.
توضح هذه الورقة البحثية التي تحمل عنوان «السياسة النقدية في عالم سعر الفائدة به منخفض»، والتي تم تقديمها مؤخراً خلال «اجتماع أوراق (بروكينغز)» بشأن النشاط الاقتصادي، لماذا يثير هذا الوضع القلق. تكمن المشكلة في أن خفض أسعار الفائدة يتسبب في حدوث تباين حاد في أداء الاقتصاد. من السهل نسبياً على مصرف الاحتياطي الفيدرالي أن يبرّد اقتصادا شديد السخونة من خلال رفع أسعار الفائدة، لكن حين يكون الاقتصاد بارداً بالفعل، فلا يستطيع البنك المركزي خفض أسعار الفائدة بقدر كافٍ لمنع حدوث ركود، أو لتحفيز تعافٍ قوي. ستكون فترات الركود والكساد أكثر عمقاً، وأكثر شيوعاً، من فترات الازدهار. ويعني هذا أن المخرج في المتوسط سيكون أقل مما ينبغي أن يكون، فربما يكون أقل بدرجة مئوية أو يزيد، وسينخفض معدل التضخم عن اثنين في المائة، وهو المستوى المستهدف من قبل مصرف الاحتياطي الفيدرالي، بخاصة خلال فترات الانتكاسات. لذا من الضروري أن تتغير سياسة الاقتصاد الكلي لتتوافق مع معالجة تلك المشكلات قبل حالة الركود المقبلة.
يجري مصرف الاحتياطي الفيدرالي بالفعل تجارب على السياسة النقدية، لكن هذا لم يكن كافياً؛ فعلى سبيل المثال؛ في أعقاب الأزمة المالية اشترى المصرف سندات في إطار برنامج يعرف باسم «التيسير الكمي»، وخفض أسعار الفائدة طويلة المدى بمجرد اقتراب أسعار الفائدة قصيرة المدى من الصفر. كان الحافز الناتج صغيراً نسبياً، حيث أدى إلى خفض أسعار الفائدة طويلة المدى بمقدار أقل من درجة مئوية، ولم يحظ البرنامج بشعبية على المستوى السياسي.
يقترح المؤلفان نهجاً بديلاً يمكن لمصرف الاحتياطي الفيدرالي من خلاله تعويض «الحافز المفقود» من خلال قطع وعود بالإبقاء على انخفاض أسعار الفائدة لمدة زمنية أطول. ويرى المؤلفان أن مصرف الاحتياطي الفيدرالي بحاجة إلى تعويض خفض أسعار الفائدة الذي كان يتمنى أن يقوم به لكن لم يستطع. سوف يمنح التعهد بذلك في خضم فترة ركود قطاع الأعمال سببا يدعوهم للتفاؤل، مما يعزز التعافي. وسيتعين على مصرف الاحتياطي الفيدرالي الإبقاء على انخفاض أسعار الفائدة حتى إذا تجاوز التضخم المستوى المستهدف.
إنه نهج واعد، لكن هل سيصدق الناس حقاً وعود مصرف الاحتياطي الفيدرالي؟ أعرف كثيرا من المصرفيين الذين يعملون في البنك المركزي، وأخشى من ألا يتمكنوا من البقاء دون أن يحركوا ساكناً بينما يرتفع التضخم عن المستوى المستهدف المعلن.
ربما يكون الحل خارج مصرف الاحتياطي الفيدرالي؛ فقد يكون قد حان الوقت لإعادة إحياء الدور النشط للسياسة المالية، أو الإنفاق الحكومي والضرائب، بحيث تعمل الحكومة عمل الحافز الغائب حين لا يستطيع مصرف الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة. بالنظر إلى الواقع السياسي، قد تكون أفضل طريقة لتحقيق ذلك هي توفير أدوات توازن ذاتية أقوى، ووضع آليات لزيادة الإنفاق في الأوقات العصيبة، دون الحاجة إلى إجراء من الكونغرس.
هناك فرصة للربط بين هذا وبين رغبة الرئيس ترمب في زيادة الإنفاق على البنية التحتية. بدلا من تشييد مزيد من الطرق اليوم مع اقتراب الاقتصاد إلى مستوى التوظيف الكامل، ينبغي لنا زيادة الإنفاق حين يكون الاقتصاد ضعيفاً، ويكون مصرف الاحتياطي الفيدرالي غير قادر على تقديم ما يكفي من العوامل المحفزة. من الوسائل، التي يمكن من خلالها تحقيق ذلك؛ زيادة حجم الصندوق الائتماني للطرق السريعة تلقائياً حين يصل سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية إلى الصفر، وربما زيادة الإنفاق كلما طالت مدة بقاء أسعار الفائدة على حالها. سيتم بناء مزيد من الطرق وسيكون لها تأثير إيجابي على الاقتصاد.
تمثل هذه الفكرة توجهاً معاكساً تماماً للتوجه الذي ظل سائداً لعقود طويلة وهو البعد عن السياسة المالية النشطة. قد يكون انعدام الثقة العام في السياسة المالية أمراً منطقياً، حيث يميل أكثر خبراء الاقتصاد إلى الثقة في قدرة الشخصيات التكنوقراط الموجودة في مصرف الاحتياطي الفيدرالي على إدارة دورة الأعمال، أكثر مما يميلون إلى الثقة في السياسيين، الذين تحركهم الانتخابات، والموجودين في مبنى «كابيتول هيل». مع ذلك، في عالم تنخفض فيه أسعار الفائدة، ويعلق فيه مصرف الاحتياطي الفيدرالي كثيراً، ربما لا يكون أمامنا ذلك الخيار.

* خدمة «نيويورك تايمز»



كندا تتسابق لتصبح أكبر منتج لليورانيوم في العالم مع ارتفاع الطلب عليه

أحد مناجم اليورانيوم في كندا (موقع الحكومة الكندية)
أحد مناجم اليورانيوم في كندا (موقع الحكومة الكندية)
TT

كندا تتسابق لتصبح أكبر منتج لليورانيوم في العالم مع ارتفاع الطلب عليه

أحد مناجم اليورانيوم في كندا (موقع الحكومة الكندية)
أحد مناجم اليورانيوم في كندا (موقع الحكومة الكندية)

تتسابق كندا لتصبح أكبر منتج لليورانيوم في العالم، مع ارتفاع أسعار المعدن المشعّ، استجابةً للطلب المتزايد على الطاقة النووية الخالية من الانبعاثات والتوترات الجيوسياسية التي تهدد الإمدادات، وفق صحيفة «فاينانشيال تايمز».

وقد توقعت شركة «كاميكو»، أكبر منتج في البلاد، أن يقفز إنتاج اليورانيوم بمقدار الثلث تقريباً في عام 2024 إلى 37 مليون رطل في منجميها بقلب صناعة اليورانيوم في البلاد، شمال ساسكاتشوان.

ووفقاً لبنك الاستثمار «آر بي سي كابيتال ماركتس»، فإن المناجم والتوسعات الجديدة التي تخطط لها الشركة، وكذلك مناجم «دينيسون»، و«أورانو كندا»، و«بالادين إنرجي» و«نيكسجين إنرجي» في المنطقة نفسها، يمكن أن تضاعف الإنتاج المحلي بحلول عام 2035.

وقال وزير الطاقة والموارد الطبيعية في كندا، جوناثان ويلكينسون، إن الاستثمار في سوق اليورانيوم في البلاد بلغ أعلى مستوى له منذ 20 عاماً، مع ارتفاع الإنفاق على التنقيب وتقييم الرواسب «بنسبة 90 في المائة ليصل إلى 232 مليون دولار كندي (160 مليون دولار أميركي) في عام 2022، و26 في المائة إضافية في عام 2023، ليصل إلى 300 مليون دولار كندي».

أضاف: «لا تقوم كندا باستخراج ما يكفي من اليورانيوم لتزويد مفاعلاتنا المحلية بالوقود فحسب، بل نحن أيضاً الدولة الوحيدة في مجموعة الدول السبع التي يمكنها تزويد اليورانيوم، لتزويد مفاعلات حلفائنا بالوقود. وتصدّر كندا كل عام أكثر من 80 في المائة من إنتاجنا من اليورانيوم، مما يجعلنا دولة رائدة عالمياً في هذه السوق».

أسعار اليورانيوم

تتسابق هذه الصناعة للاستفادة من الارتفاع الكبير في أسعار اليورانيوم التي ارتفعت فوق 100 دولار للرطل في يناير (كانون الثاني) من العام الماضي، وهو مستوى لم نشهده منذ عام 2008. وعلى الرغم من انخفاضها منذ ذلك الحين إلى 73 دولاراً للرطل، فإنه لا يزال أعلى بكثير من المتوسط الذي يقل عن 50 دولاراً سنوياً على مدار العقد الماضي.

ويمثل هذا التوسع تحولاً في صناعة اليورانيوم في كندا، التي كانت أكبر منتج للمعدن في العالم (المكون الرئيسي للوقود النووي) حتى عام 2008، لكنها تقلَّصت عندما انخفضت الأسعار في أعقاب كارثة «فوكوشيما» في اليابان عام 2010 التي دمَّرت الصناعة النووية في الغرب، وفق الصحيفة البريطانية.

وضع كازاخستان

وقد ساعد الانكماش شركة «كازاتومبروم»، وهي شركة كازاخستانية مملوكة للدولة، على تعزيز مكانتها كأكبر منتج في العالم. وبحلول عام 2022، أنتجت كازاخستان 43 في المائة من إجمالي اليورانيوم المستخرج (وهي الحصة الأكبر على مستوى العالم)، وجاءت كندا في المرتبة الثانية بنسبة 15 في المائة، تليها ناميبيا بنسبة 11 في المائة، وفقاً لـ«الرابطة النووية العالمية».

لكن الزخم قد يتحوّل لصالح كندا؛ حيث من المتوقَّع أن يرتفع الطلب على اليورانيوم بعد تعهُّد 31 دولة بمضاعفة نشر الطاقة النووية 3 مرات، بحلول عام 2050، لمعالجة تغيُّر المناخ.

وتتجه شركات التكنولوجيا العملاقة، مثل «أمازون» و«غوغل» و«ميتا»، أيضاً إلى الطاقة النووية لتشغيل مراكز البيانات المتعطشة للطاقة، لأن الوقود لا ينتج غازات الدفيئة.

وتُقدِّر شركة «نكست جين»، التي تعمل على تطوير منجم «روك 1» في حوض أثاباسكا شمال ساسكاتشوان، أنها يمكن أن تفوق إنتاج كازاخستان في غضون السنوات الـ5 المقبلة، مما يعزز أمن الطاقة للصناعة النووية في الغرب.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة «نكست جين»، لي كوريير: «مشروعنا لديه القدرة على رفع كندا مرة أخرى إلى الصدارة، المنتج الأول لليورانيوم في العالم».

وأضاف أن شركات مرافق الطاقة في الولايات المتحدة تصطف لشراء اليورانيوم من مشروع «روك 1»، الذي هو في المراحل النهائية من التصاريح، ويمكن أن يبدأ البناء في منتصف عام 2025، إذا تم تأمين الموافقات والتمويل.

وتتوقع شركة «نكست جين» أن يكلف المنجم 1.6 مليار دولار أميركي، ويُنتِج 30 مليون رطل من اليورانيوم سنوياً عند الإنتاج الكامل، أي ما يقرب من خُمس الإنتاج العالمي الحالي.

وفي الوقت نفسه، تقوم شركة «دينيسون» بتطوير مشروع «ويلر ريفر»، كما تقوم شركة «بالادين للطاقة» بتطوير بحيرة باترسون، وكلاهما في ساسكاتشوان، ويمكنهما معاً إنتاج ما يصل إلى 18 مليون رطل من اليورانيوم سنوياً.

وتدرس شركة «كاميكو» زيادة الإنتاج في مشروع «ماك آرثر ريفر» بأكثر من الثلث ليصل إلى 25 مليون رطل سنوياً.

وقال غرانت إسحاق، المدير المالي لشركة «كاميكو»: «لم نشهد رياحاً خلفية كهذه من قبل. ليس هناك شك في أن هناك طلباً متزايداً على اليورانيوم».

وقال محللون في بنك «بي إم أو كابيتال ماركتس» الاستثماري إن الاهتمام التكنولوجي الكبير بالطاقة النووية «يفتح الأبواب أمام مجموعة كبيرة من الاستثمارات الخاصة، بالإضافة إلى السياسات الحكومية الإيجابية المتزايدة»، ويمثل «عودة الاهتمام باليورانيوم».

وأشاروا في مذكرة صدرت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي إلى أنه «يبدو أن الحديث قد تجاوز مرحلة كسب الدعم الحكومي والعام الحاسم إلى مرحلة التمويل».

وعلى الرغم من أن منتجي اليورانيوم في أستراليا والولايات المتحدة وعدد من البلدان الأخرى يخططون أيضاً لتوسعات مناجم اليورانيوم، فإنها على نطاق أصغر بكثير من تلك الموجودة في كندا وكازاخستان.

وفي الوقت نفسه، اصطدمت قدرة كازاخستان على التوسُّع أكثر استجابةً للطلب المتزايد بعدد من العقبات؛ فقد شهدت شركة «كازاتومبروم»، التي تمثل 23 في المائة من الإنتاج العالمي، تعثُّر قدرتها على زيادة الإنتاج، العام الماضي، بسبب نقص حامض الكبريتيك الذي يُستخدَم في عمليات التعدين بالغسل.

كما جعلت التوترات الجيوسياسية المرتبطة بالغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في عام 2022 من الصعب على الشركة إمداد الدول الغربية.

وفي أغسطس (آب)، حظرت الولايات المتحدة واردات اليورانيوم الروسي كجزء من جهودها لأمن الطاقة، على الرغم من وجود إعفاءات حتى عام 2027 لبعض العقود التي تُعتبر حيوية. وردَّت موسكو بفرض قيود مماثلة على تصدير اليورانيوم إلى الولايات المتحدة.

وتعتبر الصين أكبر مشترٍ لليورانيوم الكازاخستاني، وقد اشترت في 17 ديسمبر (كانون الأول) حصصاً في بعض الرواسب التي طورتها «كازاتومبروم» و«روساتوم» الحكومية الروسية للطاقة النووية.

وقال رئيس مجموعة الأبحاث «يو إكس سي»، جوناثان هينز، إن «تسارع اتجاه معظم اليورانيوم الكازاخستاني المتجه شرقاً، والصين على وجه الخصوص، قد يكون بمثابة جرس إنذار لشركات المرافق الغربية».

وقال إسحاق من «كاميكو» التي تمتلك 40 في المائة من «إنكاي» إن سوق اليورانيوم العالمية تعاني حقاً من انقسام لم يكن موجوداً من قبل. وقال إسحاق إن الحرب في أوكرانيا دفعت بعض شركات المرافق الغربية إلى التحول عن الإمدادات المرتبطة بروسيا، بينما كانت شركات أخرى تنتظر لمعرفة مدى تقدُّم الصراع قبل اتخاذ القرارات النهائية.

ويعني هذا التأخير أن شركة «كاميكو» لم تتخذ بعد قراراً استثمارياً نهائياً بشأن أحدث توسعاتها المقترحة في موقع «ماك آرثر ريفر» بساسكاتشوان.

وقال: «هذه ليست سوقاً من نوع (قم بالبناء وسيأتون)»، مضيفاً أن التأخير أدى فقط إلى زيادة الطلب وزيادة خطر حدوث أزمة في العرض وارتفاع الأسعار في السنوات اللاحقة.