باحث يدعو إلى تنظيم العقوبات التعزيرية في جرائم الحدود والقصاص

طالب بتشكيل لجنة من الفقهاء والقضاة المجتهدين لإنجازه

مراجعون أمام المحكمة العامة في الرياض («الشرق الأوسط»)
مراجعون أمام المحكمة العامة في الرياض («الشرق الأوسط»)
TT

باحث يدعو إلى تنظيم العقوبات التعزيرية في جرائم الحدود والقصاص

مراجعون أمام المحكمة العامة في الرياض («الشرق الأوسط»)
مراجعون أمام المحكمة العامة في الرياض («الشرق الأوسط»)

دعا باحث شرعي وقانوني سعودي إلى المبادرة في تقنين وتنظيم عقوبات التعازير عموما، وفي نطاق جرائم الحدود والقصاص بصفة خاصة في القضاء السعودي.
وشدد الدكتور شاكر بن مقبل العصيمي في توصيات رسالته للدكتوراه بعنوان «تقنين العقوبات التعزيرية لجرائم الحدود والقصاص ودوره في تحقيق العدالة»، على أن التقنين يدور على مبدأين مهمين ومعتبرين في الشريعة الإسلامية، وهما: مبدأ حق ولي الأمر في تقييد المباح، ومبدأ حق ولي الأمر أيضا في رفع الخلاف، وكل ذلك في داخل ولايته وإقليمه.
وطالب الدكتور العصيمي في الرسالة التي نال عليها درجة الدكتوراه من جامعة نايف للعلوم الأمنية، بـ«تشكيل لجنة مكونة من نخبة من الفقهاء والقضاة المجتهدين تقوم على تقنين العقوبات التعزيرية، ومراجعة التقنين بشكل دوري للتعديل والتطوير».
وأوصى الباحث الذي يعمل مديرا لوحدة كراسي البحث العلمية المتعلقة بالحسبة، بضرورة تناول المتخصصين في مجال التشريع الجنائي الإسلامي مسائل تقنين التعازير بالبحث والتمحيص والتعمق، وإثراء البحث في كل جريمة من جرائم الحدود والقصاص على حدة.
وأشار إلى أهمية قيام الجهات القضائية العليا بإعداد وتنفيذ برامج تدريبية تأهيلية تزيد من كفاءة القضاة في أساليب وطرق تقدير العقوبات التعزيرية عموما، وفي تعازير جرائم الحدود والقصاص خصوصا، وقال: «لعل التوجيه السامي الصادر حديثا والقاضي بإنشاء معهد للتدريب العدلي خطوة في سبيل تحقيق هذه التوصية».
وطالب الدكتور العصيمي أيضا بتفعيل متابعة الأحكام القضائية ومحاولة الحد من التباين الكبير فيما بينها، مع مراعاة التنويع في العقوبات بما يحقق المصلحة منها.
ونوه الباحث إلى «ثبوت صلاحية الأحكام الشرعية القضائية وفاعليتها رغم تغير الزمان والمكان، وذلك لأنها جاءت من لدن حكيم خبير، وهو الأعلم بما يصلح شؤون خلقه، ولذا جاءت الشريعة بأحكامها على نوعين».
وبين أن النوع الأول يشمل أحكاما ثابتة لا تتغير بحال، ومن ضمنها أحكام الحدود وعقوباتها، فهي ثابتة ومقدرة، فلا يجوز إسقاطها أو تخفيفها أو العفو عنها، وقال: «من الأحكام المقدرة أيضا أحكام القصاص والديات فهي عقوبات غير تفويضية، وإن كانت تفارق الحدود من حيث جواز إسقاطها والعفو عنها ممن يملك الحق في ذلك، وهو المجني عليه أو ولي دمه».
وأضاف: «أما النوع الثاني من الأحكام الشرعية فهي أحكام متغيرة بتغير الزمان والمكان، وهي داخلة في نطاق الجزء المرن من الشريعة الإسلامية الذي يراعي الظروف المحيطة، ومنها أحكام التعزيرات». لافتا إلى أن هذه الأحكام «هي عقوبات غير ثابتة، وغير مقدرة أيضا، فوضها الشارع لولي الأمر لإقامتها وفق المصلحة، حيث إن السلطة فيها تقديرية؛ ولأن الحاجة قائمة لتحقيق المصلحة للأمة بأيسر السبل».
وأوضح الدكتور العصيمي أنه يقصد بالتقنين بوجه عام جمع الأحكام والقواعد التشريعية المتعلقة بمجال من مجالات العلاقات الاجتماعية، وتبويبها وترتيبها، وصياغتها بعبارات آمرة موجزة واضحة في بنود تسمى (مواد)، ذات أرقام متسلسلة، ثم إصدارها في صورة قانون أو نظام تفرضه الدولة، ويلتزم القضاة بتطبيقه بين الناس.
وأشار إلى أن تقنين الفقه الإسلامي يقصد به تطبيق طريقة التقنين على الأحكام المأخوذة من مذهب واحد، فإذا كان في المسألة الواحدة أقوال متعددة ضمن المذهب، يختار واحد منها.
وقال: «يمكن أن يقصد بتقنين الفقه أن تستمد الدولة تقنيناتها في مختلف الموضوعات من الفقه الإسلامي بمفهومه العام، أي من جميع المذاهب المعتبرة، ومن آراء فقهاء الصحابة والتابعين ومن بعدهم من المجتهدين الذين نقلت آراؤهم في كتب اختلاف الفقهاء، ولم تدون لهم مذاهب كاملة في جميع أبواب الفقه ومعاملاته».
عشر إيجابيات وخمس سلبيات
وقدم الباحث عرضا لإيجابيات وسلبيات التقنين، كما يراها فريقا المؤيدين والمعارضين له من الفقهاء المعاصرين.
وعدد في هذا السياق عشر نقاط إيجابية للتقنين، تشمل: سهولة التعرف على الأحكام القانونية بعد جمعها في مدونة واحدة «وفي هذا فائدة عظيمة للقضاة والمتقاضين وجميع المشتغلين بالقانون، بل ولعامة الناس؛ ليبني تصرفه على معرفة بالنظام الذي يحكم معاملاته».
وأشار إلى أن من إيجابيات التقنين المعدودة أيضا «رفع التوهم الذي قد يطرأ على الإنسان من أن الشريعة ناقصة أو متناقضة، أو أن القضاة الشرعيين يحكمون بالهوى، وذلك لما قد يلمسه المتوهم من تناقض للأحكام وتباين واضح في العقوبات التي توقع على جرائم متماثلة»، والخروج من التحكمية القضائية لقاضي الموضوع، الذي كون حصيلته العلمية وخبراته بناء على ثقافته وقناعاته الشخصية في الموضوع المطروح أمامه «إذ يجعله النص أسيرا له، أو قد يمنحه سلطة تقديرية محدودة».
ولفت إلى أن ضعف الاجتهاد القضائي وأدواته عند البعض من القضاة من المسوغات الضرورية لتقنين الأحكام التعزيرية، ذلك أن التقنين يكون بمثابة مرجع للتيسير عليهم، لا سيما وأن مرفق القضاء يعاني من قلة عدد القضاة وبالمقابل كثرة الخصومات والقضايا المنظورة.
وأكد أن التقنين يؤدي إلى الاستفادة القصوى من الآراء الفقهية المتنوعة، حيث سيعمل على استخلاص أفضل الآراء وفقا للوضع السائد للمجتمع وبما يناسب الزمان والمكان كـ«بديل للانكفاء على آراء مدرسة فقهية معينة بنت آراءها على واقع قد تغير الآن، وهو ما سيعطي العالم صورة حقيقية عن سعة الفقه الإسلامي وصلاحيته لكل زمان ومكان».
كما لفت إلى حاجة المستجدات إلى أحكام شرعية يجري تقنينها، لأنه ليس من الحكمة تركه لاجتهاد القضاة لـ«كثرة شواغلهم وعدم تفرغهم للبحث والاستقصاء والاجتهاد في كل مستجد، خصوصا مع التطور المتسارع الذي يعيشه العالم اليوم».
واعتبر أن التقنين يلبي حاجة الناس إلى معرفة ما يرجع إليه القاضي تفصيلا، وفي ذلك تسهيل للتقاضي والترافع، من مسوغات العمل بالتقنين صعوبة لغة الكتب الفقهية القديمة ذلك أنها كتبت بلغة عصرها، وهذا يحتم إعادة صياغتها بلغة تناسب العصر الذي نعيشه.
وفي المقابل، عرض الباحث خمسة من عيوب وسلبيات التقنين يحتج بها فريق المعارضين له، وأولها أن القرآن الكريم «أمر بالحكم بما أنزل الله وهو الحق، والحق لا يتعين بالراجح من الأقوال، لأنه راجح في نظر واضعيه دون سواهم فلا يصح الإلزام به ولا اشتراطه على القضاة».
وأشار الدكتور العصيمي إلى الرأي القائل بأن الواجب هو الرجوع إلى حكم الله ورسوله، ولا يتعين حكم الله ورسوله في مذهب معين ولا في قول مرجح، والحكم بالرأي الراجح إن خالف اعتقاد القاضي بأنه حكم الله ورسوله فإنه يحرم قضاؤه به، ويلزم منه منع التقنين، بحسب رأي المعارضين.
ولفت إلى رأي المعارضين القائل بأن تقنين الأحكام على الوجه المقترح لإلزام القضاة الحكم به ليس طريقا للإصلاح، فهو لا يقضي على الخلاف في الأحكام، ولا يحل إشكالية اتهام القاضي «لأن اتهام القاضي في حكمه لم يسلم منه حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد قال له بعض الأعراب (اعدل يا محمد فإنك لم تعدل)».
كما لفت إلى استنادهم إلى أن «الدول التي تعمل بالتقنين دونت قوانينها على هيئة مواد موحدة مسلسلة الأرقام، ومع ذلك اختلفت أحكام قضاتها ووقع في بعضها التناقض والخطأ، وعليه لم يكن ذلك التقنين مانعا من الخطأ والتناقض واتهام القضاة ونقض الأحكام، بل ونقصها في حالات غير قليلة».
وعرض كذلك الرأي المعارض القائل بأن التقنين يلزم منه جمود العقوبات التعزيرية وعدم مواكبتها للتغيرات التي تحدث في المجتمعات وما ينشأ عنها من تزايد ملحوظ للجرائم، والتقنين بطيء التعديل، حيث يمر بمراحل ومستويات متعددة حتى يتم إقراره أو تعديله.
جواز التقنين.. لماذا؟
وانحاز الدكتور العصيمي في بحثه إلى جواز التقنين والإلزام به، وذلك لأسباب عدة، أبرزها وجاهة وكثرة الأدلة والتعليلات التي استدل بها القائلون بجواز التقنين والإلزام به «والتي عرضها تفصيلا في بحثه»، وقلة عدد القضاة في الزمن الحالي مع قلة وجود المجتهد منهم، وهو ما يسبب تراكم القضايا وتأخير البت فيها والمماطلة في إنجازها.
وأوضح الباحث أنه استجدت في الواقع المعاصر ظروف تقتضي إعادة النظر في النظام القضائي، ليكون هذا النظام أكثر ضبطا ووضوحا بالنسبة للقاضي، وكذلك للمتقاضي الذي لا يمكن إحالته إلى مجموعة من كتب الفقه المذهبي أو المقارن، مؤكدا أنه «يمكن أن يراعى في التقنين ترك مساحة واسعة للاجتهاد والتقدير».
وأضاف: «غير أن تقنين التعازير في جرائم الحدود والقصاص قد تكون له خصوصية تميزه عن تقنين بقية التعازير، ذلك أن الشرع قد قيده بقيود وضوابط شرعية، من أبرزها أن لا يبلغ التعزير إلى حد العقوبة في جنسها».
إلا أن الباحث يرى ضرورة التفريق بين العقوبة الحدية التي فيها قتل أو قطع وبين التي لا قتل فيها ولا قطع، ومراعاة ذلك عند التقنين.
التقنين.. سياسة شرعية
رأى الدكتور شاكر العصيمي أن موضوع الخلاف بين المؤيدين والمعارضين للتقنين هو استمداد الأحكام التي لم ترد في شأنها نصوص خاصة من مصادرها الشرعية المعتبرة، وصياغتها على شكل مواد قانونية، واعتبار هذه المواد مرجعا للأحكام، وإلزام الدولة المكلفين بها، وإلزام القضاة بالحكم بموجبها وعدم مخالفتها، ونقض حكم القاضي إذا خالفها.
ومن هذا المنطلق، يرى أن التقنين في هذا الباب يعتبر من السياسة الشرعية التي تعد من أهم أدوات ووسائل حفظ وحماية المقاصد الشرعية، وقال: «إذا تعين أن التقنين داخل في السياسة الشرعية، فإنه ينبغي أن ينظر إليه على أنه جزء من التدابير والأحكام التي تنظم بها مرافق الدولة في تدبير شؤونها، مع مراعاة أن تكون متفقة مع روح الشريعة، نازلة على أصولها الكلية، محققة لأغراضها الاجتماعية، ولو لم يدل عليها دليل جزئي من النصوص التفصيلية الواردة في الكتاب والسنة».
وأضاف: «يشمل ذلك جميع ما يقوم به ولاة الأمور من تدابير لتحقيق مصالح الناس دون تقييده بمجال دون آخر مما لم يرد فيه نص، فيكون التقنين ضمن سياسة الرعية، والقيام بما يصلحها».
وزاد: «لعل تحديد الجرائم التعزيرية وتنظيم العقوبات لها، وما تعلق بأمن المجتمع من شؤون، وما تطلبه من أحكام هي أكثر أهمية من أي مجال يمكن أن نجوز التقنين فيه؛ لأنها أهم أبواب السياسة الشرعية، وأخطرها إن لم تسد على الأمة».
جرائم متشابهة.. وأحكام متباينة
أشار الدكتور شاكر العصيمي إلى أن النظام الجنائي السعودي لم يتطرق إلى تنظيم العقوبات التعزيرية في جرائم الحدود والقصاص، الأمر الذي قد يكون سببا في تباين الأحكام القضائية في تلك الجرائم، أو تجاوز بعضها الحد في جنسها.
وعرض في بحثه لنماذج للتباين في الأحكام التعزيرية من واقع قضايا تطبيقية في جرائم الحدود، صدرت أحكامها من المحكمة الجزائية بمدينة الرياض خلال العام 34 / 1435هـ، أي في فترة زمنية متقاربة، راعى فيها أن تكون التطبيقات في عقوبات حدية ذات حد أعلى، وهي جرائم زنا غير المحصن، والسكر، وأن تكون كذلك من محكمة واحدة.
وتضمنت هذه القضايا أربعة تطبيقات قضائية من قاض واحد، في جريمة زنا غير المحصن وما يتعلق بها، وكذلك أربع تطبيقات قضائية من قاض واحد أيضا، في جريمة السكر وما يتعلق بها، إضافة إلى تطبيقين قضائيين من قاض ثالث في نفس المحكمة، أحدهما في زنا غير المحصن، والآخر في السكر.
وبعد عرضه لتلك النماذج، لاحظ الدكتور العصيمي تباين الأحكام في تلك القضايا، بما فيها الأحكام الصادرة من قاض واحد، فضلا عن تباين الأحكام الصادرة بين قاض وآخر.
وقال تعليقا: «يتبين أن تقنين العقوبات التعزيرية في جرائم الحدود والقصاص أمر ملح يتطلب عناية فائقة مع الإسراع والتدارك في ضبطه، حماية للقضاء من التهمة والانتقاص منه، واضطراب الأحكام، وتباين الاجتهاد في العقاب التعزيري، خصوصا في القضايا المتشابهة أو المتماثلة في جملة ظروفها وملابساتها، كما تشكل حماية للمتهمين وأطراف الخصومة الجنائية، وضمانة لعدم الحيف في العقاب، وتحقيقا للعدالة، والحد من التباين الكبير في الأحكام القضائية، ومن الأهمية بمكان أن إعلانها في صورة نظام يحقق المنع النصي، فيرتدع من تسول له نفسه الإقدام على تلك الجرائم.



سفير الإمارات يقدّم أوراق اعتماده للرئيس السوري في دمشق

الرئيس السوري يتسلم أوراق السفير الإماراتي الحبسي بحضور أسعد الشيباني وزير الخارجية (وام)
الرئيس السوري يتسلم أوراق السفير الإماراتي الحبسي بحضور أسعد الشيباني وزير الخارجية (وام)
TT

سفير الإمارات يقدّم أوراق اعتماده للرئيس السوري في دمشق

الرئيس السوري يتسلم أوراق السفير الإماراتي الحبسي بحضور أسعد الشيباني وزير الخارجية (وام)
الرئيس السوري يتسلم أوراق السفير الإماراتي الحبسي بحضور أسعد الشيباني وزير الخارجية (وام)

عيّنت الإمارات حمد الحبسي سفيراً ومفوضاً فوق العادة للبلاد لدى سوريا، الذي قدّم أوراق اعتماده إلى الرئيس السوري أحمد الشرع، خلال مراسم رسمية أُقيمت في قصر الشعب بدمشق.

وشهد اللقاء استعراض فرص التعاون بين الإمارات وسوريا، وبحث سبل تطويرها بما يحقق مصالح وطموحات البلدين والشعبين وفقاً للمعلومات الصادرة.

وحسب وكالة أبناء الإمارات «وام»، نقل السفير الإماراتي إلى الرئيس السوري تحيات قيادة دولة الإمارات لسوريا وشعبها مزيداً من التقدم والازدهار.

بدوره، حمّل الشرع السفير تحياته إلى قيادة دولة الإمارات، وتمنياته للدولة بمزيد من النماء والتطور، معرباً عن ثقته بدور السفير في الدفع بالعلاقات الثنائية وتعزيزها في المجالات المشتركة. كما تمنى له التوفيق في مهامه، مؤكداً استعداد بلاده لتقديم التسهيلات والدعم اللازمين لتيسير عمله.

من جانبه، أعرب الحبسي عن اعتزازه بتمثيل دولة الإمارات لدى سوريا، مؤكداً حرصه على توطيد العلاقات الثنائية وتفعيلها في مختلف المجالات، بما يعزز الروابط الأخوية بين البلدين.


تأكيد سعودي على النهج الراسخ في مكافحة كل صور الفساد

رئيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد في السعودية شارك في المؤتمر السنوي للرابطة الدولية وأعمال اجتماع اللجنة التنفيذية (نزاهة)
رئيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد في السعودية شارك في المؤتمر السنوي للرابطة الدولية وأعمال اجتماع اللجنة التنفيذية (نزاهة)
TT

تأكيد سعودي على النهج الراسخ في مكافحة كل صور الفساد

رئيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد في السعودية شارك في المؤتمر السنوي للرابطة الدولية وأعمال اجتماع اللجنة التنفيذية (نزاهة)
رئيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد في السعودية شارك في المؤتمر السنوي للرابطة الدولية وأعمال اجتماع اللجنة التنفيذية (نزاهة)

شدّد مازن الكهموس، رئيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد في السعودية، على استمرار قيادة بلاده على نهجها الراسخ في مكافحة الفساد بشتى صوره وأساليبه، انسجاماً مع رؤيتها 2030 ودعم الجهود والمبادرات الدولية ذات الصلة، وذلك في كلمة المملكة بافتتاح أعمال الاجتماع الثاني لـ«اللجنة التنفيذية للرابطة الدولية لسلطات مكافحة الفساد» في العاصمة القطرية الدوحة.

ودعا أعضاء الرابطة للاستفادة من آليات التعاون الدولية، ومن ذلك شبكة العمليات العالمية لسلطات إنفاذ القانون المعنية بمكافحة الفساد (غلوب إي) المعنية بمكافحة الجرائم العابرة للحدود واسترداد الأصول بفاعلية، وحرمان مرتكبيها من الملاذات الآمنة، والاستفادة من مبادرة «نزاهة» العالمية لقياس معدلات الفساد ودعمها بما يُسهم في تعزيز جهود الدول في مكافحة الفساد.

كما دعا رئيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد في السعودية، أعضاء اللجنة التنفيذية للرابطة الدولية، للاستفادة من مبادرة «نزاهة» العالمية لقياس معدلات الفساد ودعمها، بما يُسهم في تعزيز جهود الدول في مكافحة الفساد، ومن ذلك دعم مشروع قرار المملكة خلال مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، الذي يهدف إلى تعزيز قدرات الدول الأطراف على جمع البيانات وتحليلها.

وأشاد بالدور المهم الذي تضطلع به الرابطة في تعزيز التعاون الدولي وتبادل الخبرات بين الدول والأجهزة المعنية بمكافحة الفساد، مبيناً الحرص على المشاركة الفاعلة في تحقيق أهداف الرابطة وتطلعاتها، بما يُسهم في تعزيز التعاون الدولي في مكافحة الفساد.

وشكر الكهموس، رئيس الرابطة الدولية ومُفوض اللجنة المستقلة لمكافحة الفساد في هونغ كونغ، داني وو، على تنظيم الاجتماع والجهود المثمرة التي تبذلها الرابطة لتعزيز التعاون الدولي في مواجهة الفساد.

وكان رئيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد في السعودية قد ترأس وفد بلاده بالمؤتمر السنوي للرابطة الدولية تحت عنوان «نحو مستقبل نزيه... الابتكار، والتعاون، والعمل ضد الفساد»، وفي أعمال اجتماع اللجنة التنفيذية للرابطة، المنعقد في قطر.

وشهد فبراير (شباط) الماضي انتخاب السعودية ممثلة في رئيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد في السعودية، عضواً في اللجنة التنفيذية للرابطة، تقديراً من المجتمع الدولي لجهود المملكة ومكانتها العالمية في مكافحة الفساد، ولا سيما على الصعيد الدولي.

وتُعدّ الرابطة منظمة مستقلة وغير سياسية، يبلغ عدد أعضائها أكثر من 180 جهازاً معنياً بمكافحة الفساد في عدد من دول العالم، وتعمل على مكافحة الفساد وتنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، والحد بشكل كبير من الفساد والرشوة بجميع أشكالهما بحلول عام 2030.

وتسعى الرابطة إلى تيسير تبادل الخبرات وأفضل الممارسات بين سلطات مكافحة الفساد والمتخصصين في هذا المجال من جميع أنحاء العالم، وتنظيم المؤتمرات والندوات وورش العمل وبرامج التدريب، وتلتزم الرابطة الدولية لمكافحة الفساد بتعزيز العلاقات مع المنظمات الدولية والإقليمية، من أجل توحيد الجهود وتطويرها في مجتمع مكافحة الفساد الدولي.


الإمارات والصين تبحثان تعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة

الشيخ عبد الله بن زايد وزير الخارجية الإماراتي ونظيره الصيني وانغ يي خلال المباحثات في العاصمة أبوظبي (وام)
الشيخ عبد الله بن زايد وزير الخارجية الإماراتي ونظيره الصيني وانغ يي خلال المباحثات في العاصمة أبوظبي (وام)
TT

الإمارات والصين تبحثان تعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة

الشيخ عبد الله بن زايد وزير الخارجية الإماراتي ونظيره الصيني وانغ يي خلال المباحثات في العاصمة أبوظبي (وام)
الشيخ عبد الله بن زايد وزير الخارجية الإماراتي ونظيره الصيني وانغ يي خلال المباحثات في العاصمة أبوظبي (وام)

بحثت الإمارات والصين، خلال زيارة قام بها وزير الخارجية الصيني وانغ يي إلى أبوظبي يومي 12 و13 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، مجمل العلاقات الثنائية والقضايا ذات الاهتمام المشترك، في إطار دفع الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين نحو آفاق أرحب على المستويين الثنائي ومتعدد الأطراف.

وجاءت الزيارة، حسب وكالة أنباء الإمارات (وام)؛ تلبيةً لدعوة من الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي، حيث تبادل الجانبان وجهات النظر «بشكل معمق» حول تطورات التعاون السياسي والاقتصادي والتنموي، مؤكدين أن الشراكة الاستراتيجية الشاملة شهدت «تطورات إيجابية» تلبي تطلعات قيادتي وشعبي البلدين في التقدم والازدهار.

وأشار الجانبان إلى أهمية تنفيذ التوافقات التي تم التوصل إليها خلال زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، إلى الصين ولقائه الرئيس شي جينبينغ في مايو (أيار) 2024، بما يعكس السعي المشترك للارتقاء بالعلاقات وتعزيز العمل المشترك في الملفات الإقليمية والدولية.

وفي المواقف السياسية، أكد الجانب الصيني دعمه «الثابت» للإمارات في الحفاظ على سيادتها واستقلالها وسلامة أراضيها. وفي المقابل، شدد الجانب الإماراتي على التزامه بمبدأ «الصين الواحدة»، باعتبار تايوان جزءاً لا يتجزأ من الأراضي الصينية، مؤكداً دعمه لجهود الحكومة الصينية لإعادة توحيد البلاد، ورفضه تدخل القوى الخارجية في الشؤون الداخلية للصين.

وجدد الطرفان التزامهما المشترك بتحقيق سلام شامل وعادل ودائم قائم على حل الدولتين، بما يفضي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وقابلة للحياة تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل بأمن وسلام، وفق حدود 4 يونيو (حزيران) 1967، والقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة. كما أعربا عن تقديرهما للجهود الدولية الرامية إلى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وشددا على ضرورة التزام جميع الأطراف به لتخفيف المعاناة الإنسانية وتهيئة الظروف لتحقيق سلام دائم.

واختتم الجانبان مباحثاتهما بالتأكيد على أهمية تعزيز التواصل والتنسيق في الأمم المتحدة، ومجموعة «البريكس»، ومنظمة شنغهاي للتعاون، وغيرها من المنصات متعددة الأطراف، بما يدعم الاستقرار والازدهار والتقدم على المستويين الإقليمي والدولي.

كما عبّر الجانب الصيني عن دعمه لمساعي الإمارات للتوصل إلى حل سلمي للنزاع حول الجزر الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى) عبر المفاوضات الثنائية وفق قواعد القانون الدولي، بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة.

وعلى صعيد التعاون التنموي، أثنى الجانب الصيني على ما حققته الإمارات من إنجازات في مجالات التنمية، وأبدى استعداداً لتعميق المواءمة بين مبادرة «الحزام والطريق» ورؤية «نحن الإمارات 2031» وخطة «الاستعداد للخمسين»، والعمل على دفع مسارات التنمية إلى مستويات أعلى.

وفي المقابل، أشاد الجانب الإماراتي بالانعقاد «الناجح» للدورة الكاملة الرابعة للجنة المركزية العشرين للحزب الشيوعي الصيني، معتبراً أنها ستعزز التنمية العالية الجودة في الصين والتعاون القائم على المنفعة المتبادلة عالمياً.

وأكد الجانبان أيضاً تقديرهما لما تحقق من نتائج في التعاون العملي بين البلدين، مع إبداء الاستعداد لتعزيز التعاون في مجالات الاقتصاد والتجارة والاستثمار، والنفط والغاز الطبيعي، والطاقة المتجددة والمياه، والبنية التحتية والتكنولوجيا، والبحوث والعلوم. وتضمن التفاهم كذلك تعزيز التعاون في المجالات العسكرية وإنفاذ القانون ومكافحة التطرف والإرهاب، إلى جانب تكثيف التبادل في تعليم اللغة الصينية والسياحة والطيران المدني.

وفي الإطار الإقليمي والدولي، أعلن الجانب الإماراتي دعمه لاستضافة الصين «القمة الصينية - العربية الثانية» في عام 2026، ودعمه لعقد القمة الثانية بين الصين ومجلس التعاون لدول الخليج العربية بالتوازي، مع الاستعداد لبذل جهود مشتركة لإنجاح القمتين. من جهته، أكد الجانب الصيني استعداده للعمل مع الإمارات لإنجاز المفاوضات بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين الصين ودول مجلس التعاون «في أقرب فرصة ممكنة».