الشرطة العراقية تعلن تحرير 260 ألف مدني في الموصل

معارك ضارية على مشارف حي الإصلاح غرب المدينة

مواجهة بين قوات الشرطة الاتحادية ومسلحي «داعش» في غرب الموصل أمس (أ.ف.ب)
مواجهة بين قوات الشرطة الاتحادية ومسلحي «داعش» في غرب الموصل أمس (أ.ف.ب)
TT

الشرطة العراقية تعلن تحرير 260 ألف مدني في الموصل

مواجهة بين قوات الشرطة الاتحادية ومسلحي «داعش» في غرب الموصل أمس (أ.ف.ب)
مواجهة بين قوات الشرطة الاتحادية ومسلحي «داعش» في غرب الموصل أمس (أ.ف.ب)

بعد تحرير منطقتي اليرموك الأولى والثانية خلال الأيام القليلة الماضية، دارت أمس معارك ضارية بين القوات العراقية ومسلحي تنظيم داعش على مشارف حي الإصلاح القريب من حي «17 تموز»، أحد المعاقل الرئيسية للتنظيم في الجانب الغربي من الموصل.
من ناحية ثانية، كشفت قوات الشرطة الاتحادية عن تحريرها 260 ألف مواطن من قبضة «داعش» منذ بدء عمليات تحرير الجانب الغربي من المدينة في 19 فبراير (شباط) الماضي.
وقال الضابط في جهاز مكافحة الإرهاب، الملازم أول عبد الرحمن الزبيدي، لـ«الشرق الأوسط»: «نحن الآن في أطراف حي الإصلاح، حاليا تدور معارك ضارية بيننا وبين مسلحي (داعش)، نستخدم فيها الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وحتى الآن تمكنا من تدمير غالبية دفاعات العدو، وقتلنا كثيراً من مسلحيه، والتنظيم يستخدم القناصة والانتحاريين في المعركة، وغالبية مسلحيه هم من الانغماسيين، لكننا رغم شدة المعارك فإننا تمكنّا من إحراز تقدم كبير».
وتختلف المعركة في أحياء الإصلاح والأحياء الغربية الأخرى في أيمن الموصل عن المدينة القديمة، بأنها واسعة بحيث تتمكن الدبابات والعجلات المدرعة من المرور فيها بسرعة، الأمر الذي سيسرع من سير المعارك في هذا الاتجاه، لكن الزبيدي أوضح: «نحن لا نستخدم الأسلحة الثقيلة من مدفعيات وصواريخ ودبابات، خوفا على أرواح المدنيين المحاصرين في هذه الأحياء»، مشيرا إلى أن التنظيم فتح بيوت الحي على بعضها من الداخل، ويشن انطلاقا من مواقعه بين المدنيين الهجمات على القوات الأمنية، بينما يعتلي قناصته أسطح المنازل المكتظة بالسكان.
من جانبه، قال المواطن ودود الموصلي، الذي وصل إلى مخيم للنازحين قبل يومين قادما من حي الإصلاح مع عائلته، بعد أن نجوا من مسلحي التنظيم، إن المسلحين الموجودين في حي الإصلاح «عددهم قليل، وهم من العراقيين والعرب وبعض الأجانب الذين غالبيتهم من الروس، وهم القناصة الذين يعتمد عليهم (داعش) في المعارك». وتابع: «مسلحو التنظيم يطلقون النار على القوات الأمنية، ومن ثم ينسحبون إلى داخل البيوت ويجتازونها الواحد تلو الآخر، ومن ثم يدخلون إلى الأنفاق التي حفروها في جميع أحياء المدينة لتفادي الضربات الجوية».
بدوره، كشف قائد الشرطة الاتحادية العراقية، الفريق رائد شاكر جودت، عن آخر إحصائية للمعارك التي تخوضها قطعات الشرطة وسط الجانب الأيمن، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «قتلت طائراتنا المُسيرة (درون) منذ استخدامها للأغراض القتالية، خلال نحو شهرين من المعارك، في الجانب الأيمن، نحو 512 داعشيا، بينهم 77 قناصا، وتمكنت قواتنا من تدمير 256 عجلة مفخخة، و162 دراجة نارية مفخخة».
وبيّن الفريق جودت أن قواته استعادت السيطرة على 61 منطقة وحياً في الجانب الأيمن من الموصل منذ بدء المعارك، وحررت ما مساحته 274 كيلومترا مربعا من أراضي الجانب الغربي للموصل، لافتا إلى أن الشرطة الاتحادية حررت 260 ألف مواطن من قبضة التنظيم، وأعادت 12 ألفاً آخرين إلى مساكنهم، وقدمت 43750 سلة غذائية للنازحين في الجانب الأيمن.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.