محاولة لاستقطاب 25 مليار دولار ينفقها السعوديون على السياحة في الخارج

محاولة لاستقطاب 25 مليار دولار ينفقها السعوديون على السياحة في الخارج
TT

محاولة لاستقطاب 25 مليار دولار ينفقها السعوديون على السياحة في الخارج

محاولة لاستقطاب 25 مليار دولار ينفقها السعوديون على السياحة في الخارج

ينظر مختصون اقتصاديون وسياسيون إلى مشروع أكبر مدينة ثقافية ورياضية وترفيهية نوعية في العالم، ومقرها الرياض، في منطقة «القدية»، بمساحة تبلغ 334 كيلومتراً مربعاً، كنقلة نوعية في سياسة بناء الحضارات، المرتكزة على الثقافة والرياضة والترفيه والفنون والاقتصاد، لتحويل عاصمة السعودية إلى عدة مدن في مدينة واحدة، وربما الوجهة الرئيسية الأولى في مجال الترفيه والسياحة في العالم.
وتوقعوا أن توفر هذه المدينة جزءاً كبيراً من عشرات مليارات الدولارات، التي ينفقها ملايين المواطنين السعوديين سنوياً في السفر خارج البلاد، فضلاً عما ستجذبه من عملات صعبة إضافية من زوار السعودية على مستوى العالم، وسد الحاجة لدى الجيل الحالي وأجيال المستقبل من عناصر المتعة والترفيه والسياحة على أحدث طرز عالمية.
وأوضح الدكتور خليل آل خليل، محلل سياسي، لـ«الشرق الأوسط»، أن تتابع ولادة المشاريع العملاقة في السعودية يؤكد أن النموذج السعودي يجدد نفسه ويبني المستقبل وفق تطلعاته وثقافاته واحتياجاته، وما مشروع القدية العملاق، سوى حلقة في سلسلة هذه المشاريع الحضارية للأجيال الحالية وفي المستقبل.
وقال آل خليل إن مثل هذه المشروعات العملاقة، يتم تبنيها وبناؤها بقوة الدولة سياسياً واقتصادياً، بسخاء وتخطيط دون تردد أو مجاملات، مؤكداً أن المشروع يجمع - كما خطط له - أسس بناء الحضارات؛ وهي الثقافة والرياضة والترفيه والفنون والاقتصاد، لتحويل العاصمة الرياض ممثلة في مدينة القدية إلى عدة مدن في مدينة واحدة، فهي دبي وهونغ كونغ وهوليوود وديزني لاند.
وأضاف: «المشروع الحضاري الضخم المتكامل منسجم مع تطلعات الأجيال القادمة من خلال الثقافة الحية التي تجمع بين عبق الماضي وروح الحاضر وتطلعات المستقبل».
وأكد أن مشروع القدية العملاق يمثل نقلة ثقافية واقتصادية واجتماعية نوعية، ليس في تاريخ البلاد السعودية، وعلى مستوى المنطقة، بل في العالم، لضخامته وتكامله وتنوع مجالاته، منوهاً بأن الأهم من ذلك أنه في العاصمة الرياض لتكون عاصمة جاذبة في عالم الرياضة والثقافة والفنون والإبداع، إضافة إلى مكانتها التاريخية والسياسية.
من جهته، قال الدكتور ناصر الطيار، مستثمر سعودي في مجال السياحة والطيران لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا المشروع الذي أطلقه ولي ولي العهد، سيعزز خطة الاستقرار الاقتصادي، ويقلل هدر السفر إلى خارج البلاد، خصوصاً أن هناك أكثر من 7 ملايين سائح سعودي يغادرون سنوياً إلى خارج السعودية، ويصرفون عشرات مليارات الدولارات سنوياً، سواء من المواطنين أو المقيمين.
ووفقاً لبيانات البنك الدولي، فإن السعوديين ينفقون في المتوسط أكثر من 20 مليار دولار سنوياً على السياحة الخارجية، واحتلت السعودية المرتبة الرابعة عشرة عالمياً من حيث إنفاق أبنائها على السياحة بالخارج، بقيمة 25 مليار دولار في عام 2014، قبل انخفاض أسعار النفط. وأضاف أن «هذا المشروع من المشاريع العملاقة التي كنا ننتظر ميلادها منذ زمن بعيد، وله بعد اجتماعي واقتصادي، خصوصاً أن هذا المشروع قرب مدينة الرياض التي تعتبر وسط السعودية، وبالتالي الوصول إليها والمغادرة منها من جميع مناطق المملكة تتم بيسر وسهولة».
واعتبر الطيار أن موقع المدينة الترفيهية العالمية سيسهل الوصول إليها من قبل روادها من مواطني دول الخليج والمنطقة العربية والإسلامية، وغيرها من الدول على المستويين الإقليمي والدولي، فضلاً عن أن الرياض تحتضن حتى الآن أكثر من 8 ملايين نسمة، وبالتالي هذا المشروع يعتبر مشروعاً استراتيجياً سياحياً ترفيهياً بامتياز.
ووفق الطيار، فإن هذه المدينة الترفيهية ستسهم في إيقاف تصدير العملات الصعبة، إذ إن السعوديين الذين يغادرون المملكة لقضاء عطلاتهم أو للسياحة والترفيه، يهدرون عملات صعبة بكميات كبيرة جداً، مشيراً إلى أن مثل هذه المشاريع ستعيد التوازن إلى اقتصادات ومداخيل المملكة.
ويعتقد الطيار أن هذا المشروع سيساعد في الاحتفاظ بأكبر قدر من العملة الصعبة، لاستغلالها في الترفيه والسياحة الداخلية، بل جذب عملات صعبة من الخارج من خلال فتح أبوابها للمستثمرين الأجانب والزوار من خارج المملكة.
وقال: «هناك أزمة اقتصادية على مستوى العالم، والمملكة جزء من هذا العالم، وهناك أرقام مذهلة في سفر السعوديين إلى الخارج، في الصيف أو الإجازات الدراسية أو العطلات السنوية، البلد أحق بها، لو توفرت لهم وسائل الترفيه والسياحة والملاعب والإسكان وعناصر جذب سياحي أخرى».
وقال الطيار: «نشاهد الآن مهرجان الملك عبد العزيز للإبل الذي تبنته الرؤية السعودية في مدينة الرياض، وهذا المهرجان يشهد إقبالاً منقطع النظير، ونشاطاً كبيراً، وفرص عمل كثيرة للشباب السعودي من الجنسين، ويأتي على ذلك مشروع هذه المدينة الترفيهية، التي ستعمل على إنشاء صناعات محلية».
واعتبر المدينة الترفيهية مشروعاً جباراً، «وسيغطي جميع أشكال الترفيه والممارسات المرتبطة بهذه المدن؛ مثل استضافة الفرق الرياضية، ومن بينها الفريق الوطني السعودي، الذي يقوم بمعسكرات خارج المملكة، أو غيرها من الألعاب الرياضية».
ونوه بأن المساحة التي ذكرت كبيرة وستكون أكبر مساحة لمثل هذا المشروع في المنطقة العربية، وستضمن توفير أكبر قدر ممكن من عناصر وعمليات جذب، ليس فقط لفرق المملكة ومنتخباتها وللشباب السعودي، بل لكل الخليج والدول المجاورة.
وأضاف الطيار: «أملي كبير في أن تكون هذه المدينة متكاملة، وبها جميع عوامل وأسباب الراحة والترفيه والسياحة، وستكون من المدن الترفيهية التي ستوفر كل أنواع الألعاب الرياضية، ومن بينها رياضة السيارات أو غيرها من الألعاب الرياضية، وآمل أن تكون ثمارها لدى جميع المواطنين».
إلى ذلك، قال ماجد الحكير رئيس اللجنة السياحية بالغرفة التجارية والصناعية بالرياض، في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط» إن هذه المدينة، تمثل مشروعاً وطنياً من الطراز الأول، منوهاً بأن له بعداً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وفق رؤية بعيدة المدى.
وتوقع الحكير أن تخلق المدينة الترفيهية فرصاً ووظائف جديدة للشباب السعودي من الجنسين، وفتح باب للصناعات الجديدة ذات العلاقة، كما أن هناك أماكن ترفيهية بمستوى عالمي للمواطنين والمقيمين والزائرين من الخارج لأرض الحرمين الشريفين.
وأضاف: «هذا المشروع سيشبع الحاجة من الترفيه للزوار من الخارج، فضلاً عن المواطنين والمقيمين، وهو يأتي في إطار التطوير المنشود في كل المجالات التنموية والبنى التحتية الأساسية»، مشيراً إلى أنه سيفتح المجال واسعاً أمام الصناعات الحديثة والجديدة في هذا المجال الترفيهي والسياحي.
ولفت إلى أن الرياض ستصبح الجاذب الأول للخبرات في مجال صناعة الترفيه، للقطاعين العام والخاص داخلياً وخارجياً، وسيشكل فرصة عظمى للاستثمار الأجنبي، خصوصاً الشركات العالمية الكبرى في هذا المجال، وخصوصاً مع وجود شركات أميركية عملاقة ستسهم في هذا المشروع بكل ثقلها الاختصاصي والاقتصادي وخبراتها الكبيرة، مثل شركة «سكس فلاقز»، وهي تدير واحدة من أكبر المدن الترفيهية على مستوى العالم.



«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)
صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)
TT

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)
صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)

أنتج مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) الذي عقد في الرياض، 35 قراراً حول مواضيع محورية شملت الحد من تدهور الأراضي والجفاف، والهجرة، والعواصف الترابية والرملية، وتعزيز دور العلوم والبحث والابتكار، وتفعيل دور المرأة والشباب والمجتمع المدني، والسكان الأصليين لمواجهة التحديات البيئية، بالإضافة إلى الموافقة على مواضيع جديدة ستدرج ضمن نشاطات الاتفاقية مثل المراعي، ونظم الأغذية الزراعية المستدامة.

هذا ما أعلنه وزير البيئة والمياه والزراعة رئيس الدورة الـ16 لمؤتمر الأطراف، المهندس عبد الرحمن الفضلي، في كلمة بختام أعمال المؤتمر، مؤكداً التزام المملكة بمواصلة جهودها للمحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف، خلال فترة رئاستها للدورة الحالية للمؤتمر.

وكان مؤتمر «كوب 16» الذي استضافته المملكة بين 2 و13 ديسمبر (كانون الأول)، هو الأول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ما يؤكد دور المملكة الريادي في حماية البيئة على المستويين الإقليمي والدولي.

أعلام الدول المشارِكة في «كوب 16» (واس)

وشهد المؤتمر الإعلان عن مجموعة من الشراكات الدولية الكبرى لتعزيز جهود استعادة الأراضي والقدرة على الصمود في مواجهة الجفاف، مع تضخيم الوعي الدولي بالأزمات العالمية الناجمة عن استمرار تدهور الأراضي. ونجح في تأمين أكثر من 12 مليار دولار من تعهدات التمويل من المنظمات الدولية الكبرى، مما أدى إلى تعزيز دور المؤسسات المالية ودور القطاع الخاص في مكافحة تدهور الأراضي والتصحر والجفاف.

ورفع الفضلي الشكر لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده على دعمهما غير المحدود لاستضافة المملكة لهذا المؤتمر الدولي المهم، الذي يأتي امتداداً لاهتمامهما بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، والعمل على مواجهة التحديات البيئية، خصوصاً التصحر، وتدهور الأراضي، والجفاف، مشيراً إلى النجاح الكبير الذي حققته المملكة في استضافة هذه الدورة، حيث شهدت مشاركة فاعلة لأكثر من 85 ألف مشارك، من ممثلي المنظمات الدولية، والقطاع الخاص، ومؤسسات المجتمع المدني، ومراكز الأبحاث، والشعوب الأصلية، وقد نظم خلال المؤتمر أكثر من 900 فعالية في المنطقتين الزرقاء، والخضراء؛ مما يجعل من هذه الدورة للمؤتمر، نقطة تحول تاريخية في حشد الزخم الدولي لتعزيز تحقيق مستهدفات الاتفاقية على أرض الواقع، للحد من تدهور الأراضي وآثار الجفاف.

خارج مقر انعقاد المؤتمر في الرياض (واس)

وأوضح الفضلي أن المملكة أطلقت خلال أعمال المؤتمر، 3 مبادرات بيئية مهمة، شملت: مبادرة الإنذار المبكر من العواصف الغبارية والرملية، ومبادرة شراكة الرياض العالمية لتعزيز الصمود في مواجهة الجفاف، والموجهة لدعم 80 دولة من الدول الأكثر عُرضة لأخطار الجفاف، بالإضافة إلى مبادرة قطاع الأعمال من أجل الأرض، التي تهدف إلى تعزيز دور القطاع الخاص في جميع أنحاء العالم للمشاركة في جهود المحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وتبني مفاهيم الإدارة المستدامة. كما أطلق عدد من الحكومات، وجهات القطاع الخاص، ومنظمات المجتمع المدني، وغيرها من الجهات المشاركة في المؤتمر، كثيراً من المبادرات الأخرى.

وثمّن الفضلي إعلان المانحين الإقليميين تخصيص 12 مليار دولار لدعم مشروعات الحد من تدهور الأراضي وآثار الجفاف؛ داعياً القطاع الخاص، ومؤسسات التمويل الدولية، لاتخاذ خطوات مماثلة؛ «حتى نتمكن جميعاً من مواجهة التحديات العالمية، التي تؤثر في البيئة، والأمن المائي والغذائي، للمجتمعات في مختلف القارات».

وأعرب عن تطلُّع المملكة في أن تُسهم مخرجات هذه الدورة لمؤتمر الأطراف السادس عشر، في إحداث نقلة نوعية تعزّز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي، والحد من تدهورها، إضافةً إلى بناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات بمختلف أنحاء العالم، مؤكداً التزام المملكة بالعمل الدولي المشترك مع جميع الأطراف المعنية؛ لمواجهة التحديات البيئية، وإيجاد حلول مبتكرة ومستدامة لتدهور الأراضي والتصحر والجفاف، والاستثمار في زيادة الرقعة الخضراء، إلى جانب التعاون على نقل التجارب والتقنيات الحديثة، وتبني مبادرات وبرامج لتعزيز الشراكات بين الحكومات، والقطاع الخاص، والمجتمعات المحلية، ومؤسسات التمويل، والمنظمات غير الحكومية، والتوافق حول آليات تعزز العمل الدولي المشترك.