الجوز أول شجر مثمر عرفه الإنسان

يحمي من السرطان والسكري وزيادة الوزن

الجوز أول شجر مثمر عرفه الإنسان
TT

الجوز أول شجر مثمر عرفه الإنسان

الجوز أول شجر مثمر عرفه الإنسان

قليل من الناس الذين يعرفون الجوز، شجره وثماره اللذيذة والطيبة، أو يعرفون صعوبة التخلص من الدباغ الأسود الذي تتركه حباته البيضاوية الخضراء النيئة، أو طعم الجوز الحليبي الكريمي قبل أن ينضج ويجف. وقليل من الناس أيضاً من تمتعوا بمحاولة إسقاط والتقاط حبات من شجراته الكبيرة والعالية بعد ضربها بعصا طويل. ففي صيد الجوز ما يذكر بعالم الطفولة البريء، وبعوالم العلاقات الأولى بين الفرد والشجر الضخم والمعطاء. فالشجرة في طبيعتها شجرة ضخمة توفر للناس دوحة كاملة يمكن التمتع بها أيام القيظ وشجرة خيرة تمنح الناس واحدة من أكثر الثمار فائدة للإنسان.
تؤكد الموسوعة الحرة، أن الجوز نباتياً من الفصيلة الجوزية وقطاع كاسيات البذور، وأن «هناك نوعين رئيسيين مختلفين من الجوز يزرعان ببذورهما - الجوز الإنجليزي والجوز الأسود. الجوز الإنجليزي - ج ريغيا (J. regia) ومنشأه في إيران، والجوز الأسود - ج نيجرا (J. nigra) ويستوطن في شرق أميركا الشمالية. ويتميز الجوز الأسود بنكهته الواضحة، ولكنه لا يزرع لإنتاج الجوز للسوق التجارية بسبب قشرته الصلبة.... وتقريباً كل الأنواع التي تنتج للسوق التجارية عبارة عن هجين من الجوز الإنجليزي.... تشتمل الفصائل الأخرى على جوز كاليفورنيا (جوز كاليفورنيا الأسود) غالباً يستخدم كأصل للسلالات التجارية من الجوز الملكي)، والجوز الرمادي (جوز أرمد)، وجوز ميجور، الجوز الأريزوني... تحتوي القشرة الصلبة للجوز على عصارة قد تلطخ أي شيء تلامسه، وتستخدم كصبغة للقماش».
للجوز الذي يسميه البعض «عين الجمل» تاريخ قديم وغني في العالم ويعود إلى آلاف السنين، ويؤكد بعض المؤرخين أن شجرة الجوز أولى الشجرات المثمرة التي عرفها الإنسان، وفيما يعود تاريخ بقايا الجوز الذي تم العثور عليها في جنوب فرنسا إلى 17 ألف سنة، فقد زرع الناس الجوز منذ أكثر من 7 آلاف عام، أي من العصر الحجري الحديث. لكن عمليات الزرع في منطقة البحر الأبيض المتوسط لم تكن على نطاق واسع إلا في العصرين اليوناني والروماني القديمين. ويقال إن عوامل اقتصادية رئيسية هي التي ساهمت في انتشار زراعته في أوروبا وبعض مناطق العالم الشمالي. وعثر المكتشفون على الكثير من السفن الرومانية الغارقة في «المتوسط» والمحملة بالجوز. وكرس الرومان الجوز للإله جوبيتر (المشتري)، ولذا أطلقوا عليه اسم «غدد جوبيتر» glands of Jupiter الذي تكثف لاحقاً وأصبح مختصراً بـ«جوغلانز ريجيا» Juglans regia، أي «جوز المشتري الملكي». ولا يزال يستخدم الاسم الروماني على أساس أنه الاسم العلمي لنوع الجوز حتى الآن.
تشير المعلومات المتوفرة إلى أن التاريخ المبكر لشجرة الجوز الإنجليزي الذي نستخدمه هذه الأيام جاء من بلاد فارس القديمة، حيث كانت ثمارا خاصة بالملوك.
وقبل الرومان، ساهم تجار طريق الحرير التاريخي والطويل الذي يربط الصين بـ«المتوسط»، في انتشار الجوز وشعبيته في آسيا وحول العالم بشكل لم يسبق له مثيل. وبعد ذلك ساهم البحارة والتجار الإنجليز أيضاً في انتشاره بعدما نقلوا الجوز وتاجروا به في الكثير من مرافئ العالم القديم، ولهذا يعرف الجوز حاليا بـ«الجوز الإنجليزي»، رغم أنه لا يزرع في إنجلترا لغايات تجارية. وقد ساهمت قشور الجوز التي تحميه وتحمي نوعيته في قيمته التجارية، ويعتبر جوز ولاية كاليفورنيا من أجود الأنواع في العالم حالياً.
وقد كتب المؤرخ الروماني بليني الأكبر في كتابه «التاريخ الطبيعي» في القرن الأول، كتباً مطولة عن الجوز، مؤكداً أن أهل اليونان القديم تلقوا الشجرة أصلاً من بلاد فارس. وذكر بليني إلى جانب الكثير من مؤرخي العالم القديم أن الناس كانوا ينثرون الجوز بين الشباب أثناء الأعراس وهم يغنّون أغاني فاحشة. وحسب بليني فقد كان الجوز يستخدم قديما لصباغة الصوف، وكان يُصنع منه خليط للحماية من جميع أنواع السموم، ولطالما نصح بليني بتناول الجوز لتحسين وتنقية رائحة الفم وخصوصا بعد تناول مواد قوية مثل البصل والثوم. وبعد موت بليني بعد اندلاع بركان فيسوفيوس عام 79 قبل الميلاد، عثر على بقايا الجوز المفحم، بالإضافة إلى جداريات تحمل صور شجر الجوز الجميل.
ويقول الكاتب الأميركي المعروف في عالم الطعام آندرو سميث إن الفيلسوف والمؤرخ اليوناني - الروماني بلوتارخس، ذكر أن شجرة الجوز كانت مخدرة أو منومة، وكانت ترسل «روحاً ثقيلة ومنعسة تؤثر على رؤوس من ينام تحتها». ومع أنه لا يوجد أي إثبات علمي على قدرة الشجرة في هذا الإطار، فإن الأبحاث الحديثة تشير إلى أن الجوز يحتوي على مادة الميلاتونين التي تنظم دورة النوم - اليقظة أو ما يعرف بالساعة البيولوجية عند الأفراد، ولهذا يؤمن الكثير من البحاثة أن تناول الجوز يساعد على التخلص من السهاد.
وهنا لا بد من ذكر فوائد الجوز الصحية؛ إذ إن الجوز كان من أكثر المواد فائدة للصحة في «عالم المتوسط» القديم، وقد جاءت فوائده الطبية الكثيرة مفصلة ومشرحة في الكتابات الطبية في العالمين اليوناني والروماني، وعلى رأس ذلك كتبات الطبيب اليوناني ديسقوريدوس في القرن الأول للميلاد. وكان هذا الطبيب المعروف بـ«كتاب الحشائش والأدوية» (de Materia Medica) طبيباً عسكرياً في الجيش الروماني أيام الإمبراطور نيرون. وذكر ديسقوريدوس وصفات للجوز الملبس في الولائم، وبعض أنواع الخبز الذي يمكن أن يصنع منه، بالإضافة إلى الكثير من الوصفات الطبية التي تعتمد على الجوز في العلاج. ومن هذه الوصفات وصفات التخلص من الصلع وإنبات الشعر، والقضاء على الغنغرين، ورضوض الجسم وأهميته للمعدة.
وكان أهل اليونان يطلقون على الجوز آنذاك اسم «كاريون»، أي «رأس» لشبه القشرة بالرأس والجوز بالمخ.
وكالكاتب والطبيب اليوناني غالين الذي عاش في روما، أعاد ابن سينا الذي كتب عن فوائد الجوز في كتاب قانون الطب، الكثير من مقولات ديسقوريدوس في موسوعته المعروفة في القرن الثاني عشر، وخصوصاً طلي الجوز بالسكر لحفظه لفترة طويلة.
وبسبب فوائده الطبية الجمة، انتشر الجوز بكثرة في أوروبا خلال القرون الوسطى، وشملت مدرسة ساليرنو الإيطالية المعروفة الجوز في نظامها الطبي. وجاءت هذه الفوائد في الكثير من الأدبيات الطبية الأوروبية في القرن الثاني عشر، ومنها الألمانية التي ذكرت أن الجوز يعالج العقم.
وفي القرن السادس عشر جاء ذكر استخدام الجوز في كتاب الإنجليزي توماس دوسون عن الطبخ، وفي عصر النهضة واصل أهل الطب أمثال دانييل سارنيت في القرن السابع عشر والفرنسي تشارلز استيان والألماني جوهانيس شرودر، تكرار المقولات القديمة ووصفات ديسقوريدوس الخاصة بالجوز.
حديثاً، يعرف الجوز على أنه مفيد جداً للوقاية من أمراض القلب؛ لاحتوائه على كمية كبيرة من الأوميغا - 3 ألفا، ومن أكسدة الكولسترول في الشرايين لاحتوائه على فيتامين إي، بالإضافة إلى تحسين الدورة الدموية والهضم.
وبشكل عام ولأنه يحمي الشرايين والقلب ويحسن الدورة الدموية، فإنه يحمي من داء السكري، كما تؤكد أبحاث جامعة ييل الأميركية. كما يحمي الجوز من حصول مرض السرطان والجذور الحرة ويدمر الخلايا السرطانية أيضاً، والأهم من هذا كله أنه يمنع السمنة ويساعد على التخلص من الشحوم وزيادة الوزن ويمنح الإحساس بالشبع. وتشير عدة دراسات إلى أن الجوز الغني بفيتامين إي يحسن عمل الدماغ وينشطه، وبالتالي القدرة على التعلم عند الأطفال، بالإضافة إلى تحسين السلوك عندهم. إضافة إلى كل ذلك يساعد الجوز على التخلص من السهاد، وينظم الدورة البيولوجية للجسم عند الأفراد، ويساعد الناس على النوم كما سبق وذكرنا. كما أن للجوز فوائد في تحسين القدرة الجنسية عند الفرد، ومعالجة أمراض الجلد وتحسن البشرة.



«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
TT

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص، أما أطباق بلاد الشام فلا تعتمد على الابتكار على قدر الالتزام بقواعد متَّبعة، وإنني لست ضد الابتكار من ناحية طريقة التقديم وإضافة اللمسات الخاصة تارة، وإضافة مكون مختلف تارة أخرى شرط احترام تاريخ الطبق وأصله.

التبولة على أصولها (الشرق الاوسط)

زيارتي هذه المرة كانت لمطعم لبناني جديد في لندن اسمه «عناب براسري (Annab Brasserie)» فتح أبوابه في شارع فولهام بلندن متحدياً الغلاء والظروف الاقتصادية العاصفة بالمدينة، ومعتمداً على التوفيق من الله والخبرة والطاهي الجيد والخبرة الطويلة.

استقبلنا بشير بعقليني الذي يتشارك ملكية المشروع مع جلنارة نصرالدين، وبدا متحمساً لزيارتي. ألقيت نظرة على لائحة الطعام، ولكن بشير تولى المهمة، وسهَّلها عليَّ قائلاً: «خلّي الطلبية عليّ»، وأدركت حينها أنني على موعد مع مائدة غنية لا تقتصر على طبقين أو ثلاثة فقط. كان ظني في محله، الرائحة سبقت منظر الأطباق وهي تتراص على الطاولة مكوِّنة لوحة فنية ملونة مؤلَّفة من مازة لبنانية حقيقية من حيث الألوان والرائحة.

مازة لبنانية غنية بالنكهة (الشرق الاوسط)

برأيي بوصفي لبنانية، التبولة في المطعم اللبناني تكون بين العلامات التي تساعدك على معرفة ما إذا كان المطعم جيداً وسخياً أم لا، لأن هذا الطبق على الرغم من بساطته فإنه يجب أن يعتمد على كمية غنية من الطماطم واللون المائل إلى الأحمر؛ لأن بعض المطاعم تتقشف، وتقلل من كمية الطماطم بهدف التوفير، فتكون التبولة خضراء باهتة اللون؛ لأنها فقيرة من حيث الليمون وزيت الزيتون جيد النوعية.

جربنا الفتوش والمقبلات الأخرى مثل الحمص والباباغنوج والباذنجان المشوي مع الطماطم ورقاقات الجبن والشنكليش والنقانق مع دبس الرمان والمحمرة وورق العنب والروبيان «الجمبري» المشوي مع الكزبرة والثوم والليمون، ويمكنني الجزم بأن النكهة تشعرك كأنك في أحد مطاعم لبنان الشهيرة، ولا ينقص أي منها أي شيء مثل الليمون أو الملح، وهذا ما يعلل النسبة الإيجابية العالية (4.9) من أصل (5) على محرك البحث غوغل بحسب الزبائن الذين زاروا المطعم.

الروبيان المشوي مع الارز (الشرق الاوسط)

الطاهي الرئيسي في «عناب براسري» هو الطاهي المعروف بديع الأسمر الذي يملك في جعبته خبرة تزيد على 40 عاماً، حيث عمل في كثير من المطاعم الشهيرة، وتولى منصب الطاهي الرئيسي في مطعم «برج الحمام» بلبنان.

يشتهر المطعم أيضاً بطبق المشاوي، وكان لا بد من تجربته. الميزة كانت في نوعية اللحم المستخدم وتتبيلة الدجاج، أما اللحم الأحمر فهو من نوع «فيليه الظهر»، وهذا ما يجعل القطع المربعة الصغيرة تذوب في الفم، وتعطيها نكهة إضافية خالية من الدهن.

حمص باللحمة (الشرق الاوسط)

المطعم مقسَّم إلى 3 أقسام؛ لأنه طولي الشكل، وجميع الأثاث تم استيراده من لبنان، فهو بسيط ومريح وأنيق في الوقت نفسه، وهو يضم كلمة «براسري»، والديكور يوحي بديكورات البراسري الفرنسية التي يغلب عليها استخدام الخشب والأرائك المريحة.

زبائن المطعم خليط من العرب والأجانب الذين يقطنون في منطقة فولهام والمناطق القريبة منها مثل شارع كينغز رود الراقي ومنطقة تشيلسي.

بقلاوة بالآيس كريم (الشرق الاوسط)

في نهاية العشاء كان لا بد من ترك مساحة ليكون «ختامه حلوى»، فاخترنا الكنافة على الطريقة اللبنانية، والبقلاوة المحشوة بالآيس كريم، والمهلبية بالفستق الحلبي مع كأس من النعناع الطازج.

المطاعم اللبنانية في لندن متنوعة وكثيرة، بعضها دخيل على مشهد الطعام بشكل عام، والبعض الآخر يستحق الوجود والظهور والمنافسة على ساحة الطعام، وأعتقد أن «عناب» هو واحد من الفائزين؛ لأنه بالفعل من بين النخبة التي قل نظيرها من حيث المذاق والسخاء والنكهة وروعة المكان، ويستحق الزيارة.